ذكر
أزواجـه r،
ورضي الله عنهنّ:
هذا معقود لذكر أزواجه r ورضي
الله عنهنّ. وأخصّ كلامي هنا باللاتِي دخل بهنّ دون اللاتِي عقد عليهن ولم يحصل
دخولٌ ففارقهنّ، على النحو التالِي:
المسألة
الأولى: ذكر أم المؤمنين خديجة الأسدية رضي الله عنها وأرضاها،
أُولَى
زوجاتِ الرسول r، ورضِيَ الله عنهنّ:
أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، بن أسد بن عبد العزى، بن قصي بن كلاب،
القرشية، الأسَديّة، رضي الله عنها وأرضاها، تزوجها بمكة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وبقِيت
معه إلى أنْ أكْرَمه الله برسالته فآمنت به، وثـبَّـتَـتْ جأشه، ونصَرَتْه، وقَـوَّتْه،
وكانت تهوِّن عليه أمر الناس، فكانت له وللإسلام –حياتها- وزيرَ صدقٍ، وماتت قبل الهجرة
بثلاث سنين في الأصح، وقيل: بأربع. وقيل: بِخمس ([1]).
وأبرز خصائصـها رضي الله عنها التي تَميزتْ بِها عَن بقية أزواجه r:
الثانية: لم يتزوج
عليها غيرها حتى توفِّـيَت، فقد جاء عَن أم المؤمنين عَائِشَةَ
رضي الله عنها، قَالَتْ: « لَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ r عَلَى خَدِيجَةَ
حَتَّى مَاتَتْ»([3]).
الثالثة: أنّ أولاده r كلهم منها، إلا إبراهيم t فإنه من سريته مارية رضي الله عنها، فعَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ
r مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ،
وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ r يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا
ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ،
فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ،
فَيَقُولُ: "إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ، وَكَانَ
لِي مِنْهَا وَلَدٌ
" ([5]).
وذكر الحافظ ابن عبد البرِّ في ترجمتها الإجماع
على أنها رضي الله عنها ولَدتْ له أربع بناتٍ، كلهنّ أدركنَ الإسلام، وهاجرنَ معه،
وهنّ: زينب، ورقية، وأمّ كلثوم، وفاطمة. كما أنّهم أجمعوا على أنّها ولدت له:
القاسم، وهو أكبر أولاده –على الصحيح- وبه كان يُكنَّى، عاش حتى مشى. ووَلَدتْ له
عبد الله، وُلد بعد النبوة، مات صغيرًا([6]).
وسيأتِي في ترحمة إبراهيم t أنّه الوحيد الذي ولد
بالمدينة، وكان من مارية القبطية رضي الله عنها.
الرابعة: أنَّها خير
نساء الأمة، فـعَنْ عَلِيٍّ t عَنِ النَّبِيِّ r
قَالَ: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ
نِسَائِهَا خَدِيْجَة" ([7]).
وقد لخص شمس الدين الذهبي فضائل عائشة
رضي الله عنها، وتكلم في التفضيل بينها وبين خديجة، فقال: «وكانت امرأة بيضاء جميلة،
ومن ثَمّ يقال لها: الحميراء. ولم يتزوج النبي r بكرًا غيرها، ولا أحب امرأةً
حُبّها، ولا أعلم في أمة محمد r، بل ولا في النساء مطلقا امرأة أعلم منها، وذهب
بعض العلماء إلى أنها زوجة نبينا r في الدنيا والآخرة([8])، فهل فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة
شأو لا يُلحق، وأنا واقفٌ في أيتهما أفضل، نعَم جزَمْتُ بأفضلية خديجة عليها لأمور
ليس هذا موضعها»([9]).
ويحقق المسألة العلامة ابن القيم
ويُفصّل القول فيها، فيقول: وقد اختُلف في تفضيلها –يعنِي: خديجة- على عائشة رضي الله
عنها على ثلاثة أقوال؛ ثالـثُها الوقف، وسألت شيخنا ابن تيمية -رحمه الله- فقال: اختصت
كلُّ واحدة منها بخاصة؛ فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام، وكانت تسلِّـي رسول الله
r وتُـثَبِـتُه
وتُسكِّـنه، وتبذُل دونه مالها، فأدركت غُرّة الإسلام، واحتملت الأذى في الله وفي رسوله،
وكانت نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة؛ فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها. وعائشة
رضي الله عنها تأثيْرها في آخر الإسلام؛ فلها من التفقه في الدين، وتبليغه إلى الأمة،
وانتفاع بنِيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها([10]).
الخامسة: بشرها النبي r بالجنة، في غير ما حديث، منها الحديث الآتِي.
السادسة: أن الله سبحانه
بعث إليها السلام، مع جبريل u، فبلَّـغها رسولُ الله ذلك، فقد روى البخاري
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ r فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ!
هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ، أَوْ
شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْـكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي،
وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ»([11]).
قال العلامة ابن القيم: «وهذه لعَمر الله!
خاصة لم تكن لسواها، وأما عائشة رضي الله عنها فإنّ جبريل u سلَّم عليها على لسان النبي
r ([12])، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r يَوْمًا: " يَا
عَائِشَ! هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ " فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَرَحْمَةُ
اللهِ، وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى -تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ r-([13]).
السابعة: وقال العلامة ابن القيم: «ومن خواصّ خديجة رضي الله عنها أنّها لم
تسؤه قط، ولم تغاضبه، ولم ينـلها منه إيلاء ولا عتب قط ولا هجر، وكفى به منقبة وفضيلة»([14]).
وقد لخّص خصائص خديجة ومناقبها شمس الدين الذهبي فقال: «ومناقبها جمة؛ وهي ممن
كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة، من أهل الجنة، وكان النبي r يُثنِي عليها، ويُفَضّلها على
سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة
ما غرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي r لها. ومن كرامتها عليه r أنها لم يتزوج امرأة قبلها،
وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تسَرّى إلى أنْ قضَت نحبها، فوجد لفقدها،
فإنها كانت نعم القرين. وكانت تنفق عليه من مالها، ويتجر هو r لها. وقد أمره الله أن يبشرها
ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب»([15]).
الثانية:
ذكر زوجة النبي: أم المؤمنين سودة، العامرية رضي الله عنها وأرضاها:
بعد وفاة خديجة بأيام تزوج بأم
المؤمنين سودة بنت زَمْعَة رضي الله عنها، وهي بنت زمعة بنِ قيس بنِ عبد شمس بنِ عبدِ
وُدّ بنِ نصر بنِ مالك بن حِسْل بنِ عامر بنْ لؤيّ بنْ غالب، القرَشية العامرية،
وهي من السابقين الأولين في الإسلام، وتزوجها بعد وفاة زوجها، ودخل بها بمكة،
وانفردت به نحوًا من ثلاث سنين، وهاجر بها إلى المدينة، كبرت عنده وهمّ بطلاقها،
وأرادتْ أنْ تُحشَر في زمرة أزواجه r فوهبتْ يومها لعائشة رضي الله
عنها فأمسكها([16])، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ r إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ
بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ
لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ
زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ r، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ r ([17]).
وروى الترمذي بسنده عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «خَشِيَتْ سَوْدَةُ
أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ r فَقَالَتْ: لا تُطَلِّقْنِي
وَأَمْسِكْنِي وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَفَعَلَ فَنَزَلَتْ ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ
ﭱ ﭼ [النساء:
١٢٨].
فَمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
جَائِزٌ. -كَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ-([18]).
وهذا من خواصها وحرصها على البقاء في
عصمة النبي r: حيث آثرت بيومها حبّ رسول الله، تقرُّبًا إلى
رسول الله، وحُبًّا له، وإيثارًا لِمقامها معه، فكان يَقسم لنسائه ولا يَقسم لها، وهي
راضية بذلك، مُؤثرة لرضى رسول الله، رضي الله عنها([19]).
الثالثة:
ذكر زوجة النبي: أم المؤمنين عائشة التيمية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج بالصديقة بنت الصديق،
حبيبته بل وأحب الناس إليه، البريئة المبرأة مِن فوق سبع سموات، أم عبد الله، أم
المؤمنين، عائشة بنت عبد الله بن عثمان، بن عامر بن عمرو، بن كعب بن سعد، بن تيم، بن
مرة، بن كعب، بن لؤي، الشهير بأبِي بكر، بن أبي قحافة، خليفة رسول الله r، رضي الله عنهما، القرشية، التيمية، وُلدت
في الإسلام، وتزوجها الرسول r في شوال، وهي بنت ست سنين، قبل الهجرة بثلاث
سنين، وبنـى بها بالمدينة في شوال أول مقدمه في السنة الأولى، وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة، وكان مكثها معه r تسع سنين، وكانت مِن أكثر الصحابة حديثًا
حيث روَت أكثر مِن ألفَين، بل كانت أفقه وأعلم نساء هذه الأمة على الإطلاق، وتوفيت
بالمدينة، ودُفنت بالبقيع، وأوصتْ أنْ يصلِّـي عليها أبو هريرة t، سنة ثمان وخمسين([20]).
وأبرز خصائص عـائشة رضي الله عنها التي تَميزتْ بها عن بقية أزواجه r:
الأولى: أنَّها كانت
أحبّ أزواج رسول الله إليه بل وأحبّ الناس إليه، كما أنّ أباها أحبّ الرجال إليه،
فقد ثبت عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سأل رسول الله r
أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ!" قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ:
"أَبُـوهَا!" قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "عُمَـرُ!"
فَـعَدَّ رِجَالاً، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ»([21]).
ومِمّا يدلُّ على شدة حبّ الرسول r لَها، وعظيم منْزلتها عنده: ما جاء في صحيح
مسلم عنها t، قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ r فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ
r إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ
مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ
أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ،
وَأَنَا سَاكِتَةٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r: أَيْ بُنَيَّةُ! أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟
فقَالَتْ: بَلَى! قَالَ: " فَأَحِبِّي هَذِهِ! " فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ
سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ r فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي
قَالَتْ، وَبالَّذِي قَالَ لَهَا رسول الله r، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نَرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا
مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ
يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ: لا وَاللَّهِ،
لا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ
r زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ r، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي([22]) مِنْهنّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ r، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ
مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ
صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ،
وَتَقَرَّبُ بِهِ إلى الله تعالى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ
مِنْهَا الْفَيْئَةَ([23])، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
r، وَرَسُولُ اللَّهِ r مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا
عَلَى الْحَالِة الَّتِي كَانَتْ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا، وهو بها، فَأَذِنَ
لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ،
ثم وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عليّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ r، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ هَلْ أَذِنَ لِي فِيهَا،
فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ،
فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا([24])، قالت: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ »([25]). والحديث عظيمٌ في بابه!
الثانية: أن الملك أرى
صورتَها للنبي قبل أن يتزوجها في سَرَقَةِ حرير([26]) ليلتين أو ثلاث، فعَنْها، قَالَتْ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ r: أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا
رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُهَا،
فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ([27]).
