2016/04/22

العلمانية وبيان خطرها

المملكة العربيّة السّعوديّة
  وزارة التّعليم العالي
   الجامعة الإسلاميّة
           (032)
    كلّـيّة الدعوة وأصول الدين
           قسم العقيدة





العَلْمَانيَّة؛ وخطرُها على الحياة الإسلامية



إعداد الطالب
أبو بكر حمزة زكريا
                                         


بحث مقدم إلى فضيلة شيخنا الدكتور غالب بن علي عواجي


منهجية مرحلة الدكتوراه
العام الجامعي: 1433-1434هـ.


P
       والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
       فإنّ الإسلام له غربتان؛ بدأ غريبًا، وأخبر الرسول r بأنه في آخر الزمان سيعود غريبًا كما بدأ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاء"([1]).  
       هذا، وإنَّ مِن غُربته الثانية: ما ظهر في القرون الأخيرة مِن مذاهب فكرية سيّئة عاصرت تنحية الإسلام عن الحكم في حياة المسلمين؛ بإسقاط خلافته، وما قبل ذلك، كما بقيت الذاهب منتعشة إلى اليوم، وإنَّ آثار هذه المذاهب السيئة خطيرةٌ على الدعوة الإسلامية وعلى المسلمين، ومن هذه الاتجاهات: الماسونية الصهيونية اليهودية، والإنسانية، والوجودية، والقومية، والاشتراكية والشيوعية، والرأسمالية، والديمقراطية.
       وإنَّ مِن أخطر هذه المذاهب -إنْ لَم تكن أخطرها على الإطلاق- المذهب العلماني، الذي كان حقيقته فصل الدين عن الدولة والسياسة والمجتمع والاقتصاد بل ونزعه عن كل مجالات الحياة، ومن شعاراتهم لإبعاد الدين عن نظم السياسة والاجتماع والاقتصاد قولهم: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله([2]). وهذا المذهب حاوٍ لمبادئ الشوعية الماركسية الملحدة، والديمقراطية المتزعمة لحريات خرجت عن قيود الشريعة الإسلامية والعقل، بل إنّ المدرسة الديمقراطية والرأسمالية والوجودية والرومانسية من أشهر مدارس العلمانية([3])، كما أن القومية والوطنية وغيرهما من وسائلها، وهي أيضًا (أعني فصل الدين عن الحياة؛ العلمانية) هدفٌ من أهداف الماسونية، لِهذا لما عُقد مؤتمرٌ ماسوني كبير عام 1889م في ذكرى الثورة الفرنسية جاء فيه: «إنَّ هدف الماسونية هو تكوين حكومات لا تؤمن بالله»([4]). وقرر مؤتمر باريس سنة 1900م هذا القرار: «إنَّ هدف الماسونية هو تكوين جمهورية لادينية عالمية»([5]). وقد علّق شيخنا الدكتور غالب –حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- على هذين القرارين فقال: «قد كانوا في البداية يتظاهرون بالعبارة (الدين لله والوطن للجميع)، وقد وجدوا أنَّ العلمانية هي خير مَن يمكن الاستعانة بها على ذلك»([6]). وإنّ من حقيقة الحرية عند الماسونية اليهودية «حرية الانفلات من كل قيود الدين والحياء والحشمة والأخلاق»([7]). وهو كذلك عند الديمقراطية الجائرة.
إلا أنَّ الإسلام لا يقبل تجزئة الحياة والثنائية فيه؛ بجعل الدين –فقط- في المساجد وأماكن العبادة، والخروج عنه بتطبيق النظم المضادة له في بقية المجالات الحياتية الأخرى، بل الإسلام مع الفرد في حياته الخاصة ومع المجتمع والدولة، كما أنه في السياسة والبنوك وفي جميع مجالات الحياة، فالدين الصحيح (الإسلام) يعتبر تلك الثنائية والتفريق بأنه كفرٌ بالله تعالى، حيث تقرر في دعواه أنه لا بد من العمل به كاملا، وذلك في أمره بالدخول فيه كافة؛ قال تعالى:   ﯘﯙ   البقرة: ٢٠٨ ، ووبخ الذين يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض فقال: ﭼﭽ ﭿ     ﮈﮉ ﮏﮐ   البقرة: ٨٥ وقال: ﯟﯠ    الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣
فالآية الثانية تُثبت أنّ ترك بعض الدين سبب للعذاب الأخروي والخزي في الدنيا، بل وما الخزي الذي فيه كثيرٌ من المجتمعات الإسلامية في الحياة المعاصرة: من الفقر والخوف والاضطرابات الأمنية، والقلاقل والفتن والذل والهوان، وتسلط أعداء الدين والسفلة على رقاب المسلمين إلا لتركها التحاكم إلى هذا الدين، وفصله ونزعه عن حياة الأمة. هذا قبل حلول عذاب الآخرة -إنْ لم يعود المسلمون إلى العمل بالدين الإسلامي في كل المجالات، ويحكموا الشريعة في كل شيء؛ في السياسة في الاقتصاد، والعلم والله المستعان!
ثم إنه لبيان المفهوم من مصطلح العلمانية، ثم التثنية بخطره على الحياة الإسلامية كتبتُ هذه الوُريقات، علَّها تكون محذِّرة لعامة المسلمين، كما أنّ طبيعة الموضوع (العَلْمَانيَّة؛ وخطرها على الحياة الإسلامية) اقتضى تقسيم البحيِّث إلى المقدمة التي أنا بصددها، ومبحثين، وخاتمة، على النحو التالي:
        المبحث الأول: مفهوم العلمانية، وأسباب دخولها في العالم الإسلامي، وفيه مطلبان:
           المطلب الأول: بيان مفهوم العلمانية.
           المطلب الثاني: أسباب دخول العلمانية في العالم الإسلامي.
        المبحث الثاني: دخول العلمانية في العالم الإسلامي، وبيان خطرُها وآثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية، وفيه مطلبان:
           المطلب الأول: دخول العلمانية في العالم الإسلامي.
           المطلب الثاني: بيان خطر العلمانية وذكر آثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية.
       الخاتمة وفيها نتائج البحث.



المبحث الأول: مفهوم العلمانية، وأسباب دخولها في العالم الإسلامي،
ولبيان هذا المبحث عقدت مطلبين على النحو التالي:
           المطلب الأول: بيان مفهوم العلمانية.
           المطلب الثاني: أسباب دخول العلمانية في العالم الإسلامي.

