خمسون
حديثًا في النساء
وما
يخصهنّ من المسئوليات والأحكام
إعداد
أبو بكر حمزة زكريا
بسم
الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه طائفةٌ مِن
الأحاديث النبوية وبعض الآثار المتعلقة بشقائق الرجال، وهي بعنوان "الخمسون"،
وتركِّز على ما يخصُّ النساءَ المؤمناتِ مِن الأحكام في أبواب العبادات، والنكاح
والعِشْرَة وحقوق الزوجين، كما توضِّحُ الذي على عواتقهنّ مِن المسئوليات، والله
أسأل القبول والإخلاص، ففي الصحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r:
"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"([1]). وقد جعلت
الأحاديث تحت الفصول الثلاثة:
الفصل
الأول:
في أحاديث الأحكام الخاصة بالمؤمنات في الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج.
الفصل الثاني: في النكاح والمعاشرة
الزوجية وما يتعلق بذلك.
الفصل الثالث: في ذكر طائفة من
المسئوليات على النساء المؤمنات.
الفصل الأول: في ذكر أحاديث الأحكام الخاصة
بالمؤمنات في أبواب الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج:
ورَد في فضل التفقه
في الدين: حديث مُعَاوِيَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r:
"مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"([2]).
الحديث الأول: ذكر الوعد بالجنة
للمرأة العاملة بالدين:
عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ t
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:
"إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ
فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ
أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"([3]).
الحديث الثاني: في
أنّ الحياء لا يمنع من السؤال والتفقه في الدين:
ورد
في (باب الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ) من صحيح الإمام البخاري معلقًا مجزوما به من
قول عائشة رضي الله عنها هكذا، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ
نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي
الدِّينِ»([4]).
الحديث الثالث
والرابع: في غسل المرأة للجنابة، وكيفية غسلها للحيض:
عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ
اللهِ r فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ
الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ
النَّبِيُّ r: "إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ" فَغَطَّتْ أُمُّ
سَلَمَةَ -تَعْنِي وَجْهَهَا- وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ وَتَحْتَلِمُ
الْمَرْأَةُ؟ قَالَ:"نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا
وَلَدُهَا؟([5]).
وعَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ r عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ
إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ
تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ
رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً
مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا» فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ
بِهَا؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بِهَا» فَقَالَتْ
عَائِشَةُ: كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ. وَسَأَلَتْهُ
عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ
فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا
فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا
الْمَاءَ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: "نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ
لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ"([6]).
الحديث
الخامس والسادس: في كيفية الغسل وبيان القدر الماء المستحب فيه:
عَنْ عَائِشَة رضي الله عنها:
"كَانَ رَسُولُ اللهِ r
إِذَا اغْتَسَلَ بَدَأَ بِيَمِينِهِ، فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ،
فَغَسَلَهَا، ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْأَذَى الَّذِي بِهِ بِيَمِينِهِ،
وَغَسَلَ عَنْهُ بِشِمَالِهِ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ صَبَّ عَلَى
رَأْسِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ r مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَنَحْنُ جُنُبَانِ»([7]).
وفي لفظ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
«كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ r
مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ».
وفي آخر: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
"كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ r
مِنْ إِنَاءٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ، فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ
لِي، دَعْ لِ،. قَالَتْ: وَهُمَا جُنُبَانِ".
وعَنْ عَائِشَة رضي الله عنها، قَالَتْ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ r
يَغْتَسِلُ فِي الْقَدَحِ وَهُوَ الْفَرَقُ، وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ فِي
الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ» قَالَ سُفْيانُ: «وَالْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ»([8]).
الحديث
السادس والسابع: ذكر جواز غُسل الرجل وامرأته، وغسل أحدهما بفضل الآخر:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
قَالَ: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ: «أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ
وَالنَّبِيُّ r فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ»([9]).
وعَن ابْن عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ»([10]).
الحديث
الثامن والتاسع: في استحباب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ
ضَفْرَ رَأْسِي، أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قَالَ: "لاَ
إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ،
ثُمَّ تُفِيضِي عَلَى سَائِرِ جَسَدِكِ الْمَاءَ، فَتَطْهُرِينَ، أَوْ قَالَ: فَإِذَا
أَنْتِ قَدْ تَطَهَّرْتِ"([11]).
قال الترمذي: (وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا
عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الجَنَابَةِ
فَلَمْ تَنْقُضْ شَعْرَهَا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهَا بَعْدَ أَنْ تُفِيضَ الْمَاءَ
عَلَى رَأْسِهَا) ([12]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ r: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ
فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ
بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ"، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ
أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ
إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: "دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ
وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِحَجٍّ، فَفَعَلْتُ... ([13]).
الحديث العاشر إلى
الثالث عشر: في ذكر موجبات الغسل:
تقدم
الحديث الذي فيه أنّ الإنسان إذا احتلم ورأى الماء فإنه يجب عليه الغسل ذكرًا كان
أم أنثى.
ومن
ذلك أيضًا: دخول الختان الختان، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ r قَالَ: «إِذَا جَلَسَ
بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ»
وَفِي لفظٍ: "وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ"([14]).
وعَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ r عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ
أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ هَلْ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِنِّي لَأَفْعَلُ
ذَلِكَ، أَنَا وَهَذِهِ، ثُمَّ نَغْتَسِلُ»([15]).
وعَنْ
أَبِي مُوسَى t، قَالَ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ
رَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ: لَا
يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنَ الدَّفْقِ أَوْ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ
الْمُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، قَالَ: قَالَ أَبُو
مُوسَى: فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى
عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ -أَوْ يَا أُمَّ
الْمُؤْمِنِينَ- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي
أَسْتَحْيِيكِ، فَقَالَتْ: لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ
سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ، قُلْتُ:
فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ
r: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ
شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»([16]).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
رضي الله عنها، قَالَتْ: "كَانَتْ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
r تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. قَالَتْ: وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الْوَرْسَ مِنْ
الْكَلَف"([17]).
قال الترمذي معلقًا
عليه: (وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ
تَدَعُ الصَّلاَةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلاَّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ
ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ
الأَرْبَعِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ العِلْمِ قَالُوا: لاَ تَدَعُ الصَّلاَةَ
بَعْدَ الأَرْبَعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الفُقَهَاءِ، وَبِهِ يَقُولُ
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ،
وَإِسْحَاقُ. وَيُرْوَى عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا
تَدَعُ الصَّلاَةَ خَمْسِينَ يَوْمًا إِذَا لَمْ تَرَ الطُّهْرَ. وَيُرْوَى عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالشَّعْبِيِّ: سِتِّينَ يَوْمًا) ([18]).
الحديث
الرابع عشر: في ذكر الكُدْرة والصُّفْرة في غير أيام الحيض:
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ
رضي الله عنها، قَالَتْ: كُنَّا لاَ نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا([19]).
الحديث
الرابع عشر: في غسل دم المحيض:
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي
الله عنهما أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ r فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ
ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: "إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ
الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَّ لِتُصَلِّي فِيه"([20]).
الحديث
الخامس عشر: جواز مباشرة الحائض بما دون الفرج:
عَنْ أَنَسٍ t أَنَّ
الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ
يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ r النَّبِيَّ r فَأَنْزَلَ
اللهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] إِلَى آخِرِ
الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «اصْنَعُوا
كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ» فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ، فَقَالُوا: مَا
يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا
فِيهِ،... الحديث، وفيه قصة([21]).
الحديث
السادس عشر: في أنّ الحائض تشهد العيدين ودعوة المسلمين،وتعتزل المصلى:
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ
رضي الله عنها، قَالَتْ: «أَمَرَنَا -تَعْنِي النَّبِيَّ r- أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ، الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ
الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ»([22]).
وفي
لفظ للبخاري بزيادة في آخره هكذا: قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ!
إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا
مِنْ جِلْبَابِهَا".
الحديث
السابع عشر: في الصلاة على النفساء والوقوف وسطها:
عَنْ سَمُرَة بْن
جُنْدُبٍ t قَالَ: لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللهِ r غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ
الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي، وَقَدْ
«صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ r عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا
رَسُولُ اللهِ r فِي الصَّلَاةِ وَسَطَهَا»([23]).
الحديث
الثامن عشر إلى العشرين: أحوال المستحاضة في الغسل، والصلاة:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، إِلَى النَّبِيِّ r
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ؛
أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: «لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ،
فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ
فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي»([24]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ -خَتَنَةَ رَسُولِ اللهِ r وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ- اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ
سِنِينَ. فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ r فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ
فَاغْتَسِلِي، وَصَلِّي». قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي
مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ
الدَّمِ الْمَاءَ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ أَبَا بَكْرِ بْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: «يَرْحَمُ اللهُ
هِنْدًا لَوْ سَمِعَتْ بِهَذِهِ الْفُتْيَا، وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَتَبْكِي؛
لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تُصَلِّي»([25]).
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ
أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها، قَالَتْ: كُنْتُ أُسْتَحَاضُ
حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r
أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ
جَحْشٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً
كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلاَةَ وَالصَّوْمَ؟
فَقَالَ: «أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ –أي: القطن- فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ».
قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَاتَّخِذِي ثَوْبًا»،
فَقَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا. قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ r: «سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ
مِنَ الآخَرِ، وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ». فَقَالَ لَهَا:
«إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ من رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ؛ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ
أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي؛ حَتَّى
إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ، فَصَلِّي ثَلاَثًا
وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَصُومِي،
فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُكِ. وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ
النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ. وَإِنْ
قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ
وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَتُؤَخِّرِينَ
الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ الْعِشَاءَ ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ
الصَّلاَتَيْنِ فَافْعَلِي، وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ فَافْعَلِي وَصُومِي
إِنْ قَدَرْتِ عَلَى ذَلِكَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:
«وَهَذَا أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إِلَىَّ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَمْرُو
بْنُ ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ: فَقَالَتْ حَمْنَةُ فَقُلْتُ: هَذَا
أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إِلَىَّ. لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -r- جَعَلَهُ كَلاَمَ حَمْنَةَ([26]).
قال
الترمذي في جامعه عقب الحديث: (قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:
إِذَا كَانَتْ تَعْرِفُ حَيْضَهَا بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ، -وَإِقْبَالُهُ
أَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ، وَإِدْبَارُهُ أَنْ يَتَغَيَّرَ إِلَى الصُّفْرَةِ-
فَالْحُكْمُ لَهَا عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، وَإِنْ كَانَتْ
الْمُسْتَحَاضَةُ لَهَا أَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ قَبْلَ أَنْ تُسْتَحَاضَ فَإِنَّهَا
تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّام أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ
صَلَاةٍ وَتُصَلِّي، وَإِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا
أَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ وَلَمْ تَعْرِفْ الْحَيْضَ بِإِقْبَالِ الدَّمِ
وَإِدْبَارِهِ فَالْحُكْمُ لَهَا عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ)([27]).
الحديث الحادي والعشرون: في اعتكاف المستحاضة:
عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتِ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ r امْرَأَةٌ
مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ،
فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهْيَ تُصَلِّي([28]).
الحديث الثاني والعشرون: في أنّ الحائض والنفساء تترك الصلاة والصوم:
عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ r فِي أَضْحًى، أَوْ فِطْرٍ
إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ
النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ"
فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ،
وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ؛ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ
لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قُلْنَ: وَمَا
نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ
شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى،
قَالَ: "فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا
حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكَ
مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا"([29]). ولفظ مسلم: (وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: "أَمَّا
نُقْصَانُ الْعَقْلِ: فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ
فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ
فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ".
الحديث الثالث والعشرون: في أنّ الحائض لا تقضي
الصلاة،ويجب عليها قضاء الصوم:
عَنْ
مُعَاذَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ: مَا بَالُ
الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ:
أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ،
قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا
نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ»([30]).
وفي
لفظ: قَدْ «كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ r، ثُمَّ لَا تُؤْمَرُ
بِقَضَاءٍ». ولفظ البخاري: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي
إِحْدَانَا صَلاَتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ كُنَّا
نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ r فَلاَ يَأْمُرُنَا بِهِ، أَوْ
قَالَتْ: فَلاَ نَفْعَلُهُ.
الحديث الرابع والعشرون إلى السابع والعشرون: في زكاة
الحُلِيّ، وذكر ما ليس بـ"كَنْز":
عَنْ زَيْنَبَ
امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنهما، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «تَصَدَّقْنَ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، وَلَوْ مِنْ
حُلِيِّكُنَّ!» قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَقُلْتُ: إِنَّكَ
رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ r قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ، فَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ يَجْزِي عَنِّي وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ، قَالَتْ:
فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أَنْتِ، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا
امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللهِ r حَاجَتِي حَاجَتُهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ r قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ، قَالَتْ: فَخَرَجَ
عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللهِ r، فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْأَلَانِكَ:
أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا، وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي
حُجُورِهِمَا؟ وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلَالٌ عَلَى
رَسُولِ اللهِ r فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: «مَنْ هُمَا؟» فَقَالَ: امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
وَزَيْنَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «أَيُّ الزَّيَانِبِ؟» قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ،
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: "لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ
الصَّدَقَةِ"([31]).
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ t
أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ r
وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ
ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا». قَالَتْ: لاَ. قَالَ:
«أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ
مِنْ نَارٍ». قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ r وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ U
وَلِرَسُولِهِ"([32]).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كُنْتُ
أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَنْزٌ هُوَ؟
فَقَالَ: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّىَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ»([33]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ r فَرَأَى فِي يَدِي فَتَخَاتٍ
مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟»، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ
أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟»
قُلْتُ: لاَ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: «هُوَ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ»([34]).
الحديث الثامن والعشرون: بيان أنه لا يخطِب المُحْرم
ولا يَنْكِح ولا يُنْكِح:
عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، أَرَادَ
أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ، فَأَرْسَلَ
إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَحْضُرُ ذَلِكَ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَجِّ، فَقَالَ
أَبَانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «لَا
يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ»([35]).
الحديث التاسع والعشرون: الحائض والنفساء تفعل المناسك
كلها غير الطواف بالبيت:
عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ r لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ،
حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ r وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا
يُبْكِيكِ؟» فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ
الْعَامَ، قَالَ: «مَا لَكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:
«هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ
الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»([36]).
الحديث
الثلاثون: في بيان سقوط طواف الوداع عن الحائض:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما، قَالَ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ
بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ»([37]).
الفصل الثاني:
الأحاديث في النكاح والمعاشرة وما يتعلق بذلك:
الحديث الحادي والثلاثون في الحَثّ على الزواج وذكر فوائده، واشتغال مَن عجز عن مُؤَنه بالصوم:
عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ
أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللهِ بن مسعود بِمِنًى، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ
مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا
نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ
زَمَانِكَ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا
رَسُولُ اللهِ r: «يَا
مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ،
فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»([38]).
الحديث الثاني والثلاثون: في الحثّ على تزوُّج ذات
الدين:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، عَنِ
النَّبِيِّ r، قَالَ: "تُنْكَحُ
الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا،
وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ"([39]).
الحديث الثالث والرابع والثلاثون: في المحرَّمات
للنسب، وللرضاع، وحُرمة الجمع بين المرأة وعمَّتِها أو المرأة وخالتها:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ r أُرِيدَ
عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: «إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ
أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ
الرَّحِمِ» ([40]). وفي لفظ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ r: أَلَا
تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: "إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ
الرَّضَاعَة" ([41]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، عَنِ
النَّبِيِّ r قَالَ: «لَا يَخْطُبُ
الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا تَسْأَلُ
الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّمَا
لَهَا مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا»([42]).
الحديث الخامس والثلاثون:
في بيان أنّ الدنيا متاع، وخيرها المرأة الصالحة:
جاء في صحيح مسلم عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r، قَالَ: «الدُّنْيَا
مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»([43]). ولفظ النسائي
وابن ماجة هكذا: «إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَلَيْسَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا
شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ»([44]).
الحديث السادس والثلاثون: في بيان أنه جُعلتْ قرة
عيْني الرسول الكريم r في الصلاة،
وحُبّب إليه من الدنيا الطيب والنساء:
عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r: «حُبِّبَ
إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي
الصَّلاَةِ»([45]).
الحديث السابع والثلاثون: عِظم حق الزوج على زوجته:
عن أنس
بن مالك t، قال رسول الله r:
"لاَ يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ
أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا؛ مِنْ
عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ
إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ
اسْتَقْبَلَتْهُ تَلْحَسُهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ"([46]).
الحديث الثامن والتاسع والثلاثون: ذكر حقوق الزوجة في
الإسلام:
عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ t، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ
تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ،
وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»،
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ
اللَّهُ"([47]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،
قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ r شَيْئًا
قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي
سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ،
إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ U»([48]).
الحديث الأربعون والحادي والأربعون: في الوصية بالنساء خير، وأنّه يستمتع
بها وبها عوجٌ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَنْ
كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا
فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ
الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ
أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ
أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»([49]).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِنَّ
الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ
اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ
تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا»([50]).
الحديث الثاني والأربعون: لا يفر مؤمن مؤمنة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «لَا
يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»
أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ»([51]).
سبعة أحاديث في المعاشرة الحسنة بين الزوجين:
وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ t، عَنِ
النَّبِيِّ r قَالَ: "إِذَا
أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ"([54]).
وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ t أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: "إِنَّكَ
لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا
حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ"([55]).
وجاء في حديث أَبِي ذَرٍّ t، أَنَّ
نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r قَالُوا
لِلنَّبِيِّ r: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ
أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، ...، قَالَ: "أَوَلَيْسَ قَدْ
جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ -فذكر التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال:- وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ،
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ
فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ
عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ
أَجْرٌ»([56]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «رَحِمَ
اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ،
فَإِنْ أَبَتْ رَشَّ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ
مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى رَشَّتْ
فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ»([57]).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t، قال: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r : «إِنَّ
مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ
يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»([58]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو t، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «لَا
يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لَا
تَسْتَغْنِي عَنْهُ»([59]).
الحديث الخمسون: بيان حفظ العورة إلا للزوجة وملك
اليمين:
عن بَهْز بْن حَكِيمٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ t، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا، مَا نَأْتِي مِنْهَا، وَمَا نَذَرُ؟
قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ
يَمِينُكَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْقَوْمُ
بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَهَا أَحَدًا،
فَلَا تُرِيَنَّهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا
خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ»([60]).
الفصل
الثالث: ذكر طائفة من المسئوليات على النساء المؤمنات:
الحديث الواحد والخمسون إلى الخامس
والخمسون:
عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ t
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:
"إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ
فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ
أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"([61]).
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي
الله عنهما، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: كُلُّكُمْ
رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،
وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا،
وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. قَالَ
وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"([62]). وفي
لفظ: "وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِه".
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t، جَاءَتِ
امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ
يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: "اجْتَمِعْنَ
فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا"، فَاجْتَمَعْنَ
فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ r
فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْكُنَّ
امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً إِلاَّ كَانَ
لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ"، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا
رَسُولَ اللهِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "وَاثْنَيْنِ
وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ"([63]). وفي
لفظ عند البخاري: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ
نَفْسِكَ؟ فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ؛ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ ([64]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «صِنْفَانِ
مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ
الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ
مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا
يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ
مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»([65]).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري t، عَنِ
النَّبِيِّ r، قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا
حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ
فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»([66]).
هذا ما تيسر جمعه، والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات.
وصلى الله وسلَّم وبارك على عبده
ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو عبد المحسن أبو بكر حمزة.
بالمدينة النبوية، 21/08/1436هـ الموافق:
08/يونيو/2015م.
وسنن أبي
داود: رقم: 251، وجامع الترمذي: رقم: 105، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ.
No comments:
Post a Comment