إعداد الطالب:
أبوبكر حمزة زكريا
الجوال:0556139297
وبإشراف:
القائمين على مسجد البلوي
خطة البحث:
سيكون هذا البحث ـ إن شاء
الله ـ في مبحثين يتقدّمهما المقدمة ثم أختمه بخاتمة.
أما المبحث الأول: ففي ترجمة المتناقشين وصاحبا
الحوار اللذَيْنِ هما:
1 أ.د. أحمد بن حمدان الأستاذ بالدراسات العليا ـ قسم العقيدة ـ
جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
2 د. أبو مهدي محمد الحسيني " أستاذ في إحدى جامعات إيران
".
وأما المبحث الثاني: ففي بيان منهج الشيخ المكي
في ردّه على: (الرسالة الجوابيّة للشيخ الإيراني).
المقدمة:
الحمد لله العدل الحكم،
الحكيم الخبير العليم، أنزل في محكم تنزيله قوله:(وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) صدقا
في الأخبار وعدلا في الأحكام، تسمّى
بالأسماء الحسنى، واتّصف بالصفات العليا، ألزم وكتب على نفسه العدل والإنصاف، وعلى
العباد أوجب، كما قال:" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرما، فلا تظالموا..." وقال أيضا:( ...كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو
على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)الآية. ( كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا
يجرمنّكم شنئآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)الآية. أحبّ من عباده
من كان بالعدل والإنصاف ـ في القول والفعل والحوار والشأن كلِّه ـ متصفاً، وقال
جلّ من قائل:(إن الله يحبّ المقسطين). (وهو العليم الخبير) يعلم ما كان، وما يكون،
وما لم يكن؛ لو كان كيف يكون: (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه) والقائل:(لعلّي
أعمل صالحا فيما تركت! كلا إنها كلمة هو قائلها) الآية. (يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور) وقوله:(والله عليم بذات الصدور). وصف جنس الإنسان بالظلم الشديد
والجهل الكثير؛ فقال جلّ من قائل سبحانه: (إنه كان ظلوما جهولا). فنسألك اللهم
بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، وبأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفؤا أحد) أن تعيذنا من: الجهل( أن نجهل، أو يُجهل علينا) والظلم
في القول والعمل، إنك على كل شيء قدير.
والصلاة والسلام على قائد
الأمة إلى: العلم والعدل، محمد الأمين القائل:"والله لو سرقت فاطمة بنت محمد
لقطعت يدها".[1]
والقائل:" إمام عادل..."في حديث طويل[2] والقائل:" إن المقسطين
على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في: حكمهم
وأهليهم وما ولوا".[3] والقائل: "من حرم الرفق يحرم الخير". وعلى
آله الطيّبين الطاهرين، وصحابته الغرّ الميامين، وعلى الأئمة الأربعة المهديين
الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ( رضي الله عنهم
أجمعين) وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنه لا يخفى منزلة العلم ودرجته وأهمتيه وخاصةً
إذا خُلــط ـ لصاحبه ـ العدل والإنصاف في
كل تحركاته وسكناته؛ فإنه يكون نورا على نور، كما أن في الجهل ـ لأصحابه ـ موتًا قبل موتهم قال الشاعر:
الجاهلون موتى قبل موتهم # والعالمون ـ وإن ماتوا ـ فأحياء.
فكيف إذا انضم بالجهل:
الظلم؟؟! إنه الظلمات بعضها فوق بعض!
يقول شيخ الإسلام ابن
تيمية:
فمن بغى مطلبا من غير خالقه
# فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
فهاتان النعمتان( نعمة العلم
مع نعمة الإنصاف والعدل) أشار إليهما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ رسالته
إلى جماعة عدي بن مسافر ـ رحمه الله ـ الموسومة ب (الوصية الكبرى)[4]. وأنهما من أعظم المنن على
الإنسان ـ بعد نعمة الإسلام والعافية ـ فنبتهل إلى المولى عز وجل يمنّ علينا بنعمه
إنه جواد كريم، وكذا أن يجعلنا شاكرين لنعمه مـثـنين لها، قابليــــــها
ويتمّها علينا.
وأيضا هاتان النعمتان لم
تجتمع في طائفة من طوائف الناس وفي فرقة من الفرق اجتماعهما في أهل السنة؛ إذْ
بقية الفرق فيهما فمن بين مقلٍّ ومستكثرٍ، وغالبهم ـ إن لم يكونوا كِلهم ـ مجانبون
للإنصاف والعدل، إذن: قد تجدهم عالمين
إلا أنهم يغلب عليمهم الهوى والظلم ... عند الحوار معهم.. قال تعالى فى العالم
السوء:(واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من
الغاويين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه)الآية.
فيا سعادة من اجتمعت فيه
هاتين الخصلتين؟!!! ويا ندم من فاته شيء منهما.!! فأما أهل السنة عموما فقد متعهم
الله بهاتين النعمتين ـ
إلا قليلا منهم ـ
والشيخ أحمد بن سعد حمدان
الغامدي ممن متعهم الله بنعمة العلم والخلق العظيم ومنه: الإنصاف حتى مع الخصيم
والمخالف ـ هذا ولا أزّكي على الله أحدا ـ
والمتتبع لكتابه (حوار هادئ)بل المتصحف له، أو الناظر إلى ما كتب في منهجه ليرى
هذا واضحا وجلياّ ـوسيأتي قريبا ما يدل على توثيقه وتزكتيه واتّصافه بالأخلاق
الحميدة وفي مقدمتها: صفة الإنصاف... وهذه التزكية صدرت من الشيخ المنازع به والخصم
الذي هو القزويني.. فأكْرِم بها من
تزكية!!! بل لم أكن مبالغا في شيء إذا
قلت: هذا البحث فيه الشيء الكثير مما يدلّ على تسامحه وإنصافه
أما الشيخ القزويني فقد كشف
البحث عن مجانباته الإنصاف في رسالته ـ
وإن كان العنوان الأول فيه: (الإنصاف حين يُتكــلّم في المسائل الخلاف) إلا أنه
حتى في هذا المقطع جانب الإنصاف ـ كما سيأتي مفصّلاً.
كلمة الشكر والتقدير:
إلى
هذه البلاد المباركة الحبيبة، منبع الإسلام ومأرزه، ممثلةً في قاداتها ـ حفظهم
الله ـ مع تمنّي الأمن والأمان والإيمان الكامل لكل مسلم في هذا البلد وغيره من بلدان المسلمين. ونسأل
الله كذلك عزّ الإسلام والمسلمين وذلّ الكفر والمشركين، وأن يحقن دماء المسلمين في
كل مكان إنه هو الوليّ الحميد، البرّ الرحيم.
وإلى الجامعة
الإسلامية خاصة ـ حرسها الله وكثّر نفعها في الآجل، إنه على كل شيء قدير.
وإلى القائمين
على مسجد البلوي الذين يهدفون نفع أخص الناس (الذين هم الطلاب)، نقول لكم: جزاكم
الله خيرا، وأسكنكم فسيح جنانه على ما تقومون به من تعليم وتثقيف وإيجاد جلسات بين
الشيوخ والطلاب الذي له من النفع ما الله به عليم. شكر سعيكم وكثّر من أمثالكم وبارك في أهليكم وذرّياتكم،
إنه كان غفارًا.
وإليكم البحث بمبحثيه
يليهما الخاتمة.
المبحث الأول:
ترجمة أبي مهدي محمد:
هو الدكتور أبو مهدي محمد الحسيني القزويني
"أستاذ في إحدى جامعات إيران ـ بل يدرس في ثمان جامعات" كما أخبرني بعد ذلك. والقائل هو الدكتور أحمد.
وفي
صحيفة: (5) من: (الحوار الهادئ)..... يقول الدكتور أحمد: "وكان أبا مهدي
مؤدبا أثناء الحوار، ويترضى عن الصحابة، ويدعي[5] أنه لا يسبّهم... ونحو ذلك
من الكلام." وإن كان الدكتور أحمد نفسه ذكر في صحيفة (30)
أنه أذهله موقف الرافضي
من الصحابة وعدم التفريق بين (الصحابي) و(المنافق)... وذلك في رسالته الجوابية حيث
يقول: " وقد وصلتني مذكرتكم في منتصف شهر ربيع الثاني لعام(1425هـ)تقريبا،
ولما اطلعت عليها عجبت من كثرة استدلالاتكم بالأحاديث الضعيفة
والموضوعة على أمر هو من من أخطر الأمور، وهو أمر الاعتقاد، وأنتم
متخصصون في "الحديث ورجاله" حسب ما فهمت منكم عند الالتقاء بكم.
كما أذهلني موقفكم من الصحابة رضي الله
عنهم، وعدم التفريق بين( الصحابي) و(المنافق)، مما كان وسيكون له أسوأ الأثر على
دين الأمة، ويفتح الباب لهدم الإسلام...
إلى أن قال: ولحرصي الشديد على علاقتي بكم، وكشف ما خفي عليكم من خطورة
مذهبكم؛ فقد اقتطعت جزءا كبيرا من وقتي ... للإجابة على ما أوردتموه من تساؤلات،
والتنبيه على ما في بحثكم من تجاوزات، وخاصة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم...
ترجمة أ.د. أحمد بن سعد:
هو
الأستاذ الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي الأستاذ بالدراسات العليا ـ قسم
العقيدة ـ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
وقد مدحه القزويني بقوليــــــــه:" الأخ
الفاضل المحقق سماحة الدكتور: أحمد سعد حمدان سلام عليكم. أقدم شكري الوافر إلى سماحتكم، كما أقدم ثنائي
العاطر مما شاهدته من أخلاقكم الحسنة وإكرامكم الجميل.
