أمير المؤمنين؛ الخليفة الراشد الخامس
الحسن بن علي بن أبي طالب t
كتبه : أبو بكر بن حمزة زكريا
بإشراف : الشيخ توفيق ...حفظه الله
بسم
الله الرحمن الرحيم
الخليفة
الخامس أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طـالب
ـ رضي الله عنهما شخصيّته وعصره:/
ســ
1. للشخصيـات الناجحة مقوّمات تنشأ عليها في بداية حياتها، من هذه الشخصيات: الحسن
بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، حدّدْ هذه المقوّمات التي ساهمتْ في نجاح
شخصيّتـه t
من خلال دراستك لنشأتـه.
جـــ . للشخصيات الناجحة مقوّمات تنشأ عليها
في بداية حياتها ولا بدّ؛ ـ وهذه المقوّمات هي التي تكون لهم عونا بعد الله عز
وجلّ لتحقيق ذلك النجاح ـ ولما كان أمـير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما من
هذه الشخصيات؛ أعنـي الذين نجحوا في الحياة وبعد الممات فلا بد كذلك من أنه نشأ
على مقوّمات أثّـرتْ له في بقيّة حياته حتى باء بالنجاح الدنيوي والأخـروي. وهذه
المقوّمات لبعضها تعلّق بقدر الله الكوني إذْ ما شاء الله كان، وما
لم يشأْ لم يكن. وأيضا فقد ترسّخ في عقيدة أهل السنة أنه: يجب القطع بالجنة على المنصوص
لهم بأسمائهم، وكذا العكس بالعكس، فالحسن والحسين والعشرة المبشرون بالجنة وفاطمة
وعكاشة وغيرهم ممن جاءت النصوص بالتنصيص
على أنهم من أهل الجنة، وقبلهم الأنبياء يجب القطع بذلك. وأما من عداهم فلا نقطع
لأحدهم بجنة ولا نار، بل نرجو للمحسن منهم ونخاف عليه ... كما أشار إلى ذلك
الطحاوي في عقيدته. فإذًا الحسن وأخوه الحسين قال عنها جدهما:[سيّدا شباب أهل
الجنة]فمن كان كذلك أعمله الله لذلك، فيخلل حيلته التوفيق والنجاح حتى يصل إلى النجاح
السرمدي بعد ما يعطيه ربه من النجاح الدنيوي كالذي أعطي الحسن t
من الإصلاح بين فئتــــين من المسلمين كما جاء في الحديث. وبعضها لها تعلّق
بأسرته التي نشأ فيها للقاعدة العقليّة التي تقول: وراء كل عظيم تربـيّة عظيمة.
سواء كانت ذلك من مؤدب ومربٍّ أو من خير المؤدّبـين ربّ العلمين. فالحسن t
أدّبه... ونُشِّـأ في بيت النبوّة وتربى على يديْ جده ووالده علي وأمه فاطمة وقد
قال الرسول r
فيما رواه البخاري {برقم:3383}: [الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في
الجاهليّة خيارهم في الإسلام ...]الحديث. فمعدن الحسن t نادر الوجود، لم ينشأ في الجاهليّة وإنما نشأ
في بيت النبوّة، مما جعله يكون سيّدا بما تعني هذه الكلمة من معنى، وقد اجتمع
للحسن t
من أصـالة النسب والتربيّة الأسريـّة ما لم تجتمع لغيه من الناس. فجده
الحبيب المصطفى r رسول هذه الأمة، وأفضل الأنبياء إطلاقا، الرحمة
المهداة، والنعمة المسداة، من لولاه لم يعرف الوجود سبب خلقه ولا مصالح نفسه،
بله... الغني عن تعريف المعرّفين ومدح المادحين، ولم يضرَّه تنطع المتنطعين وتنقيص
المتنقّصين، إذْ قال فيه ربه: (وإنـــــــــــــــــــك لعلى خُــلُق عظيم) اللهم
ابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وزده شرفا وإنعاما. وأبوه
علي بن أبي طالب t . وأمه
فاطمة الزهــــــــــــراء رضي الله عنها. وجدّته لأمه خديجة
بنت خويلد رضي اله عنها. وهؤلاء الثلاثة سيأتي ذكرهم بشيء من البسط في إجابة سؤال
الثاني إن شاء الله تبارك وتعالى. وبعد وفاة النبي r تولى أمير المؤمنين علي t
تربيّة الحسن t
وأشرف عليها إشراف مباشرًا، وكانت شخصية علي تتوافر فيها شروط المربِّي من: إخلاص
وشعور بالمسؤولية والاهتمام بها، وعطاء القدوة الحسنة للأبناء، والتوسّط في
المعاملة والعدل بينهم، وكذلك الرحمة والرفق واللين في تربيتهم. وأيضا لا شك أن
عليا فهم واستوعب قول الله تعالى:(يا أيّها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا
وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما
يؤمرون). وبعض هذه المقوّمات ترجع إلى أثـــر المجتمع الذي نشأ فيهم الحسن t
وذلك لأن البيئة الاجتماعية المحيطة بالإنسان
وبالأخص الأطفال لها دور فعال في صياغة الرجال. قال الشاعر:
ومن كان في جحر
الأفاعـــــــي ناشـئًا # غلبـتْ عليه
طبــائـع الثعبـان.
فالحسن t
عاش في زمن ساد فيه الصحابة والرعيل الأول
الذي تربى على يدي رسول الله r وشهد عليهم بأن خير
الناس القرن الذي كان فيهم كما رواه البخاري؛ فهيمنت الفضيلة والتقوى والصلاح على
ذلك المجتمع الفريد، وكثر الإقبال على العلم والعمل بالكتاب والسنة، وكان عدد
الصحابة الذين استوطنوا المدينة في حياة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى
التسليم كمًا كبيرًا، واستمر عدد كبير في المدينة بعد وفاة رسول الله r
، وإن مجتمعـًا عاش فيه الرسول r وتربى على يديه النواة
الأولــــــى لِــخير أمة أخْـرجت للناس وكان أفراد المجتمع مـثل: أبى بكر وعمر
وأبو هريرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، لهُــوَ مجتمع لا يدانيه أيّ مجتمع آخر،
فكانت هذه الحالة دفعت الحسن t إلى الاستفادة
والاقتــداء بالمجتمع الذي يعيش فيه، وشاهــــدَ كذلك الوحْــــيَ وصاحِـــبَ
الدعوة، ولازمَ رسول الله r ، فكان لهذه
المـــلازمة والصـحْبة آثــارًا نفسيّـة ومعـان إيمـانيّـة وتعلّـق روحـي؛ حيث
جذبـه ذلك إلى التأثـر بهم في السلوك والقول،فكان
لهذا المجتمع قوّةَ التأثير في صياغة الحـــسـن t
التربوِيّـــــة والعلمـــيّة. وبعض المقوِّمــات ترجع إلى مدرستــه وهي
بيت النبوي في حياته وبيوت الصحابة بعد وفاته r ابتداء ببيت أبيه؛ وقد سبق شيء من هذا كله.
وبعضها ترجع إلى سجاياه وخلاله التي تطبّــع ببعضها t
ـ كما سيتضح ذلك في الأتـي ـ وخُــلِق(وطُــــبِع)على البعض الآخـر. وبالجملة فإن
الحسن بن علي رضي الله عنهما أثَّـــرت فيه: مدرسته وأسرته،ثم مجتمعه، وكانت له
عونًا -بعد الله- لما قام به من أعماله الإصلاحيّـــة.
وهنا أذكر هذه العوامل والمؤثِـرات بشيء من
التحديد فأقول:
إن الحسن t
أثّرت فيه عوامل ـ بعد عون الله له ـ من أهمها:
·
نشأنه في بيت جده r
: وسبق شيء من ذلك.
·
تربية أبيه t
ورعاته: وسيأتي زيادة تفصيل فيه.
·
رعاية أمه الزهراء
وشيء من حنانها له: سيأتي تتمة الكلام فيه تكميلا لما سبق. إن شاء الله.
·
مجتمعه الذي نشأ وعاش
فيه: سبق شيء من ذلك. وهذه أهم العوامل الخارجيّة التي أثّرتْ في الحسن t
. أما العوامل الداخليّة التي هي خــلاله؛فأهمها ما يأتي:
·
زهده:
من خلال معايشة الحسن t للقرآن ولزومه
لوالده أمير المؤمنين علي t وتفـكره في هذه
الحياة فهم وأدرك أن هذه الدار ما هي إلا دار ابتلاء واختبار وأن الأولى بالعاقل
أن ينافس في نيل علو الدائم الباقي الذي فيه رضوان الله وقربه وجواره، وأن يرغب عن
العلو الفانـي الزائل الذي يعقبه غضب الله وسخطه وانحطاط العبد وسفوله وبعده عن الله
وطرده عنه، فلما فهم الحسن ذلك كله زهِـد الدنيا وما فيها من المال والشرف،
وفَـــــــــــرَّ إلى الله عز وجلّ وقال:" إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا
فنافــسْه في الآخرة".وزهده t هو الزهد الحقيقي حيث كانت الدنيا منقادة له
فتركها ابتغاء ما عند الله عز وجل، كما قال:" كانت جماجم العرب بيديّ،
يسالمون من سالــمْت ويحاربون من حاربــْت فتركتها ابتغاء وجه الله ". كما في
البداية {11 /206 } وفي رواية: ".... ولكن خشيت أن يجيء يوم القيامة سبعون
ألفا أو ثمانون ألفا، أو أكثر أو أقل، كلهم تنضح أوداجهم دمًا، كلهم يستعدي الله
فيم هريق دمه" كما في تاريخ دمشق:{ 14 / 104 }. وأورد ابن سعد في
الطبقات:{1/ 278 }بسند صحيح عن علي t
أنه خطب الناس ثم قال: " إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاً، وهو يريد
أن يقسّمـــه بينكم، فحضر الناس فقال:" إنما جمعته للفقراء، فقام نصف الناس،
ثم كان أول من منه الأشعث بن قيس". ومن سيرة الحسن t نتعلم أن بداية انطلاق النفس إلى رضاء الله،
وتخلّصها من جواذب الأرض، وتطهيرها من الشحّ بدوام الإنفاق في سبيل الله حتى يصير
سجيّـة من سجاياها، فتزهد في المال ويخرج حبه من القلوب فلا يفرح صاحبه بزيادته
ولا يحزن على نقصانه مصداقا لقوله تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فا تكم ) الآية.
فالحسن t قدوة للمسلمين في الترفّع عن حطام الدنيا وطلب
ما عند الله تعالى واحتساب الأجر والمثوبة، فالزهد في المناصب والكراسي من الأمور
الثقيلة على النفوس البشرية، فالأخوان والأصحاب والأقارب يتقا تلون على الكراسي
والمناصب، فانظر إلى التاريخ القديم والحديث ترى العجب العجاب، فالزاهد في الرئاسة
أقل ما يكون في دنيا الناس، وكم من أناس زهدوا في المال والنساء وغيرها من الأمور،
ولكنهم أمام الزعامة والرئاسة والمناصب ينهزمون، فالزهد في الرئاسة أقل ما يكون في
دنيا الناس، وقيل بأنه آخر ما ينزع من صدور الصالحين، وتأمل مقولة سفيان بن
الثوري، فقد قال:" ما رأيت الزهد في شيء أقل منه في الرئاسة، ترى الرجل يزهد
في المطعم والمشرب والمال والثياب، فإن نوزع حامَى عليها وعادَى.[1]
كما في السير. إياك وحبّ الرئاسة، فإن
الرجل تكون الرئاسة أحبّ إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير
من العلماء، فتفقّد نفسك واعمل بنيّة، واعلم أنه قد دنى من الناس أمر، يشتهي الرجل
أن يموت" كما في الحلية.[2]
فالحسن t يعلّمنا كيف نترك المناصب والكراسي إذا كان
تركها رضاء الله، ومصلحة للأمة، وحقنا لدمائها، وعملا على توحيدها، ومن الأمور
التي تساعدنا على الزهد في الدنيا: قصر الأمل، وذكر الموت، وزيارة القبور، وكان
الحسن بن علي t
مكتوب على خاتمه:
قدّمْ لنفسك ما
استطعْـــــــت من التقى # إن المنـــيّة نازل بــــك يا فتى.
أصبحت ذا فـــــــــرَحٍ
كأنــك لا تـــرى # أحبـــاب قلبــك في المقابر والبلى. كما في تاريخ دمشق.[3] لقد كان الحسن t من زهاد عصره، ونال في مقام الزهد القدح
المعلى، فقد ترك الدنيا وحطامها واشتغل برضا الله تعالى، وكان له في ذلك شغل عن
طلب المنزلة عند الخلق، ومع هذا فقد أعطاه الله المنزلة في
قلوب الخلق والشرف عندهم، وإن كان لا يريد ذلك ولا يقف معه، بل يهرب منه أشدّ الحرب
خشية أن يقطعه الخلق عن الحقّ جلّ جلاله، قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
سيجعل لهم الرحمن ودًا). أي: في قلوب عباده. وفي الحديث: {إن الله إذا أحبّ عبدًا نادي:
يا جبريل! إني أحبّ فلانًا فأحبّه، فيحبّــه جبريل، ثم يحبّه أهل السماء، ثم يوضع
له القبول في الأرض}. كما في صحيح مسلم[4].
وبكل حال فطلب شرف الآخرة يحصل معه شرف في
الدنيا، وإن لم يردْه صاحبه ولم يطلبْه، وطلب شرف الدنيا لا يجامع شرف الآخرة ولا
يجتمع معه، والسعيد من آثر الباقي على الفاني،
قال أبو الفتح البستي:
أمــرا ن مفترقـــان لسْــــتَ تراهما #
يــتـشوّقان لخُــلْطة وتــلاقي.
طـــلـب المعــاد مـع الريــاسة والعلي # فدع
الذي يــــــفنى لمــا هو باقــي.
* علمه
وعمله: أما عن علمه فأقول: كان ممن اهتم به
اهتماما كبيرا والده علي t ، إذ كان يعلّم
الناس كتاب الله عز وجل ومن بينهم أبناءه، وفي مقدّمتهم الحسن t فتعلم منه: منهجه لبيان الحكم الشرعي وطريقته
في الاستنباط، والتي كانت ملامحها: 1. الالتزام بظاهر القرآن. 2. وحمل المطلق على
المقيّد. 3. وحمل المجمل على المفصّل. 4. والعلم بالناسخ والمنسوخ. 5. والنظر في
لغة العرب. 6. وفهم النص بنص آخر. 7. والسؤال عن مشكله. 8. والعلم بمناسبة الآيات.
9. وتخصيص العام. 10. ومعرفة عادات العرب وأحوالهم. 11. وقوّة الفهم وسعة الإدراك.
