2016/04/22

تأثُّرُ الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالبُوذِية الوثنية والرٌّومانيَّةِ القديْمة

    المملكة العربيّة السّعوديّة
       وزارة التّعليم العالي
       الجامعة الإسلاميّة
                     (032)
        كلّـيّة الدعوة وأصول الدين
                   قسم العقيدة
 
 







تأثُّرُ الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة
بالبُوذِية الوثنية والرٌّومانيَّةِ القديْمة



إعداد الطالب
أبو بكر حمزة زكريا
                                         

إشراف
الشيخ الدكتور سليمان السحيمي


العام الجامعي: 1433-1434هـ.
منهجية مرحلة الدكتوراه


P
   والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
   فاعلم –رحمني وإياك اللهُ- أنَّ النّصرانيّةَ البولسيّة المنحرفةَ عن المسيحيةِ الحقيقية «وثنيةٌ رومانيةٌ تُسمِّي نفسَها بالمسيحيّة، والحقّ أنّها لا صلة لَها بِمسيحيّةِ عيسى، فقد اتّضح للمسلمين دون عناءٍ: أنَّ المسيحيّة الحاليّة خليطٌ مِن وثنيات العالَم القديم، ولا يُوجد بِها طقسٌ مِن الطّقوس، أو عقيدةٌ مِن العقائد إلا كان مِن الممكن إعادتُه لِما قال به أفلوطين بالأسكندريّة، أو ما انحدر عن تقاليد اليونان والرومان،والمجتمعات البربرية في أوربا..»([1]).
    هذا، وإنَّ البوذية أيضًا –كما حكاه وقرره الدكتور أحمد شلبي- مصدرٌ مهمٌ من مصادر المسيحية، حيث قال: «ذكرنا في (الجزء الثاني من هذه الموسوعة) عن المسيحيّة الحاليّة أنّها اقتبسَتْ كثيرًا مِن عناصرها الْمُهمّة مِن مصادرَ بُوذيّة، وقد كتَب Thomas Edward كتابًا عن هذا الموضوع، أورَد فيه الْمؤلفُ مقارنَةً دقيقةً تُبيِّن تأثير البوذية في المسيحية، وأورَد للتدليل على ذلك نُصوصًا مِن الكتُب البوذيّة الْمُقدسة ونُصوصًا أُخْرى مِن الأناجيل، وبيَّن كيْف انتَقَلَت الأفكارُ مِن البُوذيّة إلى المسيحيَّة، بل وأوْضَح الْمُؤلِّف أنَّ طريقةَ الصياغة أيضًا تكاد تكون واحدة، وهذا يَجعل دراسةَ البُوذيةَ مُهمة في تاريخ مقارنة الأديان. وقد اقتبسنا من هذا الكتاب كثيرًا من الأفكار التي نُقِلَت مِن البُوذيّة للمسيحيّة، ويُمكن للقارئ أنْ يَجِدَها في كتابنا (المسيحيّة)»([2]).
    والقول بتأثُّر النَّصرانيّة بالوثنيّات القديْمة ومنها -وعلى رأسها-: البوذية في العقائد والشعائر والمبادئ والطقوس: قولٌ شهِد به طائفةٌ كبيرة من الباحثين النصارى قبْل المسلمين، مستدلِّين بشواهد وأدلةٍ واضحة ناصعةٍ، وسيأتي ذكر أهمها في مواضعها.
     لكن المهم هنا: أنْ يتقرر أمر التأثر، ويتقرر معه القول بأنَّ تعاليم عيسى u التي حُكِيَت عنه في الأناجيل: لو يُنظر إليها بمنأ عما ابتدعها ونقَل إلى المسيحية الحقةِ بولس الكاذبُ بإيداعها في رسائله: فإنّه يَقِلّ انحرافاتُها([3]) ما لو نُظرت إليها معها، وإنْ كانت الأناجيل أيضًا قد تأثّرَت برسائل بولس، وهذا ما قرره بعض الباحثين مِن النصارى أنفسهم، وفي هذا المقام أنْقُل ما قرره الدكتور أحمد شلبي في قوله: «نقتبس من  Khwaia Kamalud-din اقتباسًا يُقرر انقطاع العلاقة بين الأناجيل والكنائس، على الرغم من تأثُّر الأناجيل برسائل بولس تأثرًا جعلها لا تعارِض هذه الرسائل وتكتفي بالاتجاه التاريخي عن المسيح، يقول Khwaia Kamalud-din: إذا درَسْنا الأناجيلَ دون نظرٍ لِما كتَبَه القديسُ بولس، فإننا نجد تعاليم عيسى وكلماته لا تتّسق مع اتجاه الكنائس في عهدنا الحاضر، فمِن أين اتخذت الكنائس قدوتَها؟ وما المصدرُ الذي استقتْ منه الكنائسُ اتّجاهاتِها؟ في الإجابة عن هذا السؤال يقول هذا المؤلف في طبعته الأخيرة بحروفه ... ([4]): يسرُّنِي أنْ أُسَجّل أنَّه من بين المسيحيين الذين تعرَّضوا لكتابي هذا بالنقد والمناقشة لا يُوجد واحدٌ عارضَ الحقائقَ التي ذكرتُها به والتي قادتْنِي إلى أنْ أُقرر أنّ أكثرَ تعاليم المسيحيّة الحاليّة مستعارٌ من الوثنية. وهذا المؤلف هو و Ropertson  يذكران تفاصيلَ الديانات الوثنية التي استعارات المسيحيةُ شعائرَها وعقائدَها، كما يذكران هذه الشعائر وتلك العقائد المستعارة»([5]).
      ثم إنَّ أهم هدف من وراء مثل هذا البحث هو: التعرف على نقاط الالتقاء والاختلاف، وعلى مقدار التأثر والتأثير بين معتقدات البوذية الوثنية والرومانية القديمة من وجه، وبين النصرانية المُثلِّثةَ الْمُشرِكة من الوجه الآخر، ومِن ثَمّ الوقوف على أنَّ الجميع كانوا على هوى بعضهم، وتقليد الآباء والسابقين، وكذلك دعوتهم وجذبهم إلى الدين الإسلامي الحق، بعد بيان بطلان ما كانوا هم عليه.
     ثم إنه ولإيضاح أمر تأثُّر النصرانية بالوثنيات القديمة جعلتُ هذا البحث في مقدمة وتَمهيد وفصلين وخاتِمة، على النحو التالي:
المقدمة، وفيها: الاستفتاح وخطة البحث.
أما التمهيد ففيه مطلبان:
         المطلب الأول: التعريف بالديانة النّصرانيّة، وبالبوذيّة والرومانيَة الوثنيتين، وفيه ثلاث مسائل:
              المسألة الأولى: التعريف بالديانة النصرانية.
              المسألة الثانية: التعريف بالبوذية الوثنية.
              المسألة الثالثة: التعريف بالرومانية الوثنية.
         المطلب الثاني: بيان إخبار الشرع الصادق عن التأثر والتأثير في الأمم والديانات.
الفصل الأول: بيان تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالبوذية الوثنية، وفيه مبحثان:
    المبحث الأول: ما ذُكر من الشبه بين المسيح u وبوذا.
    المبحث الثاني: ذكر العقائد التي تأثرت الديانة النصرانية بالبوذية الوثنية، وفيه خمسة مطالب:
       المطلب الأول: تأثر النصرانية بالبوذية في تأليه البشر وتقديسهم.
       المطلب الثاني: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة التثليث.
       المطلب الثالث: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الحلول.
       المطلب الرابع: تأثر النصرانية بالبوذية في الرهبنة.
       المطلب الخامس: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الصلب والفداء.

الفصل الثاني: بيان تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في العقائد والشعائر، وفيه مبحثان:
     المبحث الأول: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في العقائد.
     المبحث الثاني: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في الشعائر.
********************
المطلب الأول: التعريف بالديانة النّصرانيّة، وبالبوذيّة والرومانيَة الوثنيتين، وفيه ثلاث مسائل:
              المسألة الأولى: التعريف بالديانة النصرانية.
              المسألة الثانية: التعريف بالبوذية الوثنية.
              المسألة الثالثة: التعريف بالرومانية الوثنية.