ولقد استفدت من جنابكم كثيرا، وأرجو أن يستمر
هذا اللقاء ولا يكون آخر العهد من زيارتكم.
ذكر هذا في فاتحة إحدى رسائله.
وفي أخرى قال:" حضرة الأخ المفضال
سماحة الدكتور... بعد الحمد لله والدعاء
لكم بالخير في مساعيكم، ونشاطاتكم الهادفة إلى تشخيص الحق والصواب، فإني أشكركم
على ما لقيته منكم من حفاوة وتكريم خلال اجتماعاتنا ومحادثاتنا، ولا أكتمكم
تأثري بأخلاقكم الكريمة، وتجاوبكم في بياناتكم ورسالتكم؛ مما حملني على
التحدّث عنها لطلابي في الجامعة، ولطلاب العلوم الدينية في الحوزة العلمية، ولا
شك أن التسامح واللين في المراجعات والمذاكرات تئول في النهاية إلى تضييق شقة
الخلاف في كثير من المسائل المطروحة للبحث.
كيف التقيا وكيف استمرّ لقائهما واتصالهما ومراسلاتهما؟
ففي
شهر رمضان المبارك من عام (1423هـ) زار الدكتور أبو مهدي محمد الحسيني القزويني: أستاذ
الدكتور أحمد سعد حمدان الغامدي في منزله بمكة راغبا في إجراء حوار بينهما في
القضايا الخلافية بين أهل السنة والشيعة
الإمامية، فأبدى الدكتور أحمد موافقته، وافتتح اللقاء بكلمة بين يدي الحوار...
وقد تم له ـ بتوفيق الله ـ أن سجّل ذلك الكلام...
وكانت موضوعات الحوار:
1.
عقيدة
أهل السنة والشيعة في الصحابة.
2.
قضية
تصحيح الحديث وتضعيفه...وتفرع الحديث في أمور أخرى... إلى أن انتهى اللقاء.
وقبل
مغادرة الدكتور الحسيني مكة المكرمة أرسل إلى الدكتور أحمد رسالة مكوّنة من صفحتين
يستفسر فيها عن بعض الأحاديث ومسائل أخرى.
وقد أجابه الدكتور بإجابات
مختصرة مركّزا فيها على الجانب العقلي... وذلك لأن مصادر التـلقّي غير متَّـفـقة
لدى الفريقين.
ثم إنه بعد سنة وثلاثة أشهر تقريبا وصلت
الدكتور: رسالة هاتفيةٌ خطيّة ـ فاكس ـ يشير القزويني فيها على أنه عكف على
الإجابة السابقة الذكر ـ لمراجعة ما يتعلق بها من كتب الشيعة والسنة؛ ثم كتب بحثا
ـ في: (52 صفحة) يردّ فيه على رسالته تلك.
وعندما وقف الدكتور أحمد على الرسالة الجوابية
والبحث المشار إليه وجده بحثا غريبا:
غريبا في منهجه.
غريبا في نتائجه. ـ ولا بد ـ
غريبا في أدلته.
ثم غريبا في مفاهيمه.
فرأى أنه يلزمه عرض وكشف وبيان هذه
الغرابات... وقد استغرق معه ذلك قرابة شهرين. إلى أن جاء هذا الكتاب في حلته.
وقد أورد كلام الأستاذ أبي مهدي مفرَقا
في أكثر من مأة وستين فقرة، معقبا على كل فقرة بما يتيسر من الجواب.
المبحث الثاني:
وتحته: المدخل له.
ثم: بيان منهج الشيخ أ. الدكتورأحمد في ردّه
على الرسالة الجوابية المكوّنة من: (52 صفحة) الصادرة من القزويني.
المدخل على المبحث: في
محتويات الكتاب:
·
اسم الكتاب وسبب وضعه: حوار هادئ مع الدكتور القزويني الشيعي الإثني عشري.
·
مؤلفه: أ.د. أحمد بن سعد حمدان الغامدي الأستاذ بالدراسات العليا ـ قسم
العقيدة ـ بجامعة أم القرى.
·
موضوعه: الرد على رسالة الرافضي المكوّنة من: (52 صفحة) في مسائل الخلافية
بين السنة والشيعة.
·
صفحاته: سبعة وأربعمأة(407).
افتتحه مؤلفه بمداخل : وهي عبارةعن:
ـــــ مقدمة ...
وفيها بيان لقاءه الأول مع القزويني في زيارته له في منزله بمكة كما مر. موضحا فيه حوارهما وذلك من صحيفة:(1ـــــــــــــ
7).
ــــ وأما من صحيفة: (9ـــــــ11)
فذكر الرسالة المكونة من صفحتين التي بعثها إليه أبو مهدي قبل مغادرته المكة
المكرمة؛ ففيها استفساراته عن بعض المسائل التي اشتبهت له، وكذلك الآيات
والأحاديث.
ــــ أما من صحيفة: (12ـــــــ
20) فالإجابة عن عن الأسئلة المشار إليها.
ــــ ثم إن الشيخ ذكر من
صحيفة: (21ـــــ 25) شيئا من مناهج أهل السنة مقارنا إياها مع مناهج الشيعة وذاكرا
اتجاهات الفريقين... وفيه: أنه
أشار إلى مناهجهما( أي: السنة والشيعة) المنطوقة المدوّنة في الكتب، مع ما يفهم من اتجاهات كل فرقة منهما... فيقول
مثلا: ويفهم من عقيدة أهل السنة تعظيم الصحابة.
بينما يفهم من عقيدة الشيعة عكسه.
وقد ذكر: 11 منهجا واتجاهًا لأهل
السنة .. يقابله ويعاكسه نفس العدد للشيعة
ـــــــــ وأراد الشيخ من كل منصف وقف عليها: النظر إليها والمقارنة بينها. وأسماها:
نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم
وختم إجابة تلك الرسالة: بإيراد نصوص أربعة من كتب الخميني تطعن في
الرسول صلى الله عليه وسلم.
واستغفرَ الله في آخرِها،
واعتذرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى سادات المؤمنين، من نقلها في رسالته.
ثم قال لأبي مهدي الشيعي:
أرأيت كيف تنتهي العقيدة
الشيعية!!!
ـــ اتهام الصحابة بإخفاء
آيات... وهل يستطيع بشر أن يخفي شيئا من كتاب تعهد الله عز وجل بحفظه، أليس هذا
طعنًا في الخالق؟!
ـــ ثم أرأيت أنه( الخميني)
من اتهام الصحابة إلى اتهام سيد البشر صلى الله عليه وسلم؛ بأنه لم يبلغ كما أمر
ربه!! وهل يبقى بعد هذا: إيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يزعم
الخميني أنه لم ينفذ أمر خالقه.
ـــ ثم أرأيت الحكم (برسوب)
محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء في ميزان الخمينيّ.
هذه ثمرات العقائد الفاسدة
التي يحدّد أصحابها مقصدا معينا، ثم يحاكمون الخالق عز وجل والرسول صلى الله عليه
وسلم إليه؟.
ولوتتبعت كلام الخميني لما
وجدته يعظم الله عز وجل، فهو يذكره سبحانه دون تعظيم في أكثر صفحات( كشف الأسرار).
ولا يعظم الرسول صلى الله
عليه وسلم كما هو مبيّـن في هذه النصوص إلا نادرا؛ ولا حكم له.
وهذا من الشيخ لشيئين:
1.
ليخلق
إيقاظًا للنائمين وتنْـبيهًا للغافلين من الشيعة، ـ وفي مقدمتهم وعلى رأْسهم ـ
الرجل المراسَل وهو القزويني
2.
ولأعرف
موقفك منه. وسيأتي شيء ـ منه ـ في آخر
الرسالة في الذيل.
وكان هذا كله من صحيفة: (26ـــــ 27).
ثم
إن الرافضي لما وصلته هذه الإجابة عكف عليها زهاء خمسمأة ساعة، زائدا على مطالعته
طيلة عشرين (20)سنة في كتب الفريقين ـ كما ذكر ـ ، وردّ عليها في اثنين وخمسين(52:صفحة)
تقريبا، وهي التي جلس الدكتور أحمد في بيانها ومناقشتها وتوضيح جمل من المسائل
المشتبهة فيها... إلى أن جاء هذا الكتاب: (حوارهادئ).
وقبل أن تصل مذكرة الحسيني إلى الشيخ أحمد راسَلَه
حولها رسالةً هاتفية(فاكس)، وهذه الرسالة في صحيفة: (28ـــ 29) من صفحات المداخل.
وفي صحيفة: (30) من الكتاب
ردّ الشيخ أحمدعليه برسالة، يذكر فيها: أنه تسلّم ووصلته مذكرة أبي مهدي. وبيّــن
أنه وقف في هذه المذكرة على غرائب... وأذهلته بعض الأمور...مما جعله يقتطع ــ
للإجابة والكشف عليها ــ ستين (60)يوما من وقته...
وها
!!! نهاية المداخل علىالبحث؛ وفي نفس الوقت: نهاية المراسلات والاتصالات التي
أجريت قبل الدخول في الكتاب.
ثم في: (صحيفة: 31 ) قال: كلمة الشكر للإخوة
الذين قاموابإعداد البحث للطباعة...
وكان بداية الرد على المذكرة من: (صحيفة32)
وانتهى في: (ص: 390).
وكما أسبقت ـــ أن الشيخ المكي فرّق مذكرة
الإيراني في أكثر من مأة وستين فقرة معقبا على كل فقرة بما يتيسر من الجواب.