ويعتبر أبو عبد الرحمن السلمي شيخ الحسن t
( بعد أبيه).في القرآن، وهو القائل : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ـ
كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما ـ : أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي r عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من
العلم، والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم، والعمل جميعا". ولهذا كانوا
يبقون مدّة في حفظ السورة. كما في الفتاوى:{13 //
177}. وقد سار الحسن t على نفس الطريقة في
حفظ القرآن وفهمه والعمل به. وتظهر غزارة علم الحسن t
، ودقّة فقهه في علم المصالح والمفاسد، ومعرفته العميقة بمقاصد الشريعة في تقديمه
وحدة الأمّة وحفظ الدماء على المصلحة الخاصّة من ملك الدنيا عندما تنـــازل
لمعاوية t
. أما عبادته فمع ما رضع من معدن
النبوّة رضع من لبان العبادة، وأيضا تربيّة الزهراء التي جاءت إلى أبيها رسول الله
r لتطلب خادما، فدلّها على ما هو أفضل من ذلك،
ألا: وهو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وقال لهما أيضا ـ هي وزوجها ـ رضي
الله عنهما في الليل وهما على الفراش: ألا تقومان تصلِّــــــيان؟ فأطل على الحياة
في بيت الزهد والعبادة، والورع والتقى، والحلم والصبر، وانغمس في هذه المفاهيم
والمُــثُــل والمبادئ حتى غدا مثلا من مثلها، بل إذا توضأ وفرغ من الوضوء تغيّر
لونه، فقيل له في ذلك فقال: حق لمن أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغيّر
لونه". كما في وفيات الأعيان:{2/
69}. وأما ابن سعد كاتب الواقدي فذكر في الطبقات الكبرى:{ 5/ 398} قوله: ما رأيت أخوف من الحسن بن على t
وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تُــخْلَق إلا لهما". * وكان إذا صلى الصبح في مسجد رسول الله r
يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس. * ويقول إذا طلعت الشمس: سمع سامع بحمد
الله الأعظم لا شريك له،...." الحديث صحيح الإسناد. {الطبقات: 1/ 291}. * وقد كان t
يأخذ نصيبه من القيام في أول الليل...." كما في:{الزهد: 171}. ومهما كثرت دعاوى المحبّة طولب أصحابها
بالدليل، وشهدت عليهم ساعات الليل؛ إذ بالليل يتم غرس بذور الإخلاص والصدق...
. *وكان كثير الحج: لقد حج الحسن خمسا
وعشرين حجة ماشيا كما قال ابن عباس t بل ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات، حتى إنه
يعطي الخف ويمسك النعل. كما في:{السيَرِ: 3/ 260}. * وكان t
كثير الصمت، متعبّدا على منهج جدّه r
.
* إنفاقه
وكرمه وجوده: كان الحسن t
على جانب عظيم من السخاء والجود، وكيف لا يكون كذلك وقد شبّ وكبر في بيت أكرم
الكرماء رسول الله r الذي يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وقد تسلسلت
إليه هذه الخلّة الكريمة وتشرّبتها نفسه في طفولته، وأخبار كرمه وجوده أصبحت مضرب
الأمثال، وقدوة العظماء من الرجال. قال ابن سيرين: ربما أجاز الحسن على الرجل
الواحد بمأة ألف. كما في: {تهذيب الكمال: 6/ 234}. وفي:{ السِيَرِ: 3/ 260}قال سعد
بن عبد العزيز: سمع الحسن رجلا إلى جانبه يدعو الله أن يملكه عشرة آلاف درهم فقام
إلى منزله فبعث إليه".
* حـــــــــــلمـــه:
ومن الأمثلة الواقعيّة على اتصافه t به ما ذكره الحافظ الذهبي في :{السير: 3/ 260} من أنه t كان بينه وبين مروان بن الحكم كلام، فأقبل عليه
مروان فجعل يغلظ له، والحسن ساكن، فامتخط مروان بيمينه، فقال الحسن t
:" ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج، أفٍ لك" فسكت مروان.
وما سكون الحسن إلا لما كان لحق نفسه، فلما خالف مروان السنة غضب لله وللسنة وأبان
له الصواب فيها. ولما مات t بكى عليه مروان.
ولما دخل رجل غريب من الشام المدينة، وسبّ الحسن وأباه رضي الله عنهما قال
له:" أحسبك غريبا، قال: أجل، قال: مرّ بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك، وإن
احتجت إلى مال آسيناك، أو إلى حاجة عاويناك، قال: فانصرفت عنه وما على الأرض أحبّ
إليّ منه، وما فكرت فيما صنع وصنعت إلا شكرته عنه وخزيت نفسي. كما في: {وفيات
الأعيان: 2/ 67 ـ 68}. أنظر ـ يا رعاك
الله ـ إلى شدة الامتثال بمثل قول الله: ( خذِ العفو) الآية. وقوله: ( ادفع بالتي
هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقّاها إلا الذين صبروا
وما يُلقاها إلا ذو حظ عظـــــــــيم).
* تــواضــعه:
فقد ذكر الصلابي ـ حفظه الله ـ أنه مرّ الحسن t على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الرض
كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق، وهم يأكلون منها فدعوه إلى مشاركتهم
فأجابهم إلى ذلك وهو يقول: إن الله لا يحبّ المتكبرين. ولما فرغ من تناول الطعام
دعاهم إلى ضيافته، فأطعمهم وكساهم وأغدق عليهم من إحسانه. والتواضع من علامة حبّ
الله للعبد. كما في سورة المائدة.
* سيــادتــه:
ولقد أعلن رسول الله r مكانة هذا الإمام والخليفة الراشد وسيادته
وجلالة قدره، على مرأى ومسمع من الناس في غير مرّة، وقد تواترت الروايات والآثار
الصحاح عن النبي r أنه قال: [ إن ابني هذا سيّد وعسى الله أن
يبقيه حتى يصلح بين فئتين عظمتين من المسلمين].[5]
كما روى ذلك البخاري. وخبر سيادة الحسن
متواتر ـ كما قال ابن عبد البر وغيره رحمهم الله ـ رواه ستة عشر صحابيا عن النبي r
. وقد أثبتت الأيام ومرور الشهور والأعوام على رسوخ صفة السيادة في الحسن t
، وقد بلغتْ ذروتها في توفيق الله له في عقد الصلح مع معاوية t
، وجمع الأمة على كلمة سواء، فقد كان الحسن سيّدًا جليلا، ويعلّمنا الحسن بأن
السيادة لا تكون بالقهر وسفك الدماء، أو إهدار الأموال والحرمات، بل السيادة
بصيانتها وإزالة البغضاء والشحناء، فصلحه وحقنه للدماء بلغ به ذروة السيادة التي
لا يستطيعها مَن فكّر بالقوة وهو يملك طرفا منها، وقد صالح الحسن t
معاوية t وحوله الألوف فيهم من هو طامع مدسوس ولكن فيهم
الكثير الكثير من الأوفياء المخلصين، فما أراد أن تراق بسببه قطرة دم، أو يخدش
مسلم في هذا السبيل. وهذه المقوّمات العظام والصفات الفخام، هي التي بمجموعها
كوّنتْ شخصيـة الحسن t حتى نجح في مشروعه
الإصلاحي. وقد اتصف مجتمعه بالصفات الآتي ذكرها عامة، واتصف هو t بها خاصة، وذلك لأن شخصيّة الحسن t
تعتبر شخصية قيادية، وقد اتصف بصفات القائد الرباني، فمن أهم هذه الصفات: إيمانه
العظيم بالله واليوم الآخر، والعلم الشرعي، والثقة بالله، والصدق، والكفاءة،
والشجاعة، والمروءة، والزهد، وحب التضحية، والتواضع، وقبول النصيحة، والحلم
والصبر، وعلو الهمة، والحزم، والإرادة القويّة، والعدل والقدرة على حلّ المشكلات،
وغير ذلك من الصفات، وبسبب ما أودع الله فيه من صفات القيادة الربانيّة استطاع أن
يقدّم مشروعه الإصلاحي مع قدرته على التنفيذ والتغلّب على العوائق
في الطريق، وتوجت جهوده الفذة بوحدة الأمة. هنا نهاية جواب سؤال
الأول. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ســــــ 2.
تميّـــز الحسن t بشخصية فريدة في
نسبه، تحدث عن هذا النسب من جهة والدته ووالده؟.
لو كان لي من الأمر شيء لقدّمت جواب هذا السؤال
على الذي قبله حتى نتعرف على شخصية الحسن t في نسبه من الجهتين، ثم نتعرف على المقوّمات التي
نشأ عليها في أول حياته وأكسبته ذلك النجاح المشاد إليه في تنفيذ مشروعه الإصلاحي.
والله المستعان.
جـــــــ
فأول في الجواب: جاء في تاريخ
ابن عساكر:{14 /70 }.أنه قال معاوية t ـ وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ـ :
من أكرم الناس أبا وأما وجدا وجدة وخالا
وخالة وعما وعمة؟ فقام النعمان بن العجلان الزُرقاني، فأخذ بيد الحسن t
فقال: هذا؛ أبوه علي t
، وأمه فاطمة رضي الله عنها، وجده رسول الله r
، وجدته خديجة رضي الله عنها، وعمه جعفر t
، وعمته أم هـاني بنت أبي طالب رضي الله عنها، وخاله القاسم t
، وخالته زينب رضي الله عنها. وتفصيل هذا؛ أقول:
الحمد لله الذي خلق واختار، وقال جل شأنه: ((
وربك يخلق ما يشاء ويختار ما لهم الخيرة)). خلق من البقاع أمكنة جعلها خيرها، ومن
الأزمنة مواسيم خيرات، واصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس، حتى اصطفى من البشر
رسلا جعل أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم موازين توزن بها الأقوال والأخلاق والأعمال،
ومن ذلكم يا عباد الله ! نبينا ورسولنا وسيّد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، اصطفاه الله من بني هاشم، كما اصطفى بني هاشم من
قريش، وهم من كنانة، وكنانة من ولد إسماعيل،
وهو من إبراهيم عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة وأزكى التسليم. محمد r خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق، قال عليه
الصلاة والسلام: { كان خيرهم نسبا وخيرهم بيتا}.رواه الترمذي.
محمد خير خــــــــــــــــــلق الله كلّــــــــــــهم # محمد خيــــــــــــــر من يمــشــــي على قدم.
نشأ يتيم الأبوين فاقدا تربيتهما وحنانهما، قال تعالى: (( ألم يجدك يتيما فآوى))، متقلِّبا بين
أحضان متوالية برعاية من الله وكلاءة، حفظه الله في صغره وصانه في كبره، فما استلم
صنما ولا مس وثنا. جمع من الأخلاق أطيبها ومن الآداب أزكاها، قال شيخ الإسلام:
" لا تحفظ له كذبة واحدة، ولا ظلم لأحد، ولا غدر بأحد، بل كان أصدق الناس
وأعدلهم وأوفاهم بالعهد، مع اختلاف الأحوال عليه من أمن وخوف وتمكن وضعف".
إذا قدمت إليه فاطمة رضي الله عنها قام
إليها وأجلسها بجانبه، وقال لها: {مرحبا}، وقال:{خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم
لأهلي}. شهد له خالقه بعلو خلقه، فقال:( وإنــــــــــك لعلى خـلـق عظيم). هذا نبي
الله، وهذا جد الحسن t . وقد كتب الناس عنه
r
آلاف المجلدات؛ بعضها في شمائله وأخلاقه، وبعض الآخر في نسبه الشريف ونسبته، وحصر
العلماء المتفق من نسبه، والمختلف الذي هو من إبراهيم إلى آدم عليهما الصلاة والسلام.
وكأنــــــــــــي بالحسن t يتمثل بقول الشاعر:
أولئـــــــك آبـــــــــائي فجئـــني بمثلهم #
.............................................................................
تزوّج قبل البعثة بامرأة نبيلة شريفة لبيبة، هي
أعظم النساء شرفا، وأوفرهن عقلا، ذاك جدة الحسن t
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العرى بن قصي بن كلاب، تزوّجها بمكة. وهو ابن خمس
وعشرين سنة، وبقيت معه إلي أن أكرمه الله برسالته، فأمنت به ونصرته، فكانت له وزير
صدق، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين في الأصحّ. وقيل: بأربع، وقيل: بخمس، ولها
خصائص:
منها: أنه لم يتزوج عليها غيرها.
ومنها: أولاده كلهم منها، إلا
إبراهيم t
، فإنه من سريّته ماريه.
ومنها: أنها خير نساء الأمة.
واختلف في تفضيلها على عائشة رضي الله عنها على ثلاثة أقوال، ثالثها الوقف. وسألت
شيخنا ابن تيميّة فقال: اختص كل واحدة منهما بخاصة؛ فخديجة كان
تأثيرها في أول الإسلام. وكانت تسلي رسول الله r وتثبته وتسكنه، وتبذل دونه مالها فأدركت غرّة
الإسلام واحتملت الأذى في الله ورسوله؛ وكان نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة،
فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها.
وعائشة t
تأثيرها في آخر الإسلام؛ فلها من التفقه في الدين، وتبليغه إلى الأمة، وانتفاع
نبيّها بما أدّت إليهم من العلم ما ليس لغيرها. هذا معنى كلامه. قلت: ومن خصائصها
أيضا ـ بل من أعظمها ـ أن الله سبحانه بعث إليها السلام مع جبريل فبلّغها النبي r
ذلك. قال البخاري في صحيحه، وساق سنده إلى أبي هريرة t أنه قال: " أتى جبريل النبي r
فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتْ معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا
أتتك فاقرأْ عليها السلام من ربها ومنّــــــــــــي، وبشّرها ببيت في الجنة من
قصب ( اللؤلؤ المجوّف) لا صخب فيه ولا نصب". وهذه لعمر الله خاصة لم تكن
لسواها.
ومن خواصها: أنها لم تسؤه قط ولم
تغاضبه ولم ينلها منه إيلاء ولا عتب قط ولا هجر. وكفى بهذه منقبة وفضيلة.
ومنها: أنها أول امرأة
آمنت بالله ورسوله من هذه الأمة. قال هذا الكلام كله ـ بتصرف مني في النقل ـ ابن
القيم ـ رحمه الله تعالى ـ وذلك حين ترجم لأهل المصطفى بتراجم موجزة لكل واحدة
منها في الجلاء[6]
فهذه هي جدة الحسن t
، فهي أم أمه، والرسول الكريم أبوها.