المسألة الأولى: التعريف بالديانة النصرانية:
      النصارى: هذه الكلمة في اللغة مأخوذة من نصران ونصرانة، والذي على وزن نجران، مثله: النَّدَامى جمع ندمان وندمانة. ونصرانة: قرية التي فيها المسيح u بفلسطين، تُنسب إليها النصارى، وقيل اسْمها: الناصرة، والنصورية أيضًا. والنسبة إلى نصران ونصارنة: نصرانِي ونصرانيَّة، والجمع نصارى. ويقال: نصَّره تنصيرًا، كهوّده، إذا أدخله في اليهودية والنصرانية، وفي حديث الفطرة: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ"([6]).
      وتنصّر تنصُّرًا: أي: دخل في دين النصارى([7]).
      وقد قيل في اشتقاق اسم الديانة أنه إشارة إلى صفة: وهي نصرُهم لعيسى u، وتناصرهم فيما بينهم، وعلى هذا فيخُصّ المؤمنين منهم في أول الأمر، ثم أُطلِق عليهم كلِّهم؛ مؤمنهم وكافرِهم على وجه التغليب([8]). ويشهد لِهذا الاشتقاق قوله تعالى:   ﯵﯶ ﯿ  [آل عمران: ٥٢].
      وأما في اصطلاح الشرع: فالنصرانية –بعد التحريف- هي دين النصارى الذين يزعمون أنهم يتبعون المسيح u، وكتابهم الإنجيل، وقد حرّفوه([9]). جاء في (عقائد الثلاث والسبعين فرقة) قوله: «وهم يزعمون أنهم على ملة عيسى u وكذبوا»([10]). وفي (الموسوعة الميسرة)، النصرانية: هي الدين الذي انحرف عن الرسالة التي أُنْزِلَت على عيسى، عليه الصلاة والسلام، مكمِّلة لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ومتمِّمة لِما جاء في التوراة مِن تعاليم، موجَّهة إلى بنِي إسرائيل خاصة، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح. وهذه الرسالة جابَهَتْ مقاومة واضطهادًا شديدًا، فسرعان ما فقَدَتْ أصولَها، مما ساعَد على امتداد يد التحريف إليها، فابتعدتْ كثيرًا عن أصولها الأولى، لامتزاجها بِمعتقدات وفلسفات وثنية، فنشأت النصرانية المعروفة([11]).
وهذا البحث ما جاء إلا ليُقرر أمر تأثر النصرانية بالوثنيات القديمة، وعلى رأسها البوذية والرومانية القديمة.
ثم إنه قد كان ليد بولس اليهودي الحاقد على الملة النصرانية أكبر الأثر في تحريفها عن أصولها الأولى؛ التوحيد، إلى التثليث.
      فتحصّل مما سبق أنّ النصرانية امتداد لليهودية، وذلك لأنّ عيسى u أُرسِل إلى بنِي إسرائيل مجدّدًا في شريعة موسى u، ومصحِّحًا لِما حرّفه اليهود منها([12])، ﭿ ﮂﮃ  إلى قوله:    ﯗﯘ   ﯥﯦ  [آل عمران: ٤٩ – ٥١].
     ومِن ألقابِ النصارى الخاصة في القرآن، أهل الإنجيل.
      أما لقب المسيحية فلم يرِدْ لا في الكتاب ولا في السنة، كما أنهم في الحقيقة والواقع بعد التحريف ليسوا على دين المسيح، لذا لا يستحقون النسبة إليه([13]).
      وقد ذكرَت نصوص القرآن والسنة طائفة كبيرة من انحرافات النصارى، ويُمكن إجمالُها في الآتِي:
الغُلُوّ، وجعلُ حق التشريع لغير الله تعالى، واتخاذ القبور مساجد، واتباع الهوى، والتشدد، والتفرّق، والتفرقة العُنصرية، وقسوة القلب، والاختلاف بسبب البغي، والرهبانية، والحسد، وكتمان العلم، ومعرفة الحق بالرجال، واحتقار ما عند الخصم، وحكم الأغلبية، والبُعد عن سبيل المؤمنين، وكثرة السؤال([14]).
ومن قبائح النصارى -ويشترك معهم فيه اليهود- تطاولهم على مقام النبوة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ برميهم بالفظائع وطعنهم وانتقاصهم، والتقليل مِن شأنِهم، والحطّ مِن منْزِلتهم([15])، وخصوصًا؛ جناب سيّد الأنبياء والمرسلين محمدٍ عليه الصلاة والسلام -جفاءً منهم-، وما أحداث الدانْمارك وغيرها في هذا العصر -عاملهم الله تعالى بِمَا يستحقونه، وأخزاهم في الدنيا والآخرة إنْ لم يكونوا مهتدين!- إلا مظاهر لهذا الأمر، حيث أخذُوا يَسْخَرون منه r ويستهزؤون به، ويسبّونه ويشتمونه، ويُصوِّرونه ويرسمونه بأبشع ما أنت راءٍ من صُوَر المجرمين، فاتَّهموه بسفك الدماء، والعنف، وقتل البُرَآء،  والاعتداء على الآمنين، تشويهًا لصورته ومنعًا لأقوامهم من الدخول في دينه، وكذبُوا –والله- في ادعاءاتِهم وزعمهم([16]).
              المسألة الثانية: التعريف بالبوذية([17]) الوثنية:
البوذية: هي فلسفية وضعية انتحلت الصبغة الدينية، وقد ظهرت في الهند لتناهض الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد، فيها دعوة إلى التصوف والخشونة. أسسها سدهارتا جوتاما الذي أطلق على نفسه: بوذا (ومعناه العارف). وبعد موت مؤسس هذه الديانة تحولت إلى معتقدات ذات طابع وثني، وغالى أتباعُها في مؤسسها حتى ألّهوه. ومن عقائدهم: أنَّ بوذا هو ابن الله المخلص، ويقول بعضهم بالإلحاد([18])، وكذلك الإيمان برجعة بوذا، وتناسخ الأرواح، والحلول([19]).
      فالبوذية إذا أحد الاتجاهات الفكرية التي نبعت في القرن السادس، وسارت في إطار الفكر الهندي في أكثر مبادئها، وقد كانت ردّ فعل لعسف البراهمة واستبدادهم مما أثار عليهم الطبقات الأخرى، وبخاصة طبقة الكشتيريا؛ حيث الأمراء والمحاربون. كما قاله د. أحمد شلبي([20]).

              المسألة الثالثة: التعريف بالرومانية الوثنية:
      يكفي في التعريف بالرومانية الوثنية أنْ أُلخص ما قاله د. محمد عبد الله داراز في كتابه (الدين)، بعدما ذكر العصر الفرعوني والعصر الإغريقي ومجال الدين والعلم فيهما وأنّه ما بقي مجالٌ للشك في أنَّ القدامى من علماء اليونان وفلاسفتهم تخرجوا في مدرسة الحضارات الشرقية والحضارة المصرية بوجه أخص، وأنهم لم ينشئوا العلوم إنشاء على غير مثال سابق، بل وجدوا مادتهم في الشرق فأفادوا منها كثيرًا واقتبسوا منها، بل إنَّ قدماء اليونان أنفسهم ذهبوا إلى الاعتراف بتلمذتهم هذه، هذا من وجه، ومن الوجه الآخر فإنّ في الإغريق اليونان وُجد ما يسمى بوحدة الوجود إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فالوحدة الاسمية قد سايرت مذاهب الوثنية وتعدد الآلهة؛ إذْ جعلت في كل عنصر من العناصر ساريًا هو إلهه الخاص؛ فإله الحياة  يسمى زوس، وإله الأثير آتينيه، وإله الهواء هيرا، وهلم جرًّا. وهاتان الحضارتان القديمتان قبل الرومان.
أما بالنسبة للرومان –نقطة التعريف هنا- فإنهم وفي القرن الثاني قبل الميلاد أخضعوا الدولةَ اليونانيةَ سياسيًّا، فأصبحت ولاية تابعةً لهم بعد أنْ كانوا هم تبعًا لها، لكن الغريب ومع الاختلاط بين الأمتين قرونًا متوالية من قبل ومن بعد لم يصنع منهما أمة واحدة في اللغة والدين والفن والتشريع وسائر مقومات الحياة الجماعية، ألم يكن من المتوقع والحالة هذه أنْ تفيد الأوساط العلمية والأدبية في روما من التراث العلمي والأدبي المكنوز في العاصمة الإغريقية؟ غير أنَّ شيئًا من ذلك لم يكن، وكان كل ما حمله الأدباء الرومانييون من أثينا بعد هذا الفتح هو بعض الآراء الرائجة إذْ ذاك في جماهير الشعب فاقتبسوها اقتباسًا سطحيًّا من غير تعمق، آية ذلك: أنَّ المذهب السائد في أثينا في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد كان هو المذهب الرواقي، وأنَّ هذا المذهب وحده هو الذي نقل منها إلى روما، بل إنه لم ينقل بشطريه كليهما، وإنما كان الذي انتقل منهما الأخفهما (القسم العملي) الذي يتسم بطابع الزهو والغرور، دون الشطر النظري.
      ثم إنَّ الأهم مما سبق: أنَّه كان الفتح الروماني لبلاد الإغريق سببًا في اجتلاب بعض آرائهم ومذاهبهم الدينية إلى روما؛ فاشتهرت فيها أسماء المعبودات: ميثرا، وبعل، وإيزيس. وكان وصف هذه الديانا الواغلة مضافة إلى الديانات المحلية مجالا لأقلام الكاتبين من الرومان في القرن الأول قبل الميلاد، وكان بعضهم على عادة اعتادوها إذْ ذاك؛ وهي أنهم كانوا لا يلتزمون شعائر دين معين، بل يشتركون في عبادات متنوعة من ديانات شتى؛ باعتبارها كلها رموزًا لحقيقة واحدة، وهذا هو الانحلال الحقيقي وعدم الركون إلى دين ما، وهذ أيضًا من الأسباب التي جعلت الديانة النصرانية فيما بعدُ تتأثر بما جاءت بها وثنيات الرومان التي فيها وثنيات اليونان، ووثنيات الفكري المصري الأقدم.
      وفي منتصف القرن الأول بعد الميلاد دخلت الدعوة المسيحية إلى أوروبا في صورة دين سماويٍّ جديد يأبى أنْ ينتظم في سلكٍ مع الأديان الوثنية السابقة (دين الفراعنة فاليونان فالرومان) ويحاول أنْ يظهَرَ عليها ويَحُلّ محلها، إلا أنّ ما تقدم. وكذلك ما كان من احتكاك وصراع وتفاعل وامتزاج بينه وبين تلك الديانات المحلية ثم بينه وبين المذاهب المستحدثة في عهده مثل الديانة المانوية التي ظهرت في القرن الثالث بعد الميلاد، وكذلك الفلسفة الأفلاطونية في القرن الثالث أيضًا، وما كان من اضطهادات ومقاومات عنيفة شنَّها أباطرة الرومان على دعاة المسيحية وأتباعه = كل ذلك لها أثرها في انحراف النصرانية ودخول أفكار ووثنيات غريبة عن تعاليم عيسى الحقيقة فيها. أضف إلى ذلك ما قام به الإمبراطور قسطنطين([21]) (أول القرن الرابع) بعدما رآى ما رآى من اضطهادات على النصارى فدعا في أول الأمر إلى المهادنة الدينية العامة، ثم أعلن المسيحية دينًا رسميًّا للدولة على الصورة التي وضعها المجمع المنعقد بأمره في نيقيه سنة 325م([22]).
     وسيأتي تأكيد وبيان أثر الرومانية القديمة في النصرانية بصورة أعمق، في المبحث الثاني من هذا البحث إنْ شاء الله!