ثم
في صحيفة: (391) إلحاق وتذييل
حيث أضاف الشيخ شيئا ــ على ما سبق من كلام الخميني الخطير ــ الذي يفهم منه: أن
الله نفسه يستخدم التقية!! وقد ذكرها الشيخ ليعرف موقف أبي مهدي منها... فهل يرجع
القهقرى ويمتنع عن وصف الخميني بالإمام أم لا؟ فإذا كان هذا ــ مع سوء أدبه مع
الله عز وجل ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ــ تصفه بالإمام فكيف بقية
المأمومين؟!!!. اللهم سلّم سلّم.
ثم في: (ص393): الخاتمة:
وفيها اعتذار من الشيعي من خشونة بعض العبارات
التي قد تظهر في الكتاب... وذكر أن ذلك لم يكن مقصودا.
ثم في: (ص:395 ـــــ401) ذكر مراجعه: وهي على قسمين:
1.
مراجع
أهل السنة.
2.
مراجع
الشيعة.
ونبّـــــــــــــــــه في الأخير على أنه
استعمل واستعان بقرصين(ذكر اسمهما) في مراجع أهل السنة.
وفي مراجع الشيعة بقرص(نور جامع الأحاديث). وعليه؛ فإذا لم يوجد الإحالة في الكتاب المطبوع
فلْيُرَاجَــــــــــــــــــعْ هذه الأقراص.
ثم الفهارس العامة من: (ص403
ـــــــــــــــــــــ ص407) .
والله الهادي إلى سبيل
الرشاد.
منهج الدكتور في كتابه:
المنهج
العام الذي سلكه ودرج عليه الدكتور أحمد في رده على مذكرة القزويني الاثني
عشري هو: اللين والتسامح واللطف والرفق به وعدم الغلظ له في القول، لأنه؛ ما كان
اللين في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، كما جاء عن النبي الكريم عليه
أفضل الصلاة وأتم التسليم، وقد تأدّب الدكتور بالآداب الشرعية في حواره معه،
وجادله بالتي هي أحسن.
وقد دل على رفقه به ولينه له أمور، من
أهمها:ــــــــــ
·
شهادة
الرافضي نفسه له بذلك؛ إذْ قد قال في إحدى
رسالاته ما نصه: " فإني أشكركم على ما لقيته منكم من حفاوة وتكريم خلال
اجتماعاتنا ومحادثاتنا، ولا أكتمكم تأثري بأخلاقكم الكريمة، وتجاوبكم في بياناتكم
ورسالتكم؛ مما حملني على التحدث عنها
لطلابي في الجامعة...
إلى أن قال: ولا شك أن التسامح واللين في المراجعات والمذاكرات تئول في
النهاية إلى تضييق شقة الخلاف في المسائل المطروحة للبحث". وقد تقدم هذا بالتفصيل الذي يغني عن إعادة بقية
الكلام.
·
إعتذار
الشيخ في ختام الرسالة (ص:393) عن ما ــ قد ــ يظهر من خشونة في بعض العبارات التي
لم تكن مقصودة، بل اقتضاها الموقف والحال.
·
تسمية
الرسالة بلقب: (حوار هادئ مع ...) مما يراد تنبيه الغافل، وإيقاظ النائم.
·
تكْــنيته
في كثير من مواضع من كتابه كما في رسالته إليه حيث يقول: "سعادة الدكتور| أبو
مهدي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وذلك من باب:
أكنــيه حين أناديــه لأكرمــــه #
ولا ألقِــبه والسـوءة الـلقــب .
كذاك أدبت حتى صار من خلقي # إني وجدت ملاك الشيمة الأدب.
·
وكذلك
لقَبََــه بلقب مدح وجميل؛ حيث يلقبه بلقبه الذي يُشْعِر بدرجته العلمية العالمية(
الدكتوراه).
وهذه الأمور: إن تدلّ على شيء فإنما تدل على: لين
الشيخ وتسامحه ورفقه به في الحوار مما يجعله (أي: الحوار) يؤتي أكله بإذن ربي.
هذا ما يتعلق بمنهج الشيخ العام في الحوار.
وقد خرج الشيخ عن هذا المنهج في مواضع ومواقف
من كتابه؛ بأن شدّد على القزويني وأغلظ له القول، وعامله بالقسوة لعوامل تدعو إلى
ذلك. إلا أن هذا ــ كما أسبقت ــ لا يأخذ طابع العام والمنهج الرئيسي المتبع في
الرد. وقد أسبقت كذلك اعتذاره في مثل هذا.
فإذنْ
رحمة الشيخ للشيعي وتمني هداته: لم تمنعْه من استعمال هذا الأسلوب ــ لكن في مواضعه وبقدر الحاجة إليه ــ
وخاصة يستعمله فيما إذا جاء بما يخالف العقل السليم الصريح؛ ويقول في
مثله:" الحمد لله على نعمة العقل".
وقال له: ــ لما شبّـه كتب الآثار والروايات عند الإمامية
بالأساطير ــ "أرجو المعذرة!". وهذا جاء في جواب: [سبب عدم وجود كتب
الإمامية في مكتبات أهل السنة الخاصة والعامة]. فقسّم الشيخ الكتب إلى قسمين:
روائية... وهْي أشبه ما تكون بالأساطير كما قال.
ثم الكتب المتأخرة المصنفة في المسائل المختلف فيها... وذكر سبب عدم الحرص
عليها.
وله في هذا( أي: الغضب إذا انتهكت حرمات
الله) وذاك(أي: العفو والتسامح والرحمة والرأفة وعدم الغلظة وفظاظة القلب)
أسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول الشاعر فيه:
قسى ليزدجروا، ومن يك: حازما
# فلْــيقْـس أحيانا على من
يرحم.
وكان صلى الله عليه وسلم
يأتيه سائل ويقول إني سائلك ومشّدد عليك في المسألة، فيقول له: "سلْ ما بدا
لك".[6]
تنبــيه:
فيما سبق، وفيما يأتي -إن شاء الله- إذا
قلت:" الشيخ، أو الدكتور، أو الشيخ المكي، أو المكي" فالذي أعني به هو: أ. د.
أحمد بن سعد حمدان الأستاذ بأم القرى في الدراسات العليا بقسم العقيدة.
وأما قولي:" الشيعي، أو القزويني، أو الإيراني،
أو الإثني عشري" فالمراد به: أبو مهدي صاحب المذكرة.
ساعد في فهم هذا الكتاب: العناوين الجانبية
التي ألحقها الذين أعدوا الرسالة للطبع.
اعتذر الشيخ عن تكرار بعض الأوجه في الرد لمسيس
الحاجة إليها في أماكنها مع بذل جهده في ربط السابق باللاحق مهما أمكن.
أردفت ورقة بالغلاف هي
كنتيجة لما توصّل إليه البحث، وهي مهمة جدا.
وشرطي فيما أذكره منهجا للشيخ: أن يتكرر
في الكتاب أكثر من مرة؛ حتى يتحقق عليه اسم: (المنهج)، هذا في الغالب، وقد أذكر
شيئا لم يذكره في ردّه إلا مرة، وهو النادر.
بداية الرد:
كانت بداية الرد على المذكرة من: (ص:32).
ـــ وأما الفقرة التي بدأ ردّها فهي بعنوان:( الإنصاف
في الكلام حين يُتـكلم في الخلاف ). فقد رد الشيخ عليه في مواضع بقوله:"
هل هذا هو الإنصاف؟! "؛ وذلك:
إذا
انتقى من الأدلة ما يفيده ــ ولو كان ضعيفا ــ، وترك ما صح لأنه بخلاف معتقده.
أواقتطع
من كلام أحد العلماء ما يحتاجه ليستدل به
ـ فيقول قال الذهبي مثلا ـ
أو... أو... أو...
فيأتي الشيخ بالذي صح من الأحاديث
أو ببقية كلام ذلك العالم فيجمع بالذي ذكره الشيعي فيقول: ( هذا هو
الإنصاف؟).
ـــ ذمه بأنه يقعِد تقعيدات علمية محققة... ثم هو لا يسير
عليها. مثاله:ـ
كما في قوله في بيانه : منهج الاستدلال
الصحيح على القضايا الخلافية " إن الاستدلال على موضوع خاص بالكتاب
والسنة إنما يتم فيما إذا سردت قاطبةًً
الآياتُ المتعلقة به، أو الروايات المتعلقة به،
لا أن ننتقي ما يفيدنا في البحث ونغض الطرف عما يضرنا؛ لأن فيه مجانبة عن روح
التحقيق العلمي".
قال الشيخ: " هذا كلام جميل، وتقعيد علمي
دقيق... فهل التزمتم به؟...
أما أنا فلا أبالغ غذا قلت:" إنني لم أجد في بحثكم أثرا لهذه القاعدة، وإلا
فلو حكمتموها في بحثكم لسار المسار غير المسار.
وذكر ثمانية دليل على أن القزويني لم يسرْ على
هذه القاعدة، ومجملها:
1.
اتجاه
الرافضي إلى كتب التاريخ، ومصادر تعتبر من الدرجة الثالثة والرابعة عند أهل السنة.
2. ترك
المصادرة المعتمدة وخاصة الصحيحين.
3. التوسع في الإستدلال بالأحاديث الضعيفة.
4.
الإعراض
عن الأحاديث الصحيحة التي تثني على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5. إبطال دلالات الآيات التي تثني عليهم.
6.
أو
تقييدها؛ لتتفق مع معتقداتك.
7.
إيهام
القارئ بأن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منافقون إن لم يكن جميعهم.
8.
إيهامه
كذلك بأنه لا يمكن معرفة المؤمنين من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم. هذا وغيره مما ذكرت مما لا يتفق مع
ما ذكرت من منهج علمي.