المطلب الأول: بيان مفهوم العلمانية([8]):
       لفظة العلمانية لا توجد في معاجم اللغة العربية القديمة، وقد وردت في بعض المعاجم الحديثة، وهل (العلمانية) هي بفتح حرفِها الأول (العَين)، أم بكَسْرِها مِن العِلم الذي هو ضد الجهل، سيأتي تحقيق ذلك. وعلى القول الصحيح أنها بالفتح.
       والعلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (secularism) في الإنجليزية أو (secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صِلة له بالعِلم ومشتقاته. فالعِلم في اللغة الإنجليزية والفرنسية معناه (science) والمذهب العِلمي يُطلَق عليه: (scientism) . ثم إنَّ الترجمة الصحيحة للكلمة هو اللادينية أو الدنيوية، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص: هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد([9]).
فالكلمة أوربية النشأة تُرجمت إلى اللغة العربية، وعليه فالمنبغبي طلب معناها من قواميسهم ودوائر معارفهم أولا.
ثم إنه وبعد هذا البحث لمعنى الكلمة من هذه الدوائر الأجنبية والمعاجم اتضح لنا أنّ معناها الصحيح المتقدم هو ما أوردوه فيها:
تقول دائرة المعارف البريطانية عن المادة (secularism) «(هي حركة اجتماعية تهدِف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها؛ ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر. وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ (secularism) تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يُظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية، وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة. وظل الاتجاه إلى الـ (secularism) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله، باعتبارها حركة مضادة للدين، ومضادة للمسيحية).
ويقول قاموس العالم الجديد لوبستر، شرحًا للمادة نفسها: ( 1- الروح الدنيوية أو الاتجاهات الدنيوية، ونحو ذلك. وعلى الخصوص: نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أيّ شكل من أشكال الإيمان والعبادة. 2- الاعتقاد بأنّ الدين والشؤون الكنسية لا دخل لها في شؤون الدولة، وخاصة التربية العامة).
ويقول معجم أكسفورد شرحًا لكلمة (secular) (1- دنيوي أو مادي، ليس دينيا ولا روحيا، مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقي اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة. 2- الرأي الذي يقول: إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساسًا للأخلاق والتربية).
ويقول المعجم الدولي الثالث الجديد: مادة (secularism) (اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص يقوم على مبدأ أنَّ الدين أو الاعتبارات الدينية يجب ألا تتدخل في الحكومة، أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعادًا مقصودًا، فهي تعني –مثلا- السياسة اللادينية البحتة في الحكومة). (وهي نظام اجتماعي في الأخلاق، مؤسس على فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية على اعتبارات الحياة المعاصرة، والتضامن الاجتماعي دون النظر إلى الدين). ...»([10]).
      وبعدما نقل الدكتور طائفةً من تلك المعاني ومن المصادر الأجنبية خاصة ومنها كلام المستشرق الأربري في كتابه (الدين في الشرق الأوسط) الذي فيه أنَّ اللادينية صفة لأوروبا وأمريكا مع أنَّ مظاهرها موجودة في الشرق الأوسط، وأنّ النموذج الرئيسي لها هو فصل الدين عن الدولة، قال بعد ذلك: «والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو (فصل الدين عن الدولة)، وهو في الحقيقة لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية الذي لا ينطبق على الأفراد أو على السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة، ولو قيل إنها: (فصل الدين عن الحياة) لكان أصوب، ولذلك فإنَّ المدلول الصحيح للعلمانية هو: إقامة الحياة على غير الدين)، سواء بالنسبة للأمة أو للفرد، ثم تختلف الدول أو الفرد في موقفها من الدين بمفهومه الضيّق المحدود: فبعضها تسمح به، كالمجتمعات الديمقراطية الليبرالية، وتسمي منهجها: العلمانية المعتدلة (Non relegious) أي أنها مجتمعات لا دينية، لكنها غير معادية للدين، وذلك مقابل ما يسمى العلمانية المتطرفة (Anti relegious) أي: المضادة للدين، ويعنون بها المجتمعات الشيوعية وما شاكلها. وبدهي أنه بالنسبة للإسلام لا فرق بين المسمين؛ فكل ما ليس دينيًّا من المبادئ والتطبيقات فهو في حقيقته مضاد للدين، فالإسلام واللادينية نقيضان لا يجتمعان ولا واسطة بينهما»([11]).
والمسلم مأمور أنْ تكون حياتُه بجميع جوانبها وفي كل مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية وغير ذلك على شرع الله، ولرب العالمين، قال سبحانه: ﯟﯠ    الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣
      ذاك في المعاجم الأجنبية ودوائر معارفهم، ولقد جاء في بعض معاجم المسلمين المعاصرة ما يؤكّد ما تقدم، حيث جاء في المعجم الوسيط أنَّ «العَلْمَانِيَّ: نسبةٌ إلى العَلْم بِمعنى العالَم، وهو خلاف الدينِيّ أو الكَهْنُوتِي([12])» ([13]).
فالكلمة ليست نسبة إلى العِلم كما تقدم، لهذا قال شيخنا الدكتور غالب بن علي عواجي: «وبعض الباحثين ذهب إلى أنَّ "علمانية" -بكسر العين وسكون اللام- معناها: العلم الذي هو ضد الجهل، وأما "علمانية" -بفتح العين وسكون اللام- فمعناها: العالم أو الدنيا في مقابل الآخرة، وتأتي علمانية أيضًا بمعنى دهريّ ..»([14]).
      ما تقدم هو التعريف الصحيح للعلمانية وأنه اللادينية، ولم أشأ هنا ذكر التعريفات الأخرى الخاطئة، والتي قال الشيخ الدكتور غالب مشيرًا إليها: «دارس العلمانية سيلاحظ تعريفات كثيرة، إلا أنَّ أصدق تلك التعريفات وأقربها إلى حقيقة العلمانية هو أنَّ العلمانية: مذهبٌ هدَّام يُراد به فصل الدين عن الحياة كلها وإبعاده عنها، أو هي إقامة الحياة على غير دين؛ إما بإبعاده قهرًا ومحاربته علنًا كالشيوعية، وإما بالسماح به وبضده من الإلحاد كما هو الحال في الدول الغربية التي تسمى هذا الصنيع حرية وديمقراطية أو تديّن شخصي، بينما هو حرب للتدين؛ ذلك أنَّ حصر الدين في نطاق فرديٍّ بعيدًا عن حكم المجتمع وإصلاح شؤونه هو مجتمع لا ديني؛ لأنَّه أقام حياته الاجتماعية والثقافية وسائر معاملاته على إقصاء الدين»([15]).
       فالعلمانية على الصحيح أنها الفصل الكامل بين الدين وبين الحياة كلها، لهذا قال شيخنا الدكتور غالب ملخصًا ما تقدم، أنه «حين أطلقت هذه التسمية في أوربا كان يُقْصَد بها عندهم حسب ترجمتها الصحيحة: فصلُ الدين عن السياسة، أو الفصل الكامل بينه وبين الحياة الاجتماعية، على أساس أنه لا يجتمع العلم مع الدين بزعمهم، وقد كذبوا في ذلك وقلّبوا الحقيقة، فإن الدين والعلم حميمان يُكمل أحدهما الآخر ويُقويه، أما نسبتهم مذهبهم إلى العِلم, فإنّ الحقيقة تدل على أنه لا علاقة بين العلم وبين هذه الفكرة الضالّة، بل إن تسميتها علمانية إنما هو بسب سوء الترجمة من معناها الغربيّ الذي هو الابتعاد عن الدين، أو من باب الخداع والتضليل؛ إذ كان الأولى أن تكون ترجمتها وتسميتها أيضًا هي "اللادينية"؛ لأن مفهومها الأصليّ هو هذا, وليس نسبة إلى العلم»([16]).
       فتلخص مما تقدم أنّ العَلمانية هو اللادينية أو الدنيوية، وأنه يهدف إلى أو هو فصل الدين عن الحياة بجميع مجالاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية. أما ترجمة أصل الكلمة بما فيه معنى العلم فتضليل وخداع، والله تعالى أعلم.
وقد نشأت العلمانية في أوروبا في القرن السابع عشر، ثم انتقلت إلى بلاد المسلمين في التاسع عشر، لعدة أسباب أُجملها في المطلب القادم.


 المطلب الثاني: أسباب دخول العلمانية في العالم الإسلامي([17]):
       كون العلمانية ظهرت في أوروبا ذلك البلد الذي يُعاني مِن عدم وجود المنهج الصحيح الذي يكفل سعادة الأفراد والمجتمعات فهذا أمرٌ قد يُعقل، أما في بلاد المسلمين فلا. إذا كيف دخلت العلمانية بلاد المسلمين وتغلغلت؟ وما أسباب ذلك؟
«بدأت فكرة العلمانية تغزو العالمَ الإسلامي منذ أكثر من قرن من الزمان، لكنها لم تتمكن إلا في بداية القرن العشرين الميلادي حين طبقت على مستوى الدولة، على أنقاض الخلافة العثمانية، ثم سرَت إلى أكثر بلدان العالم الإسلامي، وكانت هناك عدة عوامل رئيسة ساعدت على ظهور انتقال العلمانية إلى العالم الإسلامي»([18]).
وهذه الأسباب الرئيسة والكثيرة لدخول العلمانية بلاد المسلمين داخلية وخارجية، يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
أولا: الجهل بدين الإسلام عند كثير من المسلمين.
ثانيًا: انحراف كثير من المسلمين عن دينهم، وعدولهم عن سلوك الصراط المستقيم.
ثالثًا: ضعف بل غياب مفهوم الولاء والبراء عند كثير من المسلمين.
رابعًا: التقصير في جانب الدعوة إلى الله، وإبراز محاسن الدين الإسلامي.
خامسًا: توسيد الأمر إلى غير أهله في كثير من بلدان المسلمين؛ حيث تمكن كثير من عملاء الغرب من الوصول إلى سدة الحكم، وتولي المناصب المهمة.
سادسًا: اشتغال المسلمين بالدنيا وملذاتها، وتخليهم عن رسالتهم الخالدة، وهي قوامة البشرية وقيادتها إلى بر الأمان.
سابعًا: التحالف اليهودي الصليبي، وما نجم عنه من استعمار، واستشراق، وتنصير، وغير ذلك.
ثامنًا: الانبهار بما عند الغرب من تقدم صناعي وتكنولجي، مع الغفلة عما يعانيه من خواء روحي، وتخلف خُلُقي.
تاسعًا: التقليد الأعمى للغرب، فبدلا من الإفادة مما عنده من تقدم، ورقي ماديّ تجد بعض المسلمين يقلدونهم في مستهجن عاداتهم، ومرذول طرائقهم في الحكم، والسياسة، والأخلاق، وما جرى مجرى ذلك.
عاشرًا: الهزيمة النفسية التي حلت بكثيرٍ من المسلمين.
الحادي عشر: ربط واقع المسلمين المزري وتخلفهم بالإسلام، واعتقاد أنَّ أوروبا لم تتطور إلا عندما نبذت الدين النصراني، والحل هو نبذ الدين الإسلامي لكي ينهض المسلمون.
الثاني عشر: الابتعاث وما جرَّه من ويلات على المسلمين؛ حيث يذهب المسلم إلى الخارج وهو خاوٍ من دينه؛ فيعود –بعد أنْ يمتلي قلبه بما عند الكفار- حربًا على أمته ودينه([19]).
الثالث عشر: الأقليات غير المسلمة داخل المجتمعات الإسلامية: «كالنصارى واليهود والشيوعيين وأصحاب الاتجاهات المنحرفة من جمعيات وأحزاب ونحوهم، وكل هؤلاء لا ينعمون بضلالتهم وانحرافهم وفسادهم إلا تحت شعر كشعار ما يسمى بالعلمانية؛ لذلك تضافرت جهودهم على نشرها وبثها والدعاية لها، حتى انخدع بذلك كثيرون من السذج وأنصاف المتعلمين من أبناء المسلمين»([20]).
هذه جملة الأسباب، تضافرت وتكاتفت، وأدت إلى قيام العلمانية التي بسطت نفوذها، ومدت رواقها في كثير من بلدان المسلمين. والله تعالى أعلم.


