العواصِم الشّرعيّة مِن قواصِم الأمّة الْمُحمديّة
أو
... فما الْمَخْرَج؟!
( محاضرة نظّمتْها جَمعية الدعوة التي
بكلية أحمد الرّفاعي
للدراسات القانونية والإسلامية، بِميسو، في نيجيريا
ضمن
سلسلة محاضراتِها الشهرية، برئاسة الشيخ عبد الله موسى
سَمبُو،
وأُلقِي أكثرُها
بين المغرب والعشاء في مسجد سكن الموظفين،
بتاريخ: 6/شعبان/1433هـ الموافق:
26/6/2012م ).
أعدّها
وقدّمها
أبو بكر حمزة
(966503394685+)abusafiyya01@yahoo.co.uk
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، وعلى آلــه وصحبه ومَن وَالاه، وبَعدُ:
فمِن المعلوم أنّ الله تبارك وتعالى بنَى
جميعَ الشرائع التي جاءتْ بِها الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام على حِفظ ضَرورياتٍ
للناس، سَمّاها العلماء بـــ(ــالضروريات الخمس)، ألا وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل،
والمال، والعِرْض مع النّسل، فحُفظ المقصدُ الأعظم الأول بالأمر بالإيمان،
وبالتوحيد والنهي عن الشرك، حتى يكون الدين كلّه لله، كما حُفِظ بالأمر بالاتباع
والنهي عن الابتداع، وحُفظت النفوس من إزْهاقها بغير حق، ومِن الجناية عليها،
والأموال مِن أخذها بغير حقها، مِن مثل السرقة وقطع الطريق والرّبا والرّشوة وغيرها،
ومن إضاعتها، إلى غير ذلك.
ثم إنّ الأمة الإسلامية
–وخصوصًا- في الآونة الأخيرة بسبب بُعدِها عن دينِها وعقيدتِها؛ تعلُّمًا وعملا،
وبِمَكر الأمم الكافرة التي كادوا ويكيدون لَها([1]): ابتلاها الله تعالى ببلايا عظيمةٍ في كلّ جوانب حياتِهم، حتى أتَتْ على
الضروريات السابقة المأمور بحفظها بالنقض والنقص، فمنها -وفي الجانب الديني-: ابتُلِيَتْ
بالجهل الْمُطْبِق فيه عند أغلبِهم، وبتفرق كلمتهم، وعدم أو ضعف تطبيق شريعة الله
فيهم. وبالمشاكل الأمنية؛ بزوال الاستقرار والطمأنينة والأمن عنهم، وكثرة القتل
والقلاقل والفتن، وشدة الرُّعب والخوف فيهم. وكذلك بنَزْع بركات السماء والأرض
عنهم، وكثرة الجدب والزلال والفياضانات، وبالفقر الْمُدْقِع المؤدّي إلى أنواع من
الجرائم، إلى غير ذلك مما ابتُليَت الأمةُ الْمحمدية في العالم عامة، وفي نيجيريا
وبالأخص شِمالها في الأيام الأخيرة.
قال
الشيخ العلامة السعدي –رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ الأنعام: ٦٥ قال: « .. أي: في الفتنة، وقتل بعضكم بعضًا. فهو قادر على ذلك كله، فاحذروا من الإقامة
على معاصيه، فيصيبكم من العذاب ما يُتلفكم ويَمحقُكم، –إلى أنْ قال:- ولكن عاقب مَن عاقب منهم، بأن أذاق بعضَهم بأسَ بعضٍ، وسلّط بعضُهم على بعض، عقوبة عاجلة يراها المعتبرون،
ويشعر بها العالِمون»
([2]).
هذا،
وقد كانت محاضرة الأخ في الله شعيب الجسوي في الشهر الماضي (شهر 5/2012م) عن:
المشاكل التي أحدقَت بالمسلمين في العصر الحاضر في الجانب الديني والمعيشي، والأمنِي
والاقتصادي والاجتماعي، والتعليمي والدعوي وغيرها، وقد تناول فيها ذِكرَ المشاكل
بالتفصيل. ثم جاءت هذه المحاضرة لِتَكْشف
عن الجانب العلاجي، لِما أنّ الدين الإسلامي –وهو الدين الصحيح- يَحُلُّ جَميعَ الْمشاكل.
وعَنْوَنْتُها بــ: ـالعواصم الإسلامية مِن قواصم الأمة المحمدية.
وقد
قيّدتُ هذه (العواصم) بكونِها إسلامية؛ لأنّها هي المضمونُ نفعُها، ما
طُبِّقَت على وَجْهها. ومُفردُها: العاصم، وهو الذي يَحفظ ويَمنع من المكروه.
وأما
القواصم فهي التي تَكسِر الظهر، وللأَثَر السّلْبِيّ الشديد سُمّيت
المصيبة: قاصمة الظهر. وقريبًا منه قوله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭼ الأنبياء: ١١.
ومقصودي
بالعنوان: أنّ تلك البلايا التي أصابَت الأمةَ المحمديةَ كادَت أنْ تقصِم ظَهرها
وتُبيدها، بحيث تُوجد الأمةُ بلا روحٍ إسلاميٍّ، ما لَم تَستفِدْ بالعواصم
الشرعيّة القادمة.