         المطلب الثاني: بيان إخبار الشرع الصادق عن التأثر والتأثير في الأمم والديانات:
      التأثر والتأثير في الأديان المختلفة السماوية منها والوضعية، وكذلك عند الفرق، وسواء عند الأمم السابقة فيما بينها، أو فيما بين تلك الأمم  والأمة المحمدية: شيءٌ واقعٌ، وسببٌ من أسباب الضلال حاصل، فقد أخبَر الله U عن مضاهاة اليهود والنصارى للكفار والمشركين والوثنيين قبلهم([23])، في عقائدهم، كالقول ببُنُوَّة أحدٍ لله سبحانه، قال القدوس تعالى عما يصفُه الظالمون: ﮤﮥ ﮨﮩ  فأكذبهم الله في نسبة الولد إليه فقال: ﯓﯔ ﭼ   [التوبة: ٣٠]  .
ونَهى أهل الكتاب عن اتباع أهواء الضالين عن سواء السبيل قبلهم([24]) فقال:  [المائدة: ٧٧].
هذا من وجه، ومن الوجه الآخر: ما ذكره الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام مِن أنَّ بعض هذه الأمة ستتبع اليهود والنصارى والمشركين، كما أنَّها ستشابه فارسَ والرومَ، فكان كما أخْبَر صلوات ربِّي وسلامه وبركاته عليه، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري t، أَنَّ النَّبِيَّ r، قَالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ؟ وفي لفظ: "حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لاتّبَعْتُمُوهُمْ"([25]).
   وقد عُقد للحديث ترجمة في صحيح مسلم تحت عُنوان:(باب اتباع اليهود والنصارى).
   وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، عَنْ النَّبِيِّ r، قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ" فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: "وَمَنْ النَّاسُ إِلا أُولَئِكَ([26])!
"([27]).
      لكنِّي أردتُ بالتأثُّر والتأثير في هذا البحث المختصر ذاك التأثر الذي بين الديانة النصرانية وبين البوذية الوثنية، وما بينها وبين الرومانية القديمة، لا غير.