أما أمه فهي فاطمة بنت إمام
المتقين سيد ولد آدم رسول رب العلمين r
، وأمها خديجة بنت خويلد، كانت فاطمة تكنى ببنت أبيها، ولدت رضي الله عنها قبل البعثة
سنة خمس وثلاثين من مولد النبي r ، خطبها علي باقتراح
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فزوّجه النبي r
إياها سنة اثنين للهجرة بعد وقعة البدر، وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب
ومحسّن، وفي كتب الشيعة جاءت روايات تدل على مساهمة لعثمان بن عفان t
في الزواج الميمون؛ حيث قال علي t :" فأخذت درعي
فانطلقت به إلى السوق فبعته بأربع مأة درهم من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم
منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن، ألست أولى بالدرع منك، وأنت أولى بالدراهم
مني؟ فقلت: نعم، قال: فإن الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى
رسول الله r
، فطرحت الدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان t
فدعا له النبي r
بخير.[7]
زُفت أم الحسن إلى بيت زوجها، وكانت معيشتهما ـ رضي الله عنهما مع أنهما من أحب الناس إلى رسول الله r
ـ معيشة زهد وتقشف، وصبر وجهد، ففي الكنز[8]:
عن الشعبي قال: قال علي t
: تزوجت فاطمة بنت محمد رسول الله r وما لي ولها فراش
غير جلد كبش ننام عليه بالليل، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار، وما لي خادم
غيرها". وهذه القصة تصور لنا حال السيدة فاطمة من التعب، وموقف رسول الله r منها عندما طلبت منه أن يعطيها خادما من السبي،
قالت فاطمة لأبيها r :" قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاء الله
بسبي وسعة فأخدمنا، فقال رسول الله r
: {والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني
أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم}. فرجعا فأتاهما النبي r
وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطت رؤوسهما تكشف أقدامهما، وإذا غطيت أقدامهما تكشف
رؤوسهما، فثارا، فقال: {مكانكما}، ثم قال:{ ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا:
بلى. فقال: كلمات علّمنيهن جبريل عليه السلام، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا،
وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا
ثلاثا وثلاثين، وكبِّرا ثلاثا وثلاثين. كما في الصحيحين[9]
ولقد تأثر والد الحسن t
بهذه التربية النبوية، ويمر الزمن بأمير المؤمنين فيصبح خليفة المسلمين، فإذا به
من آثار هذه التربية يترفع عن الدنيا وزخارفها، وبيده كنوز الأرض وخيراتها، لأن
ذكر الله يملأ قلبه، ولقد حافظ على وصية رسول الله r
له، وقد حدثنا عن ذلك فقال:" فوا لله
ما تركتهن منذ علّمنِيهن رسول الله r
" فقال له أحد أصحابه: ولا ليلة الصفين؟ فقال: "ولا ليلة
الصفين". وقال النبي r في أم الحسن رضي
الله عنهما:
*{فاطمة بضعة مني
فمن أغضبها أغضبني}. رواه البخاري[10]
*وعن عائشة t
قالت: " ما رأيت أحدا أشبه سمتا ولا دلا برسول الله r
في قيامه وقعوده من فاطمة بنت رسول الله r
، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها وأجلسها في
مجلسه،.........."الحديث رواه مسلم.[11]
وفي هذا منقبة ظاهرة لفاطمة رضي الله
عنها حيث وصفتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تشبه النبي r
هيئة وطريقة وحسن حال، وصدق لهجة، فرضي الله عنها وأرضاها.
*وقال عنها وعن أمها أبوها:
{حسبك من نساء العلمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسيا
امرأة فرعون}. صححه الألباني في المشكاة[12]
* قال البخاري: باب مناقب فاطمة t
، وقال النبي r
: {فاطمة سيدة نساء أهل الجنة}.
*روى الحاكم أنه:
{كان أحب النساء إلى رسول الله r فاطمة، ومن الرجال
علي} ولا تعارض بينه وبين ما في الصحيح من حديث عمرو أنه سئل النبي r
: أي الناس أحب إليك؟ قال: {عائشة}. قال: من الرجال؟ قال: {أبوها}. قال ابن
العربي:" كان أحب الناس إلى رسول الله r
أبوبكر، وأحب أزواجه إليه عائشة، وأحب أهله إليه فاطمة، وعلي من رجالهم".
وبهذا الترتيب ائتلفت الأحاديث. والله ولي التوفيق. هذه أم الحسن t
. قال محمد إقبال في قصيدته الرقيقة:
نسب المسيح بني لمريم
سيرة بقيت على طول المدى ذكراها.
والمجد يشرف في ثلاث
مطالع في مهـد فاطمـة فمــا أعـــلاها.
هي بنت منْ هي زوج منْ هي أم
من من ذا يداني في الفخار أباهــا.
هي ومضة من نور عين
المصطفى هادي الشعوب إذا تروم هداها.
من أيـقظ الفطر النيـام
بروحــــــــه وكأنــــــه بعـــد
البــلى أحــياها.
وأعــــاد تاريخ الحيـــاة
جديـــدة مثل العرائس في جديد حـــلاها.
هي أســــوة للأمـــهات
وقـــدوة يترسّم القمر المنير
خــطاهــــــا.
جعلت من الصــبر الجميـل
غذائها ورأتْ رضا الزوج الكريم رضاها.
إلى آخر أبياته التي قالها
عن بنت رسول رب العلمين؛ فاطمة أم الحسنين، رضي الله عنهم أجمعين.
أما أبو الحسن t فهو الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله، وختنه على ابنته؛ فاطمة الزهراء، ورابع
الخلفاء الراشدين، وأكثرهم رواية حديث خليل رب العلمين، ووالد السبطين للرسول
الكريم؛ الحسن والحسين. كان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب
الشورى، وممن توفي رسول الله r وهو عنهم راض، قيل
إنه أول من أسلم، والصحيح: أنه أول من أسلم من الغلمان.كما أن خديجة أول من أسلم
من النساء. هاجر علي t بعد خروج رسول الله r
من مكة، وكان قد أمره بقضاء ديونه ورد ودائعه، ثم يلحق به، فامتثل ما أمره به، ثم
هاجر. وشهد مشاهد طائلة؛ منها:
فبات الناس يذكرون أيّهم يعطاها، فدعا
عليا ـ وكان أرمد ـ فدعا له، وبصق في عينه فلم يرمد بعدها، فبرأ وأعطاه الراية،
ففتح الله على يديه. وهذا في خيبر.
وفي بدر نزلت فيه t وفي عمه حمزة t وابن عمه عبيدة بن الحارث t وخصومهم الثلاثة ـ عتبة وشيبة والوليد بن عتبة
ـ قوله تعالى: ((هذا خصمان اختصموا في ربّهم))الآية. وشهد المشاهد
إلا أنه لم يشهد تبوك؛ واستخلفه النبي r
وقتها على المدينة، قال: يا رسول الله! أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال: {ألا
ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي}.كما في الصحيحين[14].
ولما مرض رسول الله r
قال له العباس: سل رسول الله r فيمن الأمر بعده؟
فقال: والله لا أسأله فإنه إن منعها لا يعطيانها الناس بعده أبدا". والأحاديث
الصحيحة الصريحة دالة على أن رسول الله r
لم يوص إليه ولا إلى غيره بالخلافة، بل لُوِّح بذكر الصديق، وأشار إشارة مفهمة
ظاهرة جدا إليه. ونقلت ترجمة علي t في البداية لابن
كثير رحمه الله تعالى[15]
[16]
مما سبق يتضح جليا أن نسب الحسن t أعلى النسب إطلاقا؛ إذ جده هو رسول هذه الأمة،
وجدته زوج النبي، وأبوه أخ النبي، وأمه بنت النبي، فمن كان كذلك فإن الغرس نعم هو،
قال شاعر:
سيرة الأولاد صنع
الأمهات وخلال
الخير طبع الأمهات.
زهرة في روضة الصدق البتول أسوة النسوة في الحق
البتول.
نُشِّـئتْ ما بين صبــر
ورضــا في الفم
القرْآنُ، والكف الرحى.
دمعها من خشـــية الله
جـــرى في مصلاهــا يفوق الجو هرا.
وحق للحسن أن يتمثّل بمثل قول الشاعر:
أولئك
آبائي فجئني بمثلهم # إذا جمعتنا ـ يا
جرير ـ المجامع.
ســــــ . للحسن t مكانة عند جده رسول الله r
، حــــــددْ هذه المكانة، مستعرضا للفضائل الواردة فيه، والصفات الشخصية التي
برزت فيه، مستعينا بمراجع أخرى في هذا الباب ودارسا للأحاديث الواردة صحة وضعفا.
جــــــ . تمتع الحسن t بمكانة عالية من جده
الرسول الكريم r
، وذلك لسببين:
1_ لكونه سبطه. 2_ ولما تحتمله نفس الحسن t
من صفات عالية طيّبة وخلق عال، وتواضع كريم. وإليك بعض الأحاديث والمواقف التي
تبيّن مكانته عند جده r :
أولا: محبة رسول الله r
ورحمته بالحسن وملاعبته له:
جاءت أحاديث كثر تشير إلى
حبه r ورحمته وعطفه وحنانه وملاعبته للحسن t
، بل ولأخيه الحسين كذلك، وفي الأحاديث أيضا ما يرشدنا إلى كيفية بناء نفس الطفل
وتكوينه، فهنا أذكر شيئا منها حال كوني
دارسا لها:
قال أبو هريرة: فما رأيته إلا دمعت
عيناي. وفي مسلم عن البراء قال: رأيت الحسن بن علي على عاتق النبي r
وهو يقول:{{اللهم إني أحبه فأحبه}[18]
وعن يعلى بن مرة قال: جاء الحسن والحسين يستبقان
إلى رسول الله، فجاء أحدهما قبل الآخر، فجعل يده في عنقه فضمه إلى بطنه وقبّل هذا
ثم قبّل هذا، ثم قال: {{إني أحبهما، فأحبوهما. أيها الناس: الولد مبخلة ومجبنة}[19]
وعن زهير بن الأقمر قال: قال رجل من الأزد: سمعت
رسول الله r
يقول للحسن بن علي:{{من أحبني فليبلغ الشاهد منكم الغائب}[20]
ولولا عزمة رسول الله r
ما حدثتكم. وعن ابن مسعود t قال: كان النبي r
يصلي والحسن والحسين يثبان على ظهره، فيباعدهما الناس فقال: {{دعوهما، بأبي هما وأمي، من أحبني فليحب هذين}[21]
فهذه الأحاديث كلها في دائرة الاحتجاج ـ كما
اتضح في الحاشية عزوها إلى مصادرها مع بيان حكمها صحة ـ بها؛ وعليه: فإن معناها؛ أن النبي r أخبرنا بأنه يحب الحسن والحسين، ويدعو الله أن
يحبهما بل ويحب من يحبهما، وأنه شرع لنا محبتهما بل قال: من أحبني فليحب الحسن،
وأمر أن يبلغ الشاهد الغائب. وبين كذلك أن من أبغضهما فقد أبغضه r
. أنظـــــــــرْ إلى هذه المكانة ما أعظمها!.
أما حديث علي t أن رسول الله r
أخذ بيد الحسن والحسين وقال:{من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي
يوم القيامة}. فقد أخرجه أحمد والترمذي وقال:{{وكان معي في الجنة}}. وقال:
"حديث غريب". بل متنه منكر، وسنده ضعيف[22].
ودل هذان الحديثان الآتيان على رحمة المصطفى r
بالحسن والحسين وسؤال الله لهما ذلك، وأنه من لا يرحم لا يرحم. فعن أسامة بن زيد ـ
رضي الله عنهما ـ قال: كان رسول الله r
يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ويقول:{{اللهم إني أرحمهما
فارحمهما}[23]
وعن أبي
هريرة t
قال: جاء الأقرع على النبي r
فرآه يقبل إما حسنا وإما حسينا فقال: تقبّلـــه، ولي عشرة من الولد ما قبّلت واحدا
منهم. فقال رسول الله r : {من لا يرحم لا
يُرْ حَم }. رواه مسلم.[24]
ومما جاء دالا على شفقة النبي r
على الحسن t
ما رواه معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ، ورواية معاوية للحديث تدل على
محبته للحسن رضي الله عنهما ـ أنه قال: كان رسول الله r
يمص لسان الحسن أو شفته، وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله r رواه أحمد.[25]
وفي المستدرك عن أبي هريرة t
: أنه لقي الحسن بن علي في بعض طرق المدينة فقال له: اكشف لي عن بطنك ـ فداك أبي ـ
حتى أقبل حيث رأيت رسول الله r يقبله. قال: فكشف عن
بطنه، فقبل سرته.[26]
وجاء في هذه الأحاديث الضعاف الأسانيد أن النبي r
كان يلعب بهما رضي الله عنهما. فعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان
النبي r
حاملا الحسن t
على عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي r
{{ونعم الراكب هو}[27]
وعن جابر بن عبد الله قال: دخلت على النبي r
، فإذا الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره يحبو بهما في البيت وهو يقول:{نعم
الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما}[28]
.وعن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع النبي r
، فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما
فضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا حتى يقضي صلاته.[29]
ومرة كان يخطب إذْ أقبل عليه الحسنان...إذْ نزل
رسول الله r
عن المنبر فرفعهما إليه وقال: صدق الله: ((إنما أموالكم وأولادكم فتنة))الحديث كما
في الشريعة[30]
والحديثان الأخيران رواهما مسلم ابن الحجاج
بسنده عن سلمة بن الأكوع قال: لقد قدت بنبي الله r
والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي r
هذا قدامه، وهذا خلفه. وعن أبي هريرة t
قال: خرجت مع رسول الله r في طائفة من النهار
لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة فقال:
أثم لكع( يريد الصغير) أثم لكع يعني:" حسنا"، فظننا أنه إنما تحبسه أمه
لأن تغسله وتلبسه سخابا، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما
صاحبه".[31]
هذه سبعة عشر حديثا ذكرها
الصَلاّبي في بيان مكانة الحسن t عند جده r
، قمت بدراستها، إلا أن هذه الإحالات هي نفس إحالاته ببعض تصرفات مني وزيادة.
وقد قام النبي r تجاه سبطيه وغيرهما من الأطفال بما يأتي:
أـ قبلهم ورأف بهم ورحمهم.
ب ـ داعب ومازحهم.
ج ـ قدّم العطايا
والهدايا لهم.
د ـ مسح رأس الطفل.
هـ ـ حسّن استقبالهم.
و ـ تفقّد حالهم وسأل عنهم.
ز ـ كونه r
كبيرا لم يمنعه اللعب مع الصغار. و(لقد كان لكم في رسول أسوة حسنة لمن كان يرجو
الله واليوم الآخر).
ثانيا: مما يدل على مكانة الحسنين عند
جدهما قوله فيهما:
1ـ روى ستة عشر صحابيا عن النبي r
قوله: {الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ...} وسئل أحمد عن الحديث، فقال: صحيح.
وقد أثبتتْ دراسة الشيخ عثمان الخميس لطرق الحديث حسنه.[32]
2ـ عن أبي نعيم، قال:سمعت عبد الله بن
عمر وسأله عن المحرم، ـ قال شعبة: أحسبه يقتل الذباب ـ فقال: أهل العراق يسألون عن
الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله r
، وقال النبي r
: {هما ريحانتاي من الدنيا}. رواه البخاري[33]
3ـ أعلن النبي r
مكانة الحسن t وبين جلالة قدره، على مرأى ومسمع من الناس في
غير ما مرّة، وقد تواترت الروايات بقوله r
: {إن ابني هذا سيّد}. ورواية البخاري للحديث: {.... ولعل الله أن يصلح به بين
فئتين من المسلمين}.[34]
فهذا الحديث فيه منقبة للحسن t
فقد أخبر النبي r بأنه سيّد. وأبو
هريرة يقول له: "سيّدي" فروجع في ذلك فقال: إني سمعت رسول الله r
يقول: {إنه لسيّد}[35]
وقال عنه كذلك: {من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب
أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي}[36]
ثالثا :تعويذ النبي الحسنين بكلمات الله
التامة...................:
من المواقف التي تدل
على مكانة الحسن t عند جده r
: كونه دائما يعيذه مع أخيه {....بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين
لآمة}[37]
ويباشر ذلك r
بنفسه. روى ذلك التعويذ البخاري والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وغيرهما.
رابعا: آية التطهير وحديث الكساء:
آية التطهير هي قوله تعالى: (( إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)[38]
أما حديث الكساء: فما روت عائشة رضي الله
عنها........فأدخل عليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، قال:(إنما يريد الله
)الآية. وإن رواية عائشة للحديث يبيّن لنا كذب من يقول إن الصحابة يكتمون فضائل
علي،فهذه عائشة التي يدعون أنها تبغض عليا هي التي تروي لنا هذا الفضل لعلي وفاطمة
والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين. والحديث كذلك روي عن أم سلمه رضي الله عنها.