وهنا
ذِكرُ العواصم، فأقول –مستعينًا بالله:
العاصم
الأول والثاني والثالث: الإيمان بالله سبحانه، وعبادته وحده، وتَقواه،
وهذه العواصِمُ الثلاثُ هي كُبرى العواصم، وأدلتُها في الكتاب والسنة كثيرةٌ،
ويدخل كثيرٌ مما يَعقُبُها فيها. ومِن أدلتها: قوله سبحانه مُبيِّنًا أنّ الأمن
التام مع الإيمان الكامل، بعد حكاية قول إبراهيم u لقومه: ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ * ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ الأنعام: ٨١ – ٨٢. والظلم في الآية كالظلم في آية
سورة لقمان، وهو الشرك. وقال أيضًا: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ الأعراف: ٩٦.
ففي
الآية الأولى الإيمان التام، وفي الثانية الإيمان والتقوى. ومعلوم أنّ ضد الإيمان
هو الكفر، وقد أذاق الله قرية لباس الخوف والجوع بسببه: ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ النحل: ١١٢. كما أنه سبحانه عاقَب أصحابَ السّبأ بنقص
الثمرات وفسادها بسبب إعراضهم عنه وكُفرهم: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ * ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ * ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ سبأ: ١٥ - ١٧ . بل كُلّ أنواع العذاب إذا نزل فإنه لا يُنجّي
الله إلا المؤمنين المتقين، فلقد دمّر الله ثمود بصاعقة العذاب الهون وقال: ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ النمل: ٥٣ كما قال: ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﭼ فصلت: ١٨ .
ثم
إنّ الله تعالى جعَل الإيمانَ والأعمال الصالحة، وكذلك عبادتُه سبحانه وعدم إشراكه
أحدًا سببَ تمكين الدين للمؤمنين، والاستخلافِ في الأرض، وتبديلِ الخوف أمنًا،
فقال: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ النور: ٥٥.
وقال:
ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ * ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ قريش: ٣ – ٤.
والتقوى
هو السبب الوحيد لإزالة الجهل المطبِق في هذه الأمة، قال تعالى: ﭽ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼﯽ ﭼ البقرة: ٢٨٢ ، وقال: ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ الأنفال: ٢٩ تُفرِّقُّون به بين الحق والباطل، وهو
العلم، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله-: «الفرقان: وهو العلم والهدى الذي
يُفرِّقُ به صاحبُه بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة
من أهل الشقاوة » ([3]).
وقال
العلامة ابن القيم –رحمه الله- قبله ذاكرًا من آثار المعاصي: « منها: حرمان العلم، فإنّ العلم
نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك. ...» ([4]).
ودليل
التقوى والتوكل أيضا على أنهما عاصمٌ قوله: ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ * ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ الطلاق: ٢ – ٣ .
قال
العلامة ابن القيم –رحمه الله- في معرض ذكر آثار المعاصي: « ومنها: حرمان الرزق، ... وكما
أنّ تقوى الله مَجلبةٌ للرزق، فتركُ التقوى مجلبة للفقر، فما استُجلب رزقُ الله بِمثل
ترك المعاصي» ([5]).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
–رحمه الله- وهو يذكر طريق التخلص من الرّبا في المصارف والبنوك، ناقلا: «ولا رَيبَ أنّ مَن أناب إلى
الله، وصدَق العزيمة معه فسوف يجعل الله له فرجًا ومَخرجًا، ويرزقه من حيث لا يَحتسب،
ويُيسّر له أمره» ([6])، ثم استدل بالآيات.
وتُعرّف تقوى المولى
سبحانه شَرعًا بأنّها: العمل بطاعة الله على نور من الله رَجاءَ ثَوابِ الله، وتركُ
معاصيه مخافةَ عقابه. وهذا معنى الدين كله. والتعريف به يكون إذا انفردت التقوى
عن: البّر. كما عُرّفَت اللفظة: بأنْ تجعلَ بينك وبين عقاب الله وقايةً؛ بفعل
الأوامر وترك النواهي.
فـالآيات
الكريمات المتقدمة فيها ذكرُ (إيمان أهل القرى) الشامل للإيمان بالله وبجميع ما
أمَر اللهُ تعالى أنْ يُؤمَن به؛ مِن الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم
الآخر والقدر خيره وشره، كما أنّ فيها ذكرَ (التقوى) التي هي امتثال الأوامر
واجتناب النواهي الشرعية، وكذلك فيها اشتراط (الأعمال الصالحات) التي مِن شَرْطها
أنْ تكون لله وموافقةً لِهدي رسولِ الله r، مع بيان أنّ ذلك لو حصَل من أهل القرى كان علامةً
لِهدايتهم، ومتعلقَ وعدِ الله –الذي لا يُخلف- بتمكين الدين المرضي لهم؛ (الدين
الإسلامي)، وسببَ استخلافهم في الأرض كما استخلف الذين مِن قبلهم، وفتحِ بركات
السماء والأرض لَهم، وحصولِ الأمن التّام بل وتبديل الخوف أمنًا، والإطعامِ من
جوع، والْمَخْرَج الحقيقيُّ مما كانت الأمةُ المحمديةُ فيه من اضطراب الأحوال. كما
أنّ ذلك سبب رزقِ العبد من حيث لا يحتسب، وتيسير أموره، وتكفير سيئاته، وتعظيم
أجره. وأنّ كُلّ هذه وغيرها تَحصُل لأهل القرى لو عبدوا الله العبادة المخلصَةَ،
ولِهذا قال: ﭽ.. ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﭼ النور: ٥٥. كما أنّ عكس ما تقدم مِن: تكذيب الله، والإشراك به
وبقية المعاصي التي جاء ذكرها في الآيات: رأسُ الضلال، وسببٌ لأخذ الله، وحرمان
العلم والرزق، ونقص البركات، وإصابة الجوع، وحلول الفزع وأنواع المخاوف التي أصيبت
الأمة بها. أجارَنا الله تعالى منها.