ثم قال: ثالثا: نموذج من
منهجكم في: (الانتقاء):
الواقف
على رسالتكم يرى منهجا غريبا.. فقد تركتم المراجع الأصيلة عند أهل السنة والأحاديث
الصحيحة التي تثني على عظماء الأمة وتزكيهم، وتؤكد قربهم من النبي صلى الله عليه
وسلم، وحبّه لهم، وتبشيرهم بالجنة، وكثرة مشاورته لهم، واصطحابهم في كل موقع،
وتجريد سيوفهم لنصرته، وهي أحوال عظيمة تؤكد إيمانهم وإخلاصهم.
ثم عمدتم إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة، تزعم وجود
وصية خانها هؤلاء وامتنعوا عن تنفيذها، إذا وضعت أمام تلك الأحاديث الصحيحة دلت
على كذب هذه الأحاديث، ولم تلتفتوا لتلك
الأحاديث، وتزعمون الإنصاف!!
وها هو نموذج واحد من تلك الأحاديث الصحيحة
لصحابي واحد؛ لتوازن بين أحاديثك، وهذ
النموذج لترى مدى الإنصاف وصحة المنهج
بعد ذلك:
فأورد
في الصحيحين أو أحدهما ستة أحاديث(6) تدل على فضل أبي بكر الصديق رضي الله وأرضاه.
وأما في
المسترك ــ الذي أكثر الشيعي من الاستدلال به ــ فقال له:" ألم تتـنبه إلى
عشرات الآثار التي تثني على أبي بكر رضي الله عته وتؤكد خلافته... فأورد منها ستة كذلك(6).
ثم قال
له:" وأنت تتصفح كتاب: (مجمع الزوائد) ألم تقف على عشرات الأحاديث في أبي بكر
وغيره من الصحابة أيضا... وأورد من تلك
الأحاديث ثمانية(8).
ثم
استدل عليه: بالوقائع الثابتة التي عاش عليها الصحابة التي تؤكد محبة الجميع لبعضهم
وتعاونهم فيما بينهم... وذكر ـــ على
سبيل المثال لا على سبيل الحصر ـــ إحدى عشر واقعة. منها:
1.
مبايعة
علي رضي الله عنه للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم.
2.
صلاته
خلفهم.
3.
تزوُجه
من سبيهم.
4.
تزويجه
لعمر رضي الله عنه ابنته.
5.
تسميته
ثلاثة من أبناءه بأسماء الخلفاء الثلاثة(أبي بكر وعمر وعثمان).
هذا من كتب أهل السنة.
أما من
كتبكم...
فنقل
أربعة نصوص عن علي رضي الله عنه: فيها مدح للخلفاء قبله، الثلاثة الأولى منها في: (نهج البلاغة) والرابعه في: (كشف الغمة في
معرفة الأئمة).
ـــ يُكثر الشيخ من قول: " هذا حكم غير
دقيق" و" هذا كلام غير سليم". أو: "هذا حكم متعجل". انظر
غير مأمور (ص:44)و(ص:78) وذلك في مثل قول الرافضي: والقرآن يقسّم الصحابة إلى
قسمين: يمدح بعضهم، ويذم الآخرين. فأجاب
الشيخ بما مضمونه: أنك تناسيت تعريف الصحابة عند أهل السنة، إذْ الذين ذمّهم القرآن
هم المنافقون، وفرْق بين الاثنين. قال الله تعالى: (ومن الناس من يقولوا أمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤْمنين يخادعون الله والذين آمنوا)الآية.[7]
ـــ قد
يذمّه بعدم الفهم للكلام الواضح: مثاله: أن الشيخ عقد فصلا في بيان اتجاهات أهل
السنة والشيعة ومناهجهم، وكان يقول في أول كل منهج مثلا:" ويفهم من عقيدة
الشيعة ... كذا وكذا. فإذا يفاجئه في
مذكرته بقوله:" ذكرتم...بعض ما يرتبط بعقائد الإمامية دون ذكر قائله... أقول
بكل ثقة(والقائل
الشيعي): إنكم لو أخذتم رأي الإمامية عن
كتبهم المدّونة طيلة أربعة عشر قرنا (14)، لكان رأيكم فيهم غير هذا الذي قرأته في
جواباتكم".
وتعقبه
الشيخ بقوله:" لاأظن أن المعنى غير واضح من كلامي، فإنني لم أنسب الكلام إلى
أحد من علمائكم ولا إلى كتاب من كتبكم، وإنما قلت لكم: "ويفهم من عقيدة
الشيعة كذا..." ولم أقلْ:" قال فلان كذا...". وأن أعني بذلك
الإمامية،(الغالية منهم وغيرهم) فإنها قد ادعت مسألة في الدين وهْي: (الإمامة)، ثم
ضخمت هذه المسألة حتى رفعت أصحابها فوق الأنبياء، وفسرت القرآن خطابا للأئمة
وشيعتهم؛ فما كان من كفر وضلال فهو للمخالف، ثم الجنة لهم والنارلأعدائهم... وهكذا وهكذا...
وإذا أردت مزيد بيان ففي ما يلي نماذج من ذلك:
ويتضح ذلك في الكتب التالية:
1.
الكافي.
2.
تفسير
العسكري.
3.
تفسير
العياشي.
4.
تفسير
الصافي.
5.
تفسير
الفرات.
6.
كتاب
الاختصاص.
7.
بصائر
الدرجات.
8.
تأويل
الآيات الظاهرة. وغيرها من كتب الإمامية.
ثم نقل من هذه الكتب نقولات
للدلالة على ما أسبق. ومنها:
قال المجلسي:
( باب تأويل المؤمنين والإيمان
والمسلمين والإسلام بهم ـ أي:
الأئمة ـ وبولايتهم عليهم السلام،
والكفار والمشركين والكفر
والشرك والجبت والطاغوت
واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم)، وأورد مئة رواية
تحت هذا الباب [8].
سبحان الله! إلغاء لجميع المدح في المؤمنين
السبقين، وإلغاء لجميع الذمّ في الكفار السابقين!
أليست هذه الروايات تدل على أن القرآن أنزل في
الشيعة وحدهم؛ مدحا لهم وذمًا لأعدائهم(طبعًا أعدائهم: أهل السنة).
إذنْ: كيف تنكر عليّ عندما قلت: يفهم أن القرآن
نزل في الشيعة وأعدائهم؟! ثم تقول:" وأقسم بالله.. أقول بكل ثقة: بأنكم لو
أخذتم رأي الإمامية عن كتبهم المدوّنة... لكان رأيكم فيهم غير هذا..."
والله يا أبا مهدي إنني عندما قرأت في كتبكم،
لكأنني أقرأ في خرافات عقول لاتعرف صفاء الإسلام ونقاءه، وأحمد الله على الهداية
وصفاء المعتقد!!
أفلا ترى أن قسمكم هذا قد
حنثتم فيه؟
وأرجو أن تعذرني، فإنني أحبّ أن تعرف مشاعري
عندما وقفت على تلك الكتب.
ـــ قد يدعو باللعن على من قوّل أهل البيت ما
لم يقولوه، كما في قوله بعد إيراد جمل نسبتْ إليهم ولا تليق بهم:"لعن الله على
من كذب عليهم وقوّلهم ما لم يقولوه".
ـــ يقرّه على ما قال من حق مع الحذر من أن
يكون قاله تقية: مثاله:
لما قال الحسيني:" أما الممدوحون فهم كما
ذكرتم: فالسابقون من المهاجرين والأنصار، والمبايعون تحت الشجرة، وأصحاب الفتح..
فالناظر المتجرد عن كل رأْي مسبق، والبرئ قلبه من كل مرض؛ يجد في نفسه
تكريما لهؤلاء الصحابة).
قال الشيخ: قلت: هذا القول الذي ذكرته الآن حق
ووفاء لهذه العصابة المؤمنة التي كانت سببا في إسلامي وإسلامك؛ فقد آمنوا
وهاجروا وجاهدوا ونشروا الدين، وأزالوا الشرك،... و... و... فجزاهم الله عن نبيه ودينه وعنا أفضل الجزاء.
ولكن: هل يستقيم هذا الاحترام
ودعوى الوصية؟!... لاأظن ذلك.
ـــ قد
ينهج الشيخ منهجين في الإجابة عن الأسئلة والرد عليها؛ فيردها جملة، ثم يأتي ويردّها
تفصيلا، كما في عنوان:( المنافقون الذين كانوا بالمدينة).
ـــ يرميه بالتناقض ويُـبــيِـن له وجهه:
مثاله: ما جاء في تقريراته الأولى في باب المنافقين من أنهم غيرمعوفين
ومستترون، ثم لما استمرّ في الموضوع ذكر
آثارا بلا سند وبصيغ التمريض تدل على أنهم معوفون، وأخرى صحيحة تدل على أنهم
معروفون في عهد حذيفة رضي الله عنه وأرضاه. فتناقض.
ـــ رماه كذلك بعدم التفريق بين المصطلحات (الشرعية
والعرفية أو اللغوية): مثاله لفظة:(الصحابي)؛ فالنصوص به
دالا على المعنى الشرعي في مواضع(وهو: من لقي النبي مؤمنا به ومات على الإسلام)
نحو قوله صلى الله عيه وسلم في قصة خالد وعبد الرحمن:
" لا تسبوا أصحابي...". وكذا قوله في
شأن أبي بكر رضي الله عنه:" فهل أنتم تاركوا لي صاحبي...".
أما قوله ـــ في سبب امتناعه عن قتل المنافقين
ـــ: "لايتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه..."