**********
المبحث الأول: ما ذُكر من الشبه بين المسيح u وبوذا:
      من الذين كتبوا في مقارنة الأديان مَن أفاض في ذكر المقارنة بين نبي الله عيسى المسيح u وبين بوذا، قال الدكتور أحمد شلبي: «هناك مقارنة أخرى، هذه المرة بين بوذا وبين عيسى، وقد أورد هذه المقارنة كل من: T.W Doane  (2) و Edward Thomas  (3) Khwaja  (4) Kamal-ud-din، ومنهم مَن أفاض فيها، ومنهم من أوجز، وفيما يلي خلاصة ما ذكره هؤلاء المؤلفون»([28])، فذكر عشرات الأوجه، في جدول المقارنة.
ومن هذه الأوجه:
أن البوذية زعموا أنه تعمد بوذا بالماء المقدس، وفي أثناء تعميده كانت روح الله حاضرة، وكذلك روح القدس.
ووزعموا أنه عمد يحيى عيسى في نهر الأردن، وكان ذلك أيضًا في حضرة الله وروح القدس.
وزعموا أنه عندما مات بوذا ودفن شُق قبره من قوى ما فوق الطبيعة، وعاد للحياة.
وكذلك زعموا أنه وعندما مات عيسى ودفن أزاحت قوة من قوى ما فوق الطبيعة الحجارة عن قبره، وعاد عيسى إلى الحياة.
وزعم البوذية أنه صعد بوذا إلى السماء بعد أن أتم دعوته على الأرض.
وصعد عيسى كذلك بعد انتهاء دعوته على الأرض.
وزعموا أنّه سيعود بوذا إلى الأرض في آخر الزمان ليواصل دعوته، ويستعيد مجده ويملأ الأرض سعادة ونعيمًا.
وسيعود عيسى كذلك ليحكم الأرض من جديد، وينشر دعوته ويملأ الأرض بالخير والسلام.
والبوذية زعموا أنه سيوكل كل حساب الناس إلى بوذا بعد البعث.
والنصارى أيضًا زعموا أنه سيوكل لعيسى أيضًا أن يحاسب الناس في الدار الآخرة.
وبوذا لا أول له ولا نهاية؛ وهو خالد. زعموا!
وعيسى لا أول له ولا نهاية وهو خالد كالأب. –زعموا!
ويُروى عن بوذا أنه قال: إنني أحمل سيئات البشر عنهم ليصلوا إلى السلامة.
وعيسى مخلص البشر الذي قدَّم نفسه فداءً ليُكفِّر عن خطيئة أبيهم آدم. كما زعمت النصرانية!
وقيل إنه نصح بوذا حواريه وأتباعه أنْ يطرحوا الدنيا جانبًا، ويتنازلوا عن غناهم ويؤثروا الفقر ليقبلوا في الدعوة.
كما قيل بأنه اشترط عيسى على مَن يُريد دخول الدعوة أن يتصدق بماله ويؤثر ملكوت الله.
وكان هدف بوذا الأسمى أنْ يُكوِّن ما سمَّتْه الفلسفة البوذية ملكوت السماء. كذا قالوا!
ودعا عيسى منذ مطلع رسالته أتباعه ليدخلوا ملكوت السماء.
ونادى بوذا بعدم الزواج، وشبَّه الزواج بالاحتراق في الفحم، ولم يُجِزْه إلا عند خوف الزنا.
ويقرر الفكر المسيحي أنه من الأفضل للرحل ألا يمس امرأة، ولكن إذا خاف الزنا جاز له أنْ يتزوج فالزواج خيرٌ من الاحتراق بالنار.
هذه بعض الأوجه، وقد نقل الدكتور أحمد شلبي ثلاثًا وعشرين وجهًا للمقارنة بين بوذا عند أتباعه والمسيح عيسى عند النصارى، وختمها بقوله: «ولم يكتف المسيحية باقتباس الأحداث، وإنما اقتبست أيضًا الأيام والتواريخ، فمولد عيسى وصلبه ودعوته للحياة تقع في أيام تتفق تمامًا مع أحداث وثنية ترتبط بمثل هذه الأيام، كما سبق القول»([29]).
     ولقد قال الدكتور قبل ذلك ما مفادُه أنَّ النصرانية البولسية هي التي استعارت الوثنيات من البوذية لا العكس؛ وذلك لأنها المتأخرة عنها، حيث قال: «نقرر أنَّ مسيحيّة بولس استعارت هذا وسواه من البوذية، فطبيعةُ اللاحق أنْ يستعير مِن السابق، ولا يمكن للعكس أنْ يكون؛ وبخاصة أنَّ هذه الاتجاهات دُوِّنت قبل ظهور عيسى، وهي وليدة الحياة الهندية وسائرة في أُفقها»([30]).
     هذا وجه واحدٌ مِن أوجه تأثير البوذية في النصرانية المنحرفة، وأنّ النصرانية أخذوا منهم، والله تعالى أعلم.
*********
المبحث الثاني: ذكر العقائد التي تأثرت الديانة النصرانية بالبوذية الوثنية:
       تأثرت النصرانية بعد تحريفها بالديانة البوذية الوثنية في عدة عقائد وشعائر، ويقرر ذلك صاحب كتاب (كنائس القاهرة القبطية وهو الأستاذ رءوف حبيب) فيما ينقل عنه الدكتور أحمد شلبي في أنَّ أكثر عقائد وشعائر النصرانية مأخوذة من البوذية الوثنية، فيقول: «عقَد فصلا خاصًّا لمناقشة المقارنة بين البوذية والمسيحية، ويتضح من هذا الفصل أنَّ المسيحية استعارت كثيرًا من معتقداتها وشعائرها من البوذية؛ فالتثليث والأقانيم، وقصة الصلب للتكفير عن خطيئة البشر، والزهد والتخلص من المال للدخول في ملكوت السموات، والرهبانية ... كلها مستنعارةٌ من البوذية التي سبقت المسيحية بعِدَّة قرون»([31]).
      ونقل الدكتور (أحمد شلبي) أيضًا عن غوستاف لوبون القولَ بوجود التشابه بل التماثل العجيب بين النصرانية والوثنية، وبيَّن بأنَّ عُنوانه Pagan Christs (الوثنية في المسيحية) خيرُ دليلٍ على اتجاه مباحثه، فقال: «...إننا ينبغي أنْ نُطيل وقفتَنا لنُوضِّح ما اقتبسَتْه المسيحيَّة من البوذيّة والوثنيّة. وقد ظهرت البوذية قبل المسيحية بأكثر من خمسة قرون، ويُلاحظ غوستاف لوبون تشابُهًا واضحًا بين الديانتين من ناحية الشكل، ومن ناحية الموضوع، ونقتبس منه قوله: إنَّك تلاحظ تماثلا عجيبًا من كلِّ وجه بين صيام عيسى في البرِّية؛ حيث حاوَل الشيطان أنْ يُغوِيَه ثلاث مرات، وصيام بوذا في الآجام؛ حيث حاوَل الشيطان أنْ يُغوِيه ثلاث مرات أيضًا، ويُذكِّرنا ما حدَث لِهذا الحكيم الهندوسي مع المرأة التي طلب منها أنْ تَسقِيه وهي من الطبقة الدنيا: بِما حدث لعيسى من السامرية وما قاله لها. وكلتا الديانتين أمرتا بالإحسان والزهد. وكلتاهما ناطتَا الخطيئة بالنيات كما تُناط بالأعمال. وكلاهما ابتدعتا الرهبانية. ولم تكونا سوى وجهين لحادثٍ مهم واحد في تاريخ العالَم. ...»([32]).
      ولبيان هذا الأمر وتفصيله سأتناول المبحث من خلال خمسة مطالب كالتالي:
       المطلب الأول: تأثر النصرانية بالبوذية في تأليه البشر وتقديسهم.
       المطلب الثاني: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة التثليث.
       المطلب الثالث: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الحلول.
       المطلب الرابع: تأثر النصرانية بالبوذية في الرهبنة.
       المطلب الخامس: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الصلب والفداء.
المطلب الأول: تأثر النصرانية بالبوذية والرومانية القديمة في تأليه البشر وتقديسهم:
     النصارى ألَّهوا البشر وقدسوه وبالغوا فيه وغلوا فنهاهم الله عن ذلك، بل وكفرهم بسببه، فقال في بعض المواضع: ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ  ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ  ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ   ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ     ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ  ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ المائدة: ٧٢ - ٧٥
    وتأليه البشر وتقديسه من الأمور الموجودة في الوثنيات التي كانت قبل الديانة النصرانية، وكان عقيدة الشخص القديس المعصوم موجودة عند البوذية، فهم يعتقدون بألوهيتهم، وقد ادعى الوصول إلى مرتبة القداسة عدد منهم غير قليل. ومن يقف على مقرراتهم لهذا الأمر يرى تشابهًا بين الديانتين([33]).
المطلب الثاني: تأثر النصرانية بالبوذية والرومانية القديمة في عقيدة التثليث([34]):
     قررت الأناجيل وأعمال الرسل([35])، وكذلك القرآن الكريم ثلاث قضايا مهمة بالنسبة للمسيح عيسى u وهي:
الأولى: أنَّ عيسى u رسولٌ وليس أكثر من رسول.
الثانية: أنَّه u رسول إلى بني إسرائيل فقط.
الثالثة: أنَّ المستحق للعبادة هو الله الأحد الذي لا شريك له([36]).
إلا أنَّ أتباع المسيح وبعدما مضى زمن من رفعه فقد حرفوا دينه ونقلوا التوحيد الذي جاء به إلى التثليث، قال الدكتور أحمد شلبي: «ومن أجل هذا كان نقل المسيحية من الوحدانية إلى التثليث، ونقل عيسى من رسول إلى إله، والقول بأنّ المسيحية رسالة عامة، والقول بأن عيسى هو ابن الله نزل ليضحِي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس على يَمين أبيه: كان هذا كله عملا جديدًا على المسيحية التي جاء بها عيسى. كيف انتقلت المسيحية من حال إلى حال؟ ومَن الذي قام بذلك؟ ومتى؟ هذا ما سنحاول إبرازه فيما يلي»([37]).
ولما ذكر الدكتور أحمد شلبي اهتمامه بأديان الهند أرجعه إلى سببين، أذكر هنا أولهما، حيث قال: «أولهما: أنَّ أديان الهند كانت معينًا تسربت منه ألوان من الأفكار فوجدت طريقها بين معتقدات المسيحيين والمسلمين، فالشعار المسيحي (تثليث في وحدة ووحدة في تثليث) منحدرٌ من الهندوسية، وكانت البوذية أهم مصدر اقتبست منه المسيحية كثيرًا من مبادئها كما ذكرنا من قبل، وقال بعض المسلمين بالتناسخ ووحدة الوجود بثقافة الهند. ... في عرضنا لقضية الألوهية سنبدأ بأديان الهند؛ لأن منها تسربت بعض الأفكار كما قلنا لمعتقدات المسيحيين وقلة من المسلمين»([38]).
      فعقيدة التثليث مِن أهم العقائد التي تأثرت الديانة النصرانية بالبوذية الوثنية([39]):
وهو –أعني التثليث-: ومع أنَّه «لم يرد بهذا الاسم ولا مرة واحدة في جميع كتب العهد القديم أو الجديد، وأنَّ أول مَن نطق به هو ثيوفيليوس أسقف أنطاكية السادس، والمعتقد أنه توفي بعد 180م. قال القس حنا الخضري: (إنَّ أول شخصٍ استعمل كلمة ثالوث في تاريخ العقيدة المسيحية هو أسقف أنطاكية، ولقد استعمل هذا الاصطلاح في صيغة غريبة وهي: ثالوث الله، كما أنه يرى في الأيام الثلاثة السابقة لخلق الشمس إشارة إلى الثالوث). وقالوا في قاموس الكتاب المقدس: (إنه يظن أنَّ أول من استعمل هذه الكلمة وصاغها هو ترتليان في القرن الثاني، ثم إثنا سيوس الذي وضع أساس هذه العقيدة التي قبِلَها مجمع نيقية عام 325م، ولقد تبلور ذلك الأساس على يد أغسطينوس في القرن الخامس الميلادي، وصار القانون عقيدة الكنسية الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا. ففي هذا دلالة على أنَّ النصارى ابتدعوا عقيدة التثليث في وقت متأخر جدًّا، والواقع أنهم استوردوها من الأديان الوثنية التي كانت تُحيط بهم، أو نقلوها من الأديان التي كانوا عليها قبل أنْ يدخلوا في النصرانية، فقد ذكَر كثيرٌ مِن الكُتَّاب أنَّ التثليث كان منتشرًا في كثيرٍ من المناطق قبل أنْ يدَّعيه النصارى؛ فمن ذلك:
قول يرتشرد في كتابه خرافات المصريين الوثنيين: (لا تخلو كافة الأبحاث المأخوذة عن مصادر شرقية من ذكر أحد أنواع التثليث، أو التولد الثلاثي، أي: الأب والابن والروح القدس). وجاء في كتاب سكان أوربا الأول: (كان الوثنيون القدماء يعتقدون بأنَّ الإله واحد ذو ثلاثة أقانيم). وقال بونويك في كتاب اعتقاد المصريين: (وأغرب عقيدة عم انتشارها في ديانة المصريين –الوثنيين القدماء- هي قولهم: بلاهوت الكلمة، وأنَّ كل شيءٍ صار بواسطتها، وأنها –أي: الكلمة- منبثقة من الله، وأنها الله). فيتضح من هذا أنَّ مصدر تلك العقيدة الباطلة من الوثنيين الضالين قبل النصارى»([40]).
    ويتفرع عن المسألة السابقة: عقيدة النصارى في القول بأنَّ المسيح u ابن الله، التي أكذبهم القرآن فيها، وبيَّن أنهم بذلك ضاهوا وشاهبوا الذين كفروا من قبل، قال تعالى: ﮤﮥ ﮨﮩ ﮯﮰ ﯓﯔ ﭼ   [التوبة: ٣٠]
ثم إنَّ من الوثنيات التي جاءت قبل المسيح u وزعموا أنَّ أحدًا ابنٌ لله وحاشاه الطائفة البوذية حيث «يعتقد البوذيون أنَّ بوذا هو ابن الله، وهو المخلّص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم»([41]).     
    هذا وجه من أوجه تأثر النصرانية بالوثنيات قبها ومنها البوذية، والله المستعان!
المطلب الثالث: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الحلول([42]):
       تقدم أنَّ بوذا لم يُعن بالحديث عن الإله، ولما كان الإيمان بإله أمرًا مفطورا عليه البشر؛ أحدَث ذلك اضطرابًا وارتباكا لأتباعه خصوصًا، إلا أن موقف بوذا المتقدم واتجاهه جعل الأتباع يلعب بهم الأهواء، فـ«أتباع بوذا مِن بعده يُفكِّرون في الإله، ويعملون على الوصول إليه أو التعرف عليه، ولما كان بوذا قد ترك هذا المجال خاليًا، فقد لعبت بهم الأهواء؛ فاتجه بعضهم إلى الاعتقاد أنَّ بوذا ليس إنسانًا محضًا، بل إنَّ روح الله قد حلت به. وهذه العقيدة تشبه عقيدة الحلول التي يعتنقها بعض المسيحيين في السيِّد المسيح؛ فيقولون إنَّ شخصيته ثُنائية: لاهوتية وناسوتية، وإنَّ الشخصية اللاهوتية حلَّت بالناسوت. ... بل ذهب بعض البوذيين إلى القول بأنَّ بوذا كائنٌ لاهوتي هبط إلى هذا العالم لينقذه مما فيه من شرور، وقد تسربت هذه العقيدة كذلك لبعض الطوائف المسيحية»([43]).
     هؤلاء الذين أشار إليهم الشخ هم مذهب الحلولية الجدد مهايان Mahayan ومن نصوص المهايانية التي يُستدل بها في هذا الصدد، قول بوذا: «إنّ الشخص يقدر على رفع مصيره حتى مستوى الآلهة، أو يخفضه حتى الدرك الأسفل، من يرتفع يقدر على الهبوط، ومن يهبط يستطيع الصعود ...: الحق اقول: إني في حياتي هذه قد دخلت نرفانا واضمحلت حياة خوتاما وتخلصت من الذات بحلول الحق فيَّ، إنَّ هذا الجسد الذي ترونه هو جسد خوتاما، فسيفنى في وقت ما، أما الحق فلم يفنَ إنه يبقى وسيحل في كل بوذا المسنير، ..). ومن هنا أصبح هدف البوذيين (مهايان) الوصول إلى رتبة بوذا المستنير، وقد أثبتوها لأشخاص عديدة من قديسيهم»([44]).
    وقد علّق الدكتور عبد الله نومسوك على هذا الكلام بقوله: «ويبدو لي أنّ هذه العقيدة المهايانية هي التي تسربت في النصارى؛ فوصفوا المسيح كما وصف البوذيون بوذا ..»([45]). كما قال قبل ذلك: «تقدم في البوذية بعض الإشارة إلى أنَّ عقيدة الحلول أو التجسد الإلهي أواتار Awatar ظهرت في البوذية في المذهب الجديد (مهايان) Mahayan وانتشر هذا المذهب قبل الإسلام في شمال الهند وفي فارس وفي كثير من بلاد آسيا الوسطى، وقد اعتقد أصحاب هذا المذهب في شخص بوذا بأنه صورة من الإله تجسد فيه لينقذ الناس من آلام الحياة، كما اعتقد النصارى في شخص المسيح بأنه مجسد فيه الله سبحانه أو بحلول اللاهوت في الناسوت فيه ليكون فداء للناس عن ذنبهم الأول، غير أنّ البوذيين أتباع هذا المذهب زادوا على النصارى بقولهم: إنَّ الطبيعة الإلهية قد تحل في الطبيعة البشرية إذا كان مستعدة لها، فكل إنسان يستطيع أن يرتقي إلى مرتبة بوذا بأنْ يجاهد نفسه ويهذبها من رغبات العالم ومن صفات البشرية، فعند ذلك يتجسد فيه الإله ويتصف بصفاته» ([46]).
      أما من نصوص النصارى في قولهم بالحلول تأثُّرًا بمثل هؤلاء البوذية، فأورد نصَّين من أظهر ما يستدلون([47]): فقد جاء في إنجيل يوحنا -الذي لا إسناد له يُثبته، بل وصرَّح الكثير من النصارى بأنه إنجيلٌ مزورٌ- من قول صاحب الإنجيل: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدًا وحَلَّ بيننا» ([48]).
  والثاني: قول بولس الكاذب في رسالته: «عظيمٌ هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح»([49]).