ومما
يؤكّد كون (الأعمال الصالحات مع الإيمان) سبَبًا لحصول حياة طيّبة في الدنيا قبل
الآخرة([7]) قوله تعالى: ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ النحل: ٩٧ والحياة الطيبة -كما قال الحافظ
ابن كثير-: « تشمَلُ وُجوهَ الرّاحة مِن أيِّ
جِهَةٍ كانَت » ([8]). ثم ذكر الشواهد لذلك مِن تفسير السلف.
العاصم
الرابع: وهو داخلٌ في التقوى الْمتقدمِ: إقامةُ الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الأخيرُ سِرُّ إقامة الدّوَل وتَمَكُّنِها وسبَبُ
بَقائِها، كما أنّ البلاء إذا نزَل على الْمجرمين لا يُنَجّي الله إلا الذين
يَنهَون عن السُّوء، قال تعالى: ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ الحج: ٤١ وقال: ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ الأعراف: ١٦٥.
الخامس:
اجتنابُ الكفر والفسوق والعصيان: قال تعالى: ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ الأنعام: ١٢٠، والمراد بالإثم جميع المعاصي
المتعلقة بحقوق الله وحقوق عباده، والمتعلقة بالبدن والجوارح والمتعلقة بالقلب.
وفي آخر الآية: « أخبَر تعالى، أن الذين يكسبون الإثم
الظاهر والباطن، سيجزون على حسب كسْبهم، وعلى قدر ذنوبِهم، قلَّت أو كثُرت، وهذا الجزاء
يكون في الآخرة، وقد يكون في الدنيا، يعاقب العبد، فيخفف عنه بذلك مِن سيئاته »
([9]).
أما حال المسلمين اليوم فالقاعدة فيه أنه كما أنّ
ﭽ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ الأنفال: ٥٣ في جانب النِّعَم، كذلك فإنه
سبحانه ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﭼ الرعد: ١١ في كُلِّ الجوانب، عامّة.
وعليه،
فإذا أرادَت الأمةُ المحمدية تَغييرَ ما فيها من المأساة، فلتُغيِّرْ ما بِها من
الكفر والعصيان.
السادس:
عدم الأمن من مكر الله: ومن أدلة هذا العاصم آيات سورة الأعراف (رقم:97-99)،
ومنها: قوله سبحانه: ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ النحل: ٤٥ – ٤٧ . فالعبد –ولو بلَغَت به الحال من الإيْمان ما بلغت- فإنه لا يجوز له أنْ
يكون آمنًا، بل عليه أنْ يكون وَجِلا مِن أنْ يُبتلَى بِبَليّة تَسلُبُ ما معه من
الإيْمان، فكيف بالذين يَمكرون السيّئات؟ قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه
الله- في تفسير الآيات: « هذا تخويفٌ مِن الله تعالى لأهل
الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي، مِن أن يأخذهم بالعذاب على غِرَّة وهم لا يشعرون، إما
أن يأخذهم العذاب من فوقهم، أو من أسفل منهم بالخسف وغيره، وإما في حال تقلُّبِهم وشُغُلهم
وعدم خُطُور العذاب ببَالِهم، وإما في حال تَخوّفهم من العذاب، فليسوا بِمعجزين لله
في حالةٍ من هذه الأحوال، بل هم تحت قبضته ونواصيهم بيده. ولكنه رءوفٌ رحيمٌ لا يُعاجل العاصين بالعقوبة، بل يُمهلهم ويعافيهم ويرزقُهم
وهم يُؤذُونه ويؤذون أولياءَه، ومع هذا يَفتح لَهم أبواب التوبة، ويدعوهم إلى الإقلاع
من السيئات التي تضرُّهم، ويَعِدُهم بذلك أفضلَ الكرامات، ومغفرةَ ما صدَر منهم مِن
الذنوب، فليستحِ الْمُجرِم مِن ربّه أن تكون نِعَم الله عليه نازلةٌ في جميع اللحظات،
ومعاصيه صاعدة إلى ربّه في كل الأوقات، ولْيَعلم أن الله يُمهِل ولا يُهمِل، وأنّه
إذا أخَذ العاصي أخذه أخذَ عزيزٍ مقتدر، فليتُب إليه، وليَرجع في جميع أموره إليه،
فإنه رءوفٌ رحيمٌ. فالبدارَ البدارَ إلى رحمته الواسعة وبِرّه العميم، وسلوك الطرق
الْمُوصِلة إلى فضل الرَّبّ الرحيم، ألا وهي تقواه والعمل بما يُحبّه ويَرضاه » ([10]).