ولا يفيد الحديث حصر آل بيت النبي على المذكورون، بل دخول نساءه في لفظة :{أهل
البيت}من باب أولى.
خامسا: كون تربية الحسن في بيت النبوة:
مما يدل
على مكانة الحسن عند جده رسول الله r
كون تربيّته الأولى وبداية نشأته في بيت النبوّة، ثم لما توفي النبي r
تولى تربيته وأشرف عليها إشرافا مباشرا أبوه أمير المؤمنين علي t
. سبق شيء من هذا، وأيضا هذا لا يحتاج إلى تعليق لوضوحه.
تلك الأحاديث السبعة عشر السابقة وهذه المواقف
تدل دلالة واضحة على مكانة الحسن t عند جده، وأنه حاز
من المناصب والمقام أعلاها حتى إن حبه شريعة رب العلمين.
ســــــــــ : الحسن t
بعد وفاة الحبيب عليه الصلاة والسلام، كان له دور كبير، ومشاركات جليلة، ومساهمات
عظيمة في دفع دفة الإسلام، خاصة في عهد الخلفاء الراشدين الثلاثة، بيّــــــــنْ
معالم شخصيته خلال هذه المرحلة في نقاط مسلسلة تاريخيا قدر جهدك، مستعينا
بمصادر التاريخ كالبداية والنهاية وتاريخ الأمم والملوك.
قبل الجواب على معالم شخصية الحسن خلال
مرحلة الخلفاء الراشدين الثلاثة خصوما، ينبغي أن أشير ـ ولو بالإيجاز ـ إلى مكانته
المرموقة هو وأخوه عندهم رضي الله عنهم أجمعين، فأقول: من كانت تلك مكانته عند جده r فمن البديهي أن تكون له مكانة مرموقة عند
الخليفة الصديق والفاروق وذي النورين، فقد كانوا يحبونهما، ويتعاملون معهما بشكل
خاص، فبينما أبو بكر وعلي يمضيان بعد صلاة العشاء فرأى أبو بكر الحسن يلعب مع
الغلمان، فأخذه أبو بكر فحمله على عنه وقال:
بأبي ـ شبــــــيه
النبــي # ليس شبيها بعلـــــــــــــــي
وعلي يبتسم[39].
أما يتعلق بمعالم شخصيته، فالكلام عليه يكون حسب
تسلسلهم؛ حيث أبدأ ولا بد، بمعالم ذلك في خلافة أبي بكر، ثم عمر، ثم أختم بذلك في
خلافة عثمان رضي الله عنهم أجمعين:
معالم شخصية الحسن t
في خلافة الصديق، وذكر أهم الأمور التي تعلمها سواء في حياته أو بعد وفاته:
جـــــــــ: الحقيقة التي لا ينبغي التغافل عنها هي كون عمر
الحسن t
عندما مضى رسول الله إلى الرفيق الأعلى سبع أو ثماني سنين، وهو طور تنمو فيه مدارك
الطفولة، وتتكون فيه فكرة الطفل فترسخ في ذاكرته كثير من المشاهدات والصور، ومما
زاد الطين بله أنه t من الأطفال الأذكياء
وله من الاستعداد لأن يستوعب مجريات ذلك العهد ويفهم الغايات السامية والأعمال
العظيمة، والمواقف المشهودة والقيم الكبرى التي قام بها الصديق، ولقد أثرت تلك
الأعمال والمواقف على نفْسيّة الحسن وتملك قلبه حب الصديق حتى سمى أحد أبنائه عليه.
وعلى ما سبق فكل ما من شأنه أن يـُـشاهد من الأشياء التي وقعت في زمن
الصدق، أو يبدو صورته للناس فإن للحسن فيها دروساً، وذلك لأنه بيّن لنا أنه
عقل صلوات الخمس على عهد رسول الله، وأنه r علّمه قنوت الوتر(اللهم اهدني فيمن هديت،
وعافني فيمن عافيت....)إلى آخره. وحفظ الحسن ذلك عنه r
، فلأن تنقل ذاكرته هذه المشاهدات والوقائع والصور الآتي ذكرها بطريق الأولى؛
لأمرين: كونه ذكيا، وكونه في خلافة أبي
بكر أمْـــيَـــزُ منه في عهد النبوي.
1 ـ من أهم الدروس التي تعلّمها الحسن t
من: وفاة النبي r
* أن البقاء للمبادئ
وليس للأشخاص؛ إذ لو كان كذلك لما مات الرسول r
، أفإن مت فهم الخالون) من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله،
فإن الله حيّ لا يموت، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}الآية. *وأيضا:
إذا كان حتى الأنبياء يموتون، {والجن والإنس يموتون}فنقول: إن الحسن t
تعلّم أهميّة التعلق بالحيّ الذي لا يموت وحده؛ إذ هو الباقي،وهو النافع الضار وهو
على كل شيء قدير.
2 ـ ومن أهم الدروس التي
تعلمها في أمر سقيفة بني ساعده: * الزهد في أمر الإمارة، إذْ
كان أبو بكر زاهدا في أمر الإمارة؛ وظهر ذلك في خطبته التي اعتذر فيها من قبول
الخلافة حيث قال: " والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا
ليلة قط ولا كنت فيها راغبا ولا سألتها الله عز وجل في سر ولا علانية، ولكني أشفقت
على من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة
ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني"[40]
وليس أبو بكر وحده الزاهد في أمر الخلافة والمسؤولية،
بل أنها روح العصر. ويمكن القول: إن الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعده لا يخرج
عن هذا الاتجاه ، بل يؤكد حرص الأنصار على مستقبل الدعوة الإسلامية واستعدادهم
المستمر للتضحية في سبيلها، فما أن أطمانوا على ذلك حتى استجابوا سراعاً لبيعة
الصديق. وكتب الشيعة متناقضة مع روح ذلك العصر، وآمال وتطلعات أصحاب رسول الله r
من الأنصار وغيرهم. والشيعةـ عليهم من الله ما يستحقون ـ زعموا كذلك أن حادثة
السقيفة أثرت في نفسـيّة الحسن t لِـماَ رأى من
التـآمر والمكر والخديعة.[41]
فالحقيقة التي يعرفها الحسن t
أنه لم يحدث أزمات لا بسيطة ولا خطيرة، ولم يثبت أيّ انقسام، أو فرق لكل منها مرشح
يطمع في الخلافة، ولم يثبت النقل الصحيح تآمرًا حدث بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة
لاحتكار الملك والحكم بعد وفاة رسول الله r
، فهم كانوا أخشى لله وأتقى من أن يفعلوا ذلك. إن الحسن t
حدثنا بأن عقل الصلوات الخمس في عهد الرسول r
، وكان يتردد على مسجد رسول الله r . ولا شك في أنه رأى
رسول الله r
يقدم أبا بكر على غيره أثناء مرضه r ، وقد علم ببيعة
المسلمين لأبي بكر بعد جده، فمعتقد الحسن t
في خلافة أبي بكر، معتقد أهل السنة والجماعة القائل بصحة وشرعيّة خلافته بعد النبي
r
لفضله وسابقته وتقديم النبي r إياه في الصلوات على
جميع الصحابة.
* وقد تعلم t
مما دار في سقيفة بني ساعده مجموعة من المبادئ، منها: 1ـ أن قيادة الأمة لا تقام
إلا بالاختيار. 2ـ وأن البيعة هي أصل من أصول الاختيار وشرعية
القيادة. 3ـ وأن الخلافة لا يتولاها إلا
الأصوَب دينا والأكفأ إدارة،فاختيار الخليفة يكون وفق مقوّمات إسلامية
، وشخصية، وأخلاقية.
4ـ وأن الحوار الذي دار
في السقيفة قام على قاعدة الأمن النفسي السائد بين المسلمين حيث لا هرج ولا مرج،
ولا تكذيب ولا مؤامرات، ولا نقض للاتفاق، ولــــكن تسليم للنصوص التي تحكمهم حيث
المرجعية في الحوار إلى النصوص الشرعية. (وإن تنازعتم في شيء)الآية.
3ـ تعلم الحسن أشياء
كثيرة نظرا إلى: بعض ملامح الحكم في عهد أبي بكر:
لا شك إن الحسن قد استوعب هدي النبي r
وهدي الخلفاء الراشدين، ولذلك نجده عندما تنازل لمعاوية t
شرط عليه الالتزام بالكتاب والسنة ومنهج خلفاء الراشدين، وهذا يدلنا على أنه كان
على علم ودراية بعهد الصديق وخطبته التي تعتبر من عيون الخطب الإسلامية على
إيجازها؛ وقد قرر فيها قواعد العدل والرحمة في التعامل بين الحاكم
والمحكوم وركز على أن طاعة ولي الأمر مرتبة على طاعة الله ورسوله، ونص
على الجهاد لأهميته في إعزاز الأمة، وعلى اجتناب الفاحشة لأهمية ذلك
في حماية المجتمع من الانهيار والفساد. وقد تعلم الحسن t
ملامح نظام الحكم في بداية عهد الصديق: وأهمها:
·
القرآن والسنة هما
المرجعية في دولة الصديق: قال في خطبته:" أطيعوني ما أطعت
الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
·
حق الأمة في مراقبة
الحاكم محاسبته: وجاء في خطبته:" فإن أحسنت
فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني".
·
إقرار مبدأ العدل والمساواة
بين الناس:
وفيها: " الضعيف فيكم قوي عندي....."
·
الصدق أساس التعامل
بين الحاكم والمحكوم: وفيها:" الصدق أمانة والكذب
خيانة".
·
إعلان التمسك بالجهاد
وإعداد الأمة لذلك: وفيها:" وما ترك قوم الجهاد في
سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل".
·
تطهير المجتمع من
الفاحشة:
وفيها: "ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء".
4ـ تعلم الحسن من:مبايعة والده للصديق
أمورًا : أهمها:
*فقد رأى الحسن t
والده في مواقفه الداعمة للصديق، ومن الدلائل الساطعة على إخلاصه لأبي بكر ونصحه
للإسلام والمسلمين وحرصه على الاحتفاظ ببقاء الخلافة واجتماع شمل المسلمين ما جاء
من موقفه لما عزم أبو بكر على محاربة المرتدين وأراد أن يباشر بنفسه، وما كان في
ذلك من مخاطرة وخطر على الوجود الإسلامي، قال ابن عمر:لما برز أبو بكر إلى ذي
القصة واستوي على راحلته أخذ علي بن أبي طالب t
بزمامها وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله r
؟ أقول لك ما قال رسول الله r يوم أحد: لم سيفك
ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوا لله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام
أبدا، فرجع[42]
.
وكان علي يقول: خير هذه الأمة بعد نبينا أبو بكر
وعمر. وقد روي هذا عنه من طرق كثيرة، قيل أنها تبلغ ثمانين طريقًا.[43]
*رأى
الحسن t
المصاهرات بين الصديق وأهل البيت، فالصديقة عائشة بنت الصديق كانت زوجة جد الحسن r
، ثم أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر فمات، ثم تزوجها الصديق، فلما مات، تزوجها علي
ابن أبي طالب.
*وكان من حب أهل البيت للصديق والتوادد ما بينهم
أنهم سموا أبناءهم بأسماء أبي بكر.والجدير بالذكر أنه ولد له هذا بعد تولية الصديق
الخلافة والإمامة، بل بعد وفاة الصديق، كما هو معروف بداهة.
5ـ
ومن: إنفاذ الصديق جيش أسامة تعلم الحسن ما يأتي:
أ ـ الأحوال تتغير وتتبدل والشدائد لا تشغل
أهل الإيمان عن أمر الدين. وهذا ظاهر في إنفاذ أبي بكر جيش أسامة للردة التي
حصلت.
ب ـ المسيرة الدعوية لا ترتبط بأحد، ووجوب إتباع
النبي r
: فمسيرة الدعوة لم ولن تتوقف حتى بموت سيّد الخلق، قال أبو بكر:" فإن دين
الله قائم....." وعن وجوب إتباع النبي r
قال:" لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر رسول الله r
، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته كما في تاريخ الطبري[44]
ج ـ حدوث الخلاف بين المؤمنين ورده إلى
الكتاب والسنة: لأنه قد اختلف الآراء حول إنفاذ جيش أسامة t
في تلك الظروف الصعبة، وعندما رد الصديق الخلاف إلى ما ثبت من أمر النبي r
ببعث أسامة ، وبيّن كذلك أنه ما كان ليفرط فيما أمر به رسول الله r
لم يصرّ أحد على رأي بعد وضوح فساده وبطلانه.وقد استفاد الحسن من هذه القصة كما
استفاد غيره منها.
د ـ جعل الدعوة مقرونة بالعمل: فقد تعلم
الحسن t
ذلك؛ حيث إن الصديق لم يقتصر على الإصرار على إمارة أسامة فحسب؛ بل قدّم اعترافًا
عمليًا بإمارته، وتجلى ذلك من أمرين:
* مشي
أبي بكر مع أسامة t وهو راكب.
*
يرغب أبوبكر في بقاء عمر بن الخطاب t
نظرًا لحاجته إليه، لكنه لم يأمره بذلك، بل استأذن من أسامة في تركه إياه بالمدينة
إن رأى هو ذلك مناسباً مع أن أسامة t
ابن عشرين سنة.
هـ ـ مكانة الشباب في الإسلام.
و ــ صورة مشرقة من آداب الجهاد في الإسلام:
وجاء هذا واضحا في وصية أبي بكر لجيش أسامة بعشرة أشياء. وتعلم ذلك الحسن وغيره.
زــ أثر جيش أسامة على هيبة الدولة الإسلامية
: لا شك أن أثر الجيش بسمعته أعظم من أثره بقوته وعدده؛ إذْ أحجم من المرتدين
من أقدم، وتفرق من اجتمع، وهادن المسلمين من أوشك أن ينقلب عليهم، وصنعت الهيبة
صنيعها قبل أن يصنع الرجال، وقبل أن يصنع السلاح، كل ذلك يؤكد أن أبا بكر t
كان في الأزمات، من بين الباحثين عن الحل، أثقبهم نظرًا، وأعمقهم فهمًا، وقد أثبتت
الأحداث تأثر الحسن t بالخلفاء الراشدين
في إدارته للأزمات، فكان في خلافته من أعمق الناس فهمًا وأبعدهم نظرًا وأشهدهم
حرصًا على وحدة المسلمين.
6ــ
حروب الردة: لا شك أن الحسن فهم وتعلم من فقه الصديق في التعامل مع
المرتدين، ولمس كذلك بعض فقه التمكين في جهاده للمرتدين، والتي من أهم معالمه:
ــ
استقرار التنظيم الإداري في الجزيرة. ولا شك أن حروب الردة وأسبابها،
وفقه الصديق في القضاء عليها أخذت بلباب الحسن t
وشكلت جزْءًا من ثقافته سواء كان عن طريق المشاهدة.
ــ كما أن معالم السياية الخارجية في
دولة الصديق t
كانت واضحة في حس أبناء الجيل الذي من نوابغه الحسن t
، فقد رسمت خلافة الصديق t أهدافًا في السياسة
الخارجية، للدولة الإسلامية، والتي من اهمها:
ـ بذر هيبة الدولة في نفوس الأمم الأخرى.
ـ العدل بين الأمم المفتوحة والرفق بأهلها.