ورُؤيا الأنبياء وحيٌ، وهذا فيه الإشارة إلى أنّ زواجها كان بالوحي،
وسيأتِي في خصائص زينب رضي الله عنها ما يدلُّ على أنّها هي الوحيدة من زوجاته r، التي كان زواجها بالوحي، فيُحمل ذاك على
أنَّه الوحي القرآنِيّ، بتزويج الله له إياها مِن فوق سبع سموات.
الثالثة: أنه r لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا
كما أنه لم يُحبّ امرأة حبّها: فقد روى البخاري
عَنْها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ
لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا
لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: " فِي
الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا! " تَعْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللهِ r لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا([28]).
الرابعة: أنه كان ينـزل
عليه الوحي وهو في لحافها دون غيرها، ففي الصحيحين أنه: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ
بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى
أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ! وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ
بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ،
فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ r أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ
يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ، أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ
أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ r، قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ
إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ
لَهُ، فَقَالَ: " يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّهُ
–وَاللَّهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ، وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ
غَيْرِهَا "([29]).
الخامسة: والله U لما أنزل عليه آية التخيير
بدأ بها؛ فخيرها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فاستن بها بقية أزواجه وقلنَ كما
قالت. وعنها، قال: «لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ
بِي»([30]).
السادسة: أن الله سبحانه
برّأها مما رماها به أهل الإفك، وسبّح نفسه في شأنها، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيًا
يُتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم وغير ذلك إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات،
ووعدها المغفرة والرزق الكريم، وأخبر سبحانه
أنَّ ما قيل فيها من الإفك كان خيرًا لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شرًّا لها، ولا
عائبًا لها، ولا خافضًا من شأنِها، بل رفعها الله بذلك، وأعلى قدرها، وأعظم شأنَها،
وصار لها ذكرًا بالطيب، والبراءة بين أهل الأرض والسماء، فيا لها من منقبةٍ ما أجلها!
وتأمل هذا التشريف والإكرام الناشئ عن فرط
تواضعها، واستصغارها لنفسها، حيث قالت: وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ
أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى
رَسُولُ اللَّهِ r فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي
اللَّهُ بِهَا([31]). فهذه صديقة الأمة، وأم المؤمنين، وحِبّ
رسول الله، وهي تعلم أنّها بريئة مظلومة، وأنَّ قاذفِيها ظالمون لها، مفترون عليها،
قد بلغ أذاهم إلى أبويها، وإلى رسول الله، وهذا كان احتقارها لنفسها، وتصغيرها لشأنها..([32]).
السابعة: أنَّ الأكابر
من الصحابة y كان إذا أشكل عليهم أمرٌ من
الدين استفتوها، فيجدون علمه عندها([33])، فعَنْ أَبِي مُوسَى t، قَالَ: «مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا -أَصْحَابَ
رَسُولِ اللَّهِ r- حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ، إِلا
وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا»([34]).
الثامنة: أن رسول الله
توفِي في بيتها، وفي يومها، وبين سحرها ونحرها، ودفن في بيتها، فـعنها رضي الله
عنها، قالت: « إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ؛
" أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ " اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا
كَانَ يَوْمِي قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي»([35]).
قال النووي –رحمه الله-:«وقُبض رسول الله
r ورأسه في حجرها، ودفن في بيتها،
وكان ينزل عليه الوحي وهو معها في لحافها،.. وخُلقت طيبة، ووُعدت مغفرة ورزقًا»([36]).
التاسعة: أنّها
زوجة رسول الله r في الجنة كما هي زوجته في الدنيا، جاء في
سنن الترمذي –رحمه الله- «أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي
خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ r فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ زَوْجَتُكَ
فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»([37]).
وفي البخاري في فتنة الجمل:لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ
عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ:
إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَلَكِنَّ اللَّهَ
ابْتَلاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا([38]).
وما كان الصحابة يقولون بمثل هذا إلا بالتوقيف،
وقد تقدم –بذلك- حديث الترمذي.
ثم إنّ منقبة كون عائشة زوجته r في الدنيا والآخرة، وزوجته في الجنة ليست
خاصة بها، بل هو لزوجاته جميعًا؛ لِما أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة (سيأتي ذلك في مناقبهن المشتركة).
العاشرة: أنّها رضي الله عنها اختصّتْ بجمع الله
بين ريقه r وريقها في اللحظات الأخيرة مِن حياته، كَانَتْ
عَائِشَة تَقُولُ: «إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي
يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ
عِنْدَ مَوْتِهِ؛ دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا
مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ r فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ،
وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ:
أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ
بِرَأْسِهِ: أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ فَأَمَرَّهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ
عُلْبَةٌ،.. فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا
وَجْهَهُ، يَقُولُ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ!" ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ:"فِي الرَّفِيقِ
الأَعْلَى"حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ»([39]).
وفي لفظ عنها: «وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ
بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي
يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ .. فَأَخَذْتُهَا فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا
إِلَيْهِ فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا فَسَقَطَتْ
يَدُهُ أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي
آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الآخِرَةِ »([40]).
هذا، وأكثر خصائص عائشة رضي الله عنها وفضائلها جمعها موسى ابن بُهَيج
الأندلسِي فنظمها شعرًا على لسانها، أنتقي في ختام ترجَمتِها وذِكرِها ما هو من
الفضائل خصوصية لَها، فـ
قِفْ، واستمع قولاً عظيمَ الشأنِي
|
في مدح زوج المصطفى العدناني
|
وموضوعات هذه القصيدة التي في
خمسين بيتًا هي: مدح عائشة وبيان خصائصها وما تميزت به عن بقية زوجات حبيبِها
وحبيبنا r، والطعن في مبغضيها، وبيان مناقب والدها الكريم، ومدح مُواليها
ومُحبيها، وآل بيته r
وأصحابه:
1
|
ما شَانُ أُمِّ المؤمنين وشَانِي
|
هُدِيَ المُحِبُّ لها، وضَلَّ الشَّانِي
|
2
|
إِنِّي أَقُولُ مُبيِّناً عَنْ فَضْلِها
|
ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
|
3
|
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ
|
بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعاني
|
4
|
وَسَبَقْتُهُنَّ إلي الفَضَائِلِ كُلِّها
|
فالسَّبقُ سَبقي، والعِنَانُ عِنَاني
|
5
|
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبي
|
فالْيَوْم يَوْمي، والزَّمانُ زَماني
|
6
|
زَوْجي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ
|
اللهُ زَوَّجنـي بهِ وحَبَانـي
|
7
|
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ، عِنْدي سِرُّهُ
|
وضَجيعُهُ في مَنْزلِي قَمَرانِ
|
8
|
وتَكلم اللهُ العظيمُ بحُجَّتي
|
وبَرَاءَتِي في مُحكمِ القُرآنِ
|
9
|
واللهُ خفَّرَني وعَظَّمَ حُرْمَتي
|
وعلى لِسَانِ نبِيِّهِ بَرَّانِي
|
10
|
واللهُ وبَّخَ منْ أراد تَنقُّصي
|
إفْكاً، وسَبَّحَ نفسهُ في شاني
|
11
|
وسَمِعْتُ وَحيَ الله عِندَ مُحمدٍ
|
من جِبْرَئيلَ، ونُورُه يَغْشاني
|
12
|
أَوْحى إليهِ وكُنت تَحتَ ثِيابِهِ
|
وكفى أمّنا عائشة رضي الله عنها ما تقدم من
المناقب والخصائص!
الرابعة: ذكر زوجة النبي أم المؤمنين حفصة
العدوية رضي الله عنها وأرضاها:
في السنة الثالثة من الهجرة
تزوج رسول الله r أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين، عمر
الفاروق، بنِ الخطاب بنِ نفيل بنِ عبد العزى بنِ رياح –بالتحتانية- بنِ عبد الله بنِ
قرط بن رَزَاح بنِ عدي بنِ كعب بنِ لؤيّ بنِ غالب، القرشية العدوية، تزوجها بعد عائشة،
سنة ثلاث، وكانت من المهاجرات، وكانت قبل أنْ يتزوّجها النبيُّ r عند أحد البدريين، قُتل
بأُحُد ([42]).
وثبتَ أنه r طلّقها فأمرَه الله بردّها، وأنها زوجته في
الدنيا والآخرة، فعَن أنس t: «أنَّ النبيَّ r طلّق حَفْصَةَ،
فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد! طَلَّقت حَفْصَةَ، وهي
صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وهي زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ
فرَاجِعْها»([43]).
قال العلامة ابن القيِّم: «ومن خواصّها:
ما ذكره الحافظ أبو محمد المقدسي([44]) في مختصره في السيرة([45]) أنّ النبِي طلقها فأتاه جبريل، فقال: إن
الله يأمُرك أنْ تراجع حفصة؛ فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة»([46]).
الخامسة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بنِ عبد الله بنِ
عمر بنِ عبد مناف بنِ هلال بنِ عامر بنِ صعصعة، الهلالية، أخت أمّ المؤمنين ميمونة
لأمها، وتزوجها سنة ثلاث من الهجرة، وكانت يقال لها من الجاهلية: أم المساكين؛ لكثرة
إطعامها إياهم، وكان دخوله r بِها بعد دخوله على حفصة بنت
عمر، ثم لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة وماتت، ودُفنَت بالبقيع، رضي الله عنها([47]).
السادسة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين أم سَلَمَة، المخزومية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين أم سلَمَة، واسمها: هند بنت أبِي
أمية -واسمه حذيفة- بنِ المغيرة بنِ عبد الله بنِ عُمر بنِ مخزوم بنِ يَقَظَة بنِ مرة
بنِ كعب بنِ لُؤَيّ بنِ غالبٍ، القرشية المخزومية، مشهورة بكنيتها، معروفة باسمها،
سديدةٌ في مشورتها، وكان أبوها يلقب: زاد الراكب؛ لأنه كان أحد الأجواد، فكان إذا سافر
لم يحمل أحدٌ مِن رُفقته زادًا بل هو كان يكفيهم. من المهاجرات الأُوَل؛ هاجرت مع
زوجها أبِي سلمة إلى الحبشة في الهجرتين جميعًا، ثم إلى المدينة، ويقال: إنّها أول
ظعينة دخلت إلى المدينة مهاجرة، ولما مات زوجها خطبها النبيُّ r، فتزوجها في ليالٍ بقين من شوال سنة أربع،
وهذا مِن أثر ذكرها لله وقتما أصابها مصيبة فقد زوجها أبِي سلمة، توفيت سنة اثنتين
وستين، ودفنت بالبقيع، وهي آخر أزواج رسول
الله r موتًا، وقيل: بل ميمونة([48]).
قال
العلامة ابن القيم –رحمه الله-: « ومن خصائصها: أنّ جبريل دخل على النبي r، وهي عنده فرأته في صورة دحية الكلبي([49])، ففي صحيح مسلم ([50]) عن أبِي عُثْمَانَ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ
جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ r وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ
فَجَعَلَ يُحَدِّثُ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ النَّبِيُّ r لأُمِّ سَلَمَةَ مَنْ هَذَا؟
-أَوْ كَمَا قَالَ- قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ الكلبِي، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وايْمُ
اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلا إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ r يُخْبِرُ خبر جِبْرِيلَ أَوْ
كَمَا قَالَ »([51]).
السابعة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين زينب بنت جحش، الأسدية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن يَعْمُر بن صبِرَة، من بنِي أسد بنِ خزيمة بنِ مدركة بنِ إلياس
بنِ مضر بنِ مُعَدّ بنِ عدنان، الأسدية، وهي بنت عمته r أُميمة بنت عبد المطلب، كانت قديمة الإسلام،
ومن المهاجرات مع رسول الله r، تزوجها النبي r سنة خمس، وقيل: سنة ثلاث، ونزل
بسببها آية الحجاب، ولا خلاف أنه كانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، وطلقها t، فزوجها الله تعالى إياه، مِن فوق سبع سماوات،
وأنزل عليه ﭽ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮝ ﭼ [الأحزاب:
٣٧]. فقام فدخل عليها بلا استئذان، ولم يعقد عليها.
وقد كان زيد هذا يدعى زيد بن محمد، فلما نزلت: ﭽ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﯗ ﭼ [الأحزاب: ٥]. وتزوج النبي r امرأته بعده، انتفى ما كان
أهل الجاهلية يعتقدونه من أنَّ الذي يتبنى غيرَه يصير ابنَه بحيث يتوارثان، إلى غير
ذلك.
وكانت زينب رضي الله عنها تفخَر بتزويج الله لها على سائر أزواج رسول الله،
بلا ولِيٍّ ولا شاهدٍ، تقول: زوّجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماواته، وهذا
من خصائصها.
قال العلامة ابن القيم: «وَمِنْ خَوَاصّهَا: أَنّ
اللّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَانَ هُوَ وَلِيّهَا؛ الّذِي زَوّجَهَا لِرَسُولِهِ
مِنْ فَوْقِ سَمَوَاتِهِ»([52]).
وفي صحيح البخاري عَنْ ثَابِت بن أسلم
البناني([53]) عَنْ أَنَسٍ t، قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو،
فَجَعَلَ النَّبِيُّ r يَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ
عَلَيْكَ زَوْجَكَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ
هَذِهِ قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ r تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ،
وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَات. وَعَنْ ثَابِتٍ ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮝ ﭼ [الأحزاب: ٣٧]. نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ
حَارِثَةَ([54]).
وقد تقدم عند ترجمة عائشة وصفها أمَّ المؤمنين زينبَ بالصفات العظيمة؛
بالخيرية في دينها، وتقوى الله، وصدق الحديث، وكثرة الصدقة للمساكين وصلة الأرحام،
وغيره، يجمعها: اتصافها بمكارم الأخلاق، وأصول الفضائل في البر والتقوى، كما وصفتها
بالوصف الجميل في قصة الإفك، وأنّ الله عصمها بالورع، مع أنها قالت: «وهي التي كانت
تسامينِي من أزواج النبي r ([55])، وزينب رضي الله عنها كانت تفخر
على نسائه r بشيئين، هما: أنها كانت بنت عمته، وأنّ الله
زوّجها له، وهنّ زوجهن أولياؤهن([56]).
وتوفيت بالمدينة سنة عشرين، وكانت أسرع
نسائه لحوقًا به r ([57])، ودفنت بالبقيع، رضي الله عنها ([58]).
l k ;
الثامنة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين جوَيرية، الخزاعية المصطلِقية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين جويرية بنت سيِّد قومها الحارث،
وهي جُوَيرية بنت الحارث بنِ أبِي ضِرار بنِ حَبيب بنِ جُذَيْمة -وهو المصطلِق- بنِ
عمرو بنِ ربيعة بنِ حارثةَ بنِ عمرو، الخزاعية المصطلقية، وكانت سُبِيت في غزوة بنِي
المصطلِق فوقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها فقضى رسول الله كتابتها وتزوجها سنة ست
من الهجرة، وكانت امرأةً حلوة ملاحة، لا يراها أحدٌ إلا أخذَتْ بنفسه، وأطلق
المسلمون بسببها الأسارى مِن قومها، وقالوا: أصهار رسول الله، وكان ذلك من بركتها على
قومها، بل وما عُلم امرأة أعظم بركة منها على قومها، وكانت من المكثرات للعبادة،
الذاكرات الله كثيرًا([59])، وتوفيت سنة ست وخمسين، رضي الله عنها ([60]).
التاسعة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين أم حبيبة، الأموية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين، أم حبيبة بنت
أبِي سفيان، واسمها رملة بنت صخر، بنِ حرب بنِ أمية بنِ عبد شمس بنِ عبد مناف،
القرشية الأموية، وهي مِن بنات عمّ الرسول r، كانت من السابقين إلى الإسلام؛ هاجرت مع زوجها
عبيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة فتنصر بها، وأتم الله لها الإسلام، وتزوجها رسول الله
سنة ستٍّ أو سبع، وهي بها، أصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار، وقد أكرمت فراش رسول
الله أنْ يَجلس عليه أبوها لَمّا قدِم المدينة، وقالت: إنك مشرك، ومَنَعَتْه من الجلوس
عليه ([61]).
وبِما أجمع عليه كُتُب السيرة من زواجها
مع الرسول r قبل الفتح وقبل إسلام أبيها أبِي سفيان t، وهي بالحبشة على الصحيح، حتى قال ابن القيم
–رحمه الله-: « هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُتَوَاتَرُ عِنْدَ أَهْلِ السّيَرِ وَالتّوَارِيخِ،
وَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ نِكَاحِهِ لِخَدِيجَةَ بِمَكّةَ، وَلِحَفْصَةَ بِالْمَدِينَةِ،
وَلِصَفِيّةَ بَعْدَ خَيْبَرَ »([62]). ثم بِما اشتهر من أنّ أم حبيبة رضي
الله عنها بعد قدومها ووُرود أبيها المدينة لتجديد الصلح الحُديبِي كرّمَت فراش
الرسول r ومنعتْ أباها من الجلوس عليه، وغير ذلك من
التعليلات والعلل، بِهذه تكلم العلماء على حديث مسلم الذي رواه بسنده عن عكرمة عن
أبِي زميل عن ابن عباس رضي الله عنهما في عَرضِ أبي سفيان بعد إسلامه –ولا خلاف في
أنّ إسلامه كان في فتح مكة- أم حبيبة على رسول الله r لتزويجه إياها، وأنّ النبيَّ r وعده، فقال بعضهم: الحديث غلط، ووقع فيه
تخليط، فهو غير محفوظ. وهذا هو الصواب. وقد سلك بعضهم –رحمهم الله- مسالك مستكرهة
غير مرضية بل وباطلة في تصحيح الحديث، والله المستعان!([63]) .
العاشرة:
ذكر زوجة النبي أم المؤمنين صفيَّة بنت حُيَيّ النَّضرية الهارونية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين صفية بنت حُيَيّ سيّد قريظة
والنضير، وهي بنت حُيَيّ بنِ أَخْطَبَ بنِ سَعْيَةَ بنِ ثعلبَةَ بنِ عُبيد بنِ كعب
بنِ الخزرج بنِ أبِي حبيب، من بنِي النضير، وهو من سبط لاوي بنِ يعقوب، ثم من ذرية
هارون بن عمران، أخي موسى عليهما السلام، النَّضرية، الهارونية، سُبِيَتْ مِن
خيبر، فصارت مع السبي فأخذها دَِحْية، ثم استعادها النبي r فأعتقها، وجعل ذلك صداقها،
تزوجها سنة سبع من الهجرة، كانت رضي الله عنها حليمة عاقلة فاضلة، وكانت تُجلُّ
رسول الله r وتُكرمُه، توفيت سنة خمسين، وقيل: اثنتين
وخمسين، وقيل: سنة ست وثلاثين، وهو غريبٌ ضعيفٌ، واتفقوا على أنها دُفنت بالبقيع ([64]).
ومن خصائصها:
أنَّها تَحت نبِيٍّ، وابنة نبِيٍّ، وعمُّها نبِيٌّ، فقد روى الترمذي –رحمه الله- عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ
حَفْصَةَ قَالَتْ: بِنْتُ يَهُودِيٍّ، فَبَكَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ r وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: "
مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: قَالَتْ لِي حَفْصَةُ: إِنِّي بِنْتُ يَهُودِيٍّ،
فَقَالَ النَّبِيُّ r: " إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ،
وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ! ثُمَّ قَالَ: اتَّقِي
اللَّهَ يَا حَفْصَةُ!
" ([65]).
وأصرح منه، وشاهده ما حَدثَتْ به صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ رضي الله عنها، قَالَتْ:دَخَلَ
عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَفْصَةَ
وَعَائِشَةَ كَلامٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "أَلا قُلْتِ!
فَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي؛ وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ، وَأَبِي هَارُونُ،
وَعَمِّي مُوسَى!"، وَكَانَ الَّذِي بَلَغَهَا أَنَّهُمْ
قَالُوا:نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r مِنْهَا، وَقَالُوا:نَحْنُ
أَزْوَاجُ النَّبِيِّ r وَبَنَاتُ عَمِّهِ»([66]).
الحادية
عشرة: ذكر زوجة النبي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، الهلالية رضي الله عنها وأرضاها:
وتزوج رسول الله r أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بنِ حَزْن بنِ
بُجَير بنِ الهرم بنِ رُوَيبة بنِ عبد الله بنِ هلال، بنِ عامر بنِ صعصعة بنِ معاوية
بنِ بكر بنِ هوازن بنِ منصور بنِ عكرمة بنِ خَفَصة بنِ قيس عيلان بن مُضَر،
الهلالية، تزوجها بسرف سنة سبع من الهجرة وقت عمرة القضية، حلالا على
الصحيح -كما قال أبو رافع t السفير في نكاحها-، وقيل:
سنة ستٍّ، وبنَى بها بسرف، وماتت بسرف، وهو على سبعة أميال من مكة، وهي آخر مَن تزوَّج
مِن أمهات المؤمنين([67]).
l k ;
يُلاحظ
أنَّه ذكرتُ من الفضائل في ترجمة كلِّ واحدة منهنَّ ما هو من باب الخصائص؛ والتي
بها يحصل معرفة الفضلى منهنّ. دون الفضائل المشتركة بينهنّ، مثال ذلك: كون خديجة
وعائشة أفضل من بقية الزوجات، هذا التفضيل يحصل بمعرفة الصفات الخاصة دون
المشترَكَة. ولَمّا لم أجدْ لبعض هؤلاء
الطيبات رضي الله عنهنّ وأرضاهنّ من الفضائل الخاصة، رأيت أنْ أختم الكلام في
ترجمتهن بذكر بعض فضائلهنّ العامة، وأكتفي بسبع جاء ذكرُهنّ كلّهنّ في سورة
الأحزاب، فمِن هذه المناقب اللاتِي اختصَصْنَ بها دون زوجات المؤمنين:
أولا: ما
خصَّهنّ الله به مِن كونهنّ أمهات المؤمنين([69])
كما كان زوجهنّ أبًا لهم، فأمَر
باحترامهنّ وتعظيمهنّ، وحرّم نكاحهنّ، قال تعالى: ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟﯠ
ﯸ ﭼ [الأحزاب: ٦]. وقال: ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭼ [سورة الأحزاب: من الآية: 53]. فحرّم في الآية الثانية، نكاح أمهات
المؤمنين بعد وفاة الرسول الكريم r، كما حرّم الخلوة بِهِنّ
والنظر إليهنّ إلا مِن وراء حجاب، وهذا بخلاف الأمهات. كما أنّه يجوز للمؤمنين أنْ
يتزوّجوا من بنات زوجات الرسول؛ كما فعل بعضُ الصحابة y أجمعين. يقول الشيخ
السعدي في تفسير ﭽ ﯞ ﯟﯠ ﭼ : في
الحرمة والاحترام، والإكرام، لا في الخلوة والمحرمية، وترَتّب على أن زوجات الرسول
أمهات المؤمنين، أنهن لا يحللن لأحد من بعده، كما الله صرح بذلك: ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﭼ ([70]).
ولقد قال الحافظ ابن كثيرٍ –رحمه الله- قبله: « ﭽ ﯞ ﯟﯠ ﭼ في
الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر
التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع»([71]).
فتلك منـزلة علِيّة، وفضيلة رفيعة، ومنقبة عظيمة،
حيث أوجب احترامهنّ، وحرّم على المسلمين نكاحهنّ. فبِما تقدم تقرر أنّ لأزواج رسول
الله r من الحق العظيم ما غفَل عنه الكثيرون، فهل هناك أعظم حق –بعد حق
الله ورسوله r- مِن حقّ الأم على ولدها، وأنّ ما يُقال مِن البِرّ بالأمهات مِن
حقوق الطاعة والتقدير والاحترام والبِرّ، يُقال عن أزواجه r؛ لأنّهم أمهات المؤمنين
بنصّ القرآن، فلهُنّ منزلتهنّ في استحقاق التعظيم والرفع لجنابِهنّ في الحكم،
وبالتحريم([72]). والله أعلم.
ثانيًا: ومِن مناقبهنّ العظيمة اختيارهنّ الله
ورسولَه والدار الآخرة إيثارًا منهنّ لذلك على الدنيا، فأعدّ الله لهن ثوبًا
جزيلا وأجرًا عظيمًا، فهنّ كلهن مع النبي r في
الجنة، في درجته، جاء في الحديث عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ
r بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ
بِي؛ فَقَالَ: " إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلا عَلَيْكِ أَنْ لا
تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ " قَالَتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ
لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ
اللَّهَ U قَالَ: ﭽ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ [الأحزاب:28-٢٩]، قَالَتْ: فَقُلْتُ: فِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ
أَبَوَيَّ! فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ
فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ r مِثْلَ مَا فَعَلْتُ»([73]).
ومما يؤكد بعض هذا: ما تقدم في ترجمة عائشة وحفصة من أنهما رضي الله عنهما
زوجتاه r في الآخرة كما كُنّ كذلك في الدنيا. ويذكُر
الشيخ السعدي –رحمه الله- من فوائد الآيتين فيقول: «ومنها: إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن،
وبيان علو هممهن: أن كان اللّه ورسوله والدارُ الآخرة مرادَهن ومقصودهن، دون الدنيا
وحطامها. ومنها: استعدادهن بهذا الاختيار للأمر الخيار للوصول إلى خيار درجات الجنة،
وأن يَكُنَّ زوجاته في الدنيا والآخرة. ومنها: ظهور المناسبة بينه وبينهن، فإنه أكمل
الخلق، وأراد اللّه أن تكون نساؤه كاملات مكملات، طيبات مطيبات ... ومنها: أن هذا التخيير
داع وموجب للقناعة التي يطمئن لها القلب، وينشرح لها الصدر، ... ومنها: أن يكون اختيارهن
هذا سببًا لزيادة أجرهن ومضاعفته، وأن يَكُنَّ بِمرتبة ليس فيها أحد من النساء»([74]).
ثالثًا: ومنها: أنّ ثوابهنّ على الطاعة ضعفَا أجر
غيرهنّ، قال تعالى: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ [الأحزاب: ٣١].
رابعًا: وأنهنّ لَسْنَ كغيرهنّ من النساء في الشرف
والفضل وعلوّ المنـزلة، قال تعالى: ﭽ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ [الأحزاب:
٣٢].
خامساً: ما امتنّ الله به عليهنّ من تلاوة الآيات
من النبيِّ r،
ونزولها في بيوتهنّ، وهذه منقبة لم تحصل لغيرهنّ، قال تعالى مذكِّرًا
إياهنّ هذه النعمة ليقمن بواجبها من الشكر: ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮡ ﭼ [الأحزاب:
٣٤].
سادسًا: أنهنّ من أهل البيت
الذين أراد الله -شرعًا- أنْ يُذهبَ عنهم الرجس، ويُطهِّرهم تطهيرًا، قال تعالى: ﭽ ﮆ ﮇ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ [الأحزاب:
٣٣].
قال
الحافظ ابن كثير: «وهذا نص في
دخول أزواج النبي r في أهل البيت هاهنا؛ لأنَّهن
سببُ نزولِ هذه الآية، وسببُ النُّزول داخلٌ فيه قولا واحدًا، إما وحده على قول، أو
مع غيره على الصحيح، وروى ابن جرير: عن عِكْرِمة أنه كان ينادي في السوق: ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ، نزلتْ في نساء النبي r خاصة، وهكذا روى ابن أبي حاتم
قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي، ... عن ابن عباسٍ في قوله: ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ
قال: نزلت في نساء النبي r خاصة. وقال عكرمة: من شاء باهلته
أنها نزلت في أزواج النبي r. فإن كان المراد أنَّهن كُنّ سبب النزول دون
غيرهن فصحيح، وإن أريد أنّهن المراد فقط دون غيرهن، ففي هذا نظر؛ فإنه قد وردت أحاديث
تدل على أن المراد أعم من ذلك»([75])، فذكر الأحاديث في ذلك بطُرُقها([76]).
سابعًا: الصلاة عليهنّ، لقد
بيّن الرسول r
الآية الآمرة بالصلاة والسلام عليه ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ [الأحزاب: ٥٦] بما جاء
متفقًا عليه، من حديث أَبِي
حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ t، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ
نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ،
وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ
عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"([77]).
وهذه من فضائل أمهات المؤمنين المشتركة. والله أعلم.
طعن الرافضة في أزواجه r:
تقدمت طائفةٌ من مناقب أزواج
رسولنا r أمهات المؤمنين ورضي الله عنهنّ، الخاصة
بآحادهن، والعامة المشتركة بينهنّ، وبيّنتُ هناك أنّهنّ كلّهن مِن أهل الجنة، كما
أنّهن كذلك أمهات المؤمنين -في الاحترام والتعظيم والإجلال والإكرام-، بنصّ
القرآن.
والمسألة هنا هل حافَظ الرافضة
على هذه العقيدة، وعلى التأدب معهن رضي الله عنهنّ؟ الجواب: الكثيرون منهم
لم يُحافظ على ذلك، بل أخرجوهن مِن أهل بيته، كما سلقوهن بألسنة حدادٍ سبًّا
وشتمًا، وطعنوا فيهنّ. ومن كثرة طعن الرافضة بالصحابة لُقّبوا بالسّبيّة كما يُقال
لهم: التبرائية كما في تلخيص ترجمة التحفة الاثني عشرية([78]).
إلا أنه -ولله الحمد- قد دافع علماؤنا –رحم
الله ميتهم وحفظ أحياءهم- عن عِرضه r،
وبيّنوا مفتريات الرافضة في تلك الطعون، وما كتاب (دفع الكذب المبين الْمُفترَى من
الرافضة على أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن أجمعين) للشيخ عبد القادر بن محمد عطا
–حفظه الله- إلا واحدٌ من تلك الجهود المباركة.
قال
صاحب الوشيعة في نقد عقائد الشيعة: «كُتُب الشيعة تَطعَنُ على أزواج النبِيّ:
للشيعة في أزواج
النبِيّ أمهات المؤمنين، خصوصًا في عائشة وحفصة وزينب سوء أدب عظيم لا يتحمله عصمة
النبِيّ وشرف أهل البيت، ولا دين الأئمة- وَذَكَر أنّ أقلّ ما يقوله الكافي
والوافي في عائشة وحفصة أنّ آية التحريم الآتية والتي في ضَرب المثل للذين كفروا:
امرأة نوح وامرأة لوط، نَزَلت فيهما وفي أبِي بكر وعمر، وأنّ عائشة وحفصة كافرةٌ
منافقة مخلدة في النار»([79]).
ولَمّا كانت هذه المطاعن كثيرة
جدًّا فإنِّي سأنتقي طائفة من مطاعنهم في الصديقة بنت الصديق عائشة، وفي حفصة بنت
الفاروق y أجمعين اختصارًا([80]).
ومِن المطاعن والقبائح والعقائد الخبيثة فيهما،
ومن كُتُبِهم:
أولا: اتّهام عائشة وحفصة بالتآمر مع
أبويهما (أبي بكر وعمر) y
على رسول الله r وسقيه سُمًّا، وأنّ ذلك هو سبب وفاته: فقد
عمِد الرافضة إلى قول الله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﭼ [التحريم: ١ – ٤].
قال
القمّي (علي بن إبراهيم –مرجع مَن أتى بعده منهم في التفسير) في سبب نزول هذه
الآيات: «كان سبب نزولها أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه،
وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه، وكان ذات يوم في بيت حفصة، فذهبت حفصة في
حاجة لها، فتناول رسول الله مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت، وأقبلت على رسول الله
صلى الله عليه وآله، وقالت: يا رسول الله، هذا في يومي، وفي داري، وعلى فراشي!
فاستحيا رسول الله منها، فقال: كفى فقد حرمت مارية على نفسي، ولا أطأها بعد هذا
أبدًا، وأنا أُفضِي إليكِ سرًّا، فإنْ أنت أخبرتِ به فعليكِ لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين، فقالت: ما هو؟ فقال: فإنّ أبا بكر يلِي الخلافة بعدي، ثم مِن بعده
أبوك. فقالت: مَن أخبركَ بِهذا؟ قال: الله أخبَرني. فأخبَرت حفصة عائشة من يومها
ذلك، وأخبَرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر، فقال له: إنّ عائشة أخبَرتني
عن حفصة بشيءٍ، ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة! فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما
هذا الذي أخبَرَت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك، قالت: ما قلت لها مِن ذلك شيئًا. فقال
لها عمر: إنْ كان هذا حقًّا فأخبرينا حتى نتقدم فيه. فقالت: نعم، قد قال
رسول الله ذلك؛ فاجتمعوا أربعة على أنْ يسمّوا رسول الله. فنزل جبريل على
رسول الله صلى الله عليه وآله بِهذه السورة ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭼ إلى قوله ﭽ ﭦ ﭧﭨ ﭼ يعنِي: قد أباح
الله لك أنْ تُكفّر عن يمينك. ﭽ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭼ أي: أخبَرَت به. ﭽ
ﭺ ﭻ ﭼ يعنِي: أظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به، ﭽ ﭽ ﭾ ﭼ أي: أخبَرها، وقال: لِم أخبَرْتِ بِما أخبرتك؟ وقوله: ﭽ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﭼ قال: لِم لم يُخبِرهم بِما علم مما همّوا به»([81]).
وقد ناقش الدكتور عبد القادر مطاعن هؤلاء
الرافضة في القصة، وأبرز كذِبَهم في القصة، وردّ على أنواع طعونهم، وبيّن
تناقضاتهم([83]).
ثانيًا: تبرّي الرافضة من عائشة وحفصة
زوجتي رسول الله r: ومن نصوصهم في ذلك: ما نقله المجلسي الشيعي
وغيره من علمائهم من إجماع الشيعة على التبري منهما: « وعقيدتنا في التبري: أننا
نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبِي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، ومِن النساء الأربع:
عائشة وحفصة وهند وأم الحكم، ومِن جميع أتباعهم وأشياعهم، وأنّهم شرّ خلق الله على
وجه الأرض، وأنّه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبري من أعدائهم
»([84]).
ثالثًا: لعن عائشة وحفصة رضي الله عنهما:
فقد نسب غيرُ واحدٍ من علماء الشيعة زورًا إلى جعفر الصادق –رحمه الله- أنّه كان
يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال، وأربعة من النساء: التيمي والعدوي –أبا
بكر وعمر- وعثمان ومعاوية، يسميهم، وعائشة وحفصة وهندًا وأم الحكم أخت معاوية([85]).
رابعًا: ادعاء الاثني عشرية كُفر عائشة
وعدم إيمانها: فقد أسندوا زورًا إلى جعفر الصادق، أنه قال في تفسير قوله تعالى: ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﯦ ﭼ [النحل: ٩٢].
التي ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﯦ ﭼ : عائشة، هي نكثت إيمانها»([86]).
وقد
بحث متكلّمو الشيعة في كتب العقائد -كالمفيد في كتابه أوائل المقالات في المذاهب
والمختارات وغيره، مسألة تكفير أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير وغيرهم من كبار
الأصحاب، وبنَوا حكمهم على أنّ مسلك الاثني عشري المتفق عليه هو تكفيرهم، كما أنهم
مُخلّدون في النار([87]) فعياذًا بالله!
بل
عائشة رضي الله عنها هي أحبّ الناس إلى رسول الله r، وقد سبق الدليل على
ذلك. ومعلوم أنّه لا يُحبّ إلا طيِّبًا، كما أنّها من أهل الجنة، والجنة لا يدخلها
الكفار([88]).
خامسًا: الاثنا
عشرية ونسبة الطاهرة العفيفة، الصديقة بنت الصديق، الْمبرأة من الله إلى الفاحشة:
زعم الشيعة أنّ قول الله تعالى: ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ [التحريم: ١٠].
مثلٌ ضرَبَه الله لعائشة وحفصة رضي الله عنهما.
قد
فسّر بعض الشيعة الخيانة في الآية بارتكاب الفاحشة، وذكر آخرون منهم أنّ «عائشة
جمعَتْ أربعين دينارًا من خيانة وفرّقتها على مبغضي عليّ»([89]).
وأما
الأول فقد قال القمي في تفسير الآية: «واللهِ ما عَنى بقوله: ﭽ ﮟ
ﭼ إلا الفاحشة، وليقيمنّ الحدّ على (عائشة) ([90]) فيما أتت في طريق (البصرة)([91])، وكان (طلحة) ([92]) يُحبّها، فلما أرادتْ أنْ تخرج إلى (البصرة) قال لها فلان: لا يحل
لك أنْ تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من (طلحة) »([93]).
ومما يؤكد
أنّ الشيعة الذين لم يَذْكُروا اسم عائشة (صراحة) عنَوا بـ(فلانة): عائشة رضي الله
عنها: ما رووه في كتبهم زورًا أنّه «لَمّا نزل قول الله تعالى: ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯸ ﭼ [الأحزاب: ٦].
وحرّم الله نساء النبي صلى الله عليه وآله على المسلمين غضِب طلحة، فقال: يُحرّم
محمدٌ علينا نساءه ويتزوج هو بنسائنا، لئن أمات الله محمدًا لنركضنّ بين خلاخيل
نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا، -وفي رواية أخرى: لأتزوجَن عائشة([94])، وفي رواية ثالثة: وكان طلحة يريد عائشة([95]) ، فأنزل الله تعالى: ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ [الأحزاب: ٥٣].
يقول شيخي
الشيخ عبد القادر بن محمد عطا –حفظه الله- في التعليق على الافتراء الأول: «ووجه
إقامة الحد عليها –على حد زعم الشيعة-: كونها زوّجت نفسها من آخر بعد رسول الله r،
مع حُرمة ذلك، فالله تعالى قد حرّم نكاح أزواج النبي r
من بعده أبدًا ... ولا بد أنْ يقام هذا الحدّ عند رجعة الأئمة وأعدائهم، حسب معتقد
الشيعة الباطل في ذلك»([96]). وبإجماع
الناس فحفصة لم تخرج إلى البصرة، والتي خرجت بإجماعهم هي عائشة، فهي إذًا التي
يقام عليها هذا الحد –على زعمهم([97]).
وقد زاد خُبث هؤلاء في هذا العصر فأسمعونا
فيهنّ الكثير والكثير من هذه المفتريات وغيرها، وما أكثر المواقع التي حملت الكثير
من ذلك. فقد آذى هؤلاء رسول r في نفسه
وأهله أيّما إيذاء، ومؤذيه ملعونٌ في الدنيا والآخرة بنصّ القرآن. ومَن يعذُرُه
فيهم في هذا العصر قليل، اللهم فأخرس لسانًا تفوّه بأذيّته إنْ لم يكُن من
المهتدين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك! وأرى أنْ أكتفي بذكر هذه الطعون والافتراءات،
من التكفير فما دونه التي افتراها الرافضة ووجّهوها إلى أحبّ الناس إلى رسول الله r؛ زوجاته
في الدنيا والآخرة، وخصوصًا أحبّهنّ وأحبّ الناس إليه إطلاقًا؛ (عائشة الصديقة بنت
الصديق رضي الله عنهما). وأعيد هنا فأقول: زوجات رسول الله r زوجاتٌ
له في الدنيا وفي الجنة، والجنة لا يدخلها كافر. كما أنّهنّ رضي الله عنهنّ كذلك
أمهات المؤمنين؛ يجب احترامهنّ وتعظيمهنّ ... فهل الرافضة مؤمنون؟
ولكي نستذكر فضائلهنّ
الخاصة والعامة، والتي هي على نقيض هذه الافتراءات يحسُن الرجوع إلى الكلام المشار
إليه، حيث فصّلت القول في ذلك هناك. والله المستعان!
وما تقدم فهو وجهٌ من الأوجه الكثيرة التي
جفا الرافضة رسول الله؛ محمدًا r؛ فلم
يحفظوا وصيته في أهل بيته، ولم يرقبوه فيهم، والله المستعان!
ثانيًا: ذِكرٌ مُوجَزٌ لأولاده وبناتـه r
وy:
اشتهر
في كتُب التواريخ والسِّيَر أنّ لنبينا محمدٍ r سبعةَ
أولاد؛ ثلاثةَ ذُكورٍ، وأربعَ بنات، قال النووي –رحمه الله- « فصلٌ في أبناءه وبناته r: له
r ثلاثة بنين: القاسم،
وبه كان يُكَنّى، وُلد قبل النبوة، وتوفِّي وهو ابن سنتين. وعبد الله، وسُمِي: الطيب
والطاهر؛ لأنه وُلد بعد النبوة، وقيل: الطيب والطاهر غير عبد الله، والصحيح الأول.
والثالث: إبراهيم، ولد بالمدينة سنة ثمان، ومات بها سنة عشر، وهو ابن سبعة عشر شهرًا،
أو ثمانية عشر. وكان له r أربع بنات: زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العُزَّى بن
عبد شمس، وهو ابن خالتها، وأمه هالة بنت خويلد. وفاطمة تزوجها عليّ بن أبِى طالب t. ورقية،
وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان، تزوَّج رقية، ثم أم كلثوم، وتُوُفِّيَتا عنده، ولِهذا
سُمّي: ذا النورين، توفيت رقية يوم بدر في رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وتوفيت أم كلثوم
في شعبان سنة تسع من الهجرة. فالبنات أربعٌ بلا خلاف، والبَنُون ثلاثة، على الصحيح.
وأول من ولد له: القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وجاء أن فاطمة،
عليها السلام، أسنّ مِن أم كلثوم، .. ثم في الإسلام عبد الله بِمكة، ثم إبراهيم بالمدينة،
وكلُّهم من خديجة، إلا إبراهيم؛ فإنّه مِن مارية القبطية. وكلُّهم تُوُفُّوا قبله إلا
فاطمة، فإنّها عاشَتْ بعده ستة أشهر على الأصح والأشهر » ([98]).
وقال
العلامة ابن القيم –رحمه الله- « فَصْل فِي أَوْلادِهِ r: أَوّلُهُمْ الْقَاسِم وَبِهِ كَانَ يُكَنّى،
مَاتَ طِفْلا، وَقِيلَ: عَاشَ إلَى أَنْ رَكِبَ الدّابّةَ، وَسَارَ عَلَى النّجِيبَةِ.
ثُمّ زَيْنَب، وَقِيلَ: هِيَ أَسَنّ مِنْ الْقَاسِمِ. ثُمّ رُقَيّةُ، وَأُمّ كُلْثُومٍ،
وَفَاطِمَة ُ، وَقَدْ قِيلَ فِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنّ: إنّهَا أَسَنّ مِنْ أُخْتَيْهَا،
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ رُقَيّةَ أَسَنّ الثّلاثِ، وَأُمّ كُلْثُومٍ
أَصْغَرُهُنّ »([99]).
لذا قال الحافظ النسابة ابن عبد البر –رحمه
الله-: « لا أعرف خلافًا أنَّ زينب أكبر بناته r، واختلف فيمَن بعدها منهنّ »([100]).
وقال
في ترجمة فاطمة رضي الله عنها بعدما أشار إلى خلاف العلماء في الصغرى بين أم كلثوم
وفاطمة، مُرجِّحًا الثانية: « والذي تسكن إليه النفس على ما تواترت به الأخبار في ترتيب
بنات رسول الله r أنّ زينب الأولى، ثم الثانية رقية،
ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء، والله أعلم »([101]) .
« ثم
وُلد له عبد الله، وهل وُلد بعد النبوة، أو قبلها؟ فيه اختلاف، وصحّح بعضُهم أنّه
وُلد بعد النبوة، وهل هو الطيب والطاهر، أو هما غيرُه؟ على قولين، والصحيح أنهما
لَقَبَان له، والله أَعْلَمُ. وَهَؤُلاءِ كُلّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ، وَلَمْ يُولَدْ
لَهُ مِنْ زَوْجَةِ غَيْرِهَا. ثُمّ وُلِدَ لَهُ إبْرَاهِيم بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُرّيّتِهِ
مَارِيَةَ الْقِبْطِيّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَبَشّرَهُ بِهِ أَبُو رَافِعٍ
مَوْلاهُ، فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا، وَمَاتَ طِفْلا قَبْلَ الْفِطَامِ، وَاخْتُلفَ هَلْ
صَلّى عَلَيْهِ أَمْ لا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَكُلّ أَوْلادِهِ تُوُفّيَ قَبْلَهُ إلا
فَاطِمَةَ؛ فَإِنّهَا تَأَخّرَتْ بَعْدَهُ بِسِتّةِ أَشْهُرٍ، فَرَفَعَ اللّهُ لَهَا
بِصَبْرِهَا وَاحْتِسَابِهَا مِنْ الدّرَجَاتِ مَا فُضّلَتْ بِهِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ،
وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ بَنَاتِهِ عَلَى الإِطْلاقِ، وَقِيلَ: إنّهَا أَفْضَلُ نِسَاءِ
الْعَالَمِينَ، وَقِيلَ: بَلْ أُمّهَا خَدِيجَةُ، وَقِيلَ: بَلْ عَائِشَةُ، وَقِيلَ:
بَلْ بِالْوَقْفِ فِي ذَلِكَ»([102]).
وبعد
هذَين النقلين الوافِيَين سأخصّ كلّ واحدٍ من هؤلاء الأولاد بِمسألة أذكُرُ بعض ما
يسّر الله تعالى فيه، فأقول –وبالله تعالى التوفيق-:
القاسم، وهو أَوّلُ أولاد الرسول r، وبه
كان يُكنّى، ولد قبل النبوة، ومَاتَ طِفْلا، قيل: توفِي وهو ابن سنتين، وَقِيلَ: عَاشَ
إلَى أَنْ رَكِبَ الدّابّةَ([104]).
وقد جاء ذكر القاسم (ابن النبِي r) في
أحاديث كثيرة، كما جاءتْ تَكْنِية والِده r به في أُخرى، منها:
ما
رواه أَنَس بْنُ مَالِكٍ t قَالَ: كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ
r فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ r يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ:
أَسْلِمْ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ
r، فَأَسْلَمَ،
فَخَرَجَ النَّبِيُّ r وَهُوَ يَقُولُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ "([105]).
وعَنْ جَابِرِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ t، قَالَ: « وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ
الْقَاسِمَ، فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ: أَبَا الْقَاسِمِ، وَلا نُنْعِمُكَ
عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وُلِدَ لِي غُلامٌ
فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ، فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ: أَبَا الْقَاسِمِ،
وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ r: " أَحْسَنَتْ الأَنْصَارُ؛ سَمُّوا
بِاسْمِي، وَلا
تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ "([106]).
وعَنْ أَنَسٍ
t، قال: دَعَا
رَجُلٌ بِالبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ r فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ! قَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكْتَنُوا
بِكُنْيَتِي"([107]).
وعَنْه t، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ r فِي السُّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ!
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ r فَقَالَ: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ
r: "سَمُّوا
بِاسْمِي، وَلا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي"([108]).
هذه
طائفة من الأحاديث في المسألة، والله أعلم.
زينب بنت سيد ولد آدم محمد r بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشية الهاشمية، وهي أكبر بناته، وأول من
تزوج منهن، مِن المهاجرات السيّدات، وُلدت قبل البعثة بمدة؛ قيل: إنها عشر سنين، واختلف:
هل القاسم قبلها أو بعدها؟ وتزوجها ابنُ خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي، وأمه
هالة بنت خويلد. هاجرت زينب إلى المدينة، وأبَى زوجُها أبو العاص أنْ يسلم فأخذ عليه
النبي r أن يُخلِّي سبيلها ففعل، فلما أسلم في المحرم سنة سبع ردّها عليه النبي
r بالنكاح الأول، وولدتْ زينب رضي الله عنها لأبِي العاص عليًّا وأمامة
التي حملها النبي r في الصلاة، فتُوُفِّي عليٌّ وهو صغيرٌ،
وبلغَتْ أُمامة رضي الله عنها حتى تزوّجها عليُّ بنُ أبِي طالب بعد موت فاطمة y.
وتوفيت
زينب رضي الله عنها في أول سنة ثمان من الهجرة، فعن أم عطية رضي الله عنها، قالت:
« ماتتْ زينبُ بنتُ رسول الله r قال لنا رسول الله r: " اغْسِلْنَهَا وترًا؛ ثَلاثًا
أَوْ خَمْسًا، وَاجْعَلْنَ
فِي الْخامسَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا غسلتُنَّها فَأعلِمْنَنِي، فأَعْلَمناه فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، وَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا
إياه "([110]).
رقية بنت سيد البشر r، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشية
الهاشمية، أمها خديجة، عقَد عليها قبل الهجرة عتبة بن أبِي لَهب فلما أنزلت ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ [المسد:
١]. أمر أبو لهب ابنَه بطلاقها وقال: رأسي من رأسك حرام،
إن لم تطلق بنته، ففارقها قبل الدخول وأسلمت مع أمها، وأخواتها، فتزوجها الخليفة
الراشد الثالث عثمان بن عفان t بمكة، وهاجر بها إلى الحبشة، فولدت له ابنه عبد
الله هناك: فكان يكنى به، وقد هاجرت إلى الحبشة، الهجرتين جميعا، ثم هاجرت إلى المدينة
بعد عثمان، ومرضت قبيل بدر، فخلف النبي r عليها عثمان؛ وهذا يدلّ على منـزلتها العظيمة
عند رسول الله r حيث أذِن لزوجها عثمان أن يتأخّر عن أَوّل
غزوة عظمى فاصلة بين جيش الإيمان وجيش الكفر، فأذِن له بالتأخر عن الغزوة
لتمريضها، وضرب له بسهمه في الغنيمة، وأجرُه عند الله، وهذا فيه تعظيم لشأنهما، وقد
توفيت رضي الله عنها والمسلمون ببدر.
أم كلثوم بنت سيد البشر رسول الله r، البضعة
النبوية، القرشية الهاشمية، يقال: عقَد عليها عتيبة بن أبي لهب ولم يدخل عليها حتى
أمره أبوه بفراقها لإسلامها، وهاجرت بعد النبي r، فلما توفيت أختها رقية تزوجها الخليفة
الراشد الثالث عثمان t -وهي بكر- في ربيع الأول سنة ثلاث، لذا لُقِّب
بـ(ذي النورَين) t وأرضاه، وقد توفيت عنده أيضًا في شعبان لسنة
تسع، ولم تلد له، وشهدتْ أمّ عطية غسلها كذلك، وصلّى عليها أبوها رسول الله r، وأمر
النبيُّ r مَن لم
يقارف أهله ليلة وفاتها بنـزول قبرها، فعَنْ أَنَسٍ t، قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ r وَرَسُولُ اللهِ r جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ،
فَقَالَ: " هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ([113]) اللَّيْلَةَ؟ فَقَالَ
أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا " فَنَزَلَ فِي
قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا([114]).
وقد
نصّ الذهبيُّ وابنُ حجر وغيرهما -رحمهم الله- على أنّ هذه البنت المبهمة في هذه
الرواية هي أم كلثوم، وأورد الثانِي الروايات المصرِّحة بذلك([115]).
المسألة
الخامسة: ذكرُ البضعة النبوية فاطمة رضي الله عنها:
فاطمة بنت إمام المتقين رسول الله محمد r، سيدة نساء
العالمين –على خلاف سيأتي- البضعة النبوية، والجهة المصطفوية، القرشية الهاشمية،
كانت تُكنى: أم أبيها، وأم الحَسَنين، وتلقب بالزهراء، مولدها قبل المبعث بقليل، تزوجها
الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب t سنة اثنتين، فولدت له الحسن، والحسين، ومحسنًا، وأم
كلثوم، وزينب، وقد تزوج الفاروق الخليفة الراشد الثانِي عمر t أمّ
كلثومٍ بنت عليٍّ من فاطمة y، وأصدقها صداقًا كبيرًا لأجل نسَبِها من
رسول الله r،
وأكرمها إكرامًا زائدًا، فولدتْ له زيد بن عمر بن
الخطاب. وأما الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما فسَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ([116])، ورَيْحَانَتَا رسول الله r مِنْ الدُّنْيَا([117])، ولقد انقطع نسَبُ رسول الله r إلا منها([118]). وهي الوحيدة -رضي الله عنها- من أولاد رسول الله r التي
أُصيبَت فيه، وعَاشَتْ بَعْدَ الرَسُولِ r سِتَّةَ أَشْهُر، كما في الصحيحين([119])، وماتت في رمضان .
ويتلخص
أبرز مناقبها في الآتِي:
أولا: كون والدها الرسول r يُحبُّها حبًّا شديدًا؛ يُسرّ بسرورها،
ويغضب لغضبها، فعَنْ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ t، قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي
جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ r، فَقَالَتْ:
يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ؛ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ
أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: "
أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي
وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي
أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ r وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ([120]).
وعنه t
مختصرًا،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r،قَالَ:"فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي،
فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي"([121]).
وعنه أَنَّهُ
سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّ
بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ
عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ، فَلاَ آذَنُ لَهُمْ، ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ،
ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ، إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي
وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي؛ يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا،
وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا"([122]).
وقد
جاء ذكر سبب القول السابق في روايات الحديث، وأنه خوفه r لبَضعته أنْ تُفتن في دينها، قال: " إِنَّ
فَاطِمَةَ مِنِّي، وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا ". وقال: " وَإِنِّي لَسْت أُحَرِّمُ
حَلالا ، وَلاَ
أُحِلُّ حَرَامًا " ([123]). قال النووي –رحمه الله- في شرح الأحاديث: « قَالَ الْعُلَمَاء:
فِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِيذَاء النَّبِيّ r بِكُلِّ حَال، وَعَلَى كُلّ وَجْه، وإِنْ تَوَلَّدَ
ذَلِكَ الإِيذَاء مِمَّا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا، وَهُوَ حَيٌّ، وَهَذَا بِخِلافِ
غَيْره. قَالُوا: وَقَدْ أَعْلَم r بِإِبَاحَةِ نِكَاح بِنْت أَبِي جَهْل لِعَلِيٍّ
بِقَوْلِهِ r: "لَسْت أُحَرِّمُ حَلالا"، وَلَكِنْ نَهَى عَنْ الْجَمْع بَيْنهمَا
لِعِلَّتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى
أَذَى فَاطِمَة، فَيَتَأَذَّى حِينَئِذٍ النَّبِيّ r، فَيَهْلَك مَنْ آذَاهُ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ
لِكَمَالِ شَفَقَته عَلَى عَلِيّ، وَعَلَى فَاطِمَة. وَالثَّانِيَة: خَوْف الْفِتْنَة عَلَيْهَا
بِسَبَبِ الْغَيْرَة، وَقِيلَ: لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ النَّهْي عَنْ جَمْعِهِمَا، بَلْ
مَعْنَاهُ: أُعْلِم مِنْ فَضْل اللَّه أَنَّهُمَا لا تَجْتَمِعَانِ، كَمَا قَالَ أَنَس
بْن النَّضْر: وَاَللَّه لا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبِيع. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَاد
تَحْرِيم جَمْعهمَا، وَتَكُونُ مَعْنَى لا أُحَرِّم حَلالا، أَيْ: لا أَقُول شَيْئًا
يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّه، فَإِذَا أَحَلَّ شَيْئًا لَمْ أُحَرِّمْهُ، وَإِذَا حَرَّمَهُ
لَمْ أُحَلِّلْهُ، وَلَمْ أَسْكُتْ عَنْ تَحْرِيمه، لأَنَّ سُكُوتِي تَحْلِيل لَهُ،
وَيَكُون مِنْ جُمْلَة مُحَرَّمَات النِّكَاح: الْجَمْع بَيْن بِنْت نَبِيّ اللَّه
وَبِنْت عَدُوّ اللَّه»([124]).
ثانيًا: وجاءت أحاديث أُخَر تدل على عِظَم منـزلتها رضي
الله عنها وأرضاها، وقدْرِها الرفيع في الدنيا والآخرة، وسيادتها لنساء المؤمنين
ونساء الجنة، فمنها: ما رواه أَنَس t مرفوعًا، أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: " حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، مَرْيَمُ
ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ،
وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ "([125]).
وعَنْ عَائِشَة
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا
مشي النبِيّ r فَقَالَ النَّبِيُّ r: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي! ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا
حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا
فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا
عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ r حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ r فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ
جِبْرِيلَ؛ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي
الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ
بَيْتِي لَحَاقًا بِي " فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: " أَمَا ترْضَيْنَ
أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ " فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ([126]) .
وقد
جاء الشاهد من الحديث عند مسلم –رحمه الله- بلفظ: "يَا فَاطِمَةُ أَمَا
ترْضَيْ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ
سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ "([127]).
قال النووي –رحمه الله- في شرحه: «هَذِهِ مُعْجِزَة ظَاهِرَة لَهُ r، بَلْ مُعْجِزَتَانِ؛
فَأَخْبَرَ بِبَقَائِهَا بَعْده، وَبِأَنَّهَا أَوَّل أَهْله لَحَاقًا بِهِ، وَوَقَعَ
كَذَلِكَ، وَضَحِكْت سُرُورًا بِسُرْعَةِ لَحَاقهَا، وَفِيهِ: إِيثَارهمْ الآخِرَة،
وَسُرُورهمْ بِالانْتِقَالِ إِلَيْهَا، وَالْخَلاص مِنْ الدُّنْيَا »([128]).
واختلف العلماء –رحمهم الله- في مَن هي
سيّدة نساء العالمين على الإطلاق، وأفضلهنّ، وفي التفضيل بين فاطمة وعائشة رضي
الله عنهما، والتي قال عنها رسول الله r: " وَإِنَّ
فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَام "([129])، اختلفوا على ثلاثة
أقوال، والصحيح التفصيل، قال العلامة ابن القيِّم –رحمه الله تعالى- وهو يقرِّر هذا: « وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ بَنَاتِهِ عَلَى الإِطْلاقِ، وَقِيلَ: إنّهَا أَفْضَلُ
نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَقِيلَ: بَلْ أُمّهَا خَدِيجَةُ. وَقِيلَ: بَلْ عَائِشَةُ.
وَقِيلَ: بَلْ بِالْوَقْفِ فِي ذَلِكَ »([130]).
وفي
موضع آخر قال: « الخلاف في كون عائشة أفضل من فاطمة، أو فاطمة أفضل، إذا حُرِّر محل
التفضيل صار وفاقًا، فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم؛ فإنْ أريد بالفضل كثرة
الثواب عند الله U فذلك أمرٌ لا يُطّلع عليه إلا بالنص؛ لأنه بِحَسَب تفاضل أعمال القلوب،
لا بِمجرد أعمال الجوارح؛ وكم من عامِلَين أحدِهما أكثر عملا بِجوارحه، والآخر أرفع
درجة منه في الجنة؟ وإن أريد بالتفضيل التفضيل بالعلم، فلا ريب أن عائشة أعلم،
وأنفع للأمة، وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يُؤَدّ غيرُها، واحتاج إليها خاصُّ الأمة
وعامتُها. وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل، وجلالة النسب، فلا ريب أنّ فاطمة أفضل؛
فإنَّها بَضَعَةٌ من النبي، وذلك اختصاص لم يَشْرَكها فيه غير أخواتها. وإنْ أريد
السيادة، ففاطمة سيِّدة نساء الأمة. وإذا ثبتت وجوهُ التفضيل، وموادُّ الفضل، وأسبابُه
صار الكلام بعلم وعدل. وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يُفصِّل جهات الفضل، ولم
يوازن بينهما، فيبخس الحق، وإنْ انضاف إلى ذلك نوع تعصُّبٍ وهوى لِمَن يُفضِّلُه، تكلَّم
بالجهل والظلم »([131]). وهذا كلام متين.
ثالثًا: وجاء وصف فاطمة رضي الله عنها بالصفات
الحميدة، ومشابهتها رسول الله r فيها،
وهذا الوصف صدر من عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
رضي الله عنها وأرضاها، قَالَتْ: « مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاًّ
وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ
اللَّهِ r، قَالَتْ:
وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ r قَامَ إِلَيْهَا؛ فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي
مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبيُّ r إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا؛
فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ r دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ رَفَعَتْ
رَأْسَهَا، فَبَكَتْ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَضَحِكَتْ
»([132]) فذكرت مثل ما في الحديث السابق. والله تعالى
أعلم.
المسألة
السادسة: ذكرُ ولده r عبد
الله، الملقب بالطيّب والطاهر t:
ومِن
أولاده r: عبد الله،
وهو الملقّب بالطيِّب، والطاهر، وصحّح بعضُ العلماء أنّه وُلد بعد النبوة، وقيل:
بل قبلها، قولان. ومِن العلماء مَن قال: الطيّب والطاهر غير عبد الله، والصحيح
أنهما لَقَبَان له. وقد سبق ذلك([133]).
إبراهيم بن محمد رسول الله r، ولدَتْه
أمُّه مارية القبطية رضي الله عنها في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وولدتْه بالعالية
في المال الذي يقال له اليوم: مشربة أم إبراهيم بالقف، وكانت قابلتها سلمى مولاة النبي
r امرأة أبِي رافع، فبشر أبو رافع به النبي r، فوهبه عبدًا، وسماه بعد يومٍ من ولادته، وعقّ
عنه بكبش، وحلَق شعره يوم سابعه، وتصدق بوزن شعره ورقًا على المساكين، وقد سُرّ رسول
الله r بولادته كثيرًا، وقد ثبت أنّه عاش في هذه الدنيا سبعة عشر أو ثمانية عشر
شهرًا، -هكذا ثبت على الشك-، وتوفى سنة عشر.
فعَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ
t قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ
u فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ r إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا
عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ
اللَّهِ r تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ t: وَأَنْتَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: " يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ
أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ r: " إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ
يَحْزَنُ، وَلا نَقُولُ إِلا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ
لَمَحْزُونُونَ "([135])، متفق عليه، ولفظ مسلم([136]): عَنْه t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "
وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ "، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ امْرَأَةِ
قَيْنٍ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو سَيْفٍ، فَانْطَلَقَ يَأْتِيهِ وَاتَّبَعْتُهُ فَانْتَهَيْنَا
إِلَى أَبِي سَيْفٍ، وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ، قَدْ امْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَانًا،
فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ r، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ! أَمْسِكْ؛ جَاءَ
رَسُولُ اللَّهِ r، فَأَمْسَكَ،
فَدَعَا النَّبِيُّ r بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. فَقَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ
بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ r، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ r، فَقَالَ:
" تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلا
نَقُولُ إِلا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَاللَّهِ -يَا إِبْرَاهِيمُ- إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ ".
ولما
مات قال الرسول r: إنّ له
مرضعًا تتم رضاعته في الجنة، فعَنْ الْبَرَاءَ t، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ
السَّلاَمُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي
الْجَنَّةِ "([137]).
ويوم
موته هذا انكَسَفَت الشمس، فقال الناس إنّ ذلك كان بسبب موته فوعظهم النبِيُّ r، فعَنْ أبي
مسعود، وابن عباس، وأبي بكرة، وجابر والْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ y، وهذا
لفظه، قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ
إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا
يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ؛ فَإِذَا
رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ "([138]).
هذه
المسائل السبعة فيها ذكر لأولاد رسول الله r وy، والمطلب دليل على بشريته.
l k ;
([1])
انظر للاستزادة: الاستيعاب لابن عبد البر،
ترجمة خديجة، برقم: 3279، ص888-892، والوفا بأحوال المصطفى، لعبد الرحمن ابن
الجوزي، ص667-668، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة للجماعيلي، ص669، (ضمن الجامع للمتون العلمية للشمرانِي)،
وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 732، ج1/ ص341-342)، وسِير أعلام النبلاء
لشمس الدين الذهبي، (ج3/ ص56-60)، وجلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير
الأنام، ص262-264، وزاد المعاد في هدي خير العباد، (ج1/ 105) كلاهما لابن القيم،
والإصابة في تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم: 11219، ج13/ ص341-321)، وفتح الباري،
ج2/ 2726، كلاهما لابن حجر، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، (ج1/
147-153)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر الشيخ، (ج1/ 407-421).
([16])
انظر للاستزادة: الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة سودة، برقم: 3387، ص918-921،
ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص669، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 753، ج1/
ص350-352)، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج3/ 134-135)، وجلاء الأفهام
في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام، ص265-269، وزاد المعاد، (ج1/ 105-106،
والإصابة في تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم: 11593، ج14/ ص27-34)، وفتح الباري،
(ج2/2709)، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، (ج1/ 260، وج2/ 283-285)،
وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y،
(ج1/ 426-438).
([20])
انظر للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة عائشة،
برقم: 3279، ص888-892، والوفا بأحوال المصطفى، ص667-668، ومختصر سيرة الرسول r وسيرة أصحابه العشرة،
ص669-670، وتهذيب الأسماء واللغا، (ترجمتها، برقم: 732، ج1/ ص341-342)، وسير أعلام
النبلاء، (ج3/ 69-102)، وجلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام،
ص262-264، وزاد المعاد في هدي خير العباد، (ج1/ 105)، والإصابة في تمييز الصحابة، (ترجمتها،
برقم: 11219، ج13/ ص341-321)، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية،
(ج2/285-287)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y،
(ج1/ 407-421).
([24])
لم أنْشَبْها:
في القاموس المحيط (مادة نشب، ص140، والنهاية في غريب الحديث) : ما نشبتُ أفعل كذا
: ما زلتُ. ولم يَنْشَبْ أن فَعَل كذا
: أي لم يَلْبَث) . وقولُها: حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا: أي
عرضتها، يقال: (أنحيتُ على حلقه السكين، أي: عرضت –الصحاح للجوهري، مادة نحى،
ص1024)، والمعنى: أنّ عائشة رضي الله عنها لَما وَقَعَتْ بِها أختها زَيْنَب بِنْت جَحْشٍ وَاسْتَطَالَتْ
عليها: جعلت ترْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ r حَتَّى عَرَفَت أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ r لا يَكْرَهُ أَنْ تَنْتَصِرَ،
فَلَمَّا وَقَعْت بِهَا منتصرة لنفسها لَمْ تزل ولم تتعلَّق
بشيءٍ غيرِه، ولا اشْتَغَلت بسواه. والله أعلم.
انظر شرح الحديث، (المنهاج للنووي، ص1482-1483).
([42])
انظر للاستزادة: الاستيعاب لابن عبد البر،
ترجمة حفصة، برقم: 3258، ص882-883، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص670، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 728، ج1/
ص338-339)، وسير أعلام النبلاء، (ج3/ 115-117)، وجلاء الأفهام، ص269-271، والإصابة
في تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم: 11180، ج13/ ص284-288)، والسيرة النبوية في ضوء
المصادر الأصلية، (ج2/ 287-288)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y، (ج1/ 439-441).
([47])
انظر للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة زينب بنت خزيمة، برقم: 3323، ص905-906، ومختصر
سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص671، وسير أعلام النبلاء، (ج3/ 110-111)، وجلاء الأفهام،
ص290، والإصابة، (ترجمتها، برقم: 11367، ج13/ ص426-428)، والسيرة النبوية في ضوء
المصادر الأصلية، (ج2/ 288-290)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y، (ج1/ 442-443).
([48])
انظر للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة أم سلمة، برقم: 3474، ص941-942، والوفا بأحوال
المصطفى، ص668، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص671، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 769، ج1/ 361-362)،
وسير أعلام النبلاء، (ج3/ ص102-107)، وجلاء الأفهام، ص286-289، وزاد المعاد، (ج1/
106-108)، والإصابة، (ترجمتها، برقم: 11985، ج14/ ص260-263)، ورسالة بعنوان: سيرة
أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، د. حصة بنت عبد الكريم الزيد، والسيرة النبوية
في ضوء المصادر الأصلية، (ج2/ 290-292)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة
الكرام y،
(ج1/ 407-421).
([57]) في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ رسول الله r:
"أَسْرَعكنّ لحاقًا بِِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا " فكُنّ يتطاولنَ
أيتهنّ أطول يدًا قالت: فَكانت أطولنا يدًا زينب؛ لأنّها كانت تعمل بيدها وتصدّق. (البخاري:
كتاب الزكاة، بَاب فَضْلِ
صَدَقَةِ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ، ورقمه: 1420، وصحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة،
باب من فضائل زينب أم المؤمنين، ورقمه: 2452).
([58])
انظر للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة زينب
بنت جحش، برقم: 3325، ص906-907، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص671، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 739، ج1/
344-346)، وسير أعلام النبلاء، (ج3/ ص107-110)، وجلاء الأفهام، ص289-290، وزاد المعاد،
(ج1/ 108-109)، والإصابة، (ترجمتها، برقم: 11358، ج13/ ص417-422)، والسيرة النبوية
في ضوء المصادر الأصلية، (ج2/ 293-294)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة
الكرام y،
(ج1/ 447-452).
([60])
للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة جويرية بنت الحارث، برقم: 3242، ص880، ومختصر سيرة
الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص671-672، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 726، ج1/
326-327)، وسِير أعلام النبلاء، (ج3/ 132-133)، وجلاء الأفهام، ص290، والإصابة،
(ترجمتها، برقم: 11135، ج13/ ص255-258)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة
الكرام y،
(ج1/ 453-455).
([61])
للاستزادة: الاستيعاب، ترجمة أم حبيبة، برقم: 3305، ص901-902، ومختصر سيرة الرسول r وسيرة أصحابه العشرة،
ص670-671، وتهذيب الأسماء واللغات، (ترجمتها، برقم: 766، ج1/ 358-359)، وسير أعلام
النبلاء، (ج3/ 111-113)، وجلاء الأفهام ص271-286، وزاد المعاد، (ج1/ص 109-112)،
والإصابة (ترجمتها، برقم: 11322، ج13/ ص391-395)، والسيرة النبوية في ضوء المصادر
الأصلية، (ج2/ 295-296)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y، (ج1/ 456-459).
([64])
للاستزادة: الاستيعاب ترجمة صفيَّة، برقم: 3372، ص916-917، ومختصر سيرة الرسول r وسيرة أصحابه العشرة،
ص672، وتهذيب الأسماء واللغات (ترجمتها، برقم: 748، ج1/348-349)، والسير،
(ج3/117-120)، وجلاء الأفهام ص291-292، وزاد المعاد، (ج1/ص 112-113)، والإصابة،
(ترجمتها، برقم: 11539، ج13/ ص533-539)، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية،
(ج2/ 296-299)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام y، (ج1/460-465).
([67])
انظر للاستزادة: الاستيعاب لابن عبد البر،
ترجمة صفيَّة، برقم: 3454، ص936-938، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص672، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، (ترجمتها، برقم: 762،
ج1/355-356)، وتفسير (قل لأزواجك) في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، (ج17/ ص123)،
وسير أعلام النبلاء، (ج3/ ص120-123)، وجلاء الأفهام ص292-293، وزاد المعاد، (ج1/ص
113) كلاهما لابن القيم، والإصابة، (ترجمتها، برقم: 11919، ج14/ ص221-225)،
والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، (ج2/ 299)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في
الصحابة الكرام y،
(ج1/466-470).
([80])
ومَن أراد الوقوف على جملة من مطاعن الرافضة في عموم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
أجمعين، فعليه بكتاب دفع الكذب المبين للدكتور عبد القادر (وأصله جزء من رسالة
الشيخ الفريدة في بابها: موقف الشيعة الاثني عشرية من صحابة رسول الله r وy)،
ص9-35، ورسالة الرد على الرافضة لمحمد بن عبد الوهاب، (مطلب سبهم عائشة رضي الله
عنها المبرأة)، ص25-27، والمسائل الأخيرة من كتاب حقيقة الشيعة، وهل يُمكن
تقاربُهم مع أهل السنة؟ لِمحمد يوبي، ص373-403 .
([103]) انظر للاستزادة:
الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة إبراهيم، برقم:1، ص39-41، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، (ترجمته، برقم:23، ج1/
ص102-103)، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج2/26-29)، والإصابة في تمييز
الصحابة، (ترجمتها، برقم:11723، ج14/ ص87-97)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في
الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/349-352)، والسيرة النبوية لأبِي الحسن الندوي، ص554-557.
([109])
انظر للاستزادة: الاستيعاب لابن عبد البر،
ترجمة زينب، برقم: 3323، ص905، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، (ترجمتها، برقم: 738،
ج1/ ص344)، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج3/ ص124-125)، والإصابة في
تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم:11354، ج13/ ص414-416)، وعقيدة أهل السنة والجماعة
في الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/473-476)، والسيرة النبوية لأبِي الحسن الندوي، ص554-557.
([111]) انظر للاستزادة:
الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة رقية، برقم: 3304، ص899-901، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج3/125-126)،
والإصابة في تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم:11318، ج13/ ص387-390)، وعقيدة أهل
السنة والجماعة في الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/477-480).
([112]) انظر للاستزادة:
الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة أم كلثوم، برقم: 3563، ص960-961، ومختصر سيرة
الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج3/ 127)،
والإصابة في تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم:11354، ج14/ ص497-499)، وعقيدة أهل
السنة والجماعة في الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/481-483)، والسيرة النبوية لأبِي الحسن الندوي، ص554-557.
([116]) جامع الترمذي: كتاب المناقب، مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام، رقم: 3768 من
طريق أبي سعيد الخدري t، قال
الترمذي: حسن صحيح، بل قد جاء الحديث بذلك عن ستة عشر صحابيًّا،
وأغلب أسانيدها فيها ضعف، بل منها ما هو موضوع، وأولاها بالصحة هو طريق حذيفة ثم
أبي سعيد الخدري y، وقد درسها الدكتور عثمان الخميس (انظر: رسالة الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين رضي الله
عنهما جمعًا وتخريجًا ودراسة وحكمًا، ص182-213). ولقد عدّ الحديث الحافظ
السيوطي من المتواترات (تحفة الأحوذي، ج2/ص2604) .
([118]) انظر للاستزادة:
الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة فاطمة، برقم: 3411، ص925-928، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، (ترجمتها، برقم:755،
ج1/ ص352-353)، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج2/26-29)، والإصابة في
تمييز الصحابة، (ترجمتها، برقم:11723، ج14/ ص87-97)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في
الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/484-494)، والسيرة النبوية لأبِي الحسن الندوي، ص554-557.
([134]) انظر للاستزادة:
الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة إبراهيم، برقم:1، ص39-41، ومختصر سيرة الرسول r
وسيرة أصحابه العشرة، ص663، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، (ترجمته، برقم:23، ج1/
ص102-103)، وسِير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، (ج2/26-29)، والإصابة في تمييز
الصحابة، (ترجمتها، برقم:11723، ج14/ ص87-97)، وعقيدة أهل السنة والجماعة في
الصحابة الكرام y
للدكتور ناصر، (ج1/349-352)، والسيرة النبوية لأبِي الحسن الندوي، ص554-557.
No comments:
Post a Comment