السابع:
التوبة والاستغفار: وهما سبَبَان لِحصول الْمُتعة والرّزق، وإرسال خيرَي
السماء والأرض، وزيادة القوة إلى القوة، قال تعالى: ﭽ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ هود: ٣ . وقال هودٌ u لقومه: ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ هود: ٥٢، وذَكّر نوحٌ u قومَه بالاستغفار وذكَر مِن آثاره وما يترتب عليه: ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ نوح: ١٠ - ١٢ .
«أي: إذا تُبتُم إلى الله واستغفرتُموه وأطعتموه، كثَّرَ الرزقَ عليكم، وأسقاكم
مِن بَرَكات السماء، وأنْبَتَ لكم مِن بركات الأرض، وأنبَت لكم الزرعَ، وَأَدَرَّ لكم
الضرعَ، وأمَدّكم بأموال وبَنِين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جناتٍ فيها
أنواع الثمار، وخَلّلَها بالأنْهار الجارية بينها» ([11]).
قال د. سعد بن محمد السعد في آخر مقالة له
بعنوان: مستقبلك هناك: « وإذا أردت السعادة في
الدنيا، وأن تكون ذا مال وفير وجاه عريض، وولد كثير، فماذا عليك أن تفعل؟ استغفر
الله، تب إلى الله، عُد إلى الله »([12])، فذكر آيات سورة نوح الأخيرة.
وقد
كان هذا العنصُرُ (التوبة والاستغفار) عاصمًا بسبب أنه ما نزَل بلاءٌ (سواء كان في
النفس أو المال أو الأرض) إلا بذنب، ولا نُزع إلا بتوبة صادقة.
ويدُلّ
على أنّ كُلّ بلايا الخلق سببُها ما كسَبَتْها الأيدي قوله جلا في علاه: ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ الروم: ٤١ . وقوله: ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ * ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﭼ الشورى: ٣٠ – ٣١ . فالله تعالى يَعفُو، ويُمْهِل
ولا يُهْمِل؛ لِهذا قال: ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ النحل: ٦١، وقال: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ فاطر: ٤٥ .
الثامن: الأَوْبَة إلى الله تعالى، والرَّجعَة
إلى دِينه (كتابًا وسُنّةً، تعلُّمًا وتفهُّمًا وعملا، عقيدةً وعبادةً): ودليل هذه
العاصمة آخر آية الروم السابقة، وكذلك حديث: " إِذَا تَبَايَعْتُمْ
بِالْعِينَةِ([13])، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ
الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ
عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ " ([14]).
قال د. سعد بن محمد السعد في آخر مقالة له بعنوان: "عدوّنا الدائم"
بعدما شخَّص مشاكلَ مسلِمِي اليوم، وأنّ مرجع الخلل في المقام الأول راجعٌ إلى
حياة كثير من المسلمين وفي واقعهم من الخلل في التديّن وفي الفكر وفي السلوك، ... وفي
المقام الثاني –وهو مهمٌّ- فإلى ما سجّله حكماء صهيون في بروتكولاتهم من خطط خبيثة
ماكرة لإفساد العالم بأخسّ الوسائل، تَمهيدًا للسيطرة عليه، وحققوها، أو إلى سبيل
التحقق. ذاكرًا أهمّ العلاج الذي صاغه بـ: مزيد من الوعي: « لستُ –علِم الله- متشائمًا ولا أحبّ التشاؤم، ولكنني أعتقد أننا –نحن
المسلمين- قبل هذا كله وبعد هذا كله بحاجة إلى شيء واحدٍ، ألا وهو "الوعي،
بل مزيد من الوعي ". المزيد من الوعي بديننا .. المزيد من الوعي
بعدونا المشترك، المزيد من الوعي بحضارة هذا العصر المادية إلى جانب حضارة ديننا
الروحية العملية، والمزيد من الوعي بما كنا عليه –نحن المسلمين- وما نحن عليه الآن
وما يجب أن نكون عليه، وصدق الله القائل: ﭽ... ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ» ([15]).
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله-
معلِّقًا على كلامٍ للحافظ ابن حجر –رحمهما الله-: « ... قد تغلَّبَت اليهود والشيوعيون والمنافقون
على كثيرٍ من البلاد الإسلامية. فالله تعالى هو المسئول أن يُوفِّق المسلمين أن يأتَمروا
بأمره في كل ما شرَع لهم، وأن يُلهِم الحكامَ منهم أن يتّحِدُوا في دولةٍ واحدةٍ تَحكُم
بشريعته، حتى يُعزّهم الله في الدنيا، ويُسعدَهم في الآخرة، وإلا فالأمر كما قال تعالى:
ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ ، وتفسيرها في الحديث الصحيح:
" إِذَا
تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ .. -فذكره إلى آخره، ثم قال:- فإلى دينكم أيها المسلمون حُكّامًا ومحكومين » ([16]).