ـ رفع الإكراه عن الأمم المفتوحة.
ـ مواصلة الجهاد الذي أمر المولى عز ووجل في
القرآن الكريم.
ـ كما أن معالم التخطيط الحربي عند
الصديق t
أصبحت من ثقافة ذلك الجيل وأدبياته، خصوصا لإطلاع الشبابية وعلى رأسهم الحسن بن
علي، فقد وضع الصديق مع مستشاريه من الصحابة خطوطا رئيسية للخطة الحربية التي سار
عليها، وقد كانت هذه الخطة المحكمة عاملا من عوامل نزول النصر والتمكين من الله
للمسلمين ومن هذه الخطوط:
ـ عدم
الآيغال في بلاد العدو حتى تدين للمسلمين.
ـ التعبئة وحشد القوات.
ـ تنظيم عملية الإمداد للجيوش.
ـ تحديد الهدف من الحرب.
ـ إعطاء الأفضلية لمسارح العمليات.
ـ عزل ميدان المعركة.
ـ التطور في أساليب القتال.
ـ سلامة خطوط الاتصال مع القادة.
ـ ذكاء الخليفة وفطنته. هذه جملة من معالم تعلمها الحسن t
من خلافة أبي بكر الصديق t
.
أما
معالم شخصية الحسن t
في خلافة عمر الفاروق
كان
عمر t
شديد الإكرام لآل رسول الله r وإيثارهم حتى على
أبنائه، وأسرته،ومن أهم المواقف له في ذلك ما يأتي:
1ـ
قوله للحسن: أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر،وذلك لما جاءه وهو
خال بمعاوية وابن عمر بالباب لم يؤذن له، فرجع الحسن، ثم إنه لما لقيه قال له:
"يا بني لم أرك تأتينا؟ فذكر له، فذكر له.
2ـ ولما لم يجد الحسنين حللا يناسبهما قال
للناس: " ما هنأ لي ما كسوتم" فقيل له: كسوت رعيّتك فأحسنت،
فقال: " من أجل الغلامين يتخطيان الناس وليس عليهما من شيء كبرت عنهما وصغرا
عنها، ثم كتب إلى والي اليمن أن ابعث بحلتين للحسن والحسين وعجّل، فبعث إليه
بحلتين فكساهما[45]
4ـ معاملته للسيّدة فاطمة والدة الحسن رضي
الله عنهما بعد وفاة رسول الله r
معاملة منسجمة مع روح ذلك العصر وتزكية الله له،
لا كم يزعم الأفّاكون من أنه ضربها حتى أسقطت ولدها محسنا وهو في بطنها، والعجيب
من هذا أن محسنا هذا ولد في حياة الرسول r
كما ثبت بالرواية الصحيحة في المسند لأحمد. أنظر مثلا المصنف[47].
5ـ مما يدل كذلك على تقديره لآل البيت عموما
والحسن خصوصا: زواجه من أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما.
6ـ ولما جاءه غنائم المدائن أعطى الحسنين ما لم
يعط عبد الله ابنه: أنظر إن شئت مقامات العلماء للغزالي[48]
. هذه بعض المواقف الدالة على مكانة الحسن عند عمر رضي الله عنهما.
تأثر الحسن t
بالفقه الراشدي للخليفة الراشد عمر t
: كان لعبقرية عمرـ بعد توفيق الله له ـ
أثر في تطوير مؤسسات الدولة والاجتهاد في
النوازل الفقهية، والأزمات، ومما ساعد الحسن t
على التأثّر بثقافته وأدبيات عهد الفاروق، قرب والده علي من الفاروق رضي الله
عنهما؛ فقد كان علي عضوا بارزًا في مجلس شورى الدولة العمرية، بل كان هو المستشار
الأول، فقد كان عمر يعرف لعلي t فضله، وفقهه،
وحكمته، وكان رأيه فيه حسنًا، فقد ثبت أنه قال فيه: "أقضانا علي"كما في
الاستيعاب [49].
وكان الفاروق يستشير عليا في الأمور الكبيرة منها والصغيرة؛ فقد استشاره في: 1ـ
حين فتح المسلمون بيت المقدس. 2ـ وحين فتحت المدائن. 3ـ وعند ما أراد عمر التوجه إلى نهاوند. 4ـ وحين أراد أن يخرج لقتال الروم. 6ـ وفي موضع
التقويم الهجري ونحو ذلك. وكان علي t
طيلة حياة عمر مستشارا ناصحا لعمر محبا له خائفا عليه، وكان عمر يحب عليا، وكانت
المحبة والمودة بينهم متبادلة.إذا فلا شك أن هذه العلاقة بينهما لها انعكاساتها
العلمية والثقافية والتربوية على الحسن...
والمواقف الدالة قوة هذه العلاقة ما يأتي:
· جاء
في المنصف أنه رئي على علي t برد كان يكثر لبسه
قال فقيل: إنك لتكثر من لبس هذا البرد؟ فقال: نعم، إن هذا كسانيه خليلي وصفي
عمر بن الخطاب t ناصح الله فنصحه، ثم
بكى.[50]
·
وفي البخاري: عن ابن
عباس قال: وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم،
فلم يرعني إلا رجل أخذ بمنكبي، إذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت
أحدا أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك
الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرا ما أسمع النبي r
يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر
وعمر"[51].
· حب
أهل البيت له وتسمية أبنائهم باسمه حبا وإعجابا بشخصيته.........فأول من
سمى ابنه بذلك علي ثم الحسن ثم الحسين ثم
الملقب بزين العابدين ثم موسى الكاظم.
· قول
عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب t
لما سئل
عن المسح على الخفين. كما في النهي عن سب الأصحاب وما فيه من النهي والعقاب[53].
معالم
شخصية الحسن في خلافة عثمان ذي النورين t:
كان
الحسن بن علي t
في عهد عثمان t
في عز الشباب وعنفوانه، فقد كان في سن يسمح لصاحبها أن يستوعب جميع ما يدور حوله
ويتعلم من الأحداث ومن سياسة الخليفة الراشد عثمان ومن حوله من أصحاب رسول الله r
، ومن أهم الدروس التي استوعبها الحسن t
:
· الفقه
العمري في الاستخلاف: وذلك هو الشورى في عدد محصور.
·
منهج عبد الرحمن في
إدارة الشورى: وذلك في الخطوات التالية:
1ـ اجتماع الرهط للمشاورة.
2
ـ دعوته إلى التنازل.
3ـ تفويضه بإدارة عملية الشورى. 4ـ الاتفاق على بيعة عثمان. 5ـ حكمة عبد الرحمن في
تنفيذ خطة الشورى: وهذا في نقاط: * بسط برنامجه في أول جلسة عقدها مجلس الشورى في
دائرة الزمن الذي حدده لهم عمر t . * خلع نفسه وتنازل
عن حقه في الخلافة. * أخذ في تعرف نهاية ما يصبو إليه كل واحد من أصحابه. * عمد
إلى معرفة كل واحد من الإمامين عثمان وعلي في صاحبه بالنسبة إلى وزنه من سائر
الرهط الذين رشحهم عمر. * أخذ في تعرف رأي من وراء مجلس الشورى من خاصة الأمة،
وذوي رأيها، ثم من عامتها.........
· شارك
الحسن t
في فتح إفريقيا في جيش العبادلة، وظهرت شخصيته هناك،
وبعد انتصارهم على أعدائهم اتجه الحسن ومعه ثلة مباركة من المسلمين إلى عاصمة
الخلافة وقلبه المفعم بالسرور والارتياح لتوسع النفوذ الإسلامي، وانتشار دين رب
العلمين.
·
موقف الحسن ووالده
أثناء الحصار: فعلي t
لم يكن للصحابة عموما يد في الفتنة، وفي أثناء الحصار أرسل كبارهم أبناءهم دون
استشارة عثمان t
، ومن هؤلاء الحسن ابن علي t ، وعبد الله بن
الزبير، فقد كان عثمان t يحب الحسن t
ويكرمه،فعند ما وقعت الفتنة وحوصر t أقسم على الحسن t
بالرجوع إلى منزله، خشية عليه أن يصاب بمكروه، وقد قال له: " ارجع يا ابن أخي
حتى يأتي الله بأمره"[54]
·
كما
جرح غير الحسن، عبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم،كما كان معهم
الحسين وابن عمر رضي الله عنهما.ولما قٌــتِـــــــــــل t
قال علي لأبنائه وأبناء أخيه: "كيف قتل وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن، وكان قد
جرح، وضرب صدر الحسين، وشتم ابن الزبير وابن
طلحة، وخرج غضبان إلى منزله ويقول: "تبا لكم سائر الدهر، اللهم إني
أبرأ إليكم من دمه أن يكون قتلت أو مالأت على قتله".[56]
وكان
علي قبل ذلك يصف الحال، وهو يؤنب الحاضرين بقوله: يا أيها الناس! إن الذي تفعلونه
لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين، فلا تمنعوا عن هذا الرجل الماء، ولا
المادة( الطعام)، فإن الروم وفارس لَــتأسر وتطعم وتسقي".[57]
·
هنا أتيت على نهاية
جواب سؤال الرابع. والحمد لله في الأولى والآخرة.
ســـــــــــ : كان عهد الخليفة الرابع علي t
مليئا بالأحداث الجسام، خاصة فتنة الخوارج والبغاة، وكان للإمام الحسن t
دورًا إيجابياً في هذه المرحلة، أبرزْ شخصيته ومواقفه الإيجابية؟
جـــــــــــ : للحسن t
في خلافة أبيه t
أثر واضح؛ إذْ هم رجال الدولة ومستشاروه، فكان له دور كبير في جميع المجريات، بدأ
بنصيحته له لما أراد الخروج إلى الكوفة من المدينة، مع أن عليا أجاب عن جميع ما
قال ابنه. وقال له:" فكف عنك أي بني".
وكذا لما كان علي t بالربذة واستنفر الناس بالكوفة، وثبطهم وحذر
الناس عن الاشتراك في الفتنة بل ومنعهم عن الخروج، عزله الخليفة بعد إرسال الرسل
إليه وإليهم، فباء الرسل بالفشل إلى أن أرسل ابن عباس فأبطأوا عليه فأتبعه بعمار
ابن ياسر والحسن ابن علي فهنا جاء التأثير حيث عزل أبا موسى الأشعري واستعمل قرظة
ابن كعب بدلا منه. وكان للحسن أثر واضح في استنفار الكوفيين إلى خليفتهم بالربذة
فقد قام خطيبا في الناس وقال:" أيها الناس،أجيبوا
دعوة أميركم ،وسيروا إلى إخوانكم، فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه، والله لأن
يليه أولوا النهى أمثل في العاجلة وخير في العاقبة،فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ماابتلينا
به وابتليتم"[58]
ولبى كثير من أهل
الكوفة وخرجوا مع عمار والحسن إلى علي t
مابين (6000 ـ 7000)رجل، ثم انضم غليهم من أهل البصرة (2000) من عبد القيس ثم
توافدت عليه القبائل إلى أن بلغ جيشه عند حدوث المعركة (12000)رجل تقريبا،[59]
أما
موقف الحسن t
من تلك الحروب"حروب البغاة" الصفين والجمل هو موقف أهل السنة والجماعة
من الحروب التي وقعت بين الصحابة الكرام y
وهو الإمساك عن ما شجر بينهم إلا فيما يليق بهم y
،لما يسببه الخوض في ذلك من توليد العداوة والحقد والبغض لأحد الطرفين،وقالوا:إنه
يجب على مسلم أن يحب الجميع ويترضى عنهم ويترحم عليهم ويحفظ لهم فضائلهم ويعترف
لهم بسوابقهم، وينشر مناقبهم،وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد والجميع
مصابون في حالتي الصواب والخطأ غير أن ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ في اجتهاده وأن
القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة، ولن يجز أهل السنة الخوض فيما شجر بينهم، :
بعض
النصوص التي فيها الإشارة إلى ما وقع بين الصحابة من الاقتتال وبما وصفوا به فيها
،
أ-
قال تعالى (وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )الآية
ب- عن
أبي سعيد الخدري tقال:قال رسول الله r
{تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق }[60]
ت- وعن
أبي بكرة t
قال: بينما النبي r يخطب جاء الحسن فقال
النبي r
{إن ابن هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين }[61]
ففي هذا الحديث شهادة
النبي r
بإسلام الطائفتين أهل العراق وأهل الشام،
والحديث فيه رد واضح
على الخوارج الذين كفروا عليا ومن معه ومعاوية ومن معه بما تضمنه الحديث من الشهادة للجميع بالإسلام ،ولذا كان يقول ابن
عيينة"قوله فئتين من المسلمين يعجبنا جداً "
قال البيهقي:وإنما
أعجبهم لأن النبي r سماهم جميعا مسلمين
وهذا خبر من رسول الله r بما كان من الحسن
ابن علي بعد وفاة علي t في تسليمه الأمر إلى
معاوية ابن أبي سفيان t "[62]
وأما موقفه من قتال الخوارج :بنهاوند فمع
أبيه.لأن النبي r قال لما وصف الخوارج
وأنهم يحقر الصحابة صلاتهم مع صلاتهم وصيامهم مع صيامهم قال في آخره: أقتلوهم فإن
في قتلهم أجر لمن فعله.
ومن
مواقفه :بعد وفاة أبيه :خطبته ، عن عمر ابن حبشي قال: خطبنا الحسن ابن علي بعد قتل
علي t
فقال: "لقد فارقكم رجل أمس ماسبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان
رسول الله r
ليبثعه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، ماترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة
درهم كان يرصدها لخادم أهله.والأثران إسنادهما صحيح [63]
ســــــــــــ
:كيف تمت بيعة الحسن بعد وفاة والده أذكر الخلاف في ذلك بالتفصيل مع
الرد على الشبهة المثارة حول هذا الموضوع مستعينا بمصادر أخرى حول الموضوع؟
جــــــــــــ:
كانت بيعة الحسن t في رمضان سنة
أربعين، وذلك بعد استشهاد أمير المؤمنين علي t
على يد الخارجي عبد الرحمن ابن ملجم المرادي . وقد اختار الناس الحسن بعد والده ولم
يعين أمير المؤمنين أحدا من بعده . فعن عبد الله بن سبع قال: سمعت علياً t
يقول لتخضبن هذه من هذا فما ينتظر بي الأشقى.[64]
قالوا:يا أمير
المؤمنين ، فأخبرنا به نبيرعترته، قال: إذا تا الله تقتلون بي غير قاتلي.
قالوا:فاستخلف علينا
.قال:لا، ولكن أترككم إلى ماترككم إليه رسول الله r
،قالوا فما تقول لربك إذا أتيته؟
قال وكيع مرة:إذالقيته. قال: أقول اللهم تركتني فيهم ما بدا لك ثم قبضتني
إليك وأنت فيهم ، فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم [65]
ودخل جندب بن عبد الله على علي t
فقال:يا أمير المؤمنين إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ فنبايع الحسن ؟ قال: ماآمركم ولا
أنهاكم أنتم أبصر[66]
ففي هذا الأثر ظهر إيمان أمير المؤمنين
علي t
بحق الأمة في اختيار خليفتها .