المطلب الرابع: تأثر النصرانية بالبوذية في الرهبنة:
     قال بوذا في سياق إلغائه للطبقات الأربع في حُكم مَن دخل (النظام) وأخذ دعوته: «إنّ ما يدعو إليه بوذا هو الرهبنة([50])، وفي الرهبنة يتساوى سائر البشر»([51]).
وقد قال الله تعالى في أتباع المسيح u:                    ﭼ  [الحديد: ٢٧]
   قال الحافظ ابن كثير في تفسير:   ﭼ   «أي: ابتدعها أمة النصارى» ([52]).
وقال الدكتور عبد الله بعد كلامه الذي تقدم في الحاشية: «من المعروف أن هذا النمط من الرهبنة البوذية هو الذي تدين به الكنيسة النصرانية بعدها، وإن اختلفت بينهما في بعض النظم والتقاليد، إلا أن منهجهما منهج واحد. فالمطلع والباحث في مقارنة الأديان: يجد أنَّ الرهبان النصرانيين في آدابهم وتصرفاتهم اتبعوا المنهج البوذي دون تحريف، فالترهب والتبتل وقمع الشهوة وكبتها، هي سياسة البوذية، وكذلك الهندوسية قبلها.وسيأتي الكلام عن اللقاء بين المسيحية والبوذية في الرهبنة([53]) قريبًا» ([54]).
وقال في الموضع الثاني في المبحث الذي عقده للموازنة بين الرهبة البوذية والرهبنة النصرانية: «لا يخفى على كل باحث أنّ هناك صلة وثيقة بين البوذية والنصرانية في النظام الرهباني، وذلك لوجود ملامح متشابهة بين الرهبانيتين مما يؤكد أن النصراينة قد اقتبست رهبانيتها من البوذية التي سبقتها بما يقرب من خمسة قرون. ومن الأدلة التي تأيد هذا القول: ... أنّ الرهبنة النصرانية نشأت أول ما نشأت في مصر، وذلك خلال القرن الثالث الميلادي، ثم نقلها الرهبان الأقباط إلى إيطاليا وفرنسا وغيرهما من الدول، .. وقد أثبت المؤرخون أن هناك لقاء بين النصرانية والبوذية في مصر وخاصة في الإسكندرية في خلال القرنين الثاني والثالث الميلاديين، حيث كانت الإسكندرية في ذلك الوقت مركز الحضارة الرومانية ... وقد كثر توافد تجار الهند وسفرائها على الإسكندرية من المناطق المختلفة، وتردد عليها كثيرٌ من البوذيين والجينيين، وهم في طريقهم إلى الروم، وهناك وثائق عديدة تشير إلى مثل هذه الزيارات» ([55]).
     وقد نقل الدكتور من الباحث البوذي الدكتور Pramote في كتابه الأديان الحية قوله: «من المحتمل جدًّا أن تكون النصرانية في الإمبراطورية الرومانية قد تأثرت رهبانيتها إلى حد بعيد من الديانة البوذية التي خرجت من موطنها الأصلي الهند في ذلك الوقت، وانتشر معتنقوها في العالم الروماني عن طريق القوافل التجارية وغيرها» ([56]).

المطلب الخامس: تأثر النصرانية بالبوذية في عقيدة الصلب والفداء:
    وعقيدة الصلب والفداء تكفيرًا للخطيئة الأولى يزعمها النصارى في عيسى u الذي قال الله تعالى فيه: ﭿﮀ ﮇﮈ ﮐﮑ  ردًّا على زعمهم الذي حكاه عنهم: النساء: ١٥٧ من العقائد التي تأثرت النصارى بالوثنيات قبلها، حيث كان الوثنيون يقدمون البشر ذبيحة فداء عن الخطيئة، بل «يعتقد البوذيون في بوذا بأنه الطبيب العظيم ومخلص العالم والممسوح والمسيح المولود الوحيد وغير ذلك، وأنه قدم نفسه ذبيحة ليكفر آثام البشر ويجعلهم ورثاء ملكوت السموات، وبولادته ترك كافة مجده في العالم ليخلص الناس من الشقاء والعذاب كما نذر) ... (ويقول البوذيون: ومن رحمته –أي بوذا تركه للفردوس ومجيئه إلى الدنيا من أجل خطايا بني الإنسان وشقائهم كي يبررهم من ذنوبهم، ويزيل عنهم القصاص الذي يستحقونه» ([57]).

      ومن العقائد التي تأثرت النصرانية بالبوذية: القول بأنَّ عيسى u ابن الله، وقد تقدم في آخر الكلام عن التثليث، وأنه مأخوذ من البوذية. ومنها كذلك: اعتقاد النصارى أنَّ عيسى u يرجع إلى الدنيا ثانية قبل يوم القيامة، وأنه في الآخرة هو الذي عنده دينونة الناس وحسابهم، وليس عند ربه الكريم،  والبوذية يعتقدون أنَّ بوذا «سيحاسب الأموات على أعمالهم»([58]). كما أنّ من عقائدهم (البوذية) أيضًا أنهم «يؤمنون برجعة بوذا ثانية إلى الأرض ليعيد السلام والبركة إليها»([59]). وغير ذلك من الأمور التي تقدم في جدول المقارنة بين عيسى u وبوذا.      هذه وغيرها من أوجه تأثير البوذية على النصرانية.

*********
الفصل الثاني: بيان تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في العقائد والشعائر، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في العقائد.
المبحث الثاني: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في الشعائر.

المبحث الأول: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في العقائد:
     وُجدَت ديانة بفارس قبل ميلاد المسيح بستة قرون تسمى متراس، ومعبودها يسمى مثرا، ثم انتقلت إلى روما حوالي 70 قبل الميلاد، وهذه الديانة صلتها بالنصرانية واضحة جدًّا، قال الدكتور أحمد شلبي: « يمكن أن نعطي تفاصيل أوسع عن أحد المعتقدات السابقة لنرى مدى صلة المسيحية بها:
متراس: هذه الديانة فارسية الأصل، وقد ازدهرت في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون، ثم نزحت إلى روما حوالي سنة 70 ق. م، وانتشرت في بلاد الرومان، وصعدت إلى الشمال حتى وصلت بريطانيا، وقد اكتشفت بعض آثارها في مدينة يورك ومدينة شستر وغيرهما من مدن انجلترا، وتذكر هذه الديانة أنَّ:
-       مثرا كان وسيطًا بين الله والبشر.
-       وأنَّ مولده كان في كهف أو زاوية من الأرض.
-       وأنه ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر.
-       كان له اثنا عشر حواريا.
-       مات ليخلص البشر من خطاياهم.
-       دفن ولكنه عاد للحياة وقام من قبره.
-       صعد إلى السماء أمام تلاميذه وهم يبتهلون له ويركعون.
-       كان يُدعى مخلِّصًا ومنقذًا.
-       ومن أوصافه أنه كالحمل الوديع.
-       كان أتباعه يعمَّدون باسمه.
-       وفي ذكراه كل عام يقام عشاء مقدس.
ويقول Ropertson: إنّ ديانة متراس لم تنته في روما إلا بعد أن انتقلت عناصرها الأساسية إلى المسيحية»([60]).
وشهد شاهد من أهلها.
ولقد قال الدكتور أحمد شلبي ما تقدم بعد قوله: «مقارنة العقائد الوثنية بعقائد المسيحية الحالية: قبل ظهور المسيح كانت هناك معابد كثيرة تُقدس عددًا كبيرًا من الآلهة، مثلا آبلُّو الذي كان يُقدسه الإغريق، وهيركوليس معبود الرومان، ومثرا معبود الفرس، وأدونيس معبود السوريين، وأوزوريس وإيزيس وحورس معبودات المصريين، وبعل معبود البابليين، وسواهم كثيرون، وكانت هذه الآلهة تعتبر كلها من نسل الشمس، وفي هذه الأديان أو أكثرها كانت توجد المعتقدات الآتية:
-       كل هذه الآلهة ينسب لها أنها وُلدَت في نفس الفترة (الشهر أو الموسم) التي ينسب لعيسى أنه ولد فيها.
-       كل هؤلاء وُلدوا في كهف أو حجرة أو بعيدًا عن الناس.
-       كلهم عاشوا حياة فيها عناء من أجل الجنس البشري.
-       كلهم كانوا يُنعَتُون: المخلِّص –المنقذ- الوسيط.
-       كلهم قُهروا بقوى الشر والظلام.
-       أُلقي بهم بعد هزيمتهم في المدافن أو النيران السفلى.
-       هبّوا جميعًا من مدافنهم بعد الموت وصعدوا إلى عالم السماء.
-       أسسوا جميعًا خلفاء لهم ورسلا ومعابد.
ويتضح من هذا أنّ المسيحية اقتبست كل هذه المعتقدات»([61]).