الكلمات الغريبة في الحديث:
لفظة:(الناس) فمن العموم
المراد به الخصوص؛ أي الكفار. والمراد:
لايقول الكفار إن محمدا يقتل أصحابه؛ لاعتقادهم أن كل من مع النبي أو حوله فهو له
صحابيُّ حقيقة، وليس كذلك لقوله تعالى: ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل
المدينة)الآية. فلو قتل واحدا بحجة عدم الإسلام ــ وقد أعلن الإسلام الذي يلْحقه
بالنبي صلى الله عليه وسلم (ظاهرا) ــ لأشاع الناس(الكفار) أن محمدا يقتل أصحابه،
أي: أتباعه ــ حسب الظاهر لهم ــ
إذنْ: فالصحبة في الحديث ليستْ صفة تكريم ولا
إيمان ؛ بل جاءتْ بمعناها اللغوي.
والفرق بينهما واضح لمن سلم قلبه!.
ـــ ذمه بأنه ذكر عمر الفروق ولم يترض
عليه!!! فإذا هو يذكر الثلاثة الخلفاء ــ
ولا يترض عليهم ــ مع علي ــ ويفرده بقول:
عليه السلام ــ وذلك في قوله:
"وههنا وقفة أخرى: كيف يطلق عمر على
: صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم: منافق، ويطلب ضرب عنقه... وهو( يعني عمر) جايز لاطعن فيه، ولكن من قال
فيه( يعني: حاتم بن أبي بلتعة) بأنه صحابي غير عادل: فيُحكم عليه بالزندقة؟!..."
قال الدكتور في الرد عليه:
أولا: عمر هو عمر، فاروق الأمة، الخليفة الراشد،
الذي أثنى عليه نبينا صلى الله عليه وسلم... وامتدحه في عدة مواقف... وينبغي أن
يُذْكر بكل احترام وتقدير...
ثم أورد أربعة نصوص في فضله ــ إضافة إلى ما
تقدم ــ .
ثم قال: ثانيا، ثالثا، رابعا.
وأما
الموضع الثاني فقد قال الرافضي فيه:" وإذا كان الأصحاب كلهم عدولا ـ بلا
استثناء ـ ، فما معنى الحدود الشرعية التي أقامها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
عليه السلام بحق الزناة والسراق وشاربي الخمر من
الصحابة".
ورد عليه الشيخ بما يسر الله، وبادئ الأمر قال:
أولا: ذكرت عظماء الأمة وخلفاءها الراشدين ولم
تترض عليهم، وأفردت عليّا رضي الله عنه بالسلام مع أنك قلت في السابق:"
فالناظر المتجرد عن كل رأي مسبق، والبريء قلبه من كل مرض، يجد في نفسه
تكريما لهؤلاء الصحابة".
ثانيا:
...
ثالثا: كم عدد الذين زنوا
في عهد الخلفاء وأقاموا عليهم الحد؟
وكم ــ يا ترى ــ شرب الخمر وسرق؟
إن هذا الكلام يوحي بأن الزناة والسراق وشاربي
الخمر كانوا بالمئات!!
وهذا الأسلوب لا يليق بباحث محقق!
هل تستطيع أن تحصي لنا العدد؟! إن العدد لا
يتجاوز أصابع اليد.
ـــ ومن منهجه في ردّه أنه كثيرا ما يمنعه من
سلوك طريق التعميم.. والفقرة السابقة تصلح مثالا لذلك. وأزيد هنا فأقول: ومن أمثلته كذلك لما قال الشيعي:" وهل يصح تبرير عمل الصحابة
تحت ظل الاجتهاد في كل ما صدر عنهم من مخالفات الأحكام القطعية، وأنهم مجازون
في ارتكاب كل حرام وترك كل واجب".
قال الشيخ: الرد عليه من وجوه:
أولا: عجبا لهذا الكلام الغريب:( ارتكاب كل
حرام وترك كل واجب)! هذا التعميم بهذا الأسلوب يوحي بأنهم قوم فجار
أضاعوا الدين وانتهكوا المحرمات... وإن لم
يفتح قلوب الشيعة للحق فالله المستعان.
ـــ إذا أورد الحسيني شيئا من باب التهكم لا
للاستفار ولاستفادة بيّن له الشيخ... مثاله: قول الرافضي:" فهل هذا الاجتهاد
يختص ببعضهم( يعني: الصحابة) أو يعمم ويشمل من يأتي من بعدهم اقتداء بسيرتهم وعملا بقول
النبي صلى الله عليه وسلم:" أصحابي كالنجوم..."
قال الشيخ: الرد عليه من وجوه:
أولا: أنت أوردت هذا من باب التهكم لامن باب
الاستفسار، وهذا من ثمار الروايات التي صاغت هذه المفاهيم للامة.
ثانيا: ...
ثم من قال إنه يقتدى بالمخطئ في خطئه؟!
ثالثا: أما الحديث(أصحابي كالنجوم) فقد أوردته
على غير عادتك ـ بغير عزو ـ ولا أظن أنه يخفى عليك أنه حديث مكذوب، وأنت رجل محدّث!!
إذْ فيه: سلام ابن سليمان وهو يروي الأحاديث الموضوعة، وهذا منها بلا شك كما قال
ابن حزم[9] وقال ابن خراش في سلام هذا: (كذاب).
ـــ الحسيني أكثر من ذكر النصوص الواردة في
المنافقين محمِلا إياها الصحابة، ولم يتمكن من الفرق بينهم، وبدايته من العنوان(
براءة الصحابة من النفاق): وكان الشيخ
يسعى جاهدا في إذهاب ما علق في قلبه من الخلط وعدم الفرق بين ( الصحابي)
و(المنافق) وكان هذا في (الحوار من ص:78 ــ107) وبالتحديد أكثر: (من فقرة:19 ـ43 ).
ثم إنه رجع يحمّل الآيات الواردة في:
1.
مرضى
القلوب.
2.
وذوي
التشكيك والإثارة للفتنة والسماعين لهم.
3.
والآيات
النازلة في الذين يؤذون الله ورسوله.. ويستحقون العذاب المهين.
محمّلا إياها على الصحابة.
والآيات هي:
قوله تعالى: (وإذْ
يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض)الآية.
وقوله: (إنما يستأذنك الذين الذين لا يؤمنون
بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون).
وقوله: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو
أذن).
وقوله:( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله
في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا).
وقوله: (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله
غير الحق ظن الجاهلية).
وقد أجابه الشيخ عليها، وقال:
خامسا: جميع هذه الآيات ذكر المفسرون لها أسبابا
من أهل النفاق، وجميع المفسرين يذكرون أن ذلك من المنافقين، ولم يذكر شخص واحد أن ذلك كان من المؤمنين، ولو رجعت إلى أقوالهم لرأيت أن
تلك الأقوال والأعمال لم تنسب إلى صحابي واحد، ولم يتشكك مفسر في شيء من ذلك، وذلك
من خلال روايات التفسير.
وذكر نموذجا في ذلك(في ص:107 ـ 108).
ثم ختم الشيعي المبحث بقوله: "فحصيلة ما
يلاحظ في هذه الآيات: أن في الأصحاب عدولا وثقات من غير شك ولا ريب، ومنهم أيضا
غير عدول وضعاف".
قال الشيخ مجيبا عليه:
أولا: ما زلت مصرّا على تسمية جميع من في
المدينة من المؤمنين والمنافقين بأنهم (أصحاب)، وهذا في الحقيقة تجنٍ على رسول
الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث جعلت المنافقين أصحابا له ينسبون إليه ويعرف بهم،
فإن الشخص يوزن بأصحابه، فمن كان أصحابه فضلاء كان فاضلا، ومن كان غير ذلك كان غير
ذلك.
ـــ بلغ بالشيعي الأمر إلى أنه لم يتأدبْ مع
النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر اسمه ...
وقد حذره الشيخ عن ما دون هذا ذريعة من الوقوع في هذا. ومن أمثلة هذا النوع في قول الحسيني الإثني عشري:"إن
التشرف بصحبة النبي لم يكن أكثر اميازا وتأثيرا من التشرف بالزواج
من النبي وقد قال سبحانه في شأن أزواج :(يا نساء النبي من يأت
منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب)الآية.
أجاب الشيخ عن ما سبق بما يأتي:
أولا:الأدب مع النبي صلى الله
عليه وسلم إذا ذكر أن يصلى عليه، تعظيما لمكانته عليه السلام والصلاة.
ثانيا: دعواك أن التشرف بصحبة
النبي صلى الله عليه وسلم والزواج منه لا قيمة لها ،مما يجب عليك أن تستغفر الله
عز وجل منه...
ثالثا: أرأيت لو وقفت أمام
الخميني وقلت له: من يصاحبك ومن يصاحب إبليس أو فرعون سواء، فما سيكون الرد عليك؟.
ولماذ كان يفرح بعض الشيعة باستمتاع الخميني
بطفلته الصغيرة يا ترى؟ أليس لاعتقاد بركته.
ـــ يكرر عليه قضية الانصاف، ويوصيه بالعدل،
ومجانبة ضدّه وأن لا يبتر النص أو النقل بترا كما فعل ذلك عند نقله عن التفتازاني
حيث جعل كلام المعتزلة التي يحكي عنهم التفتازاني كلاما له(انظر ص:119|120 ـــ
128). وأما النص فلا يجوز أن يُبتر بعضه
دون بقيته ما دام بينهما تعلق حيث لا يفهم المبتور إلا مع الساقط، وهذا الفعل ليس
من منهج المنصفين كما هو أول ما نبهت عليه في أول مذكرتك.
