2015/02/11

SOYAYYAR SAHABBAI DA SALIHAI GA MANZON ALLAH (SAW) DA TA DARA SONSU GA KOWA (02)

خليلنا صلى الله عليه وسلم محبته فوق كل محبوب مخلوق (02)


نماذج من محبة المحبين لعبد الله ورّسوله نبينا محمدٍ r، وأنّها فوق محبة جميع الْمحبوبات الْمخلوقة:
      محبة الله هي أصل الدين ولا يُدانيها محبة أيّ مخلوق. والرّتبة التي بعدها هي محبة عبده ورسوله نبينا محمدٍ r، وقد سبقت النصوص الكثيرة من الكتاب الدّالة على وجوب تقديم محبته r على بقية الْمحابّ الثمانية المخلوقة المذكورة في سورة التوبة: ﭻ  ﭼ      ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ   ﮂ   ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ      ﮈ   ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ   ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ   ﮛ  ﮜ  ﮝ  [سورة التوبة: ٢٤].
 ومرّ حديث أَنَسٍ وأبِي هريرة رضي الله عنهما، مرفوعًا، باختلاف في آخرهما: " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ، وَوَلَدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "([1]).
 بل وأمَرَت النصوص بتقديم محبته r حتى على النفس التي بين جنبَي الإنسان، كما في حديث عُمَر t، وقول النَّبِيّ r له: "الآنَ، يَا عُمَرُ!" ([2]).
 ووصل الأمر في نصوص الباب كلها إلى نفي الإيمان –كُلاّ أو كمالا- وتفسيق مَن لَم يُحقق تلك الأحبية. ولهذا جاء في حديث أَنَسِ t، مرفوعًا: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ؛  أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ ... " الحديث، متفقٌ عليه([3]).
      وسبب هذه الأحبية الثابتة والسِّرّ فيها هو: «كونه r سبَبَ هداية الناس الذين بعثه الله إليهم؛ إذْ أخرجهم الله به مِنْ ظُلُمَات الْكُفْر إِلَى نُور الإِيمَان، فلما كان سبب المحبة بين المحب والمحبوب ما يحصل من النفع للمحب، كانت محبة الرسول r مقدمةً على محبة أعزّ الناس إلى الإنسان، لأنّ النفع الذي حصل للمسلم بسبب الرسول r هو بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي ...»([4]).
قال الحافظ ابن حجر في هذا المعنى في شرح حديث أنس: « وَفِي هَذَا الْحَدِيث إِيمَاء إِلَى فَضِيلَة التَّفَكُّر، فَإِنَّ الأَحَبِّيَّةَ الْمَذْكُورَة تُعْرَف بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَحْبُوب الإِنْسَان إِمَّا نَفْسه وَإِمَّا غَيْرهَا، أَمَّا نَفْسه فَهُوَ أَنْ يُرِيد دَوَام بَقَائِهَا سَالِمَة مِنْ الآفَات، هَذَا هُوَ حَقِيقَة الْمَطْلُوب. وَأَمَّا غَيْرهَا -فَإِذَا حَقَّقَ الأَمْر فِيهِ- فَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ تَحْصِيل نَفْع مَا عَلَى وُجُوهه الْمُخْتَلِفَة حَالا وَمَآلا. فَإِذَا تَأَمَّلَ النَّفْع الْحَاصِل لَهُ مِنْ جِهَة الرَّسُول r الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ ظُلُمَات الْكُفْر إِلَى نُور الإِيمَان، -إِمَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِمَّا بِالسَّبَبِ- عَلِمَ أَنَّهُ سَبَب بَقَاء نَفْسه الْبَقَاء الأَبَدِيّ فِي النَّعِيم السَّرْمَدِيّ، وَعَلِمَ أَنَّ نَفْعه بِذَلِكَ أَعْظَم مِنْ جَمِيع وُجُوه الانْتِفَاعَات، فَاسْتَحَقَّ لِذَلِكَ أَنْ يَكُون حَظّه مِنْ مَحَبَّته أَوْفَر مِنْ غَيْره؛ لأَنَّ النَّفْع الَّذِي يُثِير الْمَحَبَّة حَاصِل مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره، وَلَكِنَّ النَّاس يَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ اسْتِحْضَار ذَلِكَ وَالْغَفْلَة عَنْهُ. وَلا شَكّ أَنَّ حَظّ الصَّحَابَة y مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَتَمّ؛ لأَنَّ هَذَا ثَمَرَة الْمَعْرِفَة، وَهُمْ بِهَا أَعْلَم، وَاَللَّه الْمُوَفِّق! وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: كُلّ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ r إِيمَانًا صَحِيحًا لا يَخْلُو عَنْ وِجْدَان شَيْء مِنْ تِلْكَ الْمَحَبَّة الرَّاجِحَة، غَيْر أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْمَرْتَبَة بِالْحَظِّ الأَوْفَى، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا بِالْحَظِّ الأَدْنَى، كَمَنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِي الشَّهَوَات مَحْجُوبًا فِي الْغَفَلات فِي أَكْثَر الأَوْقَات، لَكِنَّ الْكَثِير مِنْهُمْ إِذَا ذُكِرَ النَّبِيّ r اشْتَاقَ إِلَى رُؤْيَته، بِحَيْثُ يُؤْثِرهَا عَلَى أَهْله وَوَلَده وَمَاله وَوَالِده، وَيَبْذُل نَفْسه فِي الأُمُور الْخَطِيرَة، وَيَجِد مَخْبَر ذَلِكَ مِنْ نَفْسه وِجْدَانًا لا تَرَدُّد فِيهِ »([5]).