وأول من بايع الحسن t
قيس بن سعد قال له أبسط يدك أبايعك على كتاب الله عزوجل، وسنة نبيه، وقتال
المحلين،
فقال له الحسن t
: على كتاب الله وسنة نبيه r ، فإن ذلك يأتي من
وراء كل شرط فبايعه وسكت وبايعه الناس ،[67]
وقد اشترط الحسن بن علي t
على أهل العراق عندما أرادوا بيعته فقال لهم: إنكم سامعون مطيعون تسالمون
من سالمت ، وتحاربون من حاربت.[68]
بطلان
قضية النص على خلافة الحسن t
.
إن من أخطر الأمور التي ابتدعها الشيعة أمر
الوصية،وهي أن رسول الله r أوصى بعده بالخلافة
بعد وفاته مباشرة إلى علي t ، وأن من سبقه
مغتصبون لحقه، كما في الكافي: من مات ولم يعرف مات ميتة جاهلية، وكان رسول الله r
، وكان عليا عليه السلام[69]
.- ويعتقد الرافضة أن النبي r قد نص على الأئمة من
بعده وعينهم بأسمائهم وهم اثنى عشر لا
ينقصون ولا يزيدون. وأول من بدأ يشيع أن الإمامة محصورة في بأناس مخصوصين في آل
البيت، شيطان الطاق. وأن زيدا حين علم بذلك بعث إليه ليقف على حقيقة الإشاعة، وقال
له:" بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماماً مفترض الطاعة؟ قال شيطان الطاق:
نعم، وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم، فقال: وكيف وقد كان يؤتى بلقمة وهي حارة
فيبردها بيده ثم يلقمنيها، أفترى أنه كان يشفق عليّ من حر اللقمة، ولا يشفق عليّ
من حرّ النار؟ قال شيطان الطاق: قلت له: كره أن يخبرك، فتكفر، فلا يكون له فيك
شفاعة[70].
وعند الاستقراء التاريخي لتاريخ الخلفاء
الراشدين لانجد للوصية ذكرا في خلافة أبي بكر ولا في خلافة عمر رضي الله عنهما
وإنما نجد بداية ظهورها في السنوات الأخيرة من خلافة عثمان t
عند بذوغ قرن الفتنة وقد استنكر الصحابة هذا القول عندما وصل إلى أسماعهم وبينوا
كذبه ،ومن أشهر هؤلاء علي t وعائشة أم المؤمنين
رضي الله عنها ، ثم نرى هذا القول يتبلور في فكرة موجهة وعقيدة تدعوا إلى الإيمان
بها والدعوة إليها ،وذلك في خلافة علي t
، وهذه الوصية التي تدعيها الرافضة قدأثبت علماؤهم أنها من وضع عبد الله بن سبإ ،
كما ذكر ذلك النوبختي والكشي . ويكفي في الرد على زعمهم الباطل ماورد بالنقل
الصحيح عن عدد من الصحابة ، ومنهم علي t
نفسه،والأدلة كثيرة منها :(سئل علي t
أخصكم رسول الله r بشيء ؟ فقال: ما
خصنا رسول الله r
بشيء...)الحديث[71]
قال ابن كثير: وهذا الحديث الثابت في
الصحيحين وغيرهما عن علي t يرد فرقة الرافضة من
زعمهم أن رسول الله r أوصى إليه بالخلافة
، ولو كان الأمر كما زعموا مارد أحد من الصحابة، فإنهم كانوا أطوع لله ورسوله في
حياته وبعد وفاته من أن يفتئتوا فيقدموا غير من
قدمه ، ويؤخروا من قدمه بنصه حاشا وكلا !!، ومن ظن بالصحابة ذلك فقد نسبهم بأجمعهم
إلى الفجور والتواطؤ على معاندة الرسول r
ومضادتهم لحكمه ونصه مع ما أنزل الله عليهم من ثناء عليهم بالقرآن ، ومن وصل من
الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام وكفر بإجماع الأئمة الأعلام[72]
وحديث ابن عباس قال:إن عليا خرج من عند
رسول الله r
في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: ياأبا الحسن كيف أصبح رسول الله r
؟فقال: أصبح بحمد الله بارئاً.......... وفيه فاذهب بنا إلى رسول الله فلنسأله
فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمنا فأوصى بنا فقال علي
:إنا والله لإن سألناها رسول الله r فمنعناها،
لايعطيناها الناس بعده ، وإني والله لا أسألها رسول الله r
[73]
وذكر عند عائشة أن النبي r
أوصى إلى علي t
فقالت من قاله؟ لقد رأيت النبي r وإني لمسندته إلى
صدري ، فدعا بالطست ، فانخنس فمات ،فما شعرت، فكيف أوصى إلى علي t
وأرضاه.[74]
وعن عمرو ابن سفيان قال: لما ظهر علي يوم الجمل قال: أيها الناس إن رسول
اتلله لم يعهد غلينا من هذه العمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر،
فأقام واستقام حتى مضى لسبيله،[75]
وروى البيهقي أنه قيل لعلي t
ألا تستخلف علينا؟ فقال مااستخلف رسول الله r
فأستخلف ، ولكن إن يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم بعدي على خيرهم كما جمعهم بعد
نبيهم على خيرهم [76]
بهذه النصوص القطعية يتضح أن لاأصل
للوصية المزعومة ، وأن ما اعتمد عليه الرافضة هو من وضع عبد الله بن سبإ الذي هو أول
من أحدث الوصية ، ثم وضعت بعد ذلك أسانيد وركبت متون نسبوها إلى النبي r
زورا وبهتانا ، وأما ما يستدل الرافضة به على أهل السنة بوجود "لايزال هذا
الدين قائما حتى عليكم إثنا عشر خليفة
كلهم تجتمع عليه الأمة [77]
وكقوله:"لايزال هذا الدين عزيزا
منيعا إلى اثنا عشر خليفة " وفي لفظ "لايزال أمر الناس ماضيا ما وليهم
إثنا عشر رجلا "[78] وغيرها من الأحاديث فلا يدل على مطلوبهم،
فإنه بالتأمل نجد أن المذكورين في
الحديث وصفوا بأنهم يتولون الخلافة وأن
الإسلام في عهدهم يكون في عزة ومنعة ، وأن الناس تجتمع عليهم ولا يزال أمر الناس
ماضيا وصالحا في عهدهم ، وكل هذه الأوصاف لاتنطبق على من تدعي الإثنا عشرية فيهم
الإمامة، فلم يتول الخلافة منهم إلا أمير المؤمنين والحسن ، كما لم يقم أمر الأمة
في مدة أحد من هؤلاء الإثنا عشر ـ في نظر الشيعة أنفسهم ـ بل ما زال أمر الأمة
فاسدا ... ويتولى عليهم الظالمون بل الكافرون ن وأن الأئمة أنفسهم كانوا يتسترون
في أمور دينهم بالتقية. وأن عهد أمير المؤمنين وهو على كرسي الخلافة عهد تقية إذ
لم يستطع أن يظهر القرآن ولا أن يحكم بجملة من أحكام الإسلام ، واضطر إلى ممالأة
الصحابة ومجاراتهم على حساب الدين ، فالحديث في الجانب ومزاعم هؤلاء في جانب آخر ،
ثم إنه ليس في الحديث حصر للأئمة بهذا العدد بل نبوءة منه r
بأن الإسلام لايزال عزيزا في عصور هؤلاء . ثم إنه قال في الحديث كلهم من قريش وهذا
يعني لايختصون بعلي وأولاده t ولو كانوا مختصين
بعلي وأولاده لذكر ما يميزون به، ألا ترى أنه لم يقل : كلهم من ولد إسماعيل ولا من
العرب ، فلو امتازوا بكونهم من بني هاشم أو من قبيل علي t
لذكروا بذلك ، فلما جعلهم من قريش مطلقا علم أنهم من قريش بل لايختصون بقبيلة ، بل
بنو تيم وبنو عدي وبنو عبد شمس وبنو هاشم ، فغن الخلفاء الراشدين كانوا من هذه
القبائل، فإذا لم يبق من الأوصاف التي تنطبق على ما يريدون إلا مجرد العدد ن
والعدد لايدل على شيء[79]
ســــــــــــــ: كان لنبوءة النبي r
أثر عظيم في اجتماع الكلمة ومعجزة لنبينا محمد r
تحدث عن هذه النبوءة والحدث التي ارتبط بها ، والسبب
الداعي لها، والأثر الذي تركته على الأمة؟
جــــــــــــــ :سبق مرارًا ان النبي r
دعا للحسن t
بأن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين، فتك الدعوة المباركة هي التي دفعت الحسن t
إلى الإقدام على الصلح لمرحلة الأولى من مراحل التي تخطاها t
، وأقدم على ذلك بكل ثقة وتصميم، فقد قال النبي r
: {إن ابني هذا سيّد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين}.[80]
فلم تكن نبوءة النبي r
عن الحسن t
أنه سيصلح الله به ....مجرّد نبأ يسمعه الحسن والمسلمون ويصدقونه كالنبوءات
النبوية الأخرى فحسب، بل كانت الكلمة الموجهة الرائدة للحسن t
في اتجاهاته وتصرفاته ومنهج حيلته، لا بد أنها حلت في قرارة نفسه، واستولت على
مشاعره، وامتزجت بلحمه ودمه، واعتبرها كوصية من الرسول الكريم الذي هو نبيه وجده،
فتمسك بها كهدف من أهداف حياته، وكالمثل الأعلى له في مستقبله.
وقد ظهرت آثار هذه النبوة في جميع
حركاته وسكناته، حتى في الحديث مع والده الكبير الذي يحبه حب الأبناء البررة
للأباء العظام الذي خصهم الله بمواهب ومناقب،............. ولما خرج من المدينة
وهو عازم على أن يقاتل بمن أطاعه من عصاه، جاء إليه الحسن t
وقال له: " يا أبت دع هذا، فإن فيه سفك دماء المسلمين ووقوع الاختلاف بينهم[81]
إلا أن عليا لم يقبل ما أشار به يراعة
الحسن t
، ولم يكن ليترك الناس في فتنة دون أن يؤدى ما يدين الله به من أمر بالمعروف ونهي
عن منكر، ورد الأمر إلى نصابه، والحق إلى أصحابه، ولكل وجهة هو موليها، وكان علي t
مصيبا في رأيه.
وقد ظهرت المعجزة النبوية، وبلغت ذروتها
بتربية الحسن t
على التربية الإسلامية الربانية، من كون هذا الإمام الفذ سيّدا جليلا، وليست
السيادة بالقهر وسفك الدماء، أو إهدار الأموال والحرمات، بل السيادة بصيانتها
وإزالة البغضاء والشحناء، فصلحه وحقنه لدماء المسلمين بلغ فيه ذروة السيادة، التي
لا يستطيعها من فكر بالقوة وهو يملك طرفا منها، وقد صالح الحسن t
معاوية t
وحوله الألوف، فيهم من هو طامع مدسوس، ولكن فيهم
الكثير الكثير من المخلصين الأوفياء، فما أرد أن تراق بسببه قطرة دم، أو يخش
مسلم في هذا السبيل، وإن الرئاسة للأقوام إن لم تكن لصيانتها، وحياطتها وحفظها
وترقيتها، فهي نوع من الطاغوت...........والمغامرة والمقامرة التي تجلب معها
الدمار والخراب، والإذلال والسباب وينتهي أصحابها إلى غضب الله، ولعنة التاريخ. والله المستعان.
لقد كان الحسن زاهدا في الدنيا والملك
والرئاسة، ولو أرادها لأدار الحرب الطحون سنين ولكنه كان ينظر إلى الدار الآخرة،
ويريد حفظ دماء أمة محمد r ، قال الحسن البصري:
" فلما ولي الحسن ما أهريق في سببه محجمة دم" وكان يعلنها صريحة ويفتخر بذلك
ويعتز بتنفيذه للوصية النبوية، وسلوكه مسلك التربوية الإيمانية، فقد أصلح الله
بالحسن بين أهل العراق والأمة كلها، فجعل النبي r
الإصلاح من فضائل الحسن، مع أنه نزل عن الأمر وسلم الأمر إلى معاوية، فلو كان
القتال هو المأمور به دون ترك الخلافة ومصالحة معاوية لم يمدحه النبي r
على ترك ما أمر به وفعل ما لم يؤمر به، ولا مدحه على ترك الأولى وفعل الأدنى، فعلم
بذلك أن الذي فعله الحسن هو الذي كان يحبه الرسول r
، لا القتال.[82]
أهم
أسباب الصلح:
أما بالنسبة للأسباب الداعية لها: فكانت هناك عوامل متعددة ساهمت في دفع
أمير المؤمنين الحسن t للصلح مع معاوية t
، فمن أهمها:
أولا: الرغبة فيما عند
الله وإرادة صلاح هذه الأمة: قال نفير الحضرمي للحسن t
:"إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة." فقال رادًا عليه:" كانت
جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فترتها ابتغاء وجه
الله".[83]
وقال في خطبته التي تنازل فيها لمعاوية:
"...........إما كان حقا لي فتركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة".[84]
ثانيا: قول جده r
فيه، ودعاءه له بقوله:{إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين: فهذا الدعاء جعل الحسن t
في
التخطيط والاستعداد النفسي لهذا الأمر العظيم والتغلب على العوائق التي في الطريق؛
إذ كان t
متيقنا بما أخبر به جده r ، فكان الحديث دافعا
أساسيا وسببا مركزيا في اندفائه إلى الإصلاح.
ثالثا: حقن دماء المسلمين:
قال t
:" .........خشيت أن يجيء يوم القيامة سبعون ألفا، أو أكثر أو أقل، كلهم تنضح
أوداجهم دما، كلهم يستعدي الله فيما هريق دمه؟"[85]
رابعًا:حرصه t
على وحدة الأمة (وسمي العام عام جماعة): قال في إحدى مراحل
الصلح:" أيها الناس، إني قد أصبحت غير محتمل على مسلم ضغينة، وإني ناظر لكم
كنظري لنفسي، وأرى رأيا فلا تردوا عليّ رأيي، إن الذي تكرهونه من الجماعة أفضل لكم
من الفرقة".[86]
خامسًا: مقتل أبيه أمير
المؤمنين:إذْ
كان مقتله ضربة قوية وجهت لعهد الخلافة الراشدة وكانت من أسباب زوالها فيما بعد
إلى الملك.
سادسًا:شخصية معاوية t
:
فهو لم يتزعم أهل الشام من فراغ.وتعامله مع الحسن t
أوجد قواسم مشتركة للوصول إلى الصلح، إلا أن المهندس الفعلي لمشروع الإصلاح هو
الحسن t
.
سابعًا:اضطراب جيش العراق
وأهل الكوفة:لأنهم ملوا عن الحرب، ولأن الخوارج
خرجوا من الجيش فضعف بحسبه. ولخروج فرقة كذلك تغالي في تعظيم علي t حتى رفعته إلى مقام الألوهية، وتصدى لهم علي t
. ثم تتابعت فتوق عليه t .
ثامنا:قوة
جيش معاوية t :
إذْ أنه كان يعمل بشتى الوسائل على إضعاف جانب أهل العراق.
فهذه هي أهم الأسباب التي أدت إلى الصلح.
أما
الأثر الذي تركته على الأمة ( نتائج الصلح) فأهمها الآتي:
أولا: توحد الأمة تحت
قيادة واحدة: سجل في ذاكرة الأمة عام الجماعة وأصبح هذا الحدث من مفاخرها التي
تزهو به على مر العصور، ويعد ذلك من علامات نبوة المصطفى، وفضيلة باهرة من فضائل
الحسن.