ـــ يسِمُه ويصفه بالتساهل: مثاله:
وصفه أشخاصا من أذناب المستشرقين ممن أساءوا إلى
الإسلام ورددوا آراء أعدائه بأنهم من أكابر علماء السنة. (ص: 122).
ـــ وفي
(ص:126) ذمه بأمرين، وذلك عند نقله كلاما ضعيفا في خطاب أبي بكر للمهاجرين:
1.
عدم
الأمانة العلمية؛ حيث إنه نقل الحديث عن الهيثمي في المجمع ولم ينقل تضعيفه له،
لأن فيه علوان بن داود البجلي الضعيف، بل كان الأولى بك أن لا تستشهد بالضعيف من
الأحاديث لأنك محدث.
2.
التصرّف
في لفظ الحديث المنقول بزيادة لفظة: (تريدون).
ـــ ذمّه بالنقل من كتابات
الملحدين كـ (طــــــــــــــــــه حسين) وأورد في (ص: 127) ما يدل على
إلحاده. وشدّد عليه... إلى أن قال: والعجب أن كلام من اتهم عليه في ديته يناسبكم
ـ ـ ممن ينتسب إلى الإسلام ـ ـ لأنه وافقكم على مذهبكم.
ـــ اعترض عليه في الجمع
بين المتناقضات: بين رجال يدافعون عن
السنة وبين رجل حاربها وخرج عليها وهو أبو رية واصفا له بالشيخ،حيث إنه كتب كتابا
أسماه:(أضواء على السنة المحمدية)
وردّ عليه عبد الرزاق حمزة بكتاب أسماه: ( ظلمات أبي رية أمام أضواء السنة
المحمدية) وبكتاب: ( الأنوار الكاشفة لما في أضواء السنة من الزلل والتضليل
والمجازفة)للمعلمي. وكذلك الدكتور مصطفى ضِمْن كتابه وبـيّـن أن مصادره تنحصر في :
1.
آراء
أئمة الاعتزال.
2.
ىراء
الغلاة من الشيعة.
3.
آراء
المستشرقين.
4. حكايات تُذْكر في بعض كتب الأدب.
ـــ
وكذلك في: (ص:321) اعترض الشيخ عليه قوله في أبي ريّة:"فلا شك عند أهل العلم
المنصفين كأبي ريّة...".
فاعترض عليه بقوله:
ثانيا: سميتم أبا رية(منصفا)
ولا أدري ما هو إنصافه؟! هل المراد به خروجه على عقيدة الأمة، وكان أكثر مصادره
التي اعتمد عليها هي مؤلفات غير المسلمين ومنها: كتب جرجي زيدان نصراني، ودائرة
المعارف الإسلامية للمستشرقين، والعقيدة والشريعة لجولد زيهر.. ونحوها كما ذكره عنه الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله؟![11]
فكيف يكون هذا منصفا؟!
أم أن كل من أيّد معتقد
الشيعة يكون منصفا ولو كان منحرفا عن الحق ضالاً؟!
ـــ قد يعتمد الشيعي على
نسخة ويحيل عليها في مذكرته وتكون نسخة الشيخ غيرها أو تكون هي هي إلا أن القطعة
المحال إليها ليست موجودة في المكان المحال إليه. وقد يكون كذلك للحسينيّ.
مثاله:(ص:135).
ـــ قد ينسب الشيعي الشيء إلى أحد العلماء ثم
يذكر أسماء آخرين فيقول مثلا: وبمثل قوله: قال هؤلاء. وعند التحقق يتضح ويتبين أنهم
لم يوافقوه. مثاله: قول الشيعي:" وهكذا نقل النووي عن القاضي عياض عن ابن عبد
البر(شرح مسلم ص:3|138)، والمناوي في فيض القدير، والمباركفوري في تحفة الأحوذي،
وابن حجر في فتح الباري، ثم ناقش فيه". (الفيض: ص:(4|368) والتحفة:
(8|338)، و الفتح: (7|6).
فلما حقق الشيخ هذه المعلومة بالرجوع إلى
الإحالات تبين له أن العلماء لم يوافقوا ابن عبد البر على قوله. وعليه؛ فلا ترض
بمثل هذه العبارة: (وافق فلان فلانا على قوله، بل حققْ أنت بالرجوع إلى المواضع
المحال إليها، وخصوصا إذا كان الكلام من المخالف أو ممن تشك فيه.
ـــ قال الشيخ: قاتل الله
الكذب، ما أقصر حبله! قالَه لما ذكر الشيعة واقعة زعموا أنها هي سبب نزول قول
الله:( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر )الآية. وقالوا: كان ذلك بعد
غدير خم... وكان ـ بالإجماع ـ نزول التوبة ـ إلا آية ـ قبل حجة الوداع، والغدير
بعدها.
ـــ يستعمل الشيخ كثيرا صيغ
التعجب اللغوي نحو( لاحول ولا قوة إلا بالله!!) (معاذالله!!).
ـــ منََـعه من الاعتماد
على كتب الأدب والتاريخ عموما وعـيّـن له هذين الكتابين تعيينا:
1.
(نهج
البلاغة)؛ لأنه مقطوع السند.ولأن كاتبه شاعر شيعي في القرن الرابع فهو إما (شريف
الرضا) وإما أخوه( المرتضى) كتبه ونسبه بكامله إلى علي رضي الله عنه وهو منه
بريئ؛إذْ إنه باطل المعاني.
2.
مروج
الذهب للمسعودي: كتاب تاريخ لا يعتمد عليه في إثبات قضايا مختلف فيها.. ومؤلفه كان
شيعيا معتزليا كما قال ابن حجر في اللسان.[12]
ـــ وأن الرافضي يوجه
النصوص حسب المعتقد، وليس المعتقد هو التابع للشرع. ومثاله في (182).
ـــ ومن منهج الشيخ ـ حفظه
الله ـ أنه يتنزل للقزويني تنزل الخصم لخصمه فيقول مثلا:" هبْ أننا قلنا كذا!
ألايجاب بكذا.
ـــ قد يعيبه بالقصور في
معرفة اللغة: نمثل بمثال؛ حيث يقول القزويني:" لو كانت جملة: (والذين اتبعوهم
بإحسان) تشمل الأمة إلى قيام الساعة ـ كما قال أكثر المفسرين ـ كان اللازم أن يقول
الله: (والذين يتبعونهم)الآية...
فأجاب الشيخ بقوله:
"هذا قصور في معرفة اللغة العربية، وما كان لكم أن تقتحموا حمى القرآن بمثل
هذه الجرأة... ومثله: (أتى
أمر الله فلا تستعجلوه). وقوله: (ونزعنا ما في صدورهم من غل)
وقوله:(وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا). وقوله: (ونادى أصحاب
النار أصحاب الجنة). ومثله في القرآن كثير.
ـــ يقبل تصحيح الشيعي
ويقول: "لابأس بهذا التصحيح". ويتعجب ببعض التصحيح. كما في (ص:224).
ـــ قد تحرقه وتغيظه بعض
المسائل فيقول إثرها مثلا:" فعلى من أحدثها(أي: القول بالوصية) وفرق الأمة
بها من الله ما يستحق.
ـــ يُـعيب على الشيعي ـ بل
وعلى المخالفين لأهل الحق ـ بأن المنهج الذي يحتكمون إليه إنما هو الهوى لا المنهج
العلمي الذي يقوم على أسس علمية، وإنما هي أوهام عارضت حقائق، فتلْغ الحقائق
متابعة للأوهام. فبينما نراهم يستدلون بأحاديث ضعيفة لإثبات عقائد باطلة، يردون
أحاديث صحيحة لسوء فهمها، أو لمخالفتها لمعتقداتهم.
قال الشيخ هذا، لما رد
القزويني حديث: (خير الناس قرني، ثم ...)الحديث. بحجة أن التارخ يخالفه؛ إذْ
يقول:" إن هذا الحديث مهما صح سنده، وإن رواه الإمام البخاري؛ يخالف الواقع
الملموس من تاريخ الصحابة والتابعين، ونحن نعرض النظر عن تاريخ الصحابة، ونعطف النظر إلى قوله:(ثم الذين يلونهم)،
فالمراد منهم التابعون، وفيهم الأمويون، فهل يمكن أن نعد عصر الأمويين خير
القرون؟؟! وقد لوّنوا وجه الأرض بدماء الأبرياء،...".
إذنْ: فمنهج الشيعة منهج
غريب:
ـ فالأخطاء التي وقعت في عهد الصحابة التي لاتساوي ذرة في بحر
حسناتهم، جرّحتهم وألغت عدالتهم...
ـ والأخطاء التي وقعت من بعض أمهات المؤمنين، جرحتهن وأنقصت من
فضلهن.
ـ والأخطاء التي وقعت من طائفة من الأمة، أفسدت كل خير في الأمة.
فمنظارهم لا يكتشف إلا
المعايب؛ فسبحان من نوّع الخلق وفاضل بين
عقولهم!
أرأيت النحل: فإنه لا يقع
إلا على الزهر، مع أن هناك أماكن نتنة كثيرة؛ لكنه نظيف شريف؛ فليتنا نكون( نحلا).
إلى أن قال:
خامسا: قد وقعت فتن قبل قتل
سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وقـتِـل من أصحاب الفضل قبل الحسين رضي الله عنه
الكثير، ولم يحكم بأنه شر القرون. :
1.
فقد قتل
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عمه (حمزة)رضي الله عنه، ولم يكن عصره شر العصور.
2.
وقد قتل
( عمر)رضي الله عنه، ولم يكن عصره شر العصور.
3.
وقد قتل
(عثمان)رضي الله عنه، ولم يكن عصره شر العصور.