********

المبحث الثاني: تأثُّر الدِّيانةِ النَّصْرانيَّة بالرومانية الوثنية القديمة في الشعائر:
        تأثرت الديانة النصرانية بالرومانية القديمة في عدة شعائر([62]) حيث أخذوها عنهم، ومنها:
أولا: حمل الصليب وتقديسه: يُذكَر أنّ تقديس الصليب عند النصارى سبق صلب المسيح نفسه حيث يُذكر أنه قال المسيح –كما في لوقا، 9: 23-: (إنْ أراد أحدٌ أنْ يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني). وأنَّ معنى حمل الصليب عند النصارى –كما قاله الدكتور أحمد شلبي-: «الاستهانة بالحياة والاستعداد للموت في أبشع صُوَره؛ أي صلبًا على خشبة كما يُفعل بالمجرمين والآثمين. وقويت فكرة تقديس الصليب بعد صلب عيسى فأصبح أداة تُذكِّر المسيحيين بالتضحية الضخمة التي قام بها المسيح من أجل البشر»([63]).
      ويُبيّن الدكتور التأثر النصراني بالرومان في هذه الشعيرة فيقول: «من الواضح أنّ هناك علاقة بين تقديس الصليب عند المسيحيين وبين النظم الرومانية التي كانت تجعل حمل الصليب دليلا على صدور الحكم بالإعدام صلبًا، فحمل السيحيون الصليب استعدادًا لهذه الحالة؛ فالتعبير بحمل الصليب مستعار من العادة التي قضت عليها الأنظمة الرومانية على المحكوم عليه بالصلب أن يحمله كل يوم»([64]).

          الخاتمة: هذا ما تيسر في بيان أثر البوذية والرومانية القديمة الوثنيتين في النصرانية البولسية، وقد كان هذا الأثر في العقائد والشعائر والمبادئ والطقوس، وهو دليل على وجود التحريف في الدين النصرانى بعد رفع المسيح u. والله المستعان!
وأكتفي بهذا؛ فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله منه. وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين.