ثانيا:
عودة الفتوحات إلى ما كانت عليه: قال أبو بكر المالكي: " فوقعت
الفتنة..... واستشهد عثمان t ، وولي بعده علي t
، وبقيت إفريقية على حالها إلى ولاية معاوية t
".[87]
وأصبحت في عهد معاوية ثلاث جبهات
رئيسية:
1ـ الروم؛ وهي من أخطرها وأعظمها. ثم
2ـ جبهة المغرب. ثم
3ـ جبهة سجستان وخراسان وما وراء النهر.
ثالثًا:
تفرغ الدولة للخوارج: حتى صارت سيمة حركة الخوارج في عهد معاوية t
العشوائية والارتجال وقلة التنظيم من أجل التضييق عليهم. وهذه أهم الآثار لمشروع
الصلح الذي قام على يد مهندسه العظيم الحسن t
.
ســـــــــــــ:المرويات التاريخية التي جاءت
بإفادة أن بني أمية كانوا يسبون عليًا والحسن والحسين y
وأرضاهم على المنابر تدور على شبهة واحدة، استعرض هذه الشبهة إجمالا، ورد
عليها تفصيلا.
جــــــــــــ:هل
هناك احترام وتقدير من معاوية t
وبني أمية عموما لعلي t
وأرضاه وأهل بيته الأطهار؟
لعل ـ والله أعلم ـ هذه هي
الشبهة.
الجوب: أنه تذكر بعض كتب التاريخ أن
الحسن t
اشترط على معاوية عند الصلح: ألاّ يُسبِّ عليُّ وهو يسمع؛ وكأن الحسن عفا عن سب
أبيه وهو لا يسمع،والشيعة الروافض اتهموا معاوية t
بحمل الناس على سب علي ولعنه فوق منابر المساجد، فهذه الدعوة مفتقرة إلى صحة النقل
ـ وهذا إن سلمنا على الدعوة جدلا ـ وسلامة السند من الجرح، والمتن من الاعتراض.
ومعلوم وزن هذه الدعوى عند المحققين
والباحثين، فكيف وقد صدرت من الروافض الحاقدين؟ فحكاية لعن علي على منابر بني أمية
لا تتفق مع منطق الحوادث، ولا طبيعة المتخاصمين، وأيضًا: إذا رجعنا إلى الكتب
المعاصرة لبني أمية، لا نجد فيها ذكرًا لشيء من ذلك أبداً....وإنما نجده في كتب
المتأخرين الذين كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني في
نظر الجمهور الإسلامي، وقد كتب ذلك المسعودي الشيعي الرافضي في: مروج الذهب، وغيره
من كتاب الشيعة الروافض مثل أبي الفرج الأصفهاني والدميري. والتاريخ الصحيح خلاف
ما ذكره أولئك. وذكر الدكتور محمد بطاينة: أنه لم يكن ما ذكر من اشتراط الحسن t
أن لا يُسب أبوه وهو يسمع، لم يكن ذلك مما بحثاه أي من شروط الصلح أصلا ولا كان له
ذكر.[88]
ومعاوية t
منزه عن مثل هذه التهم، بما ثبت من فضله في الدين، وكان محمود السيرة في الأمة،
أثنى عليه بعض الصحابة، ومدحه خيار التابعين، وشهدوا له بالدين والعلم، والعدل
والحلم، وسائر خصال الخير[89]
وعن ابن عباس( وهو من هو من أهل
البيت)قال: " ما رأيت رجلا كان أخلق بالملك من معاوية،[90]
وفي صحيح البخاري أنه قيل لابن عباس: هل
لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.[91]
وذُكر عند ابن عباس معاوية، فقال:
"لله تلاد ابن هند ما أكرم حسبه، وأكرم مقدرته، والله ما شتمنا على منبر قط،
ولا بالأرض ضنا منه بأحسابنا وحسبه[92]
والشيخ الصّلاّبي أورد ثناء خمسة من
الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ على معاوية t
، وهم: علي وابن عباس وابن الزبير وعمر وابنه، ثم قال: والآثار عن الصحابة
والتابعين وأتباعهم كثيرة، وإنما ذكرنا جزءًا منها. وكذا أورد ثناء العلماء
المحققين في السير والتاريخ ونقاد الرجال، وهم: ابن تيمية وابن كثير وابن أبي العز
والذهبي وغيرهم. ...إلى أن قال: ونقل ابن
كثير: أن رجلا أسمع معاوية كلاما سيئاً شديدًا، فقيل له: لو سطوت عليه؟ فقال: إني
لأستحي من الله أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي. وقال آخر لمعاوية t
: ما رأيت أنذل منك، فقال معاوية: بلى من واجه الرجال بمثل هذا"[93]
فهل يعقل بعد هذا أن يسع حلم معاوية t
سفهاء الناس وعامتهم المجاهرين له بالسب والشتائم، وهو أمير المؤمنين، ثم يأمر بعد
ذلك بلعن الخليفة الراشد علي t على المنابر، ويأمر
ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان، ويبقى هذا السب إلى أن يأتي عمر بن عبد
العزيز ـ رحمه الله ـ فيلغي ذلك. والحكم في ذلك لكل صاحب عقل وفهم.[94]
وأما ما استدل به الروافض على تلك
الفرية من صحيح مسلم فليس فيه ما يدل على زعمهم، والحمد لله. فعن عامر بن سعد بن
أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدًا فقال: ما منعك أن تسب أبا
تراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله r
فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم"[95]
قال النووي:" قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدًا بسبّه t
، وإنما سأله عن السبب المانع له من السبّ. كأن يقول: هل امتنعت تورُّعاً أو
خوفًا، أو غير ذلك، فإن كان تورٌّعًا وإجلالا له عن السبّ فأنت مصيب محسن، وإن كان
غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعدًا قد كان في طائفة يسبون فلم يسبّ معهم، وعجز عن
الإنكار، أو أنكر عليهم، فسأله هذا السؤال. قالوا ويحتمل تأويلا آخر معناه: ما
منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ".[96]
قال القرطبي صاحب المفهم معلّقًا على
وصف ضرار الصدائــــــــي لعي t وثنائه عليه بحضور
معاوية t
، وبكاء معاوية من ذلك وتصديقه لضرار فيما قال: "وهذا الحديث يدل على معرفة
معاوية بفضل علي t ، ومنزلته، وعظيم حقه ومكانته، وعند ذلك يبعد عن معاوية أن
يصرح معاوية بلعنه وسبّه، لما كان موصوفا به من العقل والدين، والحلم وكرم
الأخلاق، وما يروى عنه من ذلك فأكثره لا يصح، وأصح ما فيها قوله لسعد بن أبي وقاص:
ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ وهذا ليس بتصريح بالسبّ، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه
ليستخرج ما عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية
سكن وأذعن وعرف الحق لمستحقه".[97]
قال أستاذنا الدكتور إبراهيم بن عامر ألرحيلي:
" والذي يظهر لي في هذا ـ والله أعلم ـ
أن معاوية إنما قال ذلك لسعد على سبيل المداعبة، وأراد من ذلك استظهار بعض
فضائل علي t
، فإن معاوية t
كان رجلا فطنا ذكيا، يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم، فأراد أن يعرف ما عند
سعد في علي t
، فألقى سؤاله بهذا الأسلوب المثير. وهذا مثل قوله t
لابن عباس: أنت على ملة علي؟فقال له ابن عباس: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة
رسول الله r
[98].
فالظاهرأن قول معاوية هنا لابن عباس جاء
على سبيل المداعبة، فكذلك قوله لسعد هو من هذا الباب، وأما ما ادعى الروافض من
الأمر بالسب فحاشا معاوية t أن يصدر منه مثل
ذلك".[99]
والمانع من هذا عدة
أمور:................فذكر خمسة موانع[100]
فليراجع من شاء المزيد كتاب الصّلاّبي. حفظه الله.
فالحاصل: أن ما يذكره الروافض من الشحناء
والبغضاء بين معاوية t والأموية عموما وعلي t
وآل البيت، حتى إن ذلك حمله t على أمر الأئمة أن
يسبوا عليًا على المنابر إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز ومنع من ذلك فكذب مفترى. بل الذي كان بين آل البيت ومعاوية t
عكس ذلك، كما هو جواب سؤال الآتي: فتابعْــــــه!.
ســــــــــــ : حياة الإمام الحسن في عهد
معاوية لها وضع خاص، تحدثْ عن هذه المرحلة من حياته؟ وكيف كان تعامل
معاوية t
معه t
، ومع أخيه
الحسين t
.
جــــــــــ : لما تنازل الحسن t
عن الخلافة لمعاوية t تر ك الكوفة، ورجع
هو ومن معه من أصحابه وبني هاشم إلى المدينة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى
التسليم، واستقرّ بها، وكان الهاشميّون عموما، والحسن والحسين خصوصا محل الإجلال
والتكريم والاحترام من معاوية t . وكان الحسن t
هو زعيم آل البيت بالمدينة. وكان الحسن t
يقدم على معاوية t في خلافته، فمرة قدم
عليه فقال له معاوية: لأجيزنك بجائزة ما
أجزت بها أحدا قبلك، ولا أجيز بها أحدا بعدك، فأعطاه أربع مائة ألف فقبلها[101]
أما تعامل معاوية t
وصلاته بآل البيت عموما والحسن والحسين خصوصا فيتضح في التالي:
جاءت بعض الروايات بأسانيد حسنة تدل على أن معاوية t
دائم الوصل للحسين ويسارع في تلبية مطالبه وحاجاته، وكان يغدق عليه العطاء[102]
فيكون ذلك للحسن من باب أولى.
ومرة أمر معاوية t
للحسن t
بمائة ألف فذُهب بها إليه فقال لمن حوله: من أخذ شيئا فهوله.
وأمر للحسين t بذلك فذهب بها إليه وعنده عشرة فقسمها عليهم
عشرة آلاف عشرة آلاف.
وأمر لعبد الله بن جعفر بذلك.[103]
وإذا تلقى ابن الزبير قال له:
مرحبا بابن عمة رسول الله r
. و/t
للحسن t
بثلاثمأة ألف، ولابن الزبير بمأة ألف.
ما سبق كله من ما يفعله معاوية لآل البيت، أما
العكس فكان الحسن والحسين رضي الله عنهما مخلصين لعهدهما، والتزما بيعتهما لمعاوية
t
، وكان الحسين يرى أن الصلح له ملزم في ظلّ حياة الحسن ومعاوية وكذلك بعد وفاة
أخيه الحسن t
.
هذا الذي ذكرت هنا يتناقض تماما بما سبق الرد
عليه من ما تزعمه الرافضة. فرضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين
وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وجاز الرافضة بعدله، إنه عزيز ذو انتقام، وبالمؤمنين
رءوف رحيم.
ســـــــــــــ: كان لثبات الحسن t
بعد وفاة والده t دليل على وجود
مقوّمات هذا الثبات في زمن ظهرت فيه الفتن، من خلال دراستك لهذه المرحلة من حياته،
ما هي هذه المقوّمات؟
جــــــــــ: أقول أولا: هذا السؤال بينه وبين سؤال الأول ما دخل وما
خرج(عموم وخصوص وجهي) إلا أن هذا يميل إلى الخصوص أكثر حيث إنه قُيّد ب (هذه
المرحلة )من مراحل حياته، وذاك أعم.
وثانيا: إذا كان ذلك كذلك؛ فإنه من
المنطقي أن تتداخل الإجابة بعضها في بعض.
ثالثا: كل ما قلته في إجابة
سؤال الأول يدخل معنا هنا، ولا ينعكس.
رابعا:أهم
المقوّمات التي ساهمت في ثبات الحسن t
بعد وفاة أبيه علي t
اتصف الحسن t بصفات القائد
الرباني ومن أهمها:
ـ ابتغاؤه وجه الله فيما وما يذر: وهذا لوحده
كاف بأن يكمّن الله فيه الثبات، ويخلل حياته بالتوفيق.
ـ بعد نظره t
.
ـ استيعابه للأحداث الجارية حوله.
ـ قدرته على قيادة الجماهير.
ـ عزيمته القويّة في تنفيذ الأهداف التي رسمها.
ـ فهمه الدقيق بأن المبادئ هي التي فقط تبقى دون
الأشخاص.
ـ حبه لحقن الدماء.
ـ فهمه الشامل بمفهوم السيادة التي ذكرها له جده
r
؛ وأنه ليس مجرد إخبار، بل يتطلب ذلك منه جهدا حتى يتحقق ما قيل فيه فتكون معجزة
خالدة لجده r
.
ـ الزهد.
ـ استشارته أهم الشخصيات الذين معه، وأنه ما خاب
من استشار؛ كالحسين t وقيس بن سعد بن عبادة الخزرجى، وعبيد الله بن
العباس بن عبد المطلب الهاشمي، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي وغيرهم.
قال الذهبي عن الحسن t
: " وكان الإمام سيّدًا وسيما، جميلا عاقلا، رزينا، جوادًا، ممدحًا، خيِّرًا،
ديِّنًا، ورعًا، محتشماً، كبير الشأن".[105]
فرحمة الله ورضوانه على هذا السيّد
الجليل، وجمعنا الله به مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين. ففي سيرته عبرة
لمن اعتبر، وتبصرة لمن ادكر. قال العلامة محمد إقبال:
في
روض فاطمة نما غصنان لم ينجبهما من
نيّرات سواها.
فأمير
دائرة الجهاد وقطب دائرة الوئام والاتحاد
ابناها.
حسن
الذي صان الجماعة بعدما أمسى تفرقها يحل
عراها.
ترك
الإمامة ثم أصبح في الديار إمام ألفتها
وحسن علاها.
ســـــــــــــ: وفاة الحسن t
فاجعة ومصيبة ألمت بأمة الإسلام، تحدثْ عن وفاته، مستعرضا لأسبابها ومفندًا
لما جاء بها من باطل؟
جـــــــــــ : لا شك الأمة الإسلامية أصيبت
بهذا الحادث الجلل، والفاجعة العظيمة، بانتقال هذه النسمة الطيّبة إلى بارئها ـ
نسمة الإمام الجليل والسيد المصلح على لسان جده عليه الصلاة والسلام، فموت العظماء
من أعظم المصائب؛ قال شاعر:
موت
الفقيه لنا كالبعث في الدنيا إن الفقيه
حياة الأرض والأمم
بموته
برز الأشرار في الدنيا. ...
وقال النبي r
:{ إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، إنما يقبضه بقض العلماء
.......}الحديث.
وإن كانت الأمة الإسلامية قد أمرها رسولها r
ـ إذا أصابها مصيبة ـ أن تتذكر مصيبتها به، فإنه أعظمها كما جاء في الحديث:{ إذا
أصيب أحدكم بمصيبة فليتذكر مصيبته بي فإنما هي أعظم المصائب}.[106]
فالأمة الإسلامية لما تذكرت تلك المصيبة العظمى
والحادث الجلل، هان عليها هذا. فرحم الله الإمام الجليل والسيد العظيم، وجمعنا به
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وكانت وفاة السيد وخامس خلفاء الراشدين الحسن بن
علي سبط خديجة، وريحانة رسول رب العلمين
بالمدينة النبوية، على صاحبها السلام والصلوات الزكية، وذلك سنة إحدى وخمسين على
الراجح، وعمره إذْ ذاك ثمان وأربعين. بهذا جزم ابن حجر في الإصابة كما نقل
الصّلاّبي عنه[107]
ودفن t
بالبقيع الغرقد بجانب أمه الزهراء البتول رضي الله عنها؛ وذلك بعدما صلى عليه سعيد
ابن العاص وكان يبكي، وكان مرضه الذي مات فيه أربعين يوماً[108].