4.
وقد قتل
(علي)رضي الله عنه، ولم يكن عصره شر العصور.
إن قتل هؤلاء عظيم، وحادث جلل، لكن مساحة الخير
في الأمة باق لا يلغى لجرم أشخاص.
فالخير في الأمة كله يرجع إلى هذه العصور، فكيف
يتناسى الخير ويُضخم الشر؟!
وبهذا يتبين أن فهمكم غير سليم، وحكمكم غير
مستقيم.
ـــ ففي (ص:245من الحوار)يذكر قاعدة يحسن ذكرها
هنا، وهي: أن إنكار البديهيات يسقط أهلية المخالف للحوار.
ـــ وكان الشيخ في بحثه هذا يُكثر الابتهال إلى
الله أن يفتح قلب الشيعي للحق، وأن ينير بصيرته، وأن يريه وإياه الحق ويرزقهما
اتباعه! مما يدل على حرصه الشديد
لهدايته. هداه الله.
ـــ ذكر الشيعي أن عليا رضي الله عنه لم يرجع
إلى أحد من الصحابة في حديث ليس عنده.. ونقل عن ابن حزم كلاما هذا معناه.
فقال الشيخ: ولا أدري هل تعمدت الخطأ أم غفلت
عنه؛ فإن ابن حزم ـ رحمه الله ـ ذكر أن عليا مثله مثل بقية الصحابة، حيث
يقول:" وهذا علي رضوان الله عليه، يعترف بأن كثيرا من الصحابة يحدثونه بما
ليس عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يستحلفهم على ذلك، حاشا أبا بكر
فإنه كان لا يستحلفه...".[13]
بل قال في (الفصل) ماهو أوضح من هذا، وهو يرد
على الشيعة عندما قالوا:(إن عليا كان أكثرهم علما) فقال:" كذب هذا القائل.
وإنما يعرف علم الصحابي بأحد أمرين لا ثالث لهما: ...[14] فذكرهما.
ـــ عابه بالإيهام في مواضع كثيرة: ومن أوضحها
أنه لما أورد رواية مسلم لحديث الكساء أوهم القارئ أن لفظه (أعني:مسلما) يخرج
النساء من معنى آية(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)الآية. وأقل ما يوصف به لفظك أنه فيه: (تورية) فقد
قلت: "...كما لا يشمل نساء النبي صلى الله عليه وسلم، لما صرح بذلك في صحيح
مسلم."!
قال الشيخ: قلت: فأين في صحيح مسلم التصريح
بذلك؟!
فليس في صحيح مسلم غير إدخال الأربعة تحت
الكساء، وقراءة الآية، فأين صرح بعدم دخول نساءه؟ أليس هذا الكلام غير مطابق للفظ
مسلم؟! إذْ لفظ الحديث عند مسلم ـ وهذه الرواية الوحيدة هي التي صحت ـ هكذا:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله، ثم
الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال:(إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"سورة الأحزاب.[15] والله المستعان!!
هذا ما تيسر لي جمعه من ما رأيته ـ بنظري القاصر
ـ أنه يمكن أن يعدّ من منهج الشيخ أحمد في: (الحوار).
فـيا من له تبـتـلي، في كل
ليل ألْيـــل، # ومن إليه موئلي، دون
الورى ومفزعي.
صــلّ على خير البشر، من كل
أنثى وذكر، # محمد وجـه القمر، ذي الجانب الممنع.
وعلى آله وصحبه أجمعين.
الخاتمة:
سبق أن أشرت إشارات على ما
أراه -في نظري القاصر- أنه يمكن أن يكون منهجا للشيخ أ. د. أحمد بن سعد في كتابه
الموسوم(حوار هادئ)الذي ألفّه ردا على المذكرة التي أرسلها إليه القزويني، وهنا
أحببت أن أنقل نقلين اثنين من الكتاب يكونان كالخاتمة لهذا العمل:
أما النقل الأول:
فهو الذي بغلاف الكتاب، وسأنقله بلفظه وبكامله، ولنقله فائدتان:
1.
أن ذلك
يكون كـ (تتمة) لبيان منهج الشيخ في ردّه على...
2.
وفي
الوقت نفسه يكون كـ (نتيجة) التي توصّل إليها الشيخ في بحثه.
فأقول:
قال كاتب الغلاف:
·
إن(صحة
المنهج) شرط في معرفة: (الحقيقة).
·
وإن
(فساد المنهج) سبب في جهل: (الحقيقة).
·
ولا
تنكشف (صحة المنهج) ولا (فساده) إلا بالحوار.
·
فالحوار
هو الذي ينبه الغافل ويوقظ النائم.
·
وفي هذا
البحث الموجز "حوار هادئ" مع أحد أساتذة التشيع الإمامي الإثني عشري من
خلال مذكرة بعثها للباحث ضمنها أهم معتقدات الطائفة الإثني عشرية.
·
هذه
المذكرة كشفت خللا كبيرا في منهج البحث
عند هذه الطائفة.
·
وخلل
المنهج هو السبب في خلل النتائج التي
انتهى إليها.
فقد استدل كاتبها بالقرآن
لكن بصرف الألفاظ عن دلالتها الظاهرة.
ثم استدل بالسنة ولكن
بالضعيف والموضوع منها، وما صح منها ـ وهو قليل ـ حمّله ملا يحتمل أو ليس في صلب
الموضوع.
ثم استدل بكتب التواريخ
والأدب ومثلها لا يليق بمن يريد معرفة الحقيقة أن يعتمد عليها.
·
ونحن لا
نستبيح مثل هذا المنهج لتقرير عقائدنا ولله الحمد والمنة.
·
وفرق بين
(من يبحث ليصل إلى الحقيقة) و(من يبحث ليقرر معتقده الذي يدين به حقا أو باطلا.)
·
وأرجو أن
يكشف هذا البحث الذي بين أيدينا عن ذلك الخلل المنهجي لدى تلك الطائفة ويبين
النتائج الخطيرة من خلال:"حوار هادئ"ينبه الغافل ويوقظ النائم.
وأما النقل الثاني: ففي بيان عدم
منهجية الرافضة... وأنهم حتى العقلِ الصريح السليم جانبوه وخالفوه:
فيقول الأستاذ في (ص:177من
كتابه):
ونضيف هنا إضافة أخرى:
الدين عقائد وأحكام،
وأخلاق:( أي: عفاف).
تقدم بيان المنهج في العقائد
والأحكام، ونضيف هنا: المنهج في الأخلاق، فأقول:
حرمة الزنا لا يجهلها
مسلم، فلو وجد شخص مع امرأة أجنبية يزني بها فقال: أنا أستمتع فكيف تستطيع أن تعرف
الحقيقة؟؟!!
إذنْ: إن التقية ترفع حكم
الزنا، فلا يمكن أن يوجد زنا مطلقا!!
فلا خطأ؛ لأن التقية تحله!!
ولا كذب في أخبار الغيب؛ لأن
البداء يحله!!
ولا زنا؛ المتعة تحله!!
أيّ دين هذا يا ترى؟؟؟!!!
وأما العقل المحايد: فهل عقل
الشيعي (محايد)؟! العقل الذي يسوِغ كتمان
آلاف الناس للوصية طيلة حياة الخلفاء الأربعة، ولا يرفع أحد صوته منهم لإعلانها،
وهم من أوذي في سبيل الدين، وفارق الأهل والأوطان، وحمل السيف لنصرة الدين، يجبنون
عن الصدع بالحق؟!!
ثم هل يسوِغ العقل أن يحدث
تكاتم للحق من غير اتفاق سبق من آلاف الناس؟!
ثم هل يسوّغ العقل أن يكون
الإمام المنصوب من الله جبانا خائرا، وقد كلف بأن يحمل الأمانة؟!
وهل يسوِغ العقل أن يَكْرَه
جميع الصحابة عليَ بن أبي طالب رضي الله عنه، فلا يرفعون صوته لنصرته؟!
ثم هل يسوِغ العقل أن يتنكر
الخلفاء لدينهم، ثم يحاربون لنصرته، ويعيشون حياة الزهد والعفة؟!
ثم هل يسوِغ العقل أن تطالب
فاطمة رضي الله عنها بحقها، وهو حطام الدنيا، وتسكت عن أعظم من ذلك، وهو إبطال
الوصية؟!
ثم أخيرا: هل يسوِغ العقل
المحايد أن يفشل الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية أتباعه؟! ـــ والخميني نص على
ذلك حيث قال: لقد جاء الأنبياء جميعا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم؛ لكنهم
لم ينجحوا حتى
النبي محمد خاتم الأنبياء، الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة وتربية
البشر، لم ينجح في ذلك ــــ[16] وهو أفصح البشر وأعلم بطبائع النفوس المؤيد من
رب العالمين؟!!
...كم من الأمور التي ادعاها
الشيعة لا يستطيع العقل أن يسوِغ حدوثها؟!
وأخيرا أقول: أورد الخطيب
البغدادي في الكفاية عن أبي زرعة: أنه [17] قال:" إذا رأيت الرجل
ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن
الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن
والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا
ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة".
وقال أبو جعفر الطحاوي في عقيدته:" ونحب
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد
منهم. ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".
وقال شيخ الإسلام ابن
تيمية في الواسطية:"ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم
لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى:(والذين جاءوا
من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في
قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم). وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في
قوله:"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدا ذهبا ما
بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه". ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من
فضائلهم ومراتبهم، ويفضلون (من أنفق من قبل الفتح) وهو صلح الحديبية( وقاتل)، على
من أنفق من بعده وقاتل، ويقدّمون المهاجرين على الأنصار. ويؤمنون بأن الله قال
لأهل بدر ـ وكانوا ثلاثمأة وبضعة عشر ـ:"اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".