وللمعرِضين عن القرآن تلاوة وعملا: الضيّقة من المعيشة والشقاء، عامة في
دار الدنيا والبرزخ قبل الدار الآخرة، قال تعالى:ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ طه: ١٢٤.
وفي الأثر المروي عن علي ما يشهد على أنّ العودة إلى القرآن هو المخرج
الحقيقي عن الفتن: فعَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ t، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ. قَالَ: قُلْتُ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: كِتَابُ
اللهِ؛ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ،
هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ يَرُدَّهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ،
وَمَن ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ،
وَهو الذَّكَرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، الَّذِي لاَ تَزِيغُ
بِهِ الأَهْوَاءُ، ولا تلتبس به الألسنة، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ
يَخْلقُ عَنْ كثرة الرَّدٍّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، َهُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ
الْجِنُّ إذْ سَمِعَتْهُ حتى قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يهدي
إلى الرشد فآمنا به. مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ
بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دعا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ([17]).
التاسع: الرجوع إلى أولى الأمر من
العلماء في فهم الدين، وخاصة في الأمور المصيرية للأمة وفي مسائل الأمن والخوف
والجهاد. وهذا الرجوع هو الطريق الوحيد للتخلص من سوء الفهم للدين الذي ابتلِي به
جميعُ الفِرَق المنتسبة إلى الإسلام وكثيرٌ من آحادهم، في تاريخ الإسلام الطويل،
وجَرّ لَها الكثيرَ من الوَيلات، قال تعالى: ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ النساء:
٨٣ .
قال
الشيخ السعدي –رحمه الله-: «ينبغي لَهم إذا جاءهم أمرٌ من الأمور
المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ
عليهم أن يتثبَّتُوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبَر، بل يَرُدّونه إلى الرسول وإلى
أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفُون الأمور
ويعرفون المصالح وضدّها. فإن رأَوا في إذاعته مصلحةً ونشاطًا للمؤمنين وسرورًا لَهم
وتَحرُّزًا من أعدائهم فعَلوا ذلك، وإنْ رأَوا أنّه ليس فيه مصلحةٌ أو فيه مصلحة ولكن
مضرَّتَه تَزِيد على مصلحته، لم يُذيعُوه، ولِهذا قال: ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﭼ أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة
وعُلُومهم الرّشيدة » ([18]).
العاشر:
توطينُ النفوس على المصائب والبلايا المختلفة؛ -في الدِّين والأُمّة،
والنفس، والمال- قبل وقوعها لتسهُلَ وتَخِفَّ إذا وقعَتْ، مع قول: (إنّا لله وإنّا
إليه راجعون) كُلّما وقعَتْ آحادُها، ثم تَحمُّلُها والصبر عليها، وعلى شَماتة
الأعداء ومَكرِهم وأذِيّتِهم: قال تعالى ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼ آل عمران: ١٢٠. وقال: ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ آل عمران: ١٨٦.
والصبر
نصف الدين، والآخَرُ الشّكر، وهو الذي أمَرَ به الله في الْمِحَن، وبالشُّكر مع
الْمِنَح.
وذكرُ الصبر في الآيتَين جاء
مقرونًا بالتقوى. وسُنّةُ الله في ابتلاء عِباده سبحانه بِمَا شاء -كما في قوله: ﭽ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ البقرة: ١٥٥ – ١٥٧ -: كما تكون في هذه الخمس المذكورة في الآية فإنّها
تكون بين الأمة المحمدية والكافرة بطوائفها بقانون المدافعة الذي جاء في قوله
سبحانه: ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ الحج: ٤٠ بِحيث يتغلّب الكفارُ على المسلمين يومًا، وتكون بِما دون الغَلَبَة مِن
الكيد لَها، وهوانِها على القوم الكافرين حينًا آخر، والعاصم في تلكم الأحوال كُلّها
هو: الصبر والتقوى. وقد دلّ على أنّ الأمة المسلمة في آخِر الزمان تَهُون على
الأمم الكافرة بل ويدعو بعضهم بعضًا لكسر شوكتها وقتالها، ومن ثَمّ سلب ممتلكاتها،
مثلما يحصل في يومنا:ما جاء في حديث ثَوْبَانَ t، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r: " يُوشِكُ
الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا
فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ
كَثِيرٌ؛ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ
صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ
الْوَهْنَ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ
الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ "([19]).