المبحث الثاني: دخول العلمانية في العالم الإسلامي، وبيان خطرُها وآثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية:
ولبيان هذا المبحث عقدت مطلبين على النحو التالي:
           المطلب الأول: دخول العلمانية في العالم الإسلامي.
           المطلب الثاني: بيان خطر العلمانية وذكر آثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية.

المطلب الأول: دخول العلمانية في العالم الإسلامي:
       أُصدِّر هذا المطلب بالتمهيد الكاشف عن قيام العلمانية في أوروبا، ومِن ثَمّ أتدرج منه لبيان انتقالها إلى العالم الإسلامي (موضوع المطلب)، فأقول:
       قد ظهرت اللادينية أو الدنيوية (secularism) في أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي، وتعتبر مرحلة هذا القرن والقرن الذي بعده (الثامن عشر) المرحلة الأولى للعلمانية، وتسمى بالعلمانية المعتدلة نسبةً إلى القرن التاسع عشر، حيث اعتُبر الدين في هذه المرحلة أمرًا شخصيًا لا شأن للدولة له، إلا أنَّ على الدولة –مع ذلك- أنْ تحمي الكنيسة، وبالأخص في جباية ضرائبها. كما أنَّ الفكر العلماني في المرحلة وإنْ طالبَ بتأكيد الفصل بين الدولة والكنيسة إلا أنه لم يسلب المسيحية كدين من كل قيمة لها، وإنْ كان يُنكر فيها بعض تعاليمها، ويطالب بإخضاع تعاليم المسيحية إلى العقل وإلى مبادئ الطبيعة. ومِن أتباع هذا المذهب فولتير (1694-1713م) في فرنسا، وشفتسيري (1671-1713م) في انجلترا، وليسنج (1729-1781م) في ألمانيا، ومن فلاسفة هذه المرحلة المعتدلة نسبيًّا في أوروبا الفيلسوف الانجليزي جون لوك (1632-1714م)، وهوبر (1588-1679م) ([21]).
المرحلة الثانية: وهي مرحلة العهد المادي أو ما يسمى بالثورة العلمانية –مرحلة الجناح اليساري من مدرسة هيجل في القرن التاسع عشر إلى ما بعده- وعلمانية هذه المرحلة هي: إلغاء الدين؛ أيّ دين وليست فصلا بينه وبين الحياة كما هو المفهوم الأول، ويعتبر فير باخ من أهم المؤسسن لفكرة الثورة العلمانية في القرن التاسع عشر؛ إذْ يمكن للإنسان أن يدرس عنده مرحلة الانتقال من دين أرضي .. طبيعي .. إلى المادية المتطرفة .. فقد بدا واضحا أنه يطيح بالثنائية بين الدين الغيبي والعالم المشاهد، وكذلك بين الكنيسة والحياة، وذلك في رسالته التي كتبها عن هيجل.
وهنا نجد أن دافع العلمانية في القرنين السابع عشر والثامن عشر كان هو التنازع على السلطة بين الدولة والكنيسة، ولذا كان الفصل هو الحل الرسمي لهذا النزاع. وأنَّ الدافع عليها في القرن التاسع عشر كان هو الاستئثار بالسلطة، ولذلك كانت العلمانية غير مساوية لمفهوم الفصل بين الكنيسة والدولة بل كانت إلغاء للثنائية بهدم الدين كمقدمة ضرورية إلى السلطة المنفردة التي هي سلطة جماعة العمل أو المجتمع أو الدولة أو الحزب –حسب تحديد بعض هؤلاء اليساريين. وهكذا غدت العلمانية هي اللادينية، وانتهت إلى نبذ الدين من حياة الإنسان الفردية ومن الدولة، ودعت الإنسان إلى عدم الإيمان بشيءٍ إلا من خلال مدركاته الحسية وتجاربه العملية، واعتبرت ذلك هو السبيل إلى تقرير الحقائق([22]).
       وبعد هذا التمهيد، أقول:
       قد انتقلت العلمانية من الغرب الرأسمالي إلى الشرق في بداية القرن التاسع، «وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر، وتركيا، وإيران، ولبنان، وسوريا، ثم تونس، ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر، أما بقية الدول العربية فقد انتقل إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية؛ لأنها أقل إثارة من كلمة لادينية»([23]).
وتُسمّى هذه المرحلة بالعلمانية الإلحادية، وإنْ كان الأولى([24]) لا تخلو من إلحاد في دين الله تعالى، قال تعالى: ﭱﭲ       ﭽﭾ ﭿ ﮁﮂ    فصلت: ٤٠
و«قبول العلمانية في أي مجتمع مسلم معناه: الإلحاد والمروق من الإسلام، وردة صريحة عن دين الله الذي رضيه لها، حتى لو كانت بمعناها المعتدل في مرحلتها الأولى»([25]).
       بل أقول قولة واحدة، وهو أنه ليس هناك في القرن العشرين والحادي والعشرون في العالم الإسلامي دولة إلا وهي على هذا النظام اللاديني (العلمانية) حيث فصَلوا الدين عن الحياة بجميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والفكرية وغير ذلك، إلا المملكة العربية السعودية البقية الباقية للإسلام، لذا قال الشيخ عبد الأول بن للشيخ حماد بن محمد الأنصاري: «قال الوالد: العالم كلُّه اليوم علمانِيٌّ، ما عدا هذه الدولة السعودية. والعلمانية هم: عُبَّاد المادة»([26]).
       وقد انتقل فصل الدين عن الحياة في العالم الإسلامي -كما تقدم- إلى مصر، وكذلك في تونس وغيرهما، ثم في تركيا في آخر الأمر بالإطاحة للشريعة الإسلامية بالكلية، ولأزيد هذا الأمر توضيحًا أقول –تحت هذا العنوان-:

إلغاء الخلافة العثمانية وتفكيك الأمة الإسلامية([27]):
      سيأتي ذكر خطر العلمانية وآثارها السيئة على الحياة الإسلامية في المطلب القادم، لكني وقبل ذلك أذكُر هنا أبرز وجه سيّئٍ ضمن آثار هذا المذهب الخبيث (العلمانية) ألا وهو إلغاء الخلافة الإسلامية، فأقول:
      أكبَر حدَثٍ مأساويٍّ حصَل للعالَم الإسلامي في القرن العشرين: هو إلغاء الخلافة الإسلامية واستقدام العلمانية والديمقراطية؛ فمن المعلوم أنه كانت الدولُ الإسلامية سابقًا تحت الدولة العثمانية التي في أول أمرها كانت ماسكةً بعوامل نهوض الدوَل والأمم وتمكينها، التي يجمعها: العمل بشريعة الله، والإيمان به سبحانه ومجانبة الشرك وأسبابه، وفعل الأعمال الصالحات، وإقامة العدل في عباده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم إنّه غلَبَ على آخر هذه الدولة ونخرها وساهم في إضعافها ومِن ثَمَّ سقوطها وزوالها وعجَّل بِموتها: الابتعاد عن تحكيم الشرع، والانحراف عن الإيمان الصحيح، وتجلَّى فيها مظاهر الشرك ووسائله، والانحراف في مفهوم الولاء والبراء نتيجة الجهل وكيد الأعداء لها، وحلَّت البِدَع وانتشرت الخرافات، والانحراف في مفهوم العبادة الصحيح، كما انتشر الظلم، وغاب القيادة الربانية، وحصل الاختلاف والفُرقة، وتنَشَّطَت أو نُشِّطَت الفرق المنحرفة المحسوبة على الإسلام (كالشيعة الاثني عشرية والصوفية، والدروز، والنصيرية، والإسماعيلية والقاديانية والبهائية وغيرها) وخصوصًا مع مجيء الاستعمار الصليبي الذي طوَّق الأمة الإسلامية، وكذلك انغمس أصحاب الترف والملك في الشهوات، وأحبّوا الدنيا. وبالمقابل من ذلك فإنه فرَّطت الشعوب والأفراد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فـ«ترتب على ابتعاد الأمة عن شرع ربِّها آثار خطيرة، كالضعف السياسي والحربي والاقتصادي والعلمي والأخلاقي والاجتماعي، وفقدت الأمة قُدرتها على المقاومة، والقضاء على أعدائها، فاستعمرت وغُزيَت فكريًّا، نتيجة لفقدها لشروط التمكين، وابتعادها عن أسبابه المادية والمعنوية، وجهلها بسُنن الله في نهوض الأمم وسقوطها، قال تعالى:              [الأعراف: ٩٦] »([28]).
      وقد ذكر الدكتور علي محمد الصلابي ضمن نتائج بحثه عن: (الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط) أنه –بعد عزل السلطان عبد الحميد الثاني([29]) عن الحكم من قِبَل (جمعية الاتحاد والتَّرقي) بدعم من الدول الأوربية واليهود والمحافل الماسونية للوصول إلى هدف إلغاء الخلافة الإسلامية([30])- وفي آخر الأمر «استطاع الإنجليز واليهود أن يدفعوا بِمصطفى كمال([31]) نحو زعامة الدولة العثمانية ، وقام الأخير بتنفيذ  مخططًا مرسومًا انتهى بتحقيق شروط أربعة، وهي: قطع كل صلة لتركيا بالإسلام، إلغاء الخلافة الإسلامية إلغاء تامًّا، إخراج الخليفة والإسلام من البلاد، ومصادرة أموال الخليفة، اتخاذ دستور مدنِيّ بدلا من دستور تركيا القديم. ... عمل مصطفى كمال على سلخ تركيا من عقيدتها وإسلامها، وحارب التديّن، وضيَّق على الدعاة، ودعا إلى السفور والاختلاط.. ([32]).
      وقال د. علي محمد الصلابي وهو يُفصِّل في إجرامات الرجل وأنه لم يترُك نقطةً واحدة مما أمرتْه به سادتُه الصهيونية والماسونية تجاه الخلافة الإسلامية: «لقد نفَّذ مصطفى كمال المخططَ كاملاً وابتعد عن الخطوط الإسلامية ودخلت تركيا لعمليات التغريب البشعة؛ فألغيت وزارة الأوقاف سنة 1343هـ/1924م، وعهد بشؤونها إلى وزارة المعارف. وفي عام 1344هـ/1925م أغلقت المساجد وقضت الحكومة في قسوة بالغة على كل تيار ديني وواجهت كل نقد ديني لتدبيرها بالعنف. وفي عام (1350-1351هـ/1931-1932م) حددت عدد المساجد ولم تسمح بغير مسجد واحد في كل دائرة من الأرض يبلغ محيطها 500متر، وأعلن أنَّ الروح الإسلامية تعوق التقدم. وتَمادى مصطفى كمال في تهجمه على المساجد فخفض عدد الواعظين الذين تدفع لهم الدولة أجورَهم إلى ثلاثمائة واعظ، وأمرهم أن يفسحوا في خطبة الجمعة مجالاً واسعًا للتحدث على الشؤون الزراعية والصناعية، وسياسة الدولة، وكَيْلِ المديحِ له. وأغلق أشهر جامعين في استانبول؛ وحَوَّل أولَهما -وهو مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وحول ثانيهما -وهو مسجد الفاتح إلى مستودع. أما الشريعة الإسلامية فقد استبدلت، وحَلَّ محلَها قانون مدني أخذته حكومة تركيا عن القانون السويسري عام 1345هـ/1926م. ... وفي دستور عام (1347هـ/1928م) أغفل النص على أنَّ تركيا دولة إسلامية، وغيَّرَ نَصَّ القسم الذي يُقسمه رجال الدولة عند تولِّيهم لِمناصبهم، فأصبحوا يُقسمون بشَرَفهم على تأدية الواجب بدلاً مِن أن يَحلفوا بالله، كما كان عليه الأمر من قبل. ... وأهملت الحكومة التعليم الديني كليةً في المدارس الخاصة، ثم تَمّ إلغاءه بل إنَّ (كلية الشريعة في جامعة استانبول) بدأت تقلل مِن أعداد طلابها، التي أغلقت عام 1352هـ/1933م...»([33]).
      من خلال هذا السرد تبيَّن أنَّ كثيرًا مما قام به (مصطفى الأتاتورك) كان في القرن العشرين، ومن أهم تلك الأمور وأخطرها: استبدال الشريعة الإسلامية وإحلالها بقانون مدني مأخوذ من القانون السويسري الذي كان في عام 1345هـ/1926م، وكذلك إغفال التنصيص على أنَّ تركيا دولة إسلامية، الذي كان في سنة 1347هـ، وغير ذلك.
      وقال د. جميل عبد الله المصري وهو يتكلم عن الابتعاد من تطبيق الشريعة الإسلامية من بدايته إلى أنْ وصَل إلى عاصمة الخلافة الإسلامية بأنْ حصَل ما تقدم، بعد أنْ ذكَر نماذج من الحركات الإصلاحية: «... قد طغى سيل الحضارة الغربية الماضية والتهم الاستعمار الغربي بلاد الإسلام، واشتد التحدي فلم تنجح هذه الحركات في لَمِّ شعث المسلمين، وكان نجاحُها محدودًا وفي بلاد معيَّنة؛ فابتعد المسلمون عن تطبيق الشريعة، بفعل هذا الاستعمار والصهيونية والشيوعية وأساليبها أكثر فأكثر، واشتد الأمران الوهن الداخلي، والتآمر الخارجي على الكيد للشريعة الإسلامية وتشويه معالمها فكريًّا، وصرف المسلمين عنها واقعيًّا. وكان أول قطر بدأ فيه إلغاء الشريعة الإسلامية هو: الهند، فقد أخذ الإنجليز يلغون القانون الإسلامي آنًا بعد آنٍ، ويستبدلون به القوانين الوضعية حتى تَمَّ إلغاؤه في أواسط القرن التاسع عشر، ولم يبقَ منه إلا ما يُسمى بقانون الأحوال الشخصية، الذي يتعلق بمسائل النكاح والطلاق وغيرهما.
وألغى الإنجليز الحكم بالشريعة في السودان عام 1317هـ/1899م، وقد أخذ أساسًا من قانون العقوبات الذي وضعه الإنجليز للهند سنة 1277هـ/1860م.
وفي العراق استبدل الإنجليز فور الاحتلال بقانون الجزاء العثماني قانونًا جديدًا أصدره قائد قوات الاحتلال سنة 1337هـ/1918م باسم قانون العقوبات البغدادي.
وفي تونس طبق القانون الوضعي عام 1333هـ/1860م. وفي الوقت نفسه كانت بريطانيا وفرنسا تدفعان الدولة العثمانية –دولة الخلافة- إلى منزلق خطير جدًّا يأخذ اسم الإصلاح وشكله، بينما ينطوي في داخله على أكبر المفاسد، وقد أعان على ذلك جنود الغزو الفكري من أبناء الدولة نفسها ورعاياها، فأصدرت الدولة العثمانية عقب مؤتمر باريس سنة 1272هـ/1856م الذي أنهى حرب القرم قوانين عرفت باسم التنظيمات الخيرية –التجديدات- وتضمنت إنشاء ما يُسمى بالمحاكم المختلطة والمحاكم التجارية تابعة للدولة نفسها، وتطبيق قوانين أجنبية باسم دولة الخلافة الإسلامية ذات السيطرة الواسعة على المسلمين. وكان هذا هو حدث الأحداث في بداية انهيار التشريع الإسلامي من حيث التطبيق والتنفيذ. وحتى مجلة الأحكام الشرعية (الأحكام العدلية) التي أصدرتها الدولة عام 1295هـ/1869م وقننت فيها المعاملات من مذهب أبي حنيفة لتقابل ما يسمى بالقانون المدني في الأنظمة الوضعية حتى هذه المجلة لم تكن تطبق إلا على رعايا الدولة فقط، وفي الأحوال التي لا يكون فيها أحد طرفي النزاع أجنبيًّا، ثم مع ذلك استمرت عرضة للتحريف والانتقاص إلى أن انحسرت دولة الخلافة، ثم زالت.
وأما مصر ... ظلّ النفوذ الفكري الفرنسي يتسلل إلى مصر، حتى كان الخديوي إسماعيل([34]) الذي ظلَّ الذي رُبِّيَ في فرنسا، وصاغتْه صالونات باريس، وصداقاته المتعددة لرجالها ونسائها صياغةً جديدة غريبة تمامًا عن الأمة، فكان مبهورًا بِما رأى وسمع، وكانت أمنيته التي صرَّح بها مرارًا أنْ يجعل مصر قطعة من أوربا ... وكان إسماعيل هذا أول من تجرأ على هدم شريعة الإسلام هدمًا غير مسبوق في تاريخها، فقد أنشأ أول مدرسة للحقوق على النمط الفرنسي، فأصبحت مصدرًا أساسيًّا لتخريج أجيال مقطوعة الصلة بشريعة الإسلام، ثم تطورت لتصبح كليات واسعة النطاق»([35]).