وقد قدم الحسين t
سعيد ابن العاص للصلاة عليه t ؛ لأنه كان واليا
على المدينة لمعاوية، وقد اعتزل الفتنة ولم يقاتل مع معاوية. وقد اجتمع الناس
لجنازة الحسن t
، حتى ما كان البقيع يسع أحد من الزحام.[109]
وأما ما يروى من أن السيدة عائشة رضي الله عنها
رفضت دفن الحسن بجانب رسول الله وأبي بكر وعمر، وأن أبان بن عثمان اعترض على ذلك،
وأن مروان بن الحكم اعترض كذلك، فضعيفة الأسانيد، ومتونها منكرة. ذكر بعضها
الصّلاّبي وأشار أن أسانيدها مظلمة،وأحال إلى أن الدكتور محمد صامل السلمي قال في
تحقيقه للطبقات: أسانيدها ضعيفة.[110]
وإنما الرواية الصحيحة في هذا المقام هي رواية
أبي حازم حيث قال:" لما حضر الحسن t
، قال للحسين: ادفنوني عند أبي ـ يعني به رسول الله r ـ إلا أن تخافوا الدماء، فإن خفتم الدماء فلا تريقوا
في ّدما،ادفنوني عند مقابر المسلمين، قال: فلما قبض تسلح الحسين وجمع مواليه، فقال
أبو هريرة: أنشدك الله ووصية أخيك؛ فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء، قال:
فلم يزل به حتى رجع. قال: ثم دفنوه في بقيع الغرقد، فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جيء
بابن موسى ليدفن مع أبيه فمنع أكانوا قد ظلموه؟ قال: قالوا: نعم؛ قال: فهذا ابن نبي
الله r
قد جيء به ليدفن مع أبيه".[111]
وذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ
أن عائشة رضي الله عنها قد أذنت للحسن بأن يدفن في حجرتها، ولكن كره ذلك ناس
آخرون، ورأوا أن عثمان t لما لم يدفن فيها فلا يدفن فيه غيره، وكادت
تقوم فتنة". [112]
سبب
موت الحسن t
إذا جاء سر الله المحتوم المكتوم المكتوب فلا راد
له، قال الشاعر:
وإذا
المنية أنشبت أظفارها ألقيت كل
تميمة لا تنفع.
وقال آخر:
تعددت
الأسباب والموت واحد ومن لم يمت
بالسيف مات بغيره.
قال الله تعالى: (لكل أمة أجل) الأية. وقال
الرسول الكريم: {بكتب رزقه وأجله}.فقد خلق الله الأسباب والمسببات، وجعل سبب موت
الخليفة الراشد السم الذي ذاقه، قال شيخ الإسلام:" وبالنسبة لسم الحسن t
، فنحن لا ننكر هذا، فإذا ثبت أنه مات مسموما فهذه شهادة له وكرامة في حقه". [113]
هل
يصح اتهام معاوية t بسم الحسن t
؟
رغب كثير من الأعداء عن هذه الوحدة
الإسلامية التي صار الحسن t سببا لها، وزادتهم
غيظا وحنَــقًا، وكانوا على قناعة بأن وجوده حيا صمام أمان للأمة، فهو إمام
ألفتها، وبالتالي حتى تضطرب الأحداث وتعود الفتن إلى ما كانت عليه فلا بد من
تصفيته وإزالته، فالمتهم الأول في نظر صاحب مواقف المعارِضة في خلافة يزيد بن
معاوية هم: السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذين وجه لهم الحسن صفعة
قوية عندما تنازل لمعاوية t ووضع حدًا للصراع، ثم الخوارج
الذين قتلوا علًيا t ، وهم الذين طعنوا
في فخذه، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها.[114]
أما الروايات الظالمة التي فيها اتهام الصحابة وخصوصا معاوية t
، فقد ردها العلماء المحققون عنها وبيّنوا كذبها. قال ابن العربي في العواصم من
القواصم : فإن قيل دس معاوية t الحسن t
،
قلنا: هذا محال من وجهين:
1. أن
معاوية t ما كان ليتقي من الحسن t
بأساً وقد سلّم إليه الأمر.
2. أنه
أمر مُغيّب لا يعلمه إلا الله، فكيف تحملونه بغير بيّنة على أحد من خلقه، في زمن
متباعد، ولم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية ينسب
كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي، فلا يقبل منها إ لا الصافي ، ولا يسمع فيها إلا من
العدل الصميم ". [115]
وقال ابن تيمية : وأما قوله : "
معاوية سمّ الحسن" فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببيّنة شرعيّة، أو
إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به، وهذا مما لا يمكن
العلم به، فالقول به، قول بلا علم". وقد جاء عن ابن تيمية في رده عن
اتهام معاوية t
بسم الحسن t
وأنه أمر الأشعث بتنفيذ هذه الجريمة وكانت ابنته تحت الحسن ما يدل على قدرات ابن
تيمية للنقد العلمي القوي للروايات التاريخية حيث قال: وإذا قيل إن معاوية أمر أمر أباها كان ظنا
محضا، والنبي r
قال: " إياكم والظنّ............".الحديث. ثم إن الأشعث بن قيس مات سنة
أربعين وقيل إحدى
وأربعين ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية
والحسن في الذي كان يسمى عام الجماعة،وهو عام واحد وأربعين، وكان الأشعث حمًا (أبو
زوجته) فلو كان شاهدا وحيا لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن
نحو عشر سنين فكيف يكون هو الذي أمر ابنته بسَمِه"[116]
قال الذهبي : قلت ."هذا لا يصلح
فمن الذي اطلع عليه "[117]
وقال ابن كثير : "روى بعضهم أن
يزيد ابن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أنْ سُّمِِّي الحسن t
وأنا أتزوجك بعده ، ففعلت فلما مات الحسن t
بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن t
أفنرضاك لأنفسنا وعندي أن هذا ليس بصحيح ، وعدم صحته عن أبيه معاوية t
بطريق الأولى والأحرى ،"[118]
وأما اتهام معاوية t
وابنه فهذا لايثبت من حيث السند والمتن ، وهل جعدة بنت الأشعث بن قيس بحاجة إلى
شرف أومال حتى تسارع في تنفيذ هذه الرغبة من يزيد ، وبالتالي تكون زوجة له ، أليست
جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهو الأشعث بن قيس، ثم أليس زوجها وهو الحسن بن
علي t
أفضل الناس شرفا ورفعة بلا منازعة.إن أمه فاطمة رضي الله عنها وجده الرسول r
وكفى به فخرا وأبوه علي بن أبي طالب t
أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين ،إذا ما هو الشيء الذي تسعى
إليه جعدة وتحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير".[119]
ومن الذين ردوا هذه التهمة وفندوها ابن خلدون
والدكتور جميل المصري في كتابه "أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية
وغيرهم كثير" ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب الصلاَّبي أمير المؤمنين الحسن t
شخصيته وعصره ص 435.
ســــــــــــــ:المحن والشدائد
لها أثر كبير على حياة الإنسان،وقد بلي
الحسن t
بكثير منها في حياته بدءا بوفاة جده r
وانتهاء بالحال الذي صار إليها بعد وفاة والده t.
ماهي الدروس المستفادة والتي تمثلت واضحة في سيرة الحسن t
وأرضاه في مواجهة الفتن ؟
جــــــــــــــ: صحيح أن المحن
والشدائد لها أثر كبير في حياة الإنسان وقد تخرجه من الإسلام أو تنقص إيمانه ، قال
الله تعالى ( وأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما
إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا) وقال جل من قائل :( إن الإنسان
خلق هلوعا إذا مسه الشر جذوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين ) هذه صفة الإنسان
إلا أن المؤمن له خاصية تميز به، وهو الذي جاء بعد الاستثناء في قوله (إلا
المصلين).وقد قال النبي r { عجبا لأمر المؤمن
، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له
وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له} رواه مسلم
فالحسن t
لما كان من العظماء ومن خيار أولياء الله المؤمنين كان صبره عند الشدائد ـ الفتن
والمحن ـ مما يضرب به المثل ،فقد صبر واحتسب بوفاة جده رسول الله r
وتعلم من ذلك أن البقاء للمبادئ دون الأشخاص ، وكذلك احتسب بموت أمه بعد وفاة
الرسول r
بقليل إلى أن توفي أبوه t وهو في كل هذا محتسب
وصابر على قضاء الله وقدره .
أهم
الدروس التي تمثلت واضحة وجلية في مواجهة الحسن t للفتن
من الدروس التي ينبغي أن نتعلمها من
سيرة الحسن بن علي t والتي تمثلت واضحة
في ما يأتي
1. فقه الخلاف.
2. المصالح
والمفاسد.
3. مقاصد
الشريعة.
4. الاستعلاء
على حظوظ النفوس.
5. كيف
نعيش مع القرآن الكريم ونهتدي بهديه.
6. كيف
نقتدي برسول الله r .
7. التنهج
بنهج الخلفاء الراشدين.
8. فقه
القدوم على الله تعالى.ونتعلم هذا من خطبه وأقواله وأفعاله t
.
فقد قال الصَّلَّابي: "لقد ت حقق
بفضل الله تعالى ثم بنجاح الحسن في صلحه مع معاوية t
مقصد عظيم من مقاصد الشريعة من وحدة المسلمين واجتماعهم ، وهذا المقصد من أهم
أسباب التمكين لدين الله تعالى ـ بعد الإيمان والعمل الصالح ـ ونحن مأمورون با
لتواصي بالحق والتواصي بالصبر فلا بد من تضافر الجهود بين الدعاة وقادة الحركات
الإسلامية وبين علماء المسلمين ، وطلبة العلم لإصلاح ذات البين إصلاحا حقيقيا لا
تلفيقيا، لأن أنصاف الحلول تفسد أكثر مما تصلح ، وقد تحدث الشيخ عبد الرحمن السعدي
عن الجهاد التعلق بالمسلمين بقيام الألفة، واتفاق الكلمة، وبعد أن ذكر الآيات،
والأحاديث الدالة على وجوب تعاون المسلمين ووحدتهم قال: فإن من أعظم الجهاد السعي
في تأليف قلوب المسلمين ، واجتماعهم على دينهم ومصالحهم الدينية والدنيوية".[120]
إن الأخذ بالأسباب نحو تأليف قلوب
المسلمين وتوحيد صفهم من أعظم الجهاد لأن هذه الخطوة مهمة جدا في إعزاز المسلمين ،
وإقامة دولتهم ، وتحكيم شرع ربهم ، وهذا من فقه الخلفاء الراشدين ن ويتجلى في أبهى
صورة في تنازل الحسن بن علي t لمعاوية t
من أجل وحدة المسلمين وحفظ دمائها ، والأجر والمثوبة عند الله تعالــــــــى .
هذا ما تيسر لي جمعه .من كتاب الصَلابي
وغيره في سيرة الإمام الجليل الحسن بن علي t
فما كان فيه من صواب فبتوفيق من الله . وماكان فيه مكن خطأ وزلل فمني ومن الشيطان.
والله أسأل التوفيق والسداد.
ولا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر لكل من
ساعدني في إخراج هذا البحث وفي مقدمتهم الأخ محمد جالووسيبويه وغيرهما .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين.
[7] ما سبق من النقول فموجود في: {الطبقات لابن
سعد:(8/26 )، وأسد الغابة: (5/ 520)، والإصابة: (4/ 365)، والحلية: (2/ 39، 43)،
والسير: (2/ 118). }.
[16] البداية والنهاية:{ 7ـ 8/ في خلافة علي بن أبي
طالب، ص:182}.
[17] المسند لأحمد، بسند صحيح:{2/249، 331}.
[19] قال البوصري في الزوائد: إسناده صحيح،
ورجاله ثقات. أخرجه أحمد في مسنده:{4/ 172}. وابن ماجة، برقم: {366} في
الأدب، وغيرهما.
[20] إسناده صحيح.
راجع المستدرك:{3/ 173، 174}. ثم السير: {3/ 253}.
[22] إسناده ضعيف، ومتنه منكر كما في الميزان:{3/ 117}. وأخرجه أحمد في مسنده: {1/ 77}. والترمذي،
برقم: {3734}.
[28] إسناده ضعيف،
فيه: مسروح؛ قال ابن أبي حاتم: سألت أبـــي عن مسروح وعرضت عليه بعض حديثه
فقال:" يحتاج إلى توبة من حديث باطل رواه عن الثوري. والحديث عند الآجري
برقم: {5216}.
[29] إسناده ضعيف لأن فيه: محمد بن عيسى بن حيان
ألمدائني، قال الدار قطني عنه: ضعيف متروك. والحديث في الشريعة:{5/
2161}.
[32] أنظرْ ـ
غير مأمور ـ إن شئت زيادة بيان كتاب: {أمير المؤمنين الحسن بن أبي طالب: ص :70ـ 71) للصَلاّبي .
[35] الحاكم: {3/ 169}. وقال: صحيح.
وأقرّه الذهبي والطبراني، رقم:{2596} وقال الهيثمي في المجمع: {9/ 178}: رجاله
ثقات.
[36] نقله ابن كثير في البداية، وقال: لا بأس
به. وهو كذلك في صحيح ابن حبان:{ 15/ 421ـ 422}.في مناقب الحسن. كما ذكر ذلك الصّلاّبي.
[41] زعم ذلك صاحب كتاب: حياة الحسن بن علي، وهو:
باقر شريف القرشي{1/ 123ـ 139}.
[47] ففي المصنف لابن أبي شيبة بسند صحيح:{14/
567}.أنه لما بويع لأبي بكر بعد النبي r
كان علي والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها، فبلغ عمر فدخل عليها،
فقال: يا بنت رسول الله r ما أحد من الخلق أحب
إلينا من أبيك، وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك، وكلمها، فدخل علي
والزبير عليها فقالت: انصرفا راشدين، فما رجعا إليها حتى بايعا". بعد صحة
السند، هذا هو المنسجم مع روح العصر ذاك.
[58] تاريخ الطبري {5/ 516}.
[60] مسلم{2/745}
[61] البخاري مع الفتح{13/318}
[62] الاعتقاد للبيهقي {ص198}فتح الباري {13/66}4
[68] المرجع السابق
[73] البخاري{4447}
[100] أمير المؤمنين الحسن t
شخصيته وعصره: ص {406ـ 407}. فالصّلاّبي ـ حفظه الله ـ فصّل أيما تفصيل في هذه الإحالة،
وما قبلها بورقتين. فمن شاء المزيد فعليه به !
[103] أنظر:جلاء العيون للمجلسي{376}. والكافي في
الفروع كتاب الحقيقة باب الأسماء والكنى:{6/ 19}. والأمالي للطرسي:{376}. وشرح ابن أبي حديد: {2/ 823}.
والدكتور محمد الشيباني فصّل القول في: مواقف المعارضة: الإحالة السابقة.
[104] أنظر إلى هذه الخصوصية. ما أعظمها!!!
[107] ص{ 446}.
No comments:
Post a Comment