فلفظة (الأُمَم) في
الحديث يعني به: فِرَق الْكُفْر وَأُمَم الضَّلالَة. وقوله: (أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ)
أي: بِأَنْ يَدْعُو بَعْضهمْ بَعْضًا لِمُقَاتَلَتِكُمْ وَكَسْر شَوْكَتكُمْ وَسَلْب
مَا مَلَكْتُمُوهُ مِنْ الدِّيَار وَالأَمْوَال. (كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَة): الْمَعْنَى
كَمَا يَدْعُو أَكَلَة الطَّعَام بَعْضهمْ بَعْضًا. وقوله: (إِلَى قَصْعَتهَا) أَيْ:
الَّتِي يَتَنَاوَلُونَ مِنْهَا بِلا مَانِع وَلا مُنَازِع، فَيَأْكُلُونَهَا عَفْوًا
وَصَفْوًا، كَذَلِكَ يَأْخُذُونَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ بِلا تَعَب يَنَالهُمْ، أَوْ
ضَرَر يَلْحَقهُمْ، أَوْ بَأْس يَمْنَعهُمْ. قَالَ فِي الْمَجْمَع جامعًا لِمعنى
الحديث: أَيْ يَقْرُب أَنَّ فِرَق الْكُفْر وَأُمَم الضَّلالَة أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ
أَيْ يَدْعُو بَعْضهمْ بَعْضًا إِلَى الاجْتِمَاع لِقِتَالِكُمْ وَكَسْر شَوْكَتكُمْ
لِيَغْلِبُوا عَلَى مَا مَلَكْتُمُوهَا مِنْ الدِّيَار، كَمَا أَنَّ الْفِئَة الآكِلَة
يَتَدَاعَى بَعْضهمْ بَعْضًا إِلَى قَصْعَتهمْ الَّتِي يَتَنَاوَلُونَهَا مِنْ غَيْر
مَانِع، فَيَأْكُلُونَهَا صَفْوًا مِنْ غَيْر تَعَب. والأمة التي تنتسب إلى
الإسلام اليوم نحو مليار ونصف مليار نسمة
إلا أنّ واقعهم المرير، وما كانوا فيه من الوهن والهوان يشْهد بالتصديق لِمخبَر هذا الحديث.والله المستعان! ومعنى
قوله:(وَلَكِنَّكُمْ غُثَّاء كَغُثَّاء السَّيْل): أي مَا يَحْمِلهُ السَّيْل مِنْ
زَبَد وَوَسَخ، شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتهمْ وَدَنَاءَة قَدْرهمْ.
وقوله:(حُبّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَة الْمَوْت) هُمَا مُتَلازِمَانِ؛ فَكَأَنَّهُمَا
شَيْء وَاحِد، يَدْعُوهُمْ إِلَى إِعْطَاء الدَّنِيَّة فِي الدِّين مِنْ الْعَدُوّ
الْمُبِين. واللَّهَ نَسْأَل الْعَافِيَة ([20]).
الحادي
عشر والثاني عشر، وهما من العواصم الكبيرة: اجتماعُ وتوحُّدُ كلمةِ
المسلمين على الاعتصام بالله وبِحبله، وعدم التفرق، ثم مناصحة مَن ولاه الله
أمورهم: ودليل ذلك ودليلُ عبادة الله
وحده وعدم الإشراك به شيئًا: ما جاء في صحيح مسلم من قوله r: " إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا،
وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا؛ فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا
بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ
تنَاصحُوا مَنْ وَلاهُ اللَّهُ أَمْرَكُم "([21]).
لِهذا
لَمّا ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- الْمسائلَ الثلاثةَ الأولى من الْمسائلِ
الكثيرة التي خالَف فيها رسولُ الله r أهلَ الجاهلية وختَمَها بالحديث السابق، قال: «وهذه الثلاث هي التي جَمَع
بينها فيما صَحّ عنه r في الصحيحين ... –فذكر الحديث ثم قال-: ولم يقَعْ
خَلَلٌ في دين الناس ودُنياهم إلا بسبب الإخلال بِهذه الثلاث أو بعضِه» ([22]).
ومِما
يَدُلّ أيضًا على أنّ اجتماع المسلمين على الدين وعدمَ التفرق عاصمٌ: ما جاء في
سياق قوله سبحانه: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ * إلى
قوله: ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ * وقوله: ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ آل عمران: ١٠١ - ١٠٥
وفُسّر (الاعتصامُ بِحبل الله)
بعدة تفسيرات سَلَفيّة يَجْمعُها القول بــــــ..التمسك بالدين، والذي رأسه: الأخذ
بالقرآن، ومنه: لُزوم جماعة المسلمين.
قال د. سعد بن محمد السعد في آخر مقالة له
بعنوان: لِماذا الإسلام؟! مشيرًا إلى هذا العاصم: « .. بل إنّ السبب قبل هذا
كله، وبعد هذا كله، هو: ابتعاد كثير من المسلمين –أفرادًا وجماعات- عن الإسلام
الحقيقي وتعاليمه الجوهرية. وما لم يُغيّر المسلمون مسيرتهم ونهجهم بتبديل ما
يحيطهم من تخاذل وإحباط، فيصححوا مواقفهم، ويتكاتفوا فيما بينهم، وتتوحد صفوفهم
كما فعل أعداؤهم، فسوف يظلون مُهمَّشين في مؤخرة الأمم. والله تبارك وتعالى
قيّد معونه لأيّ قومٍ بتغيير ما بأنفسهم، وتبديل ما هم عليه من حال، فقال عَزّ من
قائل: ﭽ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ »([23]).
الثالثَ عشَر: تطبيقُ شريعةِ الله على عِباده،
قال تعالى: ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ المائدة:
٦٦ ، « أي: لأدَرّ الله عليهم الرزق، ولأمطر
عليهم السماء، وأنبَتَ لَهم الأرض كما قال تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭼ » ([24]). وقال أيضًا: ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ الجن:
١٦، « أي: هنيئًا مريئًا، ولَم يَمنعْهم ذلك إلا ظُلمُهم وعُدوانُهم » ([25]).