وبأنه: "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة" كما أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم، بل قد:( رضي الله عنهم ورضوا عنه). وكانوا أكثر من ألف وأربعمأة، ونشهد
بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم كالعشرة. وثابت بن قيس، وغيرهم من
الصحابة. ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر ثم عمر، ويثلّثون بعثمان
ويربّعون بعلي، رضي الله عنهم كما دلّت عليه الاثار، وكما أجمع عليه الصحابة على
تقديم عثمان في البيعة. مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي
الله عنهما، بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر ـ أيّهما أفضل فقدّم قوم عثمان
عثمان وسكتوا وربّعوا بعلي، وقدّم قوم عليا، وقوم توقّفوا، لكن استقر أمر أهل
السنة على تقديم عثمان ثم علي. وإن كانت
هذه المسألة: مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عندعند
جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك إنهم يؤمنون أن الخليفة بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي.
ومن طعن في خلافة أحد من
هؤلاء فهو أضل من حمار أهله.
ويحبون أهل بيت رسول الله
ويتولونه، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم:
"أذكركم الله في أهل بيتي". وقال أيضا للعباس عمّه، وقد اشتكى إليه أن
بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال:" والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبونكم لله
ولقرابتي". وقال:"إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة
قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من قريش".
ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصا خديجة رضي الله عنها أم
أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية.
والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، التي قال فيها النبي صلى الله عليه
وسلم:" وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
ويتبرأون من طريقة الروافض
الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم. وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو
عمل. ويمسكون عما شجر بين الصحابة.
ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها: ما هو كذب، ومنها: ما قد زيد
فيها ونقص وغيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون ـ إما مجتهدون مصيبون، وإما
مجتهدون مخطئون.
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل
واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.
ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة
ما يصدر منهم ـ إن صدر ـ حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم. وقد ثبت بقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن خير
القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". وأن المد من أحدهم إذا تصدق
به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد
تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله
عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه. فإذا
كان هذا في الذنوب المحققة فكيف في الأمور الذي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا
فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور.
ثم القدر الذي ينكر من فعل
بعضهم نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في
سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم
وبصيرة، وما منّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد
الأنبياء. لا كان ولا يكون مثلهم، وإنهم
الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله.
هذ، وقد أوردت هذا الفصل كاملا لبيان الموقف الصحيح
الذي هو: عقيدة أهل السنة في الصحابة، وهذا الفصل من الواسطية ـ وإن كا ن مختصرا ـ
إلا أنه أبان وحوى ما يجب على المسلم اعتقاده في: (زوجات الرسول صلى الله
عليه وسلم وآلــــه وصحبه) تأصيلا وردا.
فرحم شيخ الإسلام رحمة
واسعة. وقد ذكر الطبري في تاريخه ـ أحداث
سنة:35ـ بداية نشأة الشيعة ـ الذين أصبحوا فيما بعد سابـّين للصحابةـ
وأن ابن سبأ اليهودي أظهر
لهم فيما أظهر لهم أربعة من معتقدات الشيعة التي هي:
1.
القول
بالرجعة.
2.
القول
بالوصية.
3.
عدم
عدالة الصحابة، لأنهم لم ينفذوا ما أوصوا به.
4.
الخروج
على ولاة الأمر بالطعن فيهم ... وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
روى الطبري عن يزيد القعسي أنه قال:( كان عبد
الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثم تنقّل في بلدان
المسلمين يحاول ضلالتهم. فبدأ بالحجاز، ثم
البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه
حتى أتى مصر فاعتمر فيهم.
فقال لهم فيما يقول: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع
ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد قال الله عزّ وجلّ:( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى
معاد)(القصص:85)، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقُـبل ذلك منه ووضع لهم الرجعة
فتكلموا فيها.
ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي
(وصي)، وكان (علي وصي محمد)، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعليّ خاتم الأوصياء.
ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناول أمر
الأمة!
ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق،
وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدءوا
بالطعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي المنكر تستميلوا الناس،
وادعوهم إلى هذا الأمر.
فبثّ دعاته، وكاتب من كان استفسد في الأمصار
وكاتبوه، ودعوا في السرّ إلى ما عليه رأيهم.[18].. واستمرّ على هذا المنهج.
هذا هو
أصل الفتنة، وقد نتج عنها مقتل عثمان، وظهور عقيدة الرجعة والوصية، ولكنها في
بدايتها.[19]
فانظر ـ يا رعاك الله ـ كيف يتلاعب الشيطان
بقلوب أولياءه ويرتّب لهم الضلال ترتيبا تدريجيا من الخنصر إلى البنصر ومنها إلى
الوسطى ثم السباحة(أو السبابة)، ولا يتركونهم حتى يخالفوا الترتيب. فاللهم
سلّم سلّمْ.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليه. وصلى الله على عبده
ورسوله النبي الأمي، وعلى آلــــــــــه وصحبه أجمعين.
والحمد
لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
أهم النتائج:
1.
سلامة
منهج أهل السنة والجماعة حيث إنه متلقاً من الكتاب وصحيح السنة على فهم سلف الأمة (أي: الصحابة
والتابعين ومن تبعهم ).
2. فساد منهج الشيعة لابتناءه على الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وصرف
القرآن وصحيح السنة عن دلالاتها الظاهرة.
3. سماحة وإنصاف الشيخ المكي وتأدبه بالآداب الشرعية في الحوار مع
القزويني, ولا أدل على ذلك من توثيقه له وذكر سماحته وأخلاقه الطيبة السابق الذكر.
4. أن الدعاوى تحتاج إلى بيّـنة, وعليه فالقزويني لما أكثر من ذكر
(الإنصاف مع الخصم في الحوار)، طولب بها( أي: البيّنة)... وكانت النتيجة أنه مجانب
لها كل المجانبة,إذ كتاباته ورسا ئله بعكس ذلك. كما هو موضح في السابق.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الفهرس
خطة البحث .............................................................
1
المقدمة ..................................................................
1
كلمة الشكر والتقدير
...................................................... 3
المبحث الأول: ترجمة الدكتور أبي مهدي القزويني الاثني......................4
ترجمة أ. الدكتور أحمد بن سعد حمدلن الغامدي
.............................5
كيف التقيا ؟ .............................................................5
المبحث الثاني: في بيان
منهج الشيخ أحمد في رده على رسالة الحسيني............6
المدخل قبل المنهج ... وفيه اسم الكتاب، ومؤلفه
وموضوعه، وصفحاته .......6
حقيقة منهجه ............................................................8
التنبيهات: ..............................................................10
الخاتمة: .................................................................21
كلام أبي زرعة في منتقصي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .......23
عقيدة الطحاوي في الصحابة ............................................23
نقل فصل بأكمله عن شيخ الإسلام في العقيدة
الواسطية ...................23
أهم النتائج:
...........................................................26
الفهارس..............................................................27
[3] مسلم (برقم:1827).
[4] كانت إشارة شيخ الإسلام عند تعليقه للآيتين
الّلـتــيــن في آخر سورة الأحزاب: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض)إلى
قوله: (إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله)الآية. فالإنسان
يحتاج إلى أن يصدق الله في سؤاله ضدّ هاتين النقمتين اللذان هما: العلم والعدل(
الإنصاف)، وذلك لأن الواحدة لا تكفي...
فالظلم ـ لوحده له قبحه على لمتصف به،
وكذلك الجهل له لونه من القبح آخر،
وعند اجتماعهما يتولّد لون من القبح ثالث.
[5] يدّعي أبو مهدي أنه لا يسب الصحابة رضوان الله
عليهم أجمعين، وإن كانت مذكرته مملوءة بالنوع الخفيف منه، وإن لم يقع في النوع
الغليظ الشديد، وأيضا دين الرافضة مبني على التقية. واللهَ سبحانه نسأل هداية الضال. ولعل ـ والله
أعلم ـ هو السبب في قول الدكتور:"يدعــــــــي". وهو المستعان.
[6] المسند:(برقم: 12742).
[8] بحار الأنوار(23|354 ــ390).
[17] الكفاية(ص: 67).
[19] أما متى
سميت الشيعة رافضة؟ وما الحامل على ذلك؟
فالراجح فيه: أنه لما سأل أحد الشيعة زيد بن على بن الحسين بن أبي طالب رضي
الله عنهما عن موقفه عن الشيخين وماذا يقول فيهما؟ فأثنى عليهما خيرا وقال: هما
صاحبا جدي محمد صلى الله عليه وسلم... فلما لم يرفض زيد الشيخين رفضوه ومتنعوا من
الدخول معه فيما يواجه من الحرب... فمنذ ذلك اليوم سموا رافضة لقوله لهم:"
أنتم الرافضة". ... ووافقته طائفة
فسموا: زيدية وكان من شعار الرافضة ـ وعلى راسهم الإمامية
ـ تفسيق أكثر الصحابة أو تكفيرهم والعياذ
بالله!!! وانظر إلى درج التي درجوا منها
والسلم التي تسلّموا منها ـ أعني: في النقل السابق ـ من القول: (بالرجعة) ثم (الوصية) ثم الطعن في الصحابة عموما، وفي خليفة الوقت خصوصا ــ إلى أن قتلوه مظلوما شهيدا. فرضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، وعاملهم هم
بما يستحقون. للمزيـــد في هذا: فليراجع:
(العواصم من القوصم) لابن العربي. (والفرق بين الفرق). وغيرهما.
No comments:
Post a Comment