   وقد ذكَر العلماء –رحِمَهم الله- طائفة كبيرة من علامات محبة النبِيّ r، ومُلخّصها كالآتِي: أولا: الاقتداء به r واتباع سنته (أقواله، أفعاله، وتقريراته)؛ بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عُسر العبد ويسره، ومَنشطه ومَكرهه. ثانيًا: إيثارُه r بكُلّ خيرٍ، وإيثارُ شرعه على هوَى النّفس والشهَوَات. ثالثًا: الإكثار من ذكره r والصلاة والسلام عليه. رابعًا: تَمنّي رؤيته r والشوق إلى لقائه. خامسًا: توقيرُه r وتعظيمه. سادسًا: النّصيحة له r بعد النّصيحة لله U، ثم النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم. سابعًا: محبة كتابه r الذي هَدَى به، واهتدى به وتخلق. ثامنًا: محبة مَن أحبّهم r مِن صحابته، ومَن هو بسببه مِن أهله، ومحبة ما أحَبّه من الأعمال والأماكن. تاسعًا: بُغض وعداوة مَن أبغضهم النبِيّ r وعاداهم، ومجانبة مَن خالف سنته وابتدع في دينه. عاشرًا: الزهد في الدنيا. حادي عشر: شفقة العبد على أمته r ونصحه لهم، وسعيه في مصالحهم، ورفع المضار عنهم، مثل ما كان النبِيّ بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا. حادي عشر: بذل ما يُقدَر عليه في رضاه r مما كان يتمتع به بدون المحبة، مثلما كان عليه الصحابة y من تفديته؛ حتى لو كان لهم شيء أعز من نفوسهم فدَوه به ([6]).
      ولبيان هذه المسألة (نماذج محبة أهل السنة للعبد الرّسول محمدٍ r وأنّها فوق الْمحبوبات الْمخلوقة) كما يَنبغي أذْكُرُ صُورًا واقعية مُشرِقة مِن حال الصحابة y وسيرتِهم في محبتهم للنبِيّ r بل وتقديمهم محبته على محبة بقية المخلوقات، وإيثارهم ذلك على الغالي والنّفيس، كما أمرَت بذلك النصوص. وقد ضرَب هؤلاء الكبار أرْوَعَ الأمثلة في ذلك؛ فأحبُّوه r وآثرُوه على كلِّ أَحدٍ، بل وعلى النفس، وَمَن آثر محبوبه بنفسه فهو له بالمال وغيره أشد إيثارًا([7])، وفَدَوه بِهما، كما اقتضت محبتهم له r: اتباعه في جميع شؤون حياتهم، وتعظيمه ونصحه، والإكثار مِن ذكره والصلاة عليه، والشوق إلى لقياه، ... في جملة أمورٍ شرعية ألزمتْها محبتُهم له r، بل وصَلَ الحالُ بِبعضهم إلى قتل مِن أقرب الناس إليه (أبيه أو ابنه أو غيرهما) وأعزّهم عليه أو هَمَّ إلى ذلك([8])، وذلك لأذيتهم رسولَ الله r، فصار أولئك y هم المؤمنون الذين صدقوا في إيمانهم، فرَضِي الله عنهم وجازاهم خيرَ ما جازى صحابة نبِيٍ عن نبيّهم، وجَعَلَنا من محبيهم، ومعهم في جنّته، آمين! كما نسأله تعالى أنْ يجعلنا مقتدين بِهم، ومقتفين آثارَهم في هذا وفي كلّ مطلوبٍ شرعِيٍّ!
      فالْنَعِشْ الآن مع طائفة طيّبَة من مواقف الصحابة الإيثارية لنبِيّ البشرية، من هؤلاء أولي العقول والنّهى السّنيّة؛ وقد انتقيتُ هذه الطائفة التطبيقية؛ العامة فيهم، والعينية؛ التي وقَفُوها في محبته r وإيثاره، وتعظيمه في حياته، وبعد مماته مِن كُتُب الأحاديث والسيرة خصوصًا، والتاريخ عمومًا المليئة بِهذه النماذج. ثم إنّ عادة العلماء فيما يوردونه من كتب السيرة والتاريخ من النماذج في هذا القبيل: هو عدم التشديد؛ فيَكتفُون بشُهرة الآثار ما لم يَشتد ضعفُها. مع أنّ أكثر ما أورُده هنا -والحمد لله- صحيحٌ! كما أنّ هؤلاء الصحابة y هم قدوة أهل السنة في هذا الباب وغيره.
      ومن هذه النماذج والصّوَر([9]):
      النموذج الأول: في محبة عموم الصحابة للنبِيّ r وتعظيمهم إياه: فعَنْ أَنَسٍ t أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ r عَنْ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا" قَالَ: لا شَيْءَ إِلا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ r فَقَالَ: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ". قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ r: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: «فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ r وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ؛ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ» متفق عليه([10]). وفي رواية: «مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاةٍ، وَلا صَوْمٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، وفي رواية: «كَبِيرَ صِيَامٍ، ...» الحديث([11]).
وفي هذا الحديث دليلٌ على أنّ محبة النبِي r مع قليل العمل على السنة: كافٍ لدخول الجنة، و«الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة»([12])، كما قاله ابن مسعودٍ t.
      -وراوي هذا الحديث (أَنَس بن مَالِكٍ) هو الذي يَقُولُ: «إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ r لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ: أَنَسٌ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيْ الْقَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ([13]).
      أما موقفٌ آخر لَهم فكما شرَحه أحدُهم في رجزه، وحكاه عنه العلامة ابن القيّم –رحمه الله- في آخر كلامه بعدما ذَكَر شاهدًا من شواهد المحبة: «ومنها: بذل الْمُحِبّ في رضا محبوبه ما يَقْدِرُ عليه مِمّا كان يتمتع به بدون المحبة، وللمحب في هذا ثلاثة أحوال: أحدها: بذله ذلك تكلفًا ومشقة، وهذا في أول الأمر. فإذا قويت المحبة بذله رضا وطوعًا، فإذا تمكنت من القلب غاية التمكن بذله سؤالا وتضرعًا؛ كأنه يأخذه من المحبوب حتى إنه ليبذل نفسه دون محبوبه كما كان الصحابة y يَقُون رسولَ الله في الحرب بنفوسهم حتى يصرعوا حوله.
ولِي فؤاد إذا لَجّ الغرام به
هام اشتياقًا إلى لُقْيا مُعَذّبه
يفديك بالنفس صبّ لو يكون له
أعزّ مِن نفسه شيء فَدَاك به
ومن آثَرَ مَحبوبه بنفسه فهو له بِماله أشد إيثارًا ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯸ  [الأحزاب: ٦]. ولا يتم لَهُم مقامُ الإيمان حتى يكون الرّسولُ أحَبّ إليهم مِن أنفسهم؛ فضلا عن أبنائهم وآبائهم، ... فإذا كان هذا شأن محبة عبده ورسوله فكيف بمحبته سبحانه؟ وهذا النوع من الحب لا يمكن أن يكون إلا لله ورسوله شَرْعًا وقدرًا، –إلى أنْ قال-: ولِهذا حَكّم الصحابة y رسولَ الله في أنفسِهم وأموالِهم، فقالوا: هذه أموالُنا بين يديك، فاحكم فيها بما شِئتَ، وهذه نفوسُنا بين يَدَيْك لو استعرضْتَ بنا البحر لَخُضْنَاه؛ نقاتلُ بين يديك ومِن خَلْفِك، وعن يَمينك وعن شِمالك، ..
ثَوَى في قريشٍ بِضْعَ عشرة حجة
يُذَكّر لو يَلْقى حبيبًا مؤاتِيًا
ويَعْرِض في أهل المواسم نفسَه
فلم يَرَ مَن يُؤوي، ولم يَرَ داعِيًا
فلما أتانا واستَقَرت به النّوى
وأصبَح مسرورًا بطيبة راضيًا
بذَلْنا له الأموالَ مِن حِلّ مالِنا
وأنفسَنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى مِن الناس كلِّهم
جميعًا، وإنْ كان الحبيبَ الْمُصافيا
ونعلم أنّ الله لا ربّ غيره
وأنّ رسول الله أصبَحَ هاديًا
فالْمحب وصفُه الإيثار، والْمُدّعي طبعه الاستئثار»([14]).
      النموذج الثانِي مِن نماذج إيثار الصحابة رسول الله r على بقية المحاب المخلوقة: إيثار أَبي بَكْرٍ t النبِي r على نفسه، وبماله، وله في ذلك عدّة مواقف، ومنها ما اشتَهر من كونه في الرّصد ثم الخلف، فالأمام والخلف ([15])، وكذلك إيثارُه إياه بالمال؛ بل ومَن آثر محبوبه بنفسه فهو له بالمال أشد إيثارًا؛ فقد جاء أبو بكر بكلّ ماله، ولم يترك لأهله إلا الله ورسوله، فعن عُمَر بْن الْخَطَّابِ t، وقال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ t بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: "مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟"، قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا» ([16]).
      -ومن ذلك: اتباع أَبِي بَكْرٍ t رَسُولَ اللَّهِ r، وكذلك إيثاره قَرَابَته على قَرَابَة نفسه: فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا؛ مِنْ النَّبِيِّ r فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ r؛ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ r الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r، قَالَ: "لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ "، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ؛ يَعْنِي -مَالَ اللَّهِ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ، وَإِنِّي –وَاللَّهِ- لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ r الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ r، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ r، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا -يَا أَبَا بَكْرٍ- فَضِيلَتَكَ، وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَحَقَّهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ r أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي» متفق عليه، وفي رواية للبخاري: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:  لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَعْمَلُ بِهِ إِلا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ»([17]).
      -ولِهذا فقد نقَل كُتّاب السّير والتاريخ: قول أبِي بكر t للنبِيّ r: (والذي بَعَثَك بالحق لإسلام أبي طالب –لو أسلم- أقرّ لعينِي من إسلامه –يعنِي: أبيه أبي قحافة-، وذلك مِن أجل أنّ إسلام أبِي طالب كان أقَرّ لعينك([18]).
     النموذج الثالث: مواقف عمر t الذي قال فيه الرّسول r: "الآنَ، يَا عُمَرُ!"، فقد تأثّر بِالقول أميرُ المؤمنين في حياته كلّها وآثر مَحابّ رسولِ الله r على محابّ نفسِه: ومن شواهد ذلك التطبيقية: ما جاء عن ابنِه رضي الله تعالى عنهما، أنّ عمر قال للعباس t: «والله لإسلامُك يوم أسْلَمتَ كان أحبّ إلَيّ من إسلام الخطاب لو أسْلَم، لأنّ إسلامك كان أحبّ إلى رسول الله r من إسلام الخطاب»([19]).
      هذا بالنسبة لأبيه، وأما بالنّسبة لابنه عبد الله،وإيثار حِبّ رسول الله؛ أسامة، عليه، فقد جاء في جامع الترمذي: عَنْ عُمَرَ t أَنَّهُ فَرَضَ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي ثَلاثَةِ آلافٍ وَخَمْسِ مِائَةٍ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ثَلاثَةِ آلافٍ([20])، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لأَبِيهِ: لِمَ فَضَّلْتَ أُسَامَةَ عَلَيَّ؛ فَوَ اللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَى مَشْهَدٍ؟ قَالَ: لأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r مِنْ أَبِيكَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r مِنْكَ، فَآثَرْتُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى حُبِّي»([21]).
      وقد علّق عليه القرطبي فقال: «ففضّل t محبوبَ رسولِ الله r على محبوبه. وهكذا يَجب أنْ يحب ما أحبّ رسول الله r، ويُبْغَض مَن أبغض»([22]).
      -ويؤكّد كلّ هذا: ما جاء في سيرته أنه لَمّا وضَع عمر «ديوان العطاء كتَب النّاس على قدر أنسابِهم؛ فبدأ بأقربِهم فأقربِهم نسَبًا إلى رسول الله r، فلَمّا انقَضَت العرب ذكر العجم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين، وسائر الخلفاء مِن بنِي أمية، وولد العباس، إلى أن تغَيَّر الأمر بعد ذلك»([23]).
      -وقال أيضًا: «وانظر إلى عمر بن الخطاب t، حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أميرُ المؤمنين بنفسه، فقال: لا، ولكن ضَعُوا عمر حيث وضَعَه الله؛ فبَدَأَ بأهل بيت رسول الله r، ثم مَن يلِيهم، حتى جاءت نوبتُه في بنِي عَدِيٍّ، وهم متأخرون عن أكثرِ بُطون قريش»([24]).
      النموذج الخامس: مواقف عُثْمَان t المشرقة في محبة رسول الله r: وقد ثبَتَ في كُتُب السيرة أنّ عُثْمَان t قَامَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَةُ بَعِيرٍ؛ بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حين حَثّ عَلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ، ولَمّا حَضَّ عَلَى الْجَيْشِ أيضًا قَامَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ولَمّا حَضَّ عَلَى الْجَيْشِ ثالثة قَامَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ ثَلاثُ مِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَنْزِلُ عَنْ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ، مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ([25]).
      وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ t، قَالَ: «جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ r بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي كُمِّهِ، حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَنَثَرَهَا فِي حِجْرِهِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ r، يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ؛ وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ"، مَرَّتَيْنِ»([26]).
 وهو الذي اشتَرَى بئر رومة، ولقد جاء حديثٌ حسَنٌ بِذلك([27])، قال الإمام البخاري: «بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَبِي عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ t، وَقَالَ النَّبِيّ r: "مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ، وَقَالَ: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَجَهَّزَهُ عُثْمَان»([28]).
 وفي كُلّ ما تقدم الدليل الواضح على إيثار عثمان t دينَه، وأنّه مقَدّمٌ عنده على أمواله وبقائها، وكلُّ هذا فعله t إرضاءً لرسول الله r.
      النموذج السادس: وهو لعلي t الذي أعطاه رسول الله r الرَّايَةَ وذَكَر أنّه يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ([29])، يذكُر إيثار الصحابة محبة رسول الله r على بقية المحاب المخلوقة، فيقول بعدَما سُئِل كيف كان حُبُّكُم لرسول الله r؟ فيُجيب: «كان –والله- أحبّ إلينا مِن أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمإ»([30]).
كما ذَكَرَت كُتُب السيرة أنّه t نام على فراش رسول الله r ليلة الهجرة([31]).
وهذا فيه تفدية النبي r بالنفس في الحين الذي يطلبه كفار قريش لقتله.
      النموذج السابع: ما قاله عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري لولده جابر البارّ به رضي الله عنهما وأرضاهما، قال جابر –كما في صحيح البخاري-: «لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللهِ r، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا، فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ» ([32]).
      في الحديث عظيم الحب للرسول الكريم، «وفيه: قوة إيمان عبد الله المذكور لاستثنائه النبي r ممن جعل ولده أعز عليه منهم» ([33]).
      النموذج الثامن: قول عَمْرو بْن الْعَاصِ t، وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ مَوْتِه لابنه: «وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r، وَلاَ أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلاَلاً لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ»([34]).
      النموذج التاسع: قول سَعْد بْن مُعَاذٍ t: روَى ذلك ابْنُ إسْحَاقَ بسنده عنه t، قَالَ: يَا نَبِيّ اللّهِ! أَلا نَبْنِي لَك عَرِيشًا تَكُونُ فِيهِ وَنُعِدّ عِنْدَك رَكَائِبَك، ثُمّ نَلْقَى عَدُوّنَا، فَإِنْ أَعَزّنَا اللّهُ وَأَظْهَرَنَا عَلَى عَدُوّنَا كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَا، وَإِنْ كَانَتْ الأُخْرَى، جَلَسْتَ عَلَى رَكَائِبِك، فَلَحِقْت بِمَنْ وَرَاءَنَا، فَقَدْ تَخَلّفَ عَنْك أَقْوَامٌ -يَا نَبِيّ اللّهِ- مَا نَحْنُ بِأَشَدّ لَك حُبّا مِنْهُمْ، وَلَوْ ظَنّوا أَنّك تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلّفُوا عَنْك، يَمْنَعُك اللّهُ بِهِمْ؛ يُنَاصِحُونَكَ وَيُجَاهِدُونَ مَعَك. فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ r خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرِ. ثُمّ بُنِيَ لِرَسُولِ اللّهِ r عَرِيشٌ فَكَانَ فِيهِ ([35]).
 وجاء في سيرة ابن هشام قوله t أيضًا: (... وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا، عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ؛ فَامْضِ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَا أَرَدْتَ؛ فَنَحْنُ مَعَك، فَوَ اَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ، صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ؛ لَعَلّ اللّهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ. فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ r بِقَوْلِ سَعْدٍ، وَنَشّطَهُ ذَلِكَ) ([36]).
      النموذج العاشر: وهو موقفٌ من مواقف أَبِي طَلْحَةَ t يوم أُحُدٍ التي آثَر فيها الرّسول r على نفسه، حيث قال: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! لا تُشْرِفْ؛ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ؛ نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ»([37]).
      النموذج الحادي عشر: وهو ما جاء في كُتُب السيرة من شَأْن المْرَأَة الدّينَارِيّةِ رضي الله عنها وكون رسول الله r آثر عندها وأحَبّ إليها مِن زَوْجهَا وَأَخيهَا وَأَبيهَا والناس أجمعين: ذَكَر ابْنُ إسْحَاقَ بسنده إلى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ t، قَالَ: «مَرّ رَسُولُ اللّهِ r بِامْرَأَةِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ r بِأُحُدٍ، فَلَمّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللّهِ r؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمّ فُلانٍ! هُوَ بِحَمْدِ اللّهِ كَمَا تُحِبّينَ. قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتّى أَنْظُرَ إلَيْهِ؟ قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتّى إذَا رَأَتْهُ؛ قَالَتْ: كُلّ مُصِيبَةٍ بَعْدَك جَلَلٌ([38])»([39]).
      الثاني عشَر: موقف زَيْد بْن الدّثِنّةِ t الوَفَائي وأنّه يُفدي رسول الله بنفسه من أنْ تصيبَه شوكةٌ وهو في أهله: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمّا زَيْدُ بْنُ الدّثِنّةِ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ، أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبَعَثَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ مَعَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: نِسْطَاسُ إلَى التّنْعِيمِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللّهَ يَا زَيْدُ! أَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا عِنْدَنَا الآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَأَنّك فِي أَهْلِك؟ قَالَ: وَاَللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا الآنَ فِي مَكَانِهِ الّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْت مِنْ النّاسِ أَحَدًا يُحِبّ أَحَدًا كَحُبّ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ مُحَمّدًا؛ ثُمّ قَتَلَهُ نِسْطَاسُ يَرْحَمُهُ اللّهُ([40]).
      الثالث عشر: حال السّبعة الذين قُتلوا عن بَكرة أبيهم بأُحُدٍ أمام نبِيّ الله r مدافعين عنه: ففي صحيح مسلم من حديث أنس، وفي المسند من حديث: ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما: أنّه لَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ r وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ، أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي تِسْعَةٍ؛ سَبْعَةٍ مِنْ الأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ عَاشِرُهُمْ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ([41]) قَالَ: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا رَدَّهُمْ عَنَّا" قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ رَجُلا رَدَّهُمْ عَنَّا، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَا، حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ r لِصَاحِبَيْهِ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا"([42]).
ولأجل هذه النماذج الكثيرة المتعلقة بأُحُد ذكَر شيخ الإسلام ابن تيمية أنّ «أشهَرَ ما نُقل مِن ذلك: ذَبّ المؤمنين عن النبِيّ يوم أُحُد؛ لَمّا ولَّى أكثرُ المسلمين مُدْبِرين، فطَمِع العدُوّ في النبِيّ r وحَرِصُوا على قتله، وطلب أمية بن خلف قتله، فقتله النّبِيّ r بيده، وشج المشركون جبينه، وهشّموا البيضة على رأسه، وكسروا رباعيته. وذَبّ عنه الصحابة الذين حوله،كسعد بن أبِي وقاص، جعَل يَرمي. ..ووقاه طلحة بيده، فشُلّت يدُ طلحة، وقتل حوله جماعة من خيار المسلمين»([43]).
      النموذج الرابع عشر: إيثار أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ t النَّبِي r؛ بصلاته عليه ودعائه له، على الدعاء لنفسه. فَكُفِي له هَمّه، وَغُفِر لَه ذَنْبه" ([44]).
      الخامس عشر: ما جاء عند الطبراني في الكبير، ونحوه في شعب الإيمان للبيهقي، واللفظ للأول، أنّه خَرَجَ النَّبِيُّ r ذَاتَ يَوْمٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ إِنَّهُ لَيَسُوؤُنِي الَّذِي أَرَى بِوَجْهِكَ وَعَنْ مَا هُوَ؟ قَالَ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ r إِلَى وَجْهِ الرَّجُلِ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:"الْجُوعُ", فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَعْدُو أَوْ شَبِيهًا بِالْعَدُوِّ، حَتَّى أَتَى بَيْتَهُ فَالْتَمَسَ فِيهِ الطَّعَامَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَخَرَجَ إِلَى بنِي قُرَيْظَةَ؛ فَآجَرَ نَفْسَهُ بِكُلِّ دَلْوٍ يَنْزِعُهَا تَمْرَةً، حَتَّى جَمَعَ حَفْنَةً أَوْ كَفًّا مِنْ تَمْرٍ، ثُمَّ رَجَعَ بِالتَّمْرِ حَتَّى وَجَدَ النَّبِيَّ r فِي مَجْلِسٍ لَمْ يَرِمْ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: كُلْ أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ r: "مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا التَّمْرُ؟", فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: "إِنِّي لأَظُنُّكَ تُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟"، قَالَ: أَجلْ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لأَنْتَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَوَلَدِي وَأَهِلِّي وَمَالِي، فَقَالَ: "أَمَا لا, فَاصْطَبِرْ لِلْفَاقَةِ، وَأعِدَّ لِلْبَلاءِ تِجْفَافًا، فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ! لَهُمَا إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي أَسْرَعُ مِنْ هُبُوطِ الْمَاءِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِلَى أَسْفَلِهِ"([45]).
      السادس عشر: ما ذَكَره المفسّرون برواياته الكثيرة من سبب نزول آية في سورة النساء، ومفادُه أنه يَرَى بعض الصحابة أنّه سيموت إن لم يَرَ النّبِيّ r، وإذا كان في بيته فذكَره لا يصْبِر حتى يأتيَه؛ فينظُر إليه، وقد أورد الحافظ ابن كثيرٍ هذه الروايات في تفسير الآية([46]): ومن ألفاظ الحديث: (جاء رجُلٌ مِن الأنصار إلى رسولِ الله r، فقال: لأنت أحَبّ إلَيّ مِن نفسي وولدي وأهلي ومالي، ولولا أنِّي آتيك فأراك؛ لخشيت أنّي سأموت، وبكى الأنصاري؛ فقال له النبِيّ r: "ما أبكاك؟ قال: ذَكَرتُ أنّك سَتَموت ونَموت؛ فتُرفع مع النّبيين، ونحن إنْ دَخَلْنا الجنة كُنّا دُوْنَك؛ فلم يُخْبِره النبِيّ r بشيء؛ فأنْزَل الله U على رسوله r: ﭿ ﮇﮈ    ﮐﮑ  [النساء: 69-٧٠]. فقال له النبِيّ: "أبشر".
السابع عشر: موقف أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما حين رَغِبَت بفراش رسول الله r عن أبيها: فقد دخل عليها بيتها رضي الله عنها أبوها أبو سفيان قبل فتح مكة حين بَعَثته قريش ليشدَّ العقد لَمَّا صنعوا بخُزاعة ما صنعوا. فلما ذهَب ليجلس على فراش رسول الله r طَوَتْه عنه. فقال: يا بُنيَّة، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبتِ به عنِّي؟ قالت: بل هو فراش رسول الله r، وأنت رَجُلٌ مُشْرِك نَجِس، فلم أُحِبَّ أن تجلس على فراش رسول الله r. ..([47]).
الثامن عشر وبه أختم النماذج والصور: حال ناس مِن أهل السنة غير الصحابة من أشدّهم حُبًّا  له r: جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r، قَالَ: "مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي؛ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ" ([48]).
      فاللهم واجعلنا منهم، ومعه، ولا تَحرِمنا أجرهم، يا كريم! فقد ثبت في الصحيح عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ t، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ"([49]).
      ومهما يكُن من أمرٍ، فقد –والله- أحبّ الصحابة؛ رجالُهم ونساؤُهم، كبارُهم وصغارُهم وشبابُهم وشيبانُهم رسولَ الله r حُبًّا ليس له نظير، ووصل –كما في النماذج- إلى أنْ فَدَوه بالمال والأهل بل وبالنفس، والْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، فجزاهم الله خير ما جازى صحابة نبِيٍّ عن نبيّهم.
      فما تقدم من النّماذج بعضٌ مِن الصُّور الجليلة الدالة على عظيم محبة الصحابة y للنبِيّ r وحرصهم على اتباع أوامره والتسليم له. ووراء هذه المواقف المذكورة -مما طُويَ ذكرُه طَلَبًا للاختصار- مواقف أخرى عظيمة، قد حفلت بها دواوين السنة، وازدانت بها كتب التواريخ والسيرة، وهؤلاء هم السلف الصالح الذي يجب علينا اتباعهم، واقتفاء آثارهم في معرفتهم لحق النبِيّ r وعملهم بسنته([50]).
      وأما بعد، فأقول: مصطلح "أهل السّنة" هم: الصحابة y، وكلّ مَن سلَك نَهجهم من التابعين، ثم أصحاب الحديث، ومَن اتبعهم من الفقهاء، جيلاً فجيلاً إلى يومنا هذا، ومَن اقتدى بِهم من العوام، في شرق الأرض وغربِها، -رحمة الله عليهم- كما حققه ابن حزمٍ –رحمه الله- ([51]).
      وهؤلاء الصحابة y هم الذين أنعم الله تعالى عليهم بالحياة مع رسول الله r ومشاهدة طلعته الشريفة، ونُصرته في شخصه؛ بتفديته بنفوسهم –كما في النماذج-، وبَقِيَت ألوانٌ أخرى مِن دلائل محبته r والتي تَكمُن في اتباعه والأخذ بكلّ ما جاء به من الشرع، والذي كان الصحابة والتابعون ومَن بعدهم إلى يوم الدين من أهل السنة هم أحْظَى الناس بالتمسك بذلك، خلافًا لبقية الفِرَق أصحاب دعوى محبته r مع مخالفته والابتداع في دينه؛ من الصوفية والرافضة وغيرهم.  وسأُبيّن في مسألة قادمة وسطية أهل السنة في محبة النبيّ r بين الغلاة والجفاة!
استله وحرره راجي عفو ربه الكريم أبو بكر حمزة من رسالة/
بيان موقف الفرق المنتسبة إلى الإسلام من عبد الله ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
22/04/1436هـ الموافق: 11/02/2015م، بالمدينة النبوية.


([1]) الحديث متفق عليه، وقد سبق تخريجه.
([2]) صحيح البخاري، وقد سبق تخريجه.
([3]) متفق عليه، وقد سبق تخريجه.
([4]) قاله شيخنا الشيخ عبد المحسن البدر حفظه الله في كتابه:عشرون حديثًا مِن صحيح البخاري،(ج2/ص192).
([5]) فتح الباري، (ج1/ 416-417)، ونقله عبد المحسن البدر في: عشرون حديثًا مِن البخاري، (ج2/193).
([6]) انظرها مفصّلة في : الشفا بتعريف حقوق المصطفى، 409-414، وحقوق النبي r على أمته في ضوء الكتاب والسنة، (ج1/ 321-369)، وانظر مبحثي الثالث، والرابع بعُنوان:دواعي محبة الرسول r وأسباب زيادتها، ومظاهر محبة الرسول r من كتاب: محبة الرسول r بين الاتباع والابتداع،ص52-97. وقد ذكر د. غسان 13 علامة لِمحبة الله ورسوله r، في كتابه محبة الله ورسوله r في الكتاب والسنة، ص426-465.
([7]) انظر: روضة المحبين، ص387.
([8]) جامع العلوم والحكم،
([9]) للاستزادة انظر: الفصل الذي عقَده الشيخ عبد الله آل الشيخ المفتي العام بعنوان: ذكر طرف من طريقة محبة الصحابة y، لنبِيّ الْهدى والرحمة r واتباعهم له من كتابه الفريد: حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله r، ص81-91، وصُوَر مشرقة من محبة الصحابة للنبِيّ r، لأشرَف أحمد عثمان.
([10]) صحيح البخاري: كتاب الأدب، بَاب عَلامَةِ حُبِّ اللَّهِ  U، رقم: 6171، وبأتم منه مع ذكر قول أنس t في كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، برقم: 3688 . وصحيح مسلم: كتاب البر والصلة والآداب،  باب المرء مع من أحب، رقم: 2639 .
([11])  صحيح مسلم، المصدر السابق.
([12]) المستدرك للحاكم، كتاب العلم، رقم: 352،، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، برقم: 13 و14، ثم 114، (ج1/ص61، وص99).
([13]) صحيح البخاري: كتاب الأطعمة، بَاب مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيْ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً، رقم: 5379، وصحيح مسلم: كتاب الأشربة، باب جواز أكل المرق... رقم: 2041. وقف على فوائد وشرح الحديث، (المنهاج للنووي، ص1293، وفتح الباري، ج3/ 3858).
([14]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، 387-388.
([15])  ذكَر الأثر بذلك البيهقي عن ابن سيرين عن عمر t، باب خروج النبِيّ r مع صاحبه أبِي بكر الصديق t إلى الغار، وما ظَهَر في ذلك من الآثار، رقم: 771، والأثر طويل ومتكلم فيه مرسلا؛ لأنّ ابن سيرين لم يدرك ابن الخطاب (دلائل النبوة، ج2/ 349-350، وانظر كلام المحقق في تضعيف إسناد الأثر).
([16]) سنن أبي داود: كتاب الزكاة، بَاب فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ، (وقبله: بَاب الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ)، رقم: 1678، وجامع الترمذي: كتاب المناقب، بَاب فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كِلَيْهِمَا، رقم: 3675، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وهو حديث حسن.
([17]) صحيح البخاري: كتاب فضائل الصحابة، بَاب مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ r وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام بِنْتِ النَّبِيِّ r، رقم: 3711، و3712، وصحيح مسلم في حديث طويلٍ: كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي r: "لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ" رقم: 1758.
([18]) منسوب إلى  ابن عساكر، وانظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ص406-407).
([19]) الطبقات الكبرى لابن سعد. وأورَدَه الحافظ ابنُ كثيرٍ في تفسير آية -إلا المودة في القربى-(ج4/ 142).
([20]) الرواية التي أوردها القرطبي (موضعٌ لاحِقٌ) أنه كان عمر t يَفْرِض لأُسامة في العطاء 5 آلاف، ولابنه عبد الله: ألفين.
([21])  جامع الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب زيد بن حارثة t، رقم: 3813، قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ »، وضعفه الشيخ الألباني.
وإنّ مما يُلاحظ على الحديث ما فيه من جعل زيد بن الحارثة t أحبّ إلى رسول الله r من الفاروق t، لأنه من المعلوم أنّ زيدًا وولده أسامة من أحبّ الناس إليه r، لكنهما دون عمر t، ففي البخاري (كتاب فضائل الصحابة، بَاب مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ r، برقم: 3730) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ r بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ r: " أَنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". وفي حديث البخاري في بَعث عَمْرو بْن الْعَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاسِل، وأنه قال: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " عَائِشَةُ " قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا، قلت: ثم مَن؟ قال: عمر ...».
([22]) الجامع لأحكام القرآن، (ج17/ 225).
([23]) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية، ص143.
([24]) اقتضاء الصراط المستقيم، (ج1/ص453)، ط/الرشد، بتحقيق: د. ناصر بن عبد الكريم العقل.
([25]) جاء هذا المعنى في حديت رواه الترمذي في جامعه: كتاب المناقب، باب (بدون ترجمة، وقبله: باب في مناقب عثمان بن عفان t، ورقمه: 3700، وقد ضُعّف، إلا أنّ الحديث الذي يأتي بعده يشهد له.
([26]) جامع الترمذي: المصدر نفسه، رقم: 3701، وحسنّه الترمذي والألباني.
([27]) جامع الترمذي: المصدر نفسه، رقم: 3703، حسّنه الشيخ اللباني.  
([28]) صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، (الصحيح مع الفتح، ج2/ ص2674).
([29])  الحديث في متفق عليه وقد تقدم تخريجه في مطلب صدق ما أخبَر به النبي r عن الماضي والمستقبل.
([30])  الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ص407.
([31])  انظر: السيرة النبوية لابن هشام، (ج1/483)، وروايات ذلك في: دلائل النبوة للبيهقي، (ج2/ 343-346).
([32]) صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة، رقم: 1351.
([33]) فتح الباري، لابن حجر، (ج1/ص1326).
([34]) الحديث في صحيح مسلم: وسيأتِي تخريجه قريبًا.
([35]) السيرة النبوية لابن هشام، بِنَاءُ الْعَرِيشِ لِرَسُولِ اللّهِ r، (ج2/ ص620-621)، ونقله عنه البيهقي في دلائل النبوة، باب ما جاء في العريش الذي بُنِي لرسول الله r حين التقى الناس يوم بدر، (ج3/ص35).
([36]) السيرة النبوية لابن هشام، استيثاق الرَّسُولِ r من أمر الأنصار، (ج2/ ص615)، ويشهد له ما جاء في صحيح مسلم عن أنس t (كتاب الجهاد والسير، باب غزوة بدر، رقم: 1779).
([37]) صحيح البخاري: كتاب مناقب الأنصار، بَاب مَنَاقِبُ أَبِي طَلْحَةَ t، رقم: 3811، وصحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة النساء مع الرّجال، رقم: 1811.
([38])  جَلَلٌ: «تُرِيدُ صَغِيرَةً، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْجَلَلُ يَكُونُ مِنْ الْقَلِيلِ وَمِنْ الْكَثِيرِ وَهُوَ هَاهُنَا مِنْ الْقَلِيلِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي الْجَلَلِ الْقَلِيلِ:
      لَقَتْلُ بَنِي أَسَدٍ رَبّهُمْ
أَلا كُلّ شَيْءٍ سِوَاهُ جَلَلُ».
السيرة النبوية لابن هشام، (ج3/ 99).
([39]) المصدر نفسه، (ج3/ 99).
([40]) المصدر نفسه، (مَقْتَلُ ابْنِ الدّثِنّةِ وَمَثَلٌ مِنْ وَفَائِهِ لِلرّسُولِ)، ج3/ ص172.
([41]) فَلَمَّا رَهِقُوهُ: -بِكَسْرِ الْهَاء- أَيْ: غَشُوهُ وَقَرُبُوا مِنْهُ (انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ص1158).
([42]) صحيح مسلم: كتاب المغازي والسير، باب غزوة أُحُد، رقم: 1789.
([43]) منهاج السنة النبوية، (ج8/ 93)، وانظر: من الكتاب ص99-100 لبعض النماذج من هذا القبيل.
([44]) الحديث في جامع الترمذي، وهو صَحِيحٌ، سيأتِي تخريجه في مبحث الصلاة والسلام على الرسول r.
([45]) شعب الإيمان للبيهقي: (تحت الشعبة الرابعة عشرة)، رقم: 1475، صححه الشيخ الألباني بشواهده (السلسلة الصحيحة، ج6/ص789-791، ورقمه: 2827).
([46]) أورَد الحافظ طائفة من هذه الرّوايات، وقال: «قد روي هذا الأثر مرسلا عن مسروق، وعكرمة، وعامر الشَّعْبي، وقتادة، وعن الربيع بن أنس، وهو من أحسنها سَنَدًا »، ولَمّا أوردَ هذا الحديث من طريق عائشة رضي الله عنها (مع اختلاف يسير في اللفظ) حكى قول أبي عبد الله المقدسي: لا أرَى بإسناده بأسًا. (انظر هذه الروايات في: تفسير القرآن العظيم، ج1/ ص683-685) .
([47]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام، (ج3/396)، ودلائل النبوة للبيهقي، باب نقض قريش ما عاهدوا عليه رسول الله r، (ج5/ص9).
([48]) صحيح مسلم: كتاب الجنة، باب فِيمَنْ يَوَدُّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ r بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ، رقم: 2832 .
([49]) صحيح البخاري: كتاب الأدب، باب علامة الحب في الله، رقم: 6169 (ورقم قبله،وحديث آخر عن أبي موسى t برقم بعده)، وصحيح مسلم:كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب، رقم:2640.
([50]) بِهذا الكلام ختم الشيخ عبد العزيز المفتي العام للسعودية فصل محبة الصحابة للنبي من كتابه حقيقة شهادة أنّ محمدًا رسول الله r، ص91.
([51]) الفصل في الملل والأهواء والنحل، (ج1/ 318).

No comments:

Post a Comment

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان)

TSAWATARWA DAGA SHAN TABAR SIGARI (التحذير من شرب الدخان) Na Shehun Malami Abdul’aziz dan Abdullahi bn Baaz Allah ya yi masa rahama...