وكلّ
النصوص الشرعية، لَتدلّ على أنّ العمل بشريعة الله على وجه الأرض هو الْمُحَصّل
للمصالِح عند فُقدانِها، والْمُنَمِّي لَها، كما أنه (العمل بذلك) يُعدِم ويُقلّل
المشاكلَ، فقَتْلُ القاتِلِ –مثلا- أنْفَى للقَتْل.
وعند ابن ماجه بسنده إلى ابْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله
عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r، فَقَالَ:
"يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ
بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى
يُعْلِنُوا بِهَا، إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ
مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ،
إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ،
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ،
وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ
رَسُولِهِ، إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا
بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ،
وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ"([26]).
قال د. سعد بن محمد السعد في آخر مقالة له
بعنوان: لِماذا الإسلام؟! ناقلا ومبيّنًا سفينة نجاة الأمة المحمدية: « إنّ مسيرتها –الأمة
الإسلامية- مرتبطة بمدى تطبيقها لمنهج الله، فإذا التزمت بدينها قولا وعملا ارتفع
شأنها، وصار لها دورٌ بارزٌ، ومكانة متميّزة بين الأمم التي تعيشها في العصر الذي
تحياه. وإنْ اجتاحها الرفاهيةُ، وامتدّ إلى كيانها الوهن، واستكانت إلى الكسل في
العمل، والتقصير في أداء الواجبات: فإنها تعود –بذلك- إلى الوراء، فتُصاب بنكسة الإحباط،
ومحنة التخلف، وتصبح تابعة غير متبوعة، ومتأخرة في موكب التقدم»([27]).
الرابعَ
عشَر: العمل الجادّ الدؤوبُ، الْمُخطَّطُ له، لإنقاذ هذه الأمة من الفتَن الحوالك
والأوضاع الدنيئة، كلٌّ بِحسبه: ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﭼ العنكبوت: ٦٩ ، وفي كُلّ الجوانب، ففي الجانب
التعليمي -لإزالة الجهل الْمُطبِق في الأمة-: بإعداد خُطَط وبرامِج تَعلِيم كُلّ
المسلمين "ما لا يَسَعُ مُسلمًا جهلُه مِن فِقه دينه" والعمل بِها،
وبتعليمهم كُلّ علمٍ ينفعهم في بناء دُنياهم. وفي الجانب الإصلاحي: بالقيام بالأعمال
الإصلاحية لتغيير المنكرات، بالحكمة التي جاءت الشريعة بِها، لا بالفوضى. وفي
الجانب الاقتصادي: بالعمل بالنُظُم الإسلامية الصالحة والكفيلة بالإصلاح، ومِن
ثَمّ وضع برامجَ لإزالة الفقر الْمُدقِع الْمؤدِّي إلى أنواع مِن الجرائم، ومِن
ثَمّ تخفيف حِدّته، في المجتمعات الإسلامية كافة. وهكذا في كُلّ جانب.
قال د. سعد بن محمد السعد في آخر مقالة له
بعنوان: لِماذا الإسلام؟! بعد ما بيّن أنّ أعداء المسلمين من الصهاينة اليهود
وغيرهم من أمم الأرض طمع في المسلمين -على كثرتهم الكاثرة (نحو مليار ونصف المليار
نسمة)- الضعيفُ قبل القويّ، ذاكرًا السبب: «والسبب في اعتقادي هو افتقار المسلمين إلى النظام، مع أنهم أمة النظام،
وافتقارهم إلى التعاون فيما بينهم، وقد أُمروا بذلك»([28]).
الخامسَ
عشَر: الإلحاح في دعاء الله بأنْ يُزيل عن الأُمةِ المحمديةِ المكروهَ (والدعاء
ينفع فيما نزَل وما لَم يَنْزِل)، والله لا يعبأ بنا لولا دعاؤه وعبادتنا إيّاه ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ [الفرقان: ٧٧].
فندعو
الله تعالى بأنْ يُعلِي كلمة المسلمين ويُعزّهم، ويردَّهم إليه رَدًّا جميلا
ويُوحِّد صَفّهم على التوحيد والسّنة، وأنْ لا يَجعَل بأسَهم بينهم، وأنْ يُفقّههم
في دينِه؛ فيُعلّم جاهلهم، ويَهدِي ضالَّهم، وأَنْ يُوفِّق قادتَهم –أجمعين- إلى
تَحكيم شَرْعِه سبحانه، كما نسألُه أنْ لا يُشمت بِهذه الأمة أعداءَها، ويَرُدّ
كيد الكائدين ومكر الماكرين من الكافرين والمنافقين عليهم، ويجعل تدميرهم في
تدبيرهم، ويُدير دائرة السوء عليهم إلى يوم الدين. آمين!
السادسَ
عشَر: إعداد المستطاع من القوة، لقوله تعالى: ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ الأنفال: ٦٠ .
السابعَ
عشَر: وللقضاء على مشكلة الفقر الْمُدقِع المؤدّي إلى عددٍ من الجرائم، في العالم
الإسلامي الكثير خيرُه، فإنه يجب: إيْجادُ فُرَص العمل، والصناعات، وخاصة للشباب.