           المطلب الثاني: بيان خطر العلمانية وذكر آثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية([36]):
      تقدم أنَّ العلمانية المتطرفة وهي الشيوعية الماركسية ملحدة تنكر الإله وتنكر الدين؛ أيّ دين وتحاربه، كما أنَّ العلمانية المعتدلة تفصِلُه عن الحياة بكافة مجالاته، كمجال الحكم والاقتصاد والتعليم والأدب والإعلام وغير ذلك، ولبيان خطر العلمانية وآثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية –موضوع المطلب- فإنه لا بُد مِن بيان الآثار –ولو بالإيجاز- على هذه المجالات، فأقول:
أولا: آثار العلمانية السيّئة في مجال الحكم والتشريع.
ثانيًا: آثار العلمانية السيّئة في مجال الاقتصاد.
ثالثًا: آثار العلمانية السيّئة في مجال التعليم.
رابعًا: آثار العلمانية السيّئة في مجال الأدب.
خامسًا: آثار العلمانية السيّئة في مجال الإعلام.
ولقد كان لتسرب العلمانية ومِن ثَمّ تطبيقها في المجتمعات الإسلامية أسوأ الأثر على المسلمين في دينهم ودنياهم([37]).
       أما أولا: فهو الآثار في مجال الحكم والتشريع: فلِما أنَّ العلمانية ترى أنّ الحكم لا يكون بما أنزل الله U، بل ترفضه وتنبذه وتطرحه، إنما الحكم عندها بالقوانين الوضعية، وإلا فتطبيق الشريعة الإسلامية يُعد عندهم تخلف ورجعية، لهذا فإنه قد تقدم مفصلا أنَّ ربيب أعداء الدين مصطفى كمال أتاتورك أول ما قام به هو: إقصاء الشريعة الإسلامية عن كافة مجالات الحياة، واستعاض عن ذلك بقوانين وضعية اقتبسها من أنظمة الكفار، حتى إنه ألغى المحاكم الشرعية وحرّم تعدد الزوجات والطلاق، وساوى بين الذكر والأنثى في الميراث، وقضى على التعليم الإسلامي، وحوَّل جامع أيا صوفيا إلى متحف، بعدما أعلن العلمانية والإلحاد، وألغى الخلافة الإسلامية، وشجع القومية والوطنية وحرّم الأذان والصلاة باللغة العربية([38]).
ولتقرير أنَّ مِن أهم مقاصد إنزال القرآن هو أنْ يَحكُم به النبي r بين الناس بما أرَاه الله، قال تعالى:           ﯰﯱ النساء: ١٠٥([39]).
هذا، وكما أنَّ مصطفى كمال أتاتورك جنايته على الإسلام بإلغاء الخلافة سنة (1924م) فيها من الضراوة والقسوة، إلا أنَّه أصدر الشيخ علي علي عبد الرزاق كتابًا سنة 1925م وكان حينئذ قاضيًا بمحكمة المنصورة الشرعية الابتدائية، عنوانه: (الإسلام وأصول الحكم) حاول فيه التغيير في أصول الإسلام ومسلماته، بتقديم الفكر العلماني فيه في جرءة لا تعرف الحياء والخجل، وأراد بكتابه هو ومَن يُشايعه إسقاط الخلافة الإسلامية والقضاء عليها من الناحية الشرعية، كما أسقطها أتاتورك وأتباعه واقعيًّا، ومما قال فيه في ص16 ما نصُّه: (إنه لعجب عجيب أنْ تأخذ بيدك كتاب الله الكريم، وتراجع النظر فيما بين فاتحته وسورة الناس، فترى فيه تصريف كل مثل، وتفصيل كل شيء من أمر هذا الدين –ما فرطنا في الكتاب من شيءٍ- ثم لا تجد فيه ذكرًا لتلك الإمامة العامة، أو الخلافة([40]). إنَّ في ذلك لمجالا للمقال! ليس القرآن وحده الذي أهمل تلك الخلافة، ولم يتصد لها، بل السنة كالقرآن أيضًا؛ وقد تركتها ولم تتعرض لها([41])). وقد قابلت الدوائر الاستعمارية والمراكز التبشيرية المسيحية كتاب علي عبد الرزاق بالترحيب والتصفيق، لاشتماله على الآراء التي تخدم أهداف الاستعمار وتحقق آماله في السيطرة على الشعوب الإسلامية، وإذلالها إلى الأبد([42]). والقصد هنا أن يتضح أنَّ «العلمانية أعلنت الحرب بغير مواربة على النظام السياسي الإسلامي، وبدأت جولتها معه، والتي ربما خيِّل لأتباعها أنها الجولة الأولى والأخيرة، ... لقد كان صدور ذلك الكتاب المنبوذ –والذي يعني عند مؤلفه ومن يشايعه إسقاط الخلافة والقضاء عليها من الناحية الشرعية- عام 1925م، أي بعد عام واحد من إسقاط الخلافة والقضاء عليها واقعيًّا من قِبَل أتاتورك وأتباعه»([43]). فبصدور الكتاب بدأت الردود عليه، ردًّا تلو ردّ([44]).
       وثانيًا: من الآثار السيّئة للعلمانية في مجال الاقتصاد، أنّها ترى أنّه لا دخل للدين بالاقتصاد، بل هي مع النظام الرأسمالي؛ حيث إنها تبيح الاحتكار والمكوس والربا وجميع صور أكل أموال الناس بالباطل([45]).
       وثالثًا: من الآثار السيّئة للعلمانية في مجال التعليم: أنَّها ترى أنَّ التعليم ينبغي أن يخلو من العلوم الشرعية، بل وتمنعها منعًا باتًّا، كما أنَّها تُحتم فيه إجراء المخالفات الشرعية، كالتبرج والسفور والاختلاط([46])، ثم إنها تبث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية، وإنْ لا بد في تعليم الدين فيجب: «ب- تقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية إلى أقصى حد ممكن، وتكون في آخر اليوم الدراسي، وقد لا تؤثر في تقديرات الطلاب. ج- منع تدريس نصوص معينة؛ لأنها واضحة وصريحة في كشف باطلهم، وتزييف ضلالاتهم. د- تحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني، أو على الأقل لا تعارضة»([47]).
       ورابعًا: من الآثار السيّئة للعلمانية في مجال الأدب: أنها تدعو إلى الأدب المجن الرخيص، وترفع من قيمة الشذاذ من الشعراء وغيرهم.
       وخامسًا:  من الآثار السيّئة للعلمانية في مجال الإعلام: أنّها تقيم الإعلام ليهدم كل فضيلة، وينشر كل رذيلة، وألا يكون للدين منه نصيب([48]). ولأزيد في تويح هذه النقطة أنقل ما قاله شيخنا الدكتور غالب: «علمنة الإعلام: أما عن علمنة الإعلام فحدِّث ولا حرج، لقد أمسك دعاة العلمانية بزمام معظم وسائل الإعلام، وعاثوا فيها فسادًا، مثل: التلفزيون والإذاعة والصحف والمجلات والسينما والفيديو، وقد ظهرت أضرار تلك الوسائل في تحطيم الأخلاق والسلوك الطيب، واستمع إلى ما قاله أعضاء المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة, المنعقِد في المدينة المنورة سنة 1396هـ، فقد قالوا في مناشدتهم المسلمين جميعًا: (ويندد المؤتمر بالهوة السحيقة التي تردَّى إليها إعلامنا ولا يزال إلى اليوم يتردَّى، فبدلا من أن يكون منبر دعوة إلى الحق, ومنار إشعاع للخير، صار صوت إفساد وسوط عذاب، وخفت صوت الدعوة وسط ضجيج الإعلام الفاسد، وسكت القادة فأقرُّوا بسكوتهم أو أجاوزوا ذلك فشجعوا وحملوا, وزلزل الناس في إيمانهم وقيمهم ومُثُلهم ... ولم يعد الأمر يحمل السكوت عليه من الدعاة إلى الحق). فما أحرى بالمسلمين أن يستمعوا لهذه النصيحة الصادقة الشجاعة, ويرجعوا إلى الحقِّ، فإنه خير من التمادي في الباطل» ([49]). وما أكثر الفساد المنشور لأفساد الأخلاق والدين -في الآونة الأخيرة- عن طريق الفيس بوك وتويتر واليوتوب وغيرها، والله حسبنا، لا إله غيره!
       ثم إنَّ من الآثار السيّئة التي أشاعتها العلمانية: «إذابة الفوارق بين حملة الرسالة الصحيحة، وهم المسلمون، وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد، وصهر الجميع في إطار واحد؛ فالمسلم والنصراني واليهودي والشيوعي، والمجوسي، والبرهمي، وغيرهم يتساوون أمام القانون، لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني»([50]).
       ومنها أيضًا: «نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية، وتهديم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، وذلك عن طريق:
أ‌-                 القوانين الوضعية التي تبيح الرزيلة ولا تعاقب عليها.
ب‌-           وسائل الإعلام المختلفة التي لا تكل ولا تمل من محاربة الفضيلة ونشر الرذيلة.
ت‌-           محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات»([51]).
      كما أنَّ منها: «الدعوة إلى القومية أو الوطنية، وهي دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس أو اللغة أو التاريخ، أو المكان، أو المصالح، أو المعيشة المشتركة، أو وحدة الحياة الاقتصادية، على أن يكون الدين عاملا من عوامل الاجتماع ولَمّ الصف، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعدّ عاملا من عوامل التفرق والشقاق»([52]).
ومنها: «الدعوة إلى الارتماء في أحضان الغرب وأخذ حضارته دون وعي ولا تمييز»([53]).
       ومنها: «الزعم بأنّ الشريعة الإسلامية لا تتوافق مع الحضارة الغربية الحديثة ... بل قالوا: إنَّ الشريعة الإسلامية هي السبب في التخلف والرجعية، وأنَّ السبيل إلى التخلص من هذا الداء والنهوض بالأمة إلى التقدم والحضارة هو نبذ الإسلام وتعاليمه»([54]).
       وجملة القول -وبه أختم هذا المطلب- أنَّ «مِن أصول العلمانية أنّ الحياة العامة في الدولة والمجتمع لا تحكم بأحكام الشريعة الإسلامية، وإنما تحكم بأي نظام آخر من الشرائع التي يضعها الإنسان لنفسه»([55]).
لكن الله تعالى ينهانا عن الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالآخر، فقال: ﭼﭽ ﭿ     ﮈﮉ ﮏﮐ   البقرة: ٨٥ ، كما أنه أمرنا سبحانه بأن تكون حياتنا على شريعة الله، ولله فقال: ﯟﯠ    الأنعام: ١٦٢ – ١٦٣. وهو سبحانه أحكم الحاكمين، ﯿ ﰀﰁ المائدة: ٥٠

الخاتمة:
       بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
      في خاتمة هذا البحث عن العلمانية وآثارها السيئة على الحياة الإسلامية، أود أنْ اُبيِّن بأنَّ البحث قد خرج بطائفة من النتائج، من أهمها:
      أولا: أنَّ الصحيح من معنى العلمانية (secularism)  هو اللادينية أو الدنيوية، كما أفادته معاجم الغرب ودوائر معارفهم، أما ترجمتها بما يرجع إلى العلم فخداع -في الترجمة- وتضليل.
      ثانيًا: نشأة العلمانية المعتدلة كانت في الغرب في القرن السابع عشر خاصة، ثم بعدها كانت الملحدة المتطرفة الماركسية في القرن التاسع عشر، وأنها وبحكم القدر المحتوم وكذلك لأسباب داخلية في الأمة الإسلامية -من الجهل بدينها وبضرر المذهب العلماني عليها وغيرها-، وكذلك لأسباب أخرى خارجية -من استعمار واستشراق وتنصير، وغيرها- انتقل فصل الدين عن الحياة بكافة مجالاتها إلى البلاد الإسلامية، بل وصارت العلمانية هي ما استعاضتها الشعوب بعدما أُقصيت الشريعة الإسلامية في تركيا بفعل اليهودي الأثيم مصطفى كمال أتاتورك.
      ثالثًا: أنَّ البلاد الإسلامية اليوم كلها يحكمها العلمانية والديمقراطية، ما عدا المملكة العربية السعودية البقية الباقية للإسلام.
      رابعًا: أنّ استعاضة الشريعة الإسلامية بالعلمانية خطيرٌ، وأنَّ الحكم بغير ما أنزل الله كفرٌ شرُّه مستطير، كما أنَّ آثار كلّ ذلك في حياة المسلمين المعاصرة الحياة الدنوية والأخروية سيِّئة ووخيمة.
      خامسًا: أنّه يجب على المسلمين عامة، وعلى علمائهم وحكامهم خاصة أنْ يهُبّوا قومة واحدة ليُحكّموا الشريعة الإسلامية في كل مجالات الحياة؛ السياسية منها والاقتصادية والفكرية والاجتماعية إنْ أرادوا أنْ تصلُح أحوالهم، وتسعد -في الدنيا والآخرة- حياتهم.
      هذا، وآخر دعوانا عن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وآله وصحبه أجمعين!
فهرس الموضوعات
صفحاتها
المقدمة
2
خطة البحث
4
مطلب بيان مفهوم العلمانية
5
مطلب أسباب دخول العلمانية في العالم الإسلامي
9
مطلب دخول العلمانية الفعلي في العالم الإسلامي
11
تمهيد في ظهور العلمانية في أوروبا في القرن السابع عشر
11
مطلب خطر العلمانية وذكر آثارها السيِّئة على الحياة الإسلامية
21
الخاتمة في ذكر أهم نتائج البحث
26
فهرس الموضوعات
27




([1]) صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب بَيَانِ أَنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ، رقم: 145.
([2]) انظر الشعار: في كتاب الإسلام والأديان دراسة مقارنة، تأليف: أ. د. مصطفى حلمي، ط1/دار ابن الجوزي، القاهرة، ص28.
([3]) انظر عنوان أشهر مدارس العلمانية من رسالة: العلمانية ومدارسها لمحمد الحربي، (ضمن موسوعته في الفرق والمذاهب والأديان المعاصرة، ص93-95).
([4]) الماسونية، ص76 بواسطة: المذاهب الفكرية المعاصرة، (ج1/ص551).
([5]) المصدر نفسه.
([6]) المذاهب الفكرية المعاصرة، د. غالب، (ج1/551).
([7]) المصدر نفسه، (ج1/ص553).
([8]) للتوسع انظر: قاموس المذاهب والأديان، تأليف: د. حسين علي حمد، ط1/ 1419هـ دار الجيل، بيروت، ص151-152.
([9]) انظر: رسالة العلمانيَّة -نشأتهَا وتطوّرهَا وآثارُهَا في الحيَاة الإسلاميَّة المُعَاصِرَة، تأليف: الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي، ط/ دار الهجرة، (بدون تاريخ، وهي رسالة الدكتوراه للمؤلف في جامعة أم القرى)، ص21.
([10]) نقلها وغيرها الدكتور سفر الحوالي، في كتابه العلمانية، ص22-23.
([11]) العلمانية، د. سفر الحوالي، ص23-24.
([12]) وفي بيان مصطلح ووظيفة الكهنوت جاء في المعجم الوسيط: «رجال الكهنوت: رجال الدين عند اليهود والنصارى ونحوهم» (المعجم، مادة: كهن، ص803).
([13]) المعجم الوسيط، إخراج إبراهيم مصطفى وآخرين، مادة علم، ص624، ط/المكتبة الإسلامية.
([14]) المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها، تأليف: د. غالب، ط1/1427هـ، المكتبة العصرية الذهبية بجدة، (ج2/ص682).
([15]) المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها، (ج2/ص683).
([16]) المصدر نفسه، (ج2/ص681).
([17]) للتوسع انظر: مبحث انتشار المذاهب الفكرية في العالم الإسلامي، من كتاب المذاهب الفكرية المعاصر، د. غالب، (ج1/ص67-70، ثمانية أسباب عامة. وأسباب خاصة في فصل انتشار العلمانية في ديار المسلمين وبيان أسباب ذلك، ج2/ص705-717 من باب العلمانية في الكتاب).
([18]) العلمانية وموقف الإسلام منها، تأليف: أ. د. حمود بن أحمد الرحيلي، ط2/1424هـ، العلوم والحكم، ص57.
([19]) ملخص من رسالة العلمانية، تأليف: د. محمد بن إبراهيم الحمد، ص587 (ضمن رسائله في الأديان والفرق والمذاهب، ط1/1427هـ، دار ابن خزيمة. ولمزيد من التفاصيل في بعض العوامل ينظر: العلمانية وموقف الإسلام منها، لـ: أ. د. حمود الرحيلي، ص57-71.
([20]) العلمانية وموقف الإسلام منها، لـ أ. د. حمود الرحيلي، ص70.
([21]) ملخص من الاتجاهات الفكرية المعاصرة وموقف الإسلام منها، تأليف: د. جمعة الخولي، ط1/1407هـ، ص92، وانظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، تخطيط: د. مانع بن حماد الجهني، ط5/1424هـ، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، (ج2/ص679).
([22]) انظر: الاتجاهات الفكرية المعاصرة، ص92، والموسوعة الميسرة (ج2/ص680).
([23])  الموسوعة الميسرة (ج2/ص679).
([24]) هنا الإشارة إلى ما يُسمى بأنواع العلمانية، وهي على قسمين:
العلمانية الملحدة أو العلمانية المتطرفة: وهذه تسمى بالشيوعية والماركسية، وهي التي تنكر الدين بالكلية، وتحاربه وتعاديه وأهله، بل تنكر وجود الله. وما زال هذا النوع موجودًا حتى بعد سقوطه في مقره (الاتحاد السوفيتي)، فله رجاله المنتشرون في كل مكان، وينتظرون التمكن ليخرجوا مرة أخرى بالشيوعية الدموية، إضافة إلى أنَّ هذا النوع (العلمانية الملحدة) لا يرضى بإضافة حكم إسلامي أو شعار إسلامي، بل يحارب المسلمين ويعاديهم ويؤذيهم إما بالقتل أو السجن.
النوع الثاني: العلمانية المعتدلة: هم لا ينكرون وجود الله، بل يسمحون بإقامة الشعائر الدينية على مستوى الدولة والأفراد، ويسمون أنفسهم بالديمقراطيين أو بالإصلاحيين، لكنهم يُنكرون تدخل الدين في سائر شئون الحياة، بل يرون عزل الدين عن هذه الحياة، وهذا النوع أشد خطرًا من النوع السابق من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين؛ بأنّ العلمانية لا تحارب الدين، ولكنها تنادي بالحياة الشريفة ومشاركة الشعوب بالحكم الديمقراطي ومجالس الشعب المنتخبة، وتحرير المرأة من ظلمات الجهل والتخلف الذي يقصدون به الدين الإسلامي وأحكامه الشرعية. (ملخص من موسوعة الفرق والمذاهب والأديان المعاصرة، تأليف: الشيخ ممدوح بن علي الحربي، ط1/1431هـ، ألفا للنشر، ص56-57).
([25])  الاتجاهات الفكرية المعاصرة، ص93.
([26]) المجموع .. لعبد الأول، (ج2/ص690).
([27]) للتوسع انظر: إعلام الزمرة بأحكام الهجرة، للشيخ حماد الأنصاري، ص19، وكذلك مبحث عدم تطبيق الشريعة الإسلامية ضمن مباحث فصل الآثار السيئة للمذاهب الفكرية في كتاب المذاهب الفكرية، د. غالب عواجي (ج1/ص79-85).
([28]) الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، تأليف: د. علي محمد الصلابي، ص583، ط/1426هـ، مكتبة بيت السلام، الرياض. وانظر: الأسباب العشرة التي ذكرها الدكتور محمد الصلابي لسقوط الدولة العثمانية، في مبحث: أسباب سقوط الدولة العثمانية، (من ص520-564).
([29]) السلطان عبد الحميد الثاني (المولود 21 سبتمبر 1842-10 فبراير 1918م) هو السلطان الخامس والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية الذي حكم سنين عديدة، تولى الحكم خلفًا لأخيه السلطان مراد الخامس, هو آخر من امتلك سلطة فعلية منهم. يعرفه البعض، بـ "أولو خاقان" أي "الملك العظيم" وعرف في الغرب بـ"القاتل الكبير" بسبب مذابح الأرمن التي وقعت في فترة توليه منصبه. وتولى الحكم عام 1876، وخلع بعد سلطنة طويلة عام 1909م وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 10 فبراير 1918م. شهدت سلطنته عدد من الأحداث الهامة، أمثال: مد سكة حديد الحجاز الذي ربط دمشق والمدينة المنورة، كما فقدت الدولة أجزاءً من أراضيها في البلقان خلال حكمه. أبرز منجزاته:
1- دعا جميع مسلمي العالم في آسيا الوسطى وفي الهند والصين وأواسط أفريقيا وغيرها إلى الوحدة الإسلامية، والانضواء تحت لواء الجامعة الإسلامية، ونشر شعاره المعروف "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وأنشأ مدرسة للدعاة المسلمين، سرعان ما انتشر خريجوها في كل أطراف العالم الإسلامي، الذي لقي منه السلطان كل القبول والتعاطف والتأييد لتلك الدعوة، ولكن قُوى الغرب قامت لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها. 2- قرَّب إليه الكثير من رجال العلم والسياسة المسلمين واستمع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم. 3- قام ببعض الإصلاحات مثل القضاء على معظم الإقطاعات الكبيرة المنتشرة في كثير من أجزاء الدولة، والعمل على القضاء على الرشوة وفساد الإدارة.
      ومما لا يُذكر ترجمة الرجل إلا وذُكر معها هو علاقاته باليهود:
      لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بازل) بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل (1860م-1904م) رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصرّ هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يفلح، وأخيرًا زار السلطان عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي) و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها: خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بِموجبه حملات الدعاية السيِّئة التي ذاعت ضدَّه في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: ((إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهَبًا فلن أقبل، إنَّ أرض فلسطين ليست ملكي، إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع، وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يومًا، يُمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل))، (قف على مقالته كاملة: كتاب السلطان عبد الحميد الثاني وأثره في نشر الدعوة الإسلامية، تأليف: الأستاذ محمد قربان نيازملاّ، ط1/1408هـ، مكتبة المنارة، ص89، وفي ملحق كتاب الماسونية ذلك العالَم المجهول، تأليف: د. صابر طعيمة، ط/دار الجيل، بيروت، ص436).
ثم إنه أصدر السلطان أمرًا بِمنع هجرة اليهود إلى فلسطين. عندئذ أدرك خصومه أنَّهم أمام رجل قوي، وأنه ليس من السهولة بِمكان استمالته إلى صفِّها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه ما دام على عرش الخلافة فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تُحقق أطماعَها في فلسطين، ولن يُمكن للدولة الأوربية أن تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان. لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذَرَت نفسَها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدَّونَمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولعب يهود الدونَمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان.  (انظر: مبحث: السلطان عبد الحميد واليهود، من كتاب: الدولة العثمانية، د. علي محمد الصلابي، ص464-475).
عزله: تَم عزله وخلعه من منصبه عام 1909م، كما تَم تنصيب شقيقه محمد رشاد خلفًا له. (انظر: مبحث: الإطاحة بحكم السلطان عبد الحميد الثاني، من كتاب: الدولة العثمانية، د. علي محمد الصلابي، ص483-489، ومبحث آخر بعده بعنوان: حكم الاتحاديين ونهاية الدولة العثمانية، ص490-503).
(وانظر عن ترجمته الكاملة: السلطان عبد الحميد الثاني وأثره في في نشر الدعوة الإسلامية، لمحمد قربان، وكتاب الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، (ص580-581).
([30]) السلطان عبد الحميد الثاني هذا صعد على سُدة الحكم بعدما ساءت أحوال الدولة العثمانية في كل جوانبها في عهد مراد الخامس الذي ضغط عليه مدحت باشا فأعلن الدستور، ومارس الوزراء استبدادهم واشتدت سياستهم التغريبية بقيادة جمعية العثمانين الجدد (التي كانت تضم النخبة المثقفة التي تأثرت بالغرب)، فعندما حانت للسلطان عبد الحميد الفرصة «ألغى الدستور وشرد زعماء التغريب، وعمل على إضعاف سلطانهم، وشرع في إصلاح الدولة وفق التعاليم الإسلامية وحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية. ... وظهرت فكرة الجامعة الإسلامية في معترك السياسة في زمن السلطان عبد الحميد الذي اهتم بهذه الفكرة من دعم أواصر الأخوة بين المسلمين في كل مكان حتى تستطيع الأمة أن تقف ضد الأطماع الصليبية.  وشرع السلطان عبد الحميد في تنفيذ مخططه للوصول إلى الجامعة الإسلامية بواسطة وسائل متعددة، منها: الاتصال بالدعاة، وتنظيم الطرق الصوفية، والعمل على تعريب الدولة، وإقامة مدرسة العشائر، وإقامة خط سكة حديد الحجاز، وإبطال مخططات الأعداء. وحاوَل السلطان عبد الحميد التضييق على (يهود الدونمة) عندما علم قوتَهم ومؤامراتهم ضد الإسلام، ولذلك قام يهود الدونمة بوضع خُطة إستراتيجيةٍ مضادة له؛ حيث تحركوا ضده على مستوى الرأي العام العثماني والجيش، وقاموا بدعم المحافل الماسونية للإطاحة به، واستخدموا شعارات (الحرية، والديمقراطية وإزاحة المستَبِدّ)، وعلى هذا الأساس قاموا بنشر الشقاق والتمرد في الدولة وبين صفوف الجيش، وكان يهود الدونمة يشكلون اللبنة الأولى لتنفيذ المخططات اليهودية العالمية التي تعمل على تحقيق المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. وكان السلطان عبد الحميد العائق القوي أمام مخططات حكماء صهيون فعملوا على ترغيبه بالمال فلم يستطيعوا وكان يتخذ التدابير اللازمة في سبيل عدم بيع الأراضي إلى اليهود في فلسطين ولم يعط اليهود أي امتياز من شأنه أن يؤدي إلى تغلب اليهود على أراضي فلسطين.
وتحركت الصهيونية العالمية، لتدعيم أعداء السلطان عبد الحميد، وهم المتمردون الأرمن، والقوميون البلقان، وحركة حزب الاتحاد والترقي، والوقوف مع كل حركة انفصالية عن الدولة العثمانية. (انظر إلى هذه النقاط في أهم النتائج التي توصَّل إليها صاحب كتاب: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، (ص580-581).
([31]) مصطفى كمال أتاتورك (بالتركية: Mustafa Kemal Atatürk) ولد في 19 مايو 1881م في مدينة سلانيك اليونانية وكانت تابعة للدولة العثمانية وقتئذ، وتوفي في 10 نوفمبر 1938م. أطلق عليه اسم الذئب الأغبر، واسم أتاتورك (أبو الأتراك). ومن النقاط المهمة في ترجمة: انتقاله من الجيش إلى الحكم: حيث تلقّى مصطفى كمال دراسة عسكرية وتولى مناصب مهمّة في الجيش العثماني، وشارك في الحروب، كما ساهم في الانقلاب ضد السلطان العثماني وحيد الدين محمد (محمد السادس سلطان عثماني) وعبد الحميد الثاني آخر خليفة عثماني، وأعلن في أنقرة قيام جمهورية تركية قومية على النمط الأوروبي الحديث. كما أنه لا تتم ترجمته إلا بذكر إلغائه الخلافة العثمانية (ضمن المخطط الذي رُسم له)، وذلك لما انتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيسًا شرعيًا للحكومة، فأرسل مبعوثه "عصمت باشا" إلى بريطانيا (1340 هـ = 1921م) لمفاوضة الإنجليز على استقلال تركيا. وفي منتصف أكتوبر أصبحت أنقرة عاصمة الدولة التركية الحديثة، وفي 29 أكتوبر أعلنت الجمهورية وانتخب مصطفى كمال باشا بالإجماع رئيسًا للجمهورية. ثم في 3 مارس1924م ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتَي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحوّل المدارس الدينية إلى مدَنية، وأعلن أنَّ تركيا دولة علمانية. وخلال الخمسة عشر عامًا التي أمضاها أتاتورك في الرئاسة أورَد نظامًا سياسيًّا وقضائيًّا جديدًا، مَحى الخلافة وأنْهاها وجعل كلاًّ من الحكومة والتعليم علمانيًا. وأكبر ما يُنتقد لسياسته هو: إلغاء القوانين الإسلامية في مجال الأحوال الشخصية وطرح القانون المدني التركي المستوحى من القانون السويسري.  فارق الحياة في قصر (الدولمابهتشة(Dolma Bahçe) في10 نوفمبر 1938 عن عمر يناهز 57 عاما بعد إصابته بمرض تشمع الكبد الذي نجم عن تناوله المفرط للخمر.   (قف على: ترجمته الموسعة السوداء في كتاب السلطان عبد الحميد الثاني وأثره في نشر الدعوة الإسلامية، ص63، ومبحث حكم الاتحاديين ونهاية الدولة العثمانية، من كتاب الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، (ص490-503).
([32]) انظر: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، (ص581).
([33]) الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، (ص499)، وانظر للمزيد مما قام به أتاتورك، 4 صفحات بعد ذلك.
وانظر أيضًا: فصل نتائج التحديات الخارجية والداخلية على العالم الإسلامي، حيث فصَّل د. جميل المصري في كتابه (حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة) في: النقطة الأولى: الابتعاد عن تطبيق الشريعة الإسلامية، في واقع: ص93-96، والنقطة الثانية: والتي هي: سقوط الخلافة العثمانية وتفكك الأمة الإسلامية، في واقع: ص96-123.
([34]) الخديوي إسماعيل (1245-1312هـ = 1830- 1895م) هو إسماعيل (باشا) بن إبراهيم بن محمد علي الكبير: خديوي مصر. ولد في القاهرة، وتعلم بها ثم في فرنسة. وولي مصر سنة 1279 هـ وهو أول من أطلق عليه لقب (الخديوية) من رجال أسرته. كان مولعًا بالهندسة والرسم والتخطيط في طفولته، ولما ولِي اتجه إلى تنظيم المدن وإنشائها. وفي أيامه نكبت مصر بإنشاء المحاكم المختلطة (سنة 1876م)، كان مسرفًا في الإنفاق على ملاذه وعلى مشروعاته؛ ولِي مصر وعليها من الدين ثلاثة ملايين جنيه. واعتزلها وعليها نحو مائة مليون جنيه. وأنشأ حكومة دستورية. عُزل سنة 1296هـ، وقضى بقية أيامه في أوربا وتركيا إلى أن توفي في الآستانة. ونُقلت جثمانه إلى القاهرة. (انظر ترجمته الكاملة في: الأعلام، تأليف: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي، ت: 1396هـ، ط15/2002م، نشر: دار العلم للملايين، ج1/ص308، وكتاب الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة، تأليف: علي بن بخيت الزهراني، ط2/1418هـ، دار طيبة، مكة، السعودية، ج1/ص190)
([35]) حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة، (ج1/ص94-95). وانظر أيضًا: رسالة العلمانية ومدارسها، لممدوح الحربي ضمن موسوعته في الفرق والمذاهب والأديان المعاصرة، (تحت عنوان: صور من الاتجاهات العلمانية في العالم العربي والإسلامي، ص78-89)، وفيه تكلم عن: دولة مصر، دولة تركيا، بلاد الشام، دولة الجزائر، دولة إيران، دولة أفغانستان، دولة ألبانيا، دولة تونس، دولة الصومال.
([36]) للتوسع انظر: فصل الآثار السيئة للمذاهب الفكرية، من كتاب المذاهب الفكرية المعاصر، د. غالب، (ج1/ص71-155. وكذلك فصل مظاهر العلمانية في بلاد المسلمين، وفصل آثار العلمانية في سلوك بعض المسلمين، ص718-750، من باب العلمانية في الكتاب).
([37]) انظر تفصيل ذلك في: العلمانية ومدارسها، لممدوح الحربي (ضمن موسوعة الفرق والمذاهب والأديان المعاصرة، له)، تحت عنوان: مجالات العلمانية، ص71-72، وعنوان نتائج العلمانية وثمارها الخبيثة في العالم العربي والإسلامي، ص90-92.
([38]) انظر: العلمانية وموقف الإسلام منها، لـ أ. د. حمود الرحيلي، ص71، ورسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، 586، وص592 –تحت عنوان: صنيع أتاتورك في قيام العلمانية، وإلغاء الخلافة- (ضمن رسائله).
([39]) قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير الآية: «وأخبر أنه أنزله ليحكم بين الناس. وفي الآية الأخرى: ﭥ ﭦ   ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ النحل: ٤٤. فيحتمل أنَّ هذه الآية في الحكم بين الناس في مسائل النزاع والاختلاف، وتلك في تبيين جَميع الدين وأصوله وفروعه، ويحتمل أنَّ الآيتين كلتيهما معناهما واحد، فيكون الحكم بين الناس هنا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأعراض والأموال وسائر الحقوق وفي العقائد وفي جميع مسائل الأحكام. وقوله: ﯮ       ﯯ ﯰﯱ أي: لا بهواك بل بما علَّمك الله وألهمك، ... وأنه يشترط في الحاكم العلم والعدل لقوله: ﯮ       ﯯ ﯰﯱ ولم يقل: بما رأيتَ. ورتب أيضا الحكم بين الناس على معرفة الكتاب. ولَما أمر الله بالحكم بين الناس المتضمن للعدل والقسط نهاه عن الجور والظلم الذي هو ضد العدل» (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ط1/1423هـ، الرسالة، بتحقيق: د. عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ص199-200).
([40]) لتقف على آيات مجموعة ترد على هذا الرجل قوله، راجع: الاتجاهات الفكرية المعاصرة، د. جمعة الخولي (تحت عنوان: آيات من القرآن الكريم تتعلق بالحكم، ص106).
([41]) ولتقف على أحاديث تنقض دعواه، راجع: الاتجاهات الفكرية المعاصرة، د. جمعة الخولي (تحت عنوان: نصوص من السنة تتعلق بالحكم، ص107-109)، ثم قف على بيان: للتطبيق العملي لنظم الإسلام في الحكم والسياسة في عهد النبي r، ص109-111 .
([42]) انظر هذا وغيره في رسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، تحت عنوان: نظرة في كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ علي عبد الرزاق، (594-608، ضمن رسائله في الأديان والفرق والمذاهب).
([43]) رسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، (ص597-598).
([44]) قف على أسماء المؤلفات في الرد عليه وكذلك أسماء المشايخ الرادين في: المصدر نفسه، (ص598-599).
([45]) انظر: رسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، 586، (ضمن رسائله).
([46]) انظر: المصدر نفسه، 586.
([47]) العلمانية وموقف الإسلام منها، لـ أ. د. حمود الرحيلي، ص72.
([48]) انظر: رسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، 586، (ضمن رسائله).
([49]) المذاهب الفكرية المعاصر، د. غالب، (ج2/ص749-750).
([50]) العلمانية وموقف الإسلام منها، لـ أ. د. حمود الرحيلي، ص72.
([51]) المصدر نفسه، ص72.
([52]) المصدر نفسه، ص76.
([53]) العلمانية وموقف الإسلام منها، ص77.
([54]) المصدر نفسه، ص78.
([55]) رسالة العلمانية، د. محمد إبراهيم الحمد، 586، (ضمن رسائله).

No comments:

Post a Comment

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان)

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان) Na Shehun Malami Abdul’aziz dan Abdullahi bn Baaz Allah ya yi masa rahama...