([1]) المسيحية، تأليف: الدكتور أحمد شلبي، ط10/1998م، مكتبة النهضة المصرية، ص170-171.
([2]) أديان الهند الكبرى، تأليف: الدكتور أحمد شلبي، ط11/2000م، مكتبة النهضة المصرية، ص197-198.
([3]) إنجيل متى وإنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا المختارة من قبل الكنيسة من بين الأناجيل الكثيرة الرائجة في ذلك الوقت ليست هي الإنجيل الذي نزل على عيسى u في نظر النصارى أنفسهم، بل هي منسوبة إلى بعض تلامذته ومَن ينتمي إليهم، فهي لم تنزل عليه ولا أنه كتبها أو أملاها عليهم، بل إنها كُتِبت من بعد رفعه، مشتملة في الجملة على أخباره وأقواله وعجائبه من بدايته إلى نهايته في هذا العالم على حد قولهم، (قف على تفاصيل ما يتعلق بالأناجيل الأربعة في كتاب: محاضرات في النصرانية، تأليف: الشيخ أبو زهرة، ط4/1404هـ، الرئاسة العامة، ص48، بل وإلى ص68).
([4]) فنقل كلامَه باللغة الإنجليزية، ثم ترجَمه بِما في المتن.
([5]) المسيحية لشلبي، ص179-180.
([6])  صحيح البخاري: بَاب مَا قِيلَ فِي أَوْلادِ الْمُشْرِكِينَ، رقم:1383، وصحيح مسلم: كتاب القدر، باب معنى كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، رقم: 2658،عن أبي هريرة t. 
([7]) انظر: الصحاح للجوهري، مادة نصر، ص1044، والقاموس المحيط، المادة نفسها، ص449 .
([8]) انظر: معجم ألفاظ العقيدة، مادة النصرانية، ص427.
([9]) انظر: عقائد الثلاث والسبعين فرقة، (ج2/ص239-241)، ودراسات في أديان اليهودية والنصرانية، 165، ومصادر النصرانية دراسة ونقدًا، للدكتور عبد الرزاق ألارو (ج1/ 43-44).
([10]) عقائد الثلاث والسبعين فرقة، (ج2/ص239).
([11]) الموسوعة الميسرة في الأديان ...، (ج2/ ص564)، وانظر: النصرانية، للدكتور محمد بن إبراهيم الحمد، لتقف على التعريف الذي فيه خللٌ، ص160 (ضمن رسائل في الأديان والفِرَق والمذاهب، له).
([12]) انظر: معجم ألفاظ العقيدة، مادة النصرانية، ص427-428 .
([13]) انظر: دراسات في أديان اليهودية والنصرانية، 165-166، ومصادر النصرانية دراسة ونقَدًا، (ج1/ 44 ).
([14])  انظر –لتقف على الأدلة لكل صفة من الصفات-: كتاب النصرانية، د. محمد بن إبراهيم الحمد، 179-182. 
([15])  انظر:اليهودية، د. أحمد شلبي، ط10/1992م، ص167-185، والعنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، تأليف: د. أحمد بن عبد الله الزغيبي، ط1/1418هـ، العبيكان، (ج2/ص221-274)، وكتاب اليهود، تأليف: أ. د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، ط/الصميعي، ص17-36، ودراسات في الأديا، أ. د. سعود الخلف، ص110-118، والتلمود وموقفه من الإلهيات عرض ونقد، د. أبو بكر محمد ثاني، ط1/1433هـ، (ج2/ص925-932)، وتصفح رسالة: موقف اليهود والنصارى من u وإبطال شبهاتهم حوله، تأليف: د. سارة بنت حامد العبادي، ط1/1426هـ، الرشد. 
([16])  تصفح/ موقف أهل الكتاب من الرسول r في العصر النبوي والعصر الحديث، تأليف: حمود بن عبد الله المطر، ط1/1430هـ، الصميعي، ونبوة محمد r في الفكر الاستشراقي المعاصر، تأليف: لخضر شايب، ط1/ 1422هـ، العبيكان، وكتاب: التطاول على النبي r وواجبات الأمة، تأليف: د.عبد الرحمن بن صالح المحمود، و أ. د. ناصر بن سليمان العمر، وآخرون، ط/1429هـ،مجلة البيان . 
([17]) تحاشيًا عن التطويل يُراجع بالنسبة لترجمة بوذا من حيث نسبه وولادته ونشأته واتجاهه وتفصيل حياته التقشفية واستنارته المزعومة ووفاته، كتاب: البوذية تاريخها وعقائدها وعلاقة الصوفية بها، تأليف: الدكتور عبد الله مصطفى نومسوك، ط1/1420هـ، أضواء السلف، ص85-111، ودراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، تأليف: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ط4/1429هـ، الرشد، ص639-643، والبوذية نشأتها وأهم معتقداتها، د. عبد الله بن عيسى بن موسى الأحمدي، ص433-446، (ضمن مجلة الدراسات العقدية، العدد: 6، السنة الثالثة، رجب 1432هـ)، وأديان الهند الكبرى، د. أحمد شلبي، ص131-155، والأديان في الهند وشرق آسيا، د. محمد بن إبراهيم الحمد، ص48-54 (ضمن رسائل المؤلف في الأديان والفرق والمذاهب، ط1/ 1427هـ ابن خزيمة)، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، (ج2/ص759)، والأديان والفرق والمذهب المعاصرة، تأليف: الشيخ عبد القدر بن شيبة الحمد، ط2/1426هـ، دار الزمان، ص71-74، وقاموس المذاهب والأديان، د. حسين علي حمد، ط1/1419هـ، دار الجيل، ص57-61.
([18])  ومما يُستدل به على قول بوذا بالإلحاد ونُكرانه وإنكاره للإله أحيانًا، وإهماله عن الحديث عنه، -وهو أحد القولين في بوذا نفسه- قوله في إحدى خُطَبِه وهو يسخر ممن يقول بوجود الإله: «إنَّ المشايخ الذين يتكلمون عن الله، ولم يرَوه وجهًا لوجه، كالعاشق الذي يذوب كمدًا وهو لا يعرف من هي حبيبته، أو كالذي يبني السلم وهو لا يدري أن يوجد القصر، أو كالذي يريد أن يعبر نهرًا فينادي الشاطئ الآخر ليقدم له»، لهذا قال الدكتور أحمد شلبي قبل إيراد هذه الخطبة: «لم يعن بوذا بالحديث عن الإله، ولم يشغل نفسه بالكلام عنه إثباتًا أو إنكارًا، وتحاشى كل ما يتصل بالبحوث اللاهوتية، وما وراء الطبيعة، وما يتحدث عن القضايا الدقيقة في الكون، وكان ينهى أصحابه ووزراءه أن يخوضوا في هذه الأبحاث، ويوبخهم على سؤالهم عن مثل هذه القضايا. ولكن بوذا اتجه أحيانًا إلى جانب الإنكار أكثر من اتجاهه إلى جانب الإثبات»، فنقل خطبته المتقدمة.
(قف على ذلك/ في الملحق الذي وضعه الدكتور أحمد شلبي في آخر كتابيه المسيحية، ص286، وأديان الهند الكبرى، ص206، بعنوان: قضية الألوهية كنموذج للمقارنة بين قضايا الأديان). 
([19]انظر: رسالة أديان الهند وشرق آسيا –البوذية-، د. محمد بن إبراهيم، ضمن رسائله في الأديان والفرق والمذاهب، ص48، 54-55، والموسوعة الميسرة، (ج2/ص758-759). 
([20])  انظر: أديان الهند الكبرى، تأليف: الدكتور أحمد شلبي، ط11/2000م مكتبة النهضة المصرية، ص131. 
([21])  هذا الشخص حَمل المجمع الذي كان بأمره -مع أنه لم يحضره- اسمه، فسُمي: مجمع القسطنطينية الأول عام 381م، أو المسكوني الثاني، وكان امتدادًا للمسكوني النيقوي عام 325م وتكملة لما بدأه ذلك المجمع من وضع أسس الثالوث النصراني، حيث تناولوا فيه (الأقنوم الثالث من أقانيم التثليث –الروح القدس-)، وكان من أهم قرارت المجمع: إثبات ألوهية روح القدس (انظر عن المجمع مفصلا: مصادر النصرانية دراسة ونقدًا، ـاليف: د. عبد الرزاق بن عبد المجيد ألارو، ط1/1428هـ، دار التوحيد، (ج2/ص760-773). 
([22])  انظر: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، ط/ دار القلم بالكويت، ص17-19. 
([23]) انظر: تفسير القرآن العظيم، تأليف: الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير، (ج2/ص458)، ط/ مؤسسة الريان، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تأليف: الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ط1/1423هـ، مؤسسة الرسالة، بتحقيق: د. عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ص335، ودراسات في الأديان –اليهودية والنصرانية-، تأليف: أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف، ط5/ 1427هـ، دار أضواء السلف، ص276.
([24]) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير، (ج2/ص114)، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، ص241، ودراسات في الأديان –اليهودية والنصرانية-، ص276.
([25]) صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، بَاب مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، رقم: 3456، وصحيح مسلم: كتاب العلم، باب اتباع اليهود والنصارى، رقم: 2669.
([26]) هذا، وكأنَّ بين الحديثين المتقدمين تعارضًا في الظاهر، لِهذا قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في الجمع بينهما: «قَالَ ابْن بَطَّال: أَعْلَمَ r أَنَّ أُمَّته سَتَتَّبِعُ الْمُحْدَثَات مِنْ الأُمُور وَالْبِدَع وَالأَهْوَاء كَمَا وَقَعَ لِلأُمَمِ قَبْلهمْ، ... . قُلْت: وَقَدْ وَقَعَ مُعْظَم مَا أَنْذَرَ بِهِ r، وَسَيَقَعُ بَقِيَّة ذَلِكَ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مُغَايِر لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد؛ لأَنَّ الأَوَّل فُسِّرَ بِفَارِسَ وَالرُّوم، وَالثَّانِي بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لَكِنَّ الرُّوم نَصَارَى، وَقَدْ كَانَ فِي الْفُرْس يَهُود. أَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْمِثَال؛ لأَنَّهُ قَالَ فِي السُّؤَال كَفَارِسَ انْتَهَى. وَذَكَرَ عَلَيْهِ جَوَابه r بِقَوْلِهِ "وَمَنْ النَّاسُ إِلا أُولَئِكَ" لأَنَّ ظَاهِره الْحَصْر فِيهِمْ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد حَصْر النَّاس الْمَعْهُود مِنْ الْمَتْبُوعِينَ.قُلْت: وَوَجْهه أَنَّهُ r لَمَّا بُعِثَ كَانَ مُلْك الْبِلاد مُنْحَصِرًا فِي الْفُرْس وَالرُّوم، وَجَمِيع مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ الأُمَم مِنْ تَحْت أَيْدِيهمْ، أَوْ كَلا شَيْءٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ، فَصَحَّ الْحَصْر بِهَذَا الاعْتِبَار، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْجَوَاب اخْتَلَفَ بِحَسَب الْمَقَام، فَحَيْثُ قَالَ: فَارِس وَالرُّوم كَانَ هُنَاكَ قَرِينَة تَتَعَلَّق بِالْحُكْمِ بَيْن النَّاس وَسِيَاسَة الرَّعِيَّة. وَحَيْثُ قِيلَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَانَ هُنَاكَ قَرِينَة تَتَعَلَّق بِأُمُورِ الدِّيَانَات؛ أُصُولِها وَفُرُوعِهَا.
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ فِي الْجَوَاب عَنْ الأَوَّل "وَمَنْ النَّاس إِلا أُولَئِكَ!". وَأَمَّا الْجَوَاب فِي الثَّانِي بِالإِبْهَامِ فَيُؤَيِّد الْحَمْل الْمَذْكُور وَأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَة تَتَعَلَّق بِمَا ذَكَرْت» (فتح الباري لابن حجر، ج4/ ص 5284، ط/2007م بلبنان، بيت الأفكار الدولية).
وللفائدة أنقل: ما قاله الشيخ ابن بطة العكبري قبل الحافظ ابن حجر : «فلو أنَّ رجلا عاقلا أمْعَن النظر -اليومَ- في الإسلام وأهله، لعَلم أنّ أمور الناس تَمضِي كلّها على سنَنَ أهل الكتابين وطريقتهم، وعلى سُنّة كِسرى وقيصر، وعلى ما كانت عليه الجاهلية، فما طبَقَةٌ من الناس وما صنفٌ منهم إلا وهم في سائر أمورهم مخالفون لشرائع الإسلام، وسنَّة الرسول r، مضاهون فيما يفعل أهل الكتابين والجاهلية قبلهم، فإنْ صرفَ بصره إلى السلطنة وأهلها وحاشيتها، ومن لاذ بها من حكّامهم، وعُمّالِهم، وجَد الأمر كلَّه فيهم بالضد مِما أمروا به، ونَصَبُوا له في أفعالهم وأحكامهم وزِيّهم، ولِباسهم. وكذلك في سائر الناس بعدهم من التجار والسُّوقة، وأبناء الدنيا وطالبيها، من الزُّرّاع والصنّاع، والأُجرَاء، والفقراء، والقراء، والعلماء، إلا مَن عَصَمَه الله. ومتَى فكَّرْت في ذلك وجدْتَ الأمر كما أخبرتُك في المصائب، والأفراح، وفي الزِّيّ، واللباس، والآنية، والأبنية، والمساكن، والخُدَّام، والمراكب، والولائم، والأعراس، والمجالس، والفُرُش، والمآكل، والمشارب، وكلّ ذلك، فيجري خلاف الكتاب والسنة بالضدّ مما أمر به المسلمون، وندِب إليه المؤمنون. وكذلك من باع واشترى، وملك واقتنى، واستأجر وزرع وزارع. فمَن طلَب السلامة لدينه في وقْتِنا هذا مع الناس عدِمَها، ومَن أحبَّ أنْ يلتمس معيشةً على حُكْمِ الكتاب والسنة فَقَدَها، وكَثُرَ خصماؤُه وأعداؤُه، ومخالفوه ومُبْغِضُوه فيها، فالله المستعان! فما أشدّ تعذُّرَ السلامة في الدين في هذا الزمان، فطُرُقَات الحق خاليةٌ مقفرَةٌ مُوْحِشَة، قد عَدِم سالكوها، واندفَنَتْ مَحَاجُها، وتَهَدَّمَت صواياها وأعلامُها، وفُقِدَ أَدِلاؤُها وهُدَاتُها، قد وقَفَتْ شياطينُ الإنس والجنّ على فِجاجِها وسُبُلِها تتخطف الناس عنها، فالله المستعان! فليس يعرف هذا الأمر ويَهُمُّه إلا رَجُلٌ عاقِلٌ مُمَيِّز، قد أدَّبَه العلمُ، وشرَح الله صدْرَه بالإيمان» (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، تأليف: أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي، ط2/ 1415هـ، دار الراية، الرياض، السعودية. بتحقيق: عثمان عبد الله آدم الأثيوبي وحمد بن عبد الله التويجري، وآخرَين، ج2/ 571-572).
      وهذا الكلام قاله ابن بطة بالنسبة لعصره، وقد كانت وفاته سنة: 387هـ، فكيف لو رأى الناس في القرن الخامس عشر، فما أشد غربة الإسلام، وما أشد غربة التوحيد والسنة؟ والله المستعان!
([27]) صحيح البخاري: كتاب أخبار الآحاد، بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ r: لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، رقم: 7319.
([28]) مقارنة الأديان 2 المسيحية، تأليف: د. أحمد شلبي، ط5/ 1977م، مكتبة النهضة المصرية، ص180.
([29]) المسيحية، تأليف: د. أحمد شلبي، ص188.
([30]) المصدر نفسه، ص179.
([31]) المسيحية، تأليف: د. أحمد شلبي، ص188.
([32]) المصدر نفسه، ص178-179.
([33]) انظر مبحث القديسيون وعبادتهم  عند البوذيين في كتاب/ البوذية د. نومسوك، ص322-332.
([34]) استزد من/ نصوص النصارى في دعوى الحلول، ونصوص البوذيين في هذه الدعوى، ومن ثم إبطاهما تحت عنوان: (اقتباس النصارى لعقيدة الحلول والاتحاد من الوثنيات والفلسفات القديمة) من كتاب موقف اليهود والنصارى من المسيح u، ص357-361 (وما قبل ذلك وما بعده)، وراجع أيضًا: المسيحية بين التوحيد والتثليث وموقف الإسلام منها، تأليف: د. عبد المنعم فؤاد، ط1/1422هـ، العبيكان.
([35]) انظر عن هذه المسألة: المسيحية للدكتور أحمد شلبي، ص289-291، وأديان الهند الكبرى، له أيضًا، ص209 (في الملحق الذي عقده فيهما بعنوان: قضية الألوهية كنموذج للمقارنة بين قضايا الأديان).
([36]) من نصوص الأناجيل المقررة لذلك: ما رواه مرقص من قول عيسى u: (الرب إلهنا إله واحد، ولي آخر سواه) إصحاح 12: الفقرة: 30-31.
وروى يوحنا عن  عيسى u قوله (إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم) 20: 18 .
ورى متى عن عيسى u قوله: (إنَّ أباكم واحدٌ الذي في السموات) 23: 8.
وعن نبوته u فقد جاء في إنجيل متى قوله: (هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل)، 21: 11.
وقال عيسى u مما روى يوحنا: (وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله)، 8: 40.
وأما عن إرساله إلى بني إسرائيل خاصة، فقد قال u -كما في إنجيل متى، وفيه قصة المرأة الكنعانية المجنونة ابنتها: (لم أُرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة)، 15: 21-24.
وفي متى أيضًا، وعندما حدد الحواريين عشر أوصاهم قائلا: (إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحري إلى خراف بني إسرائيل الضالة)، 10: 5-6.
وفي القرآن الكريم من تقرير هذه القضايا الثلاثة في سياق واحد: ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ  ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ  ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ   ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ     ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ  ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ المائدة: ٧٢ - ٧٥ . وقال: ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ آل عمران: ٤٩ الآية.
([37]) المسيحية، د. شلبي، ص291.
([38]) المسيحية، د. شلبي، ص282.
([39]) فالتثليث موجود قبل البوذية وقبل النصرانية عند قدماء المصريين وكذلك عند الهندوسية وفي الفكر الهندوسي، فقد نقل الدكتور أحمد شلبي: عن صابر جبرة قائلا: إنَّ فكرة التثليث عند قدماء المصريين كانت نبوءة فطرية للتثليث في المسيحية. ونقل عن الأستاذ رءوف حبيب في حديثه عن نشأة المسيحية بمصر: وفيه أنه قال: وكذلك اتفقت قصة المسيح من ناحية نظام الثالوث الأقدس الأقدس مع قصة التثليث في الفكر المصري –أوزوريس وإيزيس وحورس-. وعن الدكتور سامي جبره قائلا: إنَّ كثيرًا من المفكرين يتجهون إلى أنَّ الثالوث يرجع إلى خمسة عشر قرنًا على الأقل قبل مولد المسيح، فقد وُجد في مصر في ذلك التاريخ، وتأثر الفكر المسيحي بالفكر المصري، وبخاصة بسبب قرب المسافة بين موطن الفكر الفرعوني والفكر المسيحي. (المسيحية، د. شلبي  ص177).
وأما بالنسبة لوجود التثليث في الهندوكية فقد قال الدكتور أحمد شلبي: «التثليث في الفكر الهندي: وحوالي القرن التاسع قبل الميلاد وصل فكر الكهنة الهنودُ إلى رأي تشبهه عقيدة التثليث الحالية عند المسيحيين، فقد جمعوا الآلهة في إله واحدٍ، وقالوا إنه هو الذي أخرج العالَم مِن ذاته، وهو الذي يحفظه إلى أنْ يهلكه ويرده إليه، وأطلقوا عليه ثلاثة أسماء، فهو (براهما) مِن حيث هو مُوجد، وهو (فنشو) مِن حيث هو حافظ، وهو (سيفا) مِن حيث هو مهلك. وفتح الكهنةُ الهنودُ الباب للمسيحيين فيما يسمى: تثليث في وحدة ووحدة في التثليث»  (المسيحية، ص284).
([40]) دراسات في الأديان –اليهودية والنصرانية-، تأليف: أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف، ص274-276.
([41]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، ط5/1424هـ، الندوة العالمية، (ج2/ص759)، وانظر: والأديان في الهند وشرق آسيا، د. محمد بن إبراهيم الحمد، ص54.
([42]) استزد من/ نصوص النصارى في دعوى الحلول، ونصوص البوذيين في هذه الدعوى، ومن ثم إبطاهما تحت عنوان: (اقتباس النصارى لعقيدة الحلول والاتحاد من الوثنيات والفلسفات القديمة) من كتاب موقف اليهود والنصارى من المسيح u، صص391-402.
([43])  قف على ذلك في الملحق الذي وضعه الدكتور أحمد شلبي في آخر كتابيه المسيحية، ص286-287، وأديان الهند الكبرى، ص206-207، بعنوان: قضية الألوهية كنموذج للمقارنة بين قضايا الأديان). 
([44])  البوذية تاريخها وعقائدها وعلاقة الصوفية بها، تأليف: د. عبد الله مصطفى نومسك، ص477-478). 
([45])  المصدر نفسه، ص478. 
([46])  المصدر نفسه، ص477. 
([47])  قف على طائفة من أدلة النصارى على دعوى الحلول وتجسد اللاهوت في الناسوت، ومِن ثم الرد عليها في: دراسات في الأديان، أ. د. سعود الخلف، ص296-303. 
([48])  إنجيل يوحنا، 1: 1-14. 
([49])  رسالة بولس الأولى لتيموثاوس، 3: 16. 
([50]) الرهبنة البوذية يعرفونها بالاعتزال التام عن جميع شؤون الحياة المدنية، ولخصوها في سبعة أمور (ذكرها وفصلها د. عبد الله نومسوك) يُنظر: البوذية تاريخها وعقائدها وعلاقة الصوفية بها، له، ص278-280، وقد بيَّنوا أنّ هذه الرهبنة «لا تعني الامتناع عن شيء معين كالزواج فحسب، ولكنها تقتضي الاعتزال التام والزهد المطلق في المال، والملبس، والطعام، وفي كل شؤون المدنيين، وعادتهم وشعورهم».
([51]) أديان الهند الكبرى، للشلبي، ص169.
([52])   تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، (ج4/ص402)، وانظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي، ص843.
([53]) انظر: البوذية تاريخها وعقائدها وعلاقة الصوفية بها، ص286.
([54])   المصدر نفسه، ص280.
([55])   المصدر نفسه، ص286-287.
([56])   المصدر نفسه، ص287.
([57])  موقف اليهود والنصارى من المسيح u، 427، وانظر ما قبله وما بعده للوقوف على عشرات النماذج لهذا الأمر.
([58]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، (ج2/ص759).
([59]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، (ج2/ص759)، وانظر: الأديان في الهند وشرق آسيا، د. محمد بن إبراهيم الحمد، ص55.
([60]) المسيحية لشلبي، ص181-182.
([61]) المصدر نفسه، ص180-181.
([62]) الشعائر النصرانية دون العقائد؛ ولا تسمو إلى مكانتها، «فالعقائد أساس لدخول المسيحية، وبدون الإيمان بها لا يكون الإنسان مسيحيا، أما الشعائر فإنها لازمة، وعلى المسيحي أن يقوم بها، ولكن الشخص على كل حال يُعتبر مسيحيًّا قبل أن يقوم بها ما دام قد اعتنق العقائد السابقة، وكانت هذه الشعئر سبعة، ويقول الأستاذ عمر عنايت: إنّ هذه الشعائر نشأت مِنَ القَسَم الذي كان يحلفه الجندي الروماني قبل انخراطه في سلك الجيش، وأهم هذه الشعائر: التعميد، والعشاء الرباني، وتقديس الصليب وحمله، وقد تأثرت طريقة أداء بعض هذه الشعائر بطريقة أداء القسم سالف الذكر؛ فكما لزم أنْ يؤدى القسَم في حضرة ممثل للجيش؛ فإنَّ التعميد يلزم أن يؤدى بواسطة ممثل للكنيسة. ويلزم كذلك أن يُقدم الخبز والخمر في العشاء الرباني بواسطة آباء الكنيسة» (قاله الدكتور أحمد شلبي في كتابه: المسيحية، ص171).
([63]) المسيحية، تأليف: د. أحمد شلبي، ص174.
([64]) المصدر نفسه، ص175.

No comments:

Post a Comment

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان)

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان) Na Shehun Malami Abdul’aziz dan Abdullahi bn Baaz Allah ya yi masa rahama...