ما تقدم هي أهمُّ العواصمِ الشرعية
التي تعصِم أُمةَ محمدٍ r -بإذن الله تعالى- وتَحفظُهم وتَقِيهم مِن الوقوع في مضلات الفتَن، ما
ظهَر منها وما بطَن، كما أنّها هي التي تُنقذُهم منها –بإذنه سبحانه- وتُخفّف لَهم
وطْأَتَها. وهي في الحقيقة أكثر من هذا العدد؛ فمَن تأمل القرآن والسنة وقَف على المزيد.
وهي كلّها تُؤكّد الذي ثبتَ عن الرسول r مِن أنّ الله لم يجعَل داءً إلا وخلَق له دواءً،
علِمَه مَن علِمَه، وجَهِلَه مَن جهِلَه "([29]). فبارك الله لي ولكم في القرآن
والسنة، ونفعنا بِهَدْيِه القويم، وآخِرُ دعوانا عن الحمد لله. والسلام عليكم
ورحمة الله.
ملحق:
قال شيخنا الدكتور غالب بن علي عواجي في كتابه المذاهب الفكرية المعاصرة
ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها (ج1/ص156-157):
طريق العودة:
لن تعود للمسلمين عزتهم ومنعتهم إلا إذا عادوا إلى دينهم وتمسكوا بكتاب
ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به
أولها.
1- اعتزاز المسلمين بدينهم وترك السير في المؤخرة وراء العالم الغربي المتدهور وترك الاعتزاز بالقوميات والوطنيات بعيدا عن الدين الحنيف.
1- اعتزاز المسلمين بدينهم وترك السير في المؤخرة وراء العالم الغربي المتدهور وترك الاعتزاز بالقوميات والوطنيات بعيدا عن الدين الحنيف.
2- أن يكونوا قدوة العالم في جميع المعاملات والسلوك وسائر الأخلاق
الحميدة.
3- أن يتم تحاكمهم إلى
الإسلام في جميع شؤونهم، وأن يرفضوا التحاكم إلى غيره من الأنظمة أو الجمعيات أو
الدساتير الجاهلية.
4- الاهتمام التام بتربية النشء على الأسس الإسلامية الصحيحة وعلى أيدي
مدربين ومدرسين أكفاء على العقيدة ليصبح هذا النشء هم رجال الغد في حركة مستقلة في
التعليم عن التعليم الغربي في جميع مرافق التعليم دينيا ودنيويا.
5- الجد في القضاء على كل أنواع الجاهليات عن طريق تعميق العقيدة وليس عن
طريق قرارات أو عقوبات، بل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الإسلام.
6- رفع راية الجهاد بكل أنواعه في الوقت الذي يسمح بذلك من نصرة المسلمين
المجاهدين ودعمهم بالسلاح والرجال وترك الخوف من إطلاق كلمة الجهاد التي أعز الله
بها المسلمين في عصورهم الأولى حين تدع الضرورة لذلك.
7- بذل الاجتهاد في نشر التوعية الإسلامية العامة من قبل كافة المسلمين
لما فيه رفعة الإسلام وعزة المسلمين، العلماء في مجالهم، والتجار في مجالهم.. الخ.
8- أن يسند حكم المسلمين إلى رجال أكفاء لهم معرفة بالعقيدة الصحيحة في
كل بلد – واليوم نجد أكثر الشعب مسلمين والحاكم نصراني أو شيوعي أو بعثي أو اشتراكي..
الخ.
9- لابد أن يستقل العالم الإسلامي في كل شؤونه عن العالم الغربي في
الصناعة، وفي التجارة، وفي وسائل التعليم كلها، وفي كل الجوانب.
وما على الشخص منهم إلا أن يخلص نيته ثم يبدأ العمل ويستعين بالله تعالى
ويستشعر عظمته وقدرته، والله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى ما دام ذلك
العمل يقصد به وجه الله ومصلحة المسلمين عامة، وما دام على وفق ما شرعه الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم
([26]) الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الفتن، باب العقوبات، رقم: 4019، وفي
سنده خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي المتكلم فيه، لكن جاء الحديث
من طرق أخرى عن عطاء وغيره –كما قاله الشيخ ناصر الدين الألباني، وأوردها-، وقد
قال بعد إيرادها: فهذه الطرق كلها ضعيفة إلا طريق الحاكم؛ فهو العمدة. كما أنه
ثبَّت الخبَر بعد ما نقل كلام الحافظ ابن حجر (إنْ ثبَت الخبر) فقال: قلتُ: قد ثبت
حتمًا .. (انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1/ص217 وما قبله وما بعده، حديث برقم: 106 تحت
عنوان: المعاصي هي سبب القحط والجور وغيرها من المصائب). ولبعض الحديث شاهد من حديث بريدة بن
الحصيب t مرفوعًا (رواه الحاكم
وغيره، قف عليه في المستدرك، وفي السلسلة الصحيحة برقم: 107، وقد قال في ختام
الحكم على الحديث بطرقه، ص220 : وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيحٌ بلا
ريب، وتوقف الحافظ ابن حجر في ثبوته إنما هو باعتبار الطريق الأولى، والله
أعلم".
No comments:
